العدد : ١٧٤٠٩ - الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٩ - الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

استراتيجية قلب الحقائق والتضليل الإعلامي

بقلم: د. زكريا الخنجي

الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

دعوني‭ ‬أنقل‭ ‬لكم‭ ‬هذه‭ ‬الفقرة‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ (‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬‭ ‬الإنجازات‭ ‬الهائلة‭ ‬للبروباجندا‭) ‬للكاتب‭ ‬نعوم‭ ‬تشومسكي‭: ‬‮«‬لنبدأ‭ ‬أولاً‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أول‭ ‬عملية‭ ‬دعائية‭ ‬حكومية‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬أثناء‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬وودرو‭ ‬ويلسون‭ ‬الذي‭ ‬انتخب‭ ‬رئيسًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1916،‭ ‬وفق‭ ‬برنامج‭ ‬انتخابي‭ ‬بعنوان‭ (‬سلام‭ ‬بدون‭ ‬نصر‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭. ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬كان‭ ‬المواطنون‭ ‬مسالمين‭ ‬لأقصى‭ ‬الدرجات،‭ ‬ولم‭ ‬يروا‭ ‬سببًا‭ ‬للانخراط‭ ‬والتورط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أوربية‭ ‬بالأساس،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬ويلسون‭ ‬التزامات‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬عليها‭ ‬فعل‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬حيال‭ ‬هذا‭ ‬الأمر؛‭ ‬فقامت‭ ‬الإدارة‭ ‬بإنشاء‭ ‬لجنة‭ ‬للدعاية‭ ‬الحكومية‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ (‬لجنة‭ ‬كريل‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬خلال‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬المواطنين‭ ‬المسالمين‭ ‬إلى‭ ‬مواطنين‭ ‬تتملكهم‭ ‬الهستيريا‭ ‬والتعطش‭ ‬للحرب،‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ألماني،‭ ‬وخوض‭ ‬الحرب‭ ‬وإنقاذ‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

يواصل‭ ‬نعوم‭ ‬ويقول‭: ‬‮«‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بمثابة‭ ‬إنجاز‭ ‬هائل،‭ ‬وقد‭ ‬قاد‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز‭ ‬آخر،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضعت‭ ‬الحرب‭ ‬أوزارها‭ ‬تم‭ ‬توظيف‭ ‬ذات‭ ‬التكتيك‭ ‬لإثارة‭ ‬الهستيريا‭ ‬ضد‭ ‬الرعب‭ ‬الشيوعي‭ -‬كما‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭- ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬الاتحادات‭ ‬العمالية،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المشكلات‭ ‬الخطيرة‭ ‬مثل‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬وحرية‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬تأييد‭ ‬قوي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسة‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬نظمت‭ ‬بل‭ ‬وشجعت‭ ‬جل‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬وكان‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬نجاحًا‭ ‬عظيمًا‮»‬‭.‬

وعندما‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬الكتاب‭ ‬تفاجأ‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ (‬كريل‭) ‬كانت‭ ‬مهمتها‭ ‬الأهم‭ ‬هي‭ ‬قلب‭ ‬الحقائق،‭ ‬بطريقة‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬السياسية‭ ‬والفكر‭ ‬الإمبريالي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة‭. ‬وحتى‭ ‬يستدل‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬ضرب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬الإمبريالية‭ ‬تحاول‭ ‬بكل‭ ‬حرفية‭ ‬تسيير‭ ‬الإعلام‭ ‬وفق‭ ‬أجندتها‭ ‬ومنهجها‭ ‬الرأسمالي‭.‬

هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬مازالت‭ ‬تعمل‭ ‬وتنتج،‭ ‬ولكن‭ ‬بمسميات‭ ‬أخرى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وظيفتها‭ ‬الأساسية‭ ‬مازالت‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬وهي‭ ‬قلب‭ ‬الحقائق‭ ‬والتضليل‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وحتى‭ ‬نستدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬لنضرب‭ ‬مثالا‭:‬

مستشفى‭ ‬الشفاء‭ ‬وأنفاق‭ ‬غزة؛‭ ‬في‭ ‬27‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬نشر‭ ‬على‭ ‬الحساب‭ ‬الرسمي‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬منصة‭ (‬إكس‭) ‬عرض‭ ‬ثلاثي‭ ‬الأبعاد‭ ‬لمتاهة‭ ‬معقدة‭ ‬من‭ ‬الأنفاق‭ ‬والمخابئ‭ ‬تحت‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء،‭ ‬زاعمًا‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬كانت‭ ‬تستخدمها‭ ‬كمركز‭ ‬قيادة‭. ‬وكانت‭ ‬مزاعمهم‭ ‬محددة‭ ‬أن‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء‭ ‬كان‭ (‬القلب‭ ‬النابض‭) ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لقيادة‭ ‬المقاومة،‭ ‬وأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مباني‭ ‬المستشفيات‭ ‬تقع‭ ‬مباشرة‭ ‬فوق‭ ‬الأنفاق‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬أجنحة‭ ‬المستشفى،‭ ‬ولم‭ ‬تقدم‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬يثبت‭ ‬مزاعمها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬ترديد‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وقبل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬اقتحام‭ ‬المستشفى‭ ‬أكد‭ ‬جون‭ ‬كربي‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬للصحفيين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أعضاء‭ ‬حماس‭ ‬والجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لا‭ ‬يديرون‭ ‬مقرًا‭ ‬للقيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬من‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يستخدمونه‭ ‬لاحتجاز‭ ‬الرهائن‭ ‬وأنهم‭ ‬متأهبون‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬أيًا‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ولا‭ ‬كيربي‭ ‬أي‭ ‬قرائن‭ ‬تؤكد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المزاعم‭.‬

وعندما‭ ‬اقتحمت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬وجدوه‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المزاعم،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬اكتشفت‭ ‬نفقًا‭ ‬يمتد‭ ‬تحت‭ ‬زاوية‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬مجمع‭ ‬المستشفى،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬مباني‭ ‬المستشفى‭ ‬متصلاً‭ ‬بشبكة‭ ‬الأنفاق‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬استخدامها‭ ‬عسكريًا،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المزاعم‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬حقيقية‭ ‬ولا‭ ‬تمت‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬بصلة،‭ ‬ولكنها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التضليل‭ ‬الإعلامي‭ ‬الذي‭ ‬تستخدمه‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بمعية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لقلب‭ ‬الحقائق‭ ‬لتتوافق‭ ‬مع‭ ‬السردية‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تزرعها‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬العامة،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬من‭ ‬قبلها‭ ‬لجنة‭ (‬كريل‭).‬

ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭ ‬الإعلامية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مستشفى‭ ‬الشفاء‭ ‬يمثل‭ ‬الركن‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬التضليل‭ ‬الإعلامي‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الصحية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬الهدف‭ ‬الوحيد‭. ‬فقد‭ ‬نفذت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬500‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬بمعدل‭ ‬حوالي‭ ‬7‭ ‬هجمات‭ ‬يوميًا‭ ‬طالت‭ ‬المستشفيات‭ ‬والعيادات‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وسيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬والمرضى،‭ ‬وكانت‭ ‬الفكرة‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬لربما‭ ‬تستخدم‭ ‬المستشفيات‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مصداقية‭ ‬الخبر،‭ ‬تشكك‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬برمته‭ ‬مستحقًا‭ ‬للحماية‭ ‬التي‭ ‬يوفرها‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي،‭ ‬وبذلك‭ ‬تحول‭ ‬إسرائيل‭ ‬مفهوم‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬من‭ ‬انتهاك‭ ‬صارخ‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬عُرف،‭ ‬وحولت‭ ‬المستشفيات‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬هجوم‭ ‬عسكرية‭.‬

 

التضليل‭ ‬الإعلامي

‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023

من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬لجأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬والدول‭ ‬الإمبريالية‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬النفسية‭ ‬والتضليل‭ ‬الإعلامي،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي،‭ ‬وتبرير‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الأساليب‭ ‬كما‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬التحليلات‭ ‬والدراسات‭ ‬الحديثة‭:‬

1‭. ‬التضليل‭ ‬الداخلي‭ ‬لرفع‭ ‬المعنويات،‭ ‬وتم‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭:‬

*‭ ‬تضخيم‭ ‬الإنجازات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وذلك‭ ‬بتصوير‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ناجحة‭ ‬بشكل‭ ‬ساحق،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تكبدها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

*‭ ‬إخفاء‭ ‬الفشل‭ ‬الأمني،‭ ‬قامت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بمحاولة‭ ‬التغطية‭ ‬على‭ ‬فشل‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لهجوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬عبر‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ (‬الرد‭ ‬القاسي‭) ‬و‭(‬استعادة‭ ‬الردع‭).‬

2‭. ‬شيطنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والمقاومة،‭ ‬مثلاً‭:‬

*‭ ‬استخدام‭ ‬لغة‭ ‬تحريضية‭: ‬بوصف‭ ‬المقاومة‭ ‬بالإرهاب‭ ‬والوحشية‭ ‬وأنهم‭ ‬دواعش‭ ‬وكارهون‭ ‬للحياة،‭ ‬وتصوير‭ ‬المقاومة‭ ‬كتهديد‭ ‬وجودي‭.‬

*‭ ‬نشر‭ ‬صور‭ ‬مفبركة‭ ‬أو‭ ‬مجزأة،‭ ‬بهدف‭ ‬تبرير‭ ‬القصف‭ ‬العنيف‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وخاصة‭ ‬ضد‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس،‭ ‬بزعم‭ ‬استخدامها‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية‭.‬

3‭. ‬استهداف‭ ‬الوعي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬مثل‭:‬

*‭ ‬بث‭ ‬رسائل‭ ‬تهديد‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل،‭ ‬كإرسال‭ ‬رسائل‭ ‬نصية‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ ‬تطالبهم‭ ‬بإخلاء‭ ‬منازلهم،‭ ‬أو‭ ‬تنشر‭ ‬الرعب‭ ‬بينهم‭.‬

*‭ ‬محاولة‭ ‬كسر‭ ‬الروح‭ ‬المعنوية،‭ ‬عبر‭ ‬الترويج‭ ‬لانهيار‭ ‬المقاومة،‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬أخبار‭ ‬كاذبة‭ ‬عن‭ ‬استسلام‭ ‬قادتها‭.‬

4‭. ‬استهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلام‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭:‬

*‭ ‬اغتيال‭ ‬واستهداف‭ ‬الصحفيين،‭ ‬لتكميم‭ ‬الأفواه‭ ‬ومنع‭ ‬نقل‭ ‬الحقيقة‭ ‬من‭ ‬الميدان‭.‬

*‭ ‬قصف‭ ‬مقار‭ ‬إعلامية،‭ ‬بهدف‭ ‬إسكات‭ ‬الرواية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومنع‭ ‬توثيق‭ ‬الجرائم‭.‬

وربما‭ ‬نطرح‭ ‬سؤال‭ ‬آخر،‭ ‬هل‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية؟‭ ‬

 

التأثيرات‭ ‬النفسية

‭ ‬والإعلامية‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي

1‭. ‬تشكيل‭ ‬المفاهيم‭ ‬والقيم،‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭:‬

*‭ ‬الإعلام‭ ‬المضلل‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬قناعات‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬حول‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وخاصة‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬يتعرضون‭ ‬لتأثير‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬أو‭ ‬الرسمي‭ ‬المنحاز،‭ ‬فأصبحوا‭ ‬يتكلمون‭ ‬باللسان‭ ‬الغربي‭ ‬الصهيوني‭.‬

*‭ ‬ظهرت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬الفكري‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يصدق‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومن‭ ‬يرفضها‭.‬

2‭. ‬نشر‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق،‭ ‬أشارت‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭:‬

*‭ ‬الصور‭ ‬المروعة‭ ‬والقصص‭ ‬الإنسانية‭ ‬المفجعة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬الجماعي،‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭.‬

*‭ ‬البعض‭ ‬شعر‭ ‬بالعجز‭ ‬أو‭ ‬الإحباط‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬عربي‭ ‬رسمي‭ ‬قوي‭.‬

3‭. ‬زيادة‭ ‬الانقسامات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية،‭ ‬وأتضح‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬الإعلام‭ ‬لتغذية‭ ‬الانقسامات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬عبر‭ ‬ربط‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬فلسطين‭ ‬بمواقف‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬آيديولوجية‭.‬

 

النشاط‭ ‬الإعلامي‭ ‬المضاد

ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمقال‭ ‬عن‭ (‬عرب‭ ‬48‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬واجه‭ ‬أزمة‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬روايته‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العربي‭ ‬يصدق‭ ‬بسهولة‭ ‬السردية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬التناقضات‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬التغطية؛‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تحوّل‭ ‬من‭ ‬أداة‭ ‬نقل‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬تضليل‭ ‬وتكرار‭ ‬خطاب‭ ‬رسمي،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الجماهير‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬إلى‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬مصداقيته‭.‬

هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬دفع‭ ‬إنسانة‭ ‬مثل‭ (‬أبي‭ ‬مارتين‭) ‬وهي‭ ‬مضيفة‭ ‬برامج‭ ‬صحفية‭ ‬أمريكية‭ ‬وكاتبة‭ ‬معروفة‭ ‬بتناولها‭ ‬للقضايا‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬تلفزيونية‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬سئمت،‭ ‬لقد‭ ‬سئمت‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬البروباجندا‭ ‬المؤيدة‭ ‬لجرائم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬فهذا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬شاهدته‭ ‬طوال‭ ‬حياتي‭. ‬لقد‭ ‬نشأت‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬غزة‭. ‬نحن‭ ‬نكبر‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬ونحن‭ ‬نظن‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬الولاية‭ ‬الأمريكية‭ ‬رقم‭ ‬51،‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخطئ‭ ‬لأنها‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

وتواصل‭ ‬حديثها‭ ‬وتقول‭: ‬‮«‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬جدا‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬مزيف‭. ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬اكتشاف‭ ‬الحقيقة‭ ‬أمرًا‭ ‬مؤلمًا‭ ‬ومثيرًا‭ ‬للغضب،‭ ‬وشعرت‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وفهم‭ ‬سياق‭ ‬الوضع‭. ‬وللأسف‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬أي‭ ‬فكرة‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬فعليًا‭ ‬بسبب‭ ‬التعقيد‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬لقضية‭ ‬بسيطة‭ ‬وواضحة‭. ‬كانوا‭ ‬يقولون‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬حماس‭ ‬تستخدم‭ ‬الأطفال‭ ‬كدروع‭ ‬بشرية‭ ‬حرفيًا،‭ ‬وأنهم‭ ‬يجلبون‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬الحدود‭ ‬ويجعلون‭ ‬القناصة‭ ‬يقتلونهم،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬يخبروننا‭ ‬به‮»‬‭.‬

وتختم‭ ‬بقولها‭: ‬‮«‬لكنهم‭ ‬بشر‭ ‬لا‭ ‬يخجلون،‭ ‬ومرضى‭ ‬نفسيون،‭ ‬ولذلك‭ ‬تجدهم‭ ‬يحرفون‭ ‬ويشوهون‭ ‬الحقيقة‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يحملهم‭ ‬المسؤولية‭. ‬فإذا‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬هناك‭ ‬سوى‭ ‬دعاية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مستمرة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬جواسيس‭ ‬إسرائيليون‭ ‬فعليًا‭ ‬وجنود‭ ‬سابقون‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ومتحدثون‭ ‬باسم‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الصحفيين‭ ‬لديهم‭ ‬أبناء‭ ‬يقاتلون‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬لذلك‭ ‬فهم‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا