العدد : ١٧٤٠٣ - السبت ١٥ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٣ - السبت ١٥ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

أضواء على التجربة الروسية بين تحديات الماضي وطموحات المستقبل

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ١٥ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

بالرغم‭ ‬من‭ ‬زياراتي‭ ‬المتعددة‭ ‬لروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬درست‭ ‬فيه‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬اعتقادي‭ ‬بأنني‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬واسع‭ ‬بهذه‭ ‬الحضارة‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬الإنساني‭ ‬والثقافي‭ ‬والبيئي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬فإن‭ ‬زيارتي‭ ‬الأخيرة‭ ‬لموسكو‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسية‭ ‬لحضور‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الروسية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تأجلت‭ ‬كانت‭ ‬فرصة‭ ‬جديدة‭ ‬اطلعت‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬وجوه‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرفها‭ ‬ولذلك‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬عليها‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الروسية‭ ‬الحضارية‭ ‬والمتطورة‭ ‬والغنية‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يوصف‭: ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬وازدهار‭ ‬وأمن‭ ‬وأمان‭ ‬وتنوع‭ ‬عجيب‭ ‬عرقي‭ ‬وثقافي‭ ‬وتعايش‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأعراق‭ ‬المختلفة‭ ‬ثقافيا‭ ‬ودينيا‭ ‬في‭ ‬انسجام‭ ‬جميل‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬الأعجاب،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬من‭ ‬تنوع‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬ومن‭ ‬تنوع‭ ‬في‭ ‬الثراء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتكامل‭ ‬والانسجام‭ ‬الكامل‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬المترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬سياسيا‭ ‬وأمنيا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬وبالرغم‭ ‬مما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬من‭ ‬ضخامة‭ ‬المساحة‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬توجد‭ ‬سيطرة‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬حتى‭ ‬كأن‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬ماكينة‭ ‬تعمل‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وتكامل‭ ‬لضمان‭ ‬الازدهار‭ ‬والتقدم‭ ‬للاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬واستقرار‭ ‬وقوة‭ ‬الدولة‭ ‬والشعب،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬تجربتي‭ ‬في‭ ‬الزيارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬كشفت‭ ‬لي‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬الحضارية‭ ‬الأخرى‭ ‬والمتميزة‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يفيدنا‭ ‬ويعزز‭ ‬وحدتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬وتكاملنا‭ ‬الثقافي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وتنوعنا‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬هنا‭ ‬عند‭ ‬تجربتين‭ ‬أراهما‭ ‬مهمتين‭:‬

الأولى‭: ‬تجربة‭ ‬جناح‭ ‬منجزات‭ ‬وإنجازات‭ ‬وإنتاجات‭ ‬الجمهوريات‭ ‬والمقاطعات‭ ‬والأقاليم‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬جناح‭ ‬رقم‭ ‬19‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لي‭ ‬زيارته‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬فرصة‭ ‬جديدة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬جديدة‭ ‬وواسعة‭ ‬من‭ ‬المعروضات‭ ‬الفنية‭ ‬والمنتجات‭ ‬والصناعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأقاليم‭ ‬والمقاطعات‭ ‬والجمهوريات‭ ‬التابعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬الحقبة‭ ‬السوفيتية‭ ‬وهي‭ ‬تجربة‭ ‬رائدة‭ ‬فنية‭ ‬وثقافية‭ ‬وصناعية‭ ‬تستقطب‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وتاريخها‭ ‬وثقافتها‭ ‬وصناعتها‭ ‬تستقطب‭ ‬إنجازات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الثقافات‭ ‬القومية‭ ‬للجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭.‬

والحقيقة‭ ‬إن‭ ‬جناح‭ ‬منجزات‭ ‬الأقاليم‭ ‬ليس‭ ‬عنوانا‭ ‬لمتحف‭ ‬أو‭ ‬معرض‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬اسم‭ ‬عدة‭ ‬مؤسسات‭ ‬ثقافية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وصناعية‭ ‬تتبع‭ ‬مباشرة‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭ ‬وتتحدث‭ ‬عن‭ ‬إبداعات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الصناعية‭ ‬والعلمية‭ ‬والإنتاجية‭ ‬والطاقة‭ ‬والذرة‭ ‬في‭ ‬تكامل‭ ‬وتناسق‭ ‬وفق‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬روسية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالصناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬وجعلها‭ ‬منافسة‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬شبك‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬كجمهوريات‭ ‬وأقاليم‭ ‬ومقاطعات‭ ‬ذات‭ ‬حكم‭ ‬ذاتي‭ ‬ومناطق‭ ‬صناعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وثقافية‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إبراز‭ ‬ما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬إقليم‭ ‬من‭ ‬مميزات‭ ‬ومن‭ ‬إبداعات‭  ‬بحيث‭ ‬يطلع‭ ‬الزائر‭ ‬خلال‭ ‬جولته‭ ‬داخل‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬على‭  ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬وكأنه‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬لهذه‭ ‬المناطق‭ ‬حيث‭ ‬يطلع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

ثانيا‭: ‬ومن‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬شدتني‭ ‬واكتشفتها‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬داخل‭ ‬هذا‭ ‬الجناح‭ ‬تجربة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وبناء‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مهتما‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬المدمر‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬ألقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬مدينتي‭ ‬هيروشيما‭ ‬وناجازاكي‭ ‬اليابانيتين‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الذعر‭ ‬والخوف‭ ‬دفع‭ ‬السلطة‭ ‬السوفيتية‭ ‬العليا‭ ‬إلى‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬النووية‭ ‬لحماية‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬من‭ ‬الأعداء‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يهددون‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وكيف‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬لصناعات‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والمواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬لإنتاجها‭ ‬وكيف‭ ‬وظفت‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬عملاءها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬وهذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وتحديدا‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬الغربية‭ ‬مما‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬حتى‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭.‬

كل‭ ‬منجزات‭ ‬مكونات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجناح‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬وفضاء‭ ‬روسي‭ ‬منسقة‭ ‬بشكل‭ ‬عجيب‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الجولة‭ ‬داخل‭ ‬هذا‭ ‬الجناح‭ ‬فرصة‭ ‬لا‭ ‬تفوت‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الزائر‭ ‬لموسكو‭ ‬تحديدا‭ ‬للاطلاع‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬التقنيات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬جوانب‭ ‬الإنتاج‭ ‬وفي‭ ‬الصناعة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والثقافة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا