العدد : ١٧٤٠٩ - الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٩ - الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

تحفظات ومخاوف.. ولكن

اعتمد‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬مشروع‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬بشأن‭ ‬خطة‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وأصبح‭ ‬القرار‭ ‬رسميا‭.‬

القرار‭ ‬أثار‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬كثيرة‭. ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬رحبت‭ ‬بالقرار‭ ‬واعتبرته‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭. ‬البعض‭ ‬عدد‭ ‬إيجابيات‭ ‬القرار،‭ ‬وكثيرون‭ ‬أشاروا‭ ‬مثلا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتضمنه‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.. ‬وهكذا‭.‬

البعض‭ ‬أبدى‭ ‬تحفظات‭ ‬على‭ ‬القرار،‭ ‬وتحدث‭ ‬عن‭ ‬مخاوف‭ ‬بعد‭ ‬اعتماد‭ ‬القرار‭ ‬رسميا‭.‬

التحفظ‭ ‬الأساسي‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬كثيرون‭ ‬هو‭ ‬غموض‭ ‬البنود‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬وعدم‭ ‬وضوح‭ ‬أبعادها‭ ‬وتفاصيلها‭. ‬

القرار‭ ‬ينص‭ ‬مثلا‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬للسلام‮»‬‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬حكم‭ ‬وإدارة‭ ‬غزة،‭ ‬وقال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬إنه‭ ‬سوف‭ ‬يرأسه،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬واضحا‭ ‬مَن‭ ‬سيشارك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجلس‭ ‬بالضبط،‭ ‬وما‭ ‬صلاحياته‭ ‬تفصيلا،‭ ‬وهل‭ ‬هذا‭ ‬المجلس‭ ‬سيكون‭ ‬خاضعا‭ ‬لمراجعة‭ ‬أو‭ ‬محاسبة‭ ‬أي‭ ‬أحد‭.‬

والقرار‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬استقرار‭ ‬دولية‮»‬‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬مهمة‭ ‬الأمن‭ ‬ونزع‭ ‬السلاح‭. ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬ليس‭ ‬واضحا‭ ‬من‭ ‬سيشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القوة،‭ ‬وما‭ ‬حدود‭ ‬مهامها،‭ ‬وكيف‭ ‬تمارس‭ ‬هذه‭ ‬المهام‭ ‬بالضبط‭.‬

بعض‭ ‬الدول،‭ ‬منها‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬طالبت‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يمنحها‭ ‬شرعية‭ ‬أكبر‭ ‬ويمنع‭ ‬تسييس‭ ‬مهامها،‭ ‬لكن‭ ‬أمريكا‭ ‬أصرت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القوة‭ ‬تابعة‭ ‬لمجلس‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬سيرأسه‭ ‬ترامب‭.‬

أيضا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬القرار‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬هو‭ ‬كلام‭ ‬عام‭ ‬جدا‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬ملزم‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭. ‬القرار‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬فور‭ ‬تنفيذ‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الإصلاحات‭ ‬المطلوبة‭ ‬والبدء‭ ‬بإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الظروف‭ ‬مهيأة‭ ‬أخيرا‭ ‬لمسار‭ ‬لتقرير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مصيرهم‭ ‬وإقامة‭ ‬دولة‮»‬‭.‬

كما‭ ‬نرى‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬فضفاض‭ ‬جدا‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬بمقدور‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬المطلوبة‭. ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬تحققت‭ ‬كل‭ ‬المطالب‭ ‬فالقرار‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬قد»؛‭ ‬أي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مسار‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يكون‭.‬

حركة‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬ومطالب‭ ‬وحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬كما‭ ‬اعتبرت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يفرض‭ ‬وصاية‭ ‬دولية‮»‬‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التحفظات‭ ‬والمخاوف‭ ‬وجيهة‭ ‬ولها‭ ‬ما‭ ‬يبررها‭ ‬تماما‭.‬

ومع‭ ‬هذا،‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬أساسية‭ ‬أخرى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نأخذها‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬عند‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بالقبول‭ ‬أو‭ ‬الرفض،‭ ‬أهمها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬القيمة‭ ‬الأساسية‭ ‬للقرار‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬ينهي‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬ملزم‭. ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬هش‭ ‬للغاية‭ ‬وتنتهكه‭ ‬إسرائيل‭ ‬يوميا‭. ‬المفترض‭ ‬أنه‭ ‬بصدور‭ ‬القرار‭ ‬سيتم‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬التالية‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬نهائي‭ ‬للحرب‭.‬

إذا‭ ‬تحقق‭ ‬هدف‭ ‬الوقف‭ ‬النهائي‭ ‬للحرب‭ ‬فهذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬مبرر‭ ‬للترحيب‭ ‬بالقرار‭. ‬لن‭ ‬نعيد‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬مرارا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بأن‭ ‬إنقاذ‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬دفع‭ ‬ثمنها‭ ‬غاليا‭ ‬هي‭ ‬أولوية‭ ‬مطلقة‭.‬

ثانيا‭: ‬إنه‭ ‬يوجد‭ ‬بالفعل‭ ‬عشرات‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬قرارات‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬تتضمن‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬كاملة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭.‬

هذه‭ ‬القرارات‭ ‬قائمة‭ ‬وملزمة‭ ‬بحكم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬تسقط‭ ‬بالتقادم‭.‬

بعبارة‭ ‬اخرى،‭ ‬فإن‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭ ‬الجديد‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وأيا‭ ‬كانت‭ ‬نواقصه‭ ‬أو‭ ‬أوجه‭ ‬قصوره،‭ ‬لا‭ ‬ينسخ‭ ‬القرارات‭ ‬السابقة‭ ‬ولا‭ ‬يبطلها‭.‬

ثالثا‭: ‬إنه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬السابقة‭ ‬حول‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فإن‭ ‬الذي‭ ‬يحدد‭ ‬مسار‭ ‬الصراع،‭ ‬ويحدد‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة،‭ ‬هو‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الفعلي‭ ‬وما‭ ‬تفعله‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭.‬

وحدة‭ ‬الموقف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬وما‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذه‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬هو‭ ‬الفيصل‭.‬

من‭ ‬المؤسف‭ ‬جدا‭ ‬هنا‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬ومن‭ ‬تطورات‭ ‬خطيرة‭ ‬تعصف‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬توحيد‭ ‬صفوفهم‭ ‬واتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬موحدة‭. ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الأخير‭ ‬مثلا،‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬رحبت‭ ‬بشدة‭ ‬بالقرار،‭ ‬وحماس‭ ‬وفصائل‭ ‬أخرى‭ ‬رفضته‭ ‬ونددت‭ ‬به‭. ‬هذا‭ ‬وضع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬استعادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حقوقهم‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مهزلة‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭.‬

عموما،‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬التي‭ ‬ذكرتها،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أو‭ ‬التنديد‭ ‬به‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا