يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
من ينقذ «ضمير العالم الحي»؟
جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة هو الزعيم الوحيد في العالم الذي حرص على ان يوجه كلمة عالمية بمناسبة احتفال الأمم المتحدة بعامها الثمانين. جلالته وجه هذه الكلمة قبل موعد الاحتفال الرسمي بفترة طويلة.
جلالة الملك في كلمته أشاد بالدور التاريخي الذي تلعبه الأمم المتحدة منذ قيامها ووصفها بأنها «الصرح العالمي، الذي جسّد منذ تأسيسه ضمير العالم الحي، وحرص منذ انطلاقته على أن يكون مرجعاً للتعاون الدولي البنّاء، ومثالاً لإرساء الأمن والسلام والنماء، وحماية حقوق الإنسان في كل مكان».
وعبر جلالة الملك عن اعتزاز مملكة البحرين بعضويتها في هذا التجمع الأممي الرفيع، وحرصها على توطيد تعاونها التاريخي معها في سبيل تحقيق أهدافها، وأيضا لنقل تجربة البحرين الرائدة في الإصلاح والتحديث التنموي، وتطوير العمل الإنساني الدولي.
كما اشار جلالته الى تزامن هذه الذكرى مع «انتخاب مملكة البحرين لعضوية غير دائمة في مجلس الأمن للعامين المقبلين، للمرة الثانية في تاريخها، مما يعكس ثقة المجتمع الدولي بجهود بلادنا ونهجها الدبلوماسي المتزن، الذي نوجّهه دائماً نحو تعزيز السلام والوئام العالمي، استناداً للمبادئ والقوانين التي تقوم عليها هذه المؤسسة الموقرة».
حرص جلالة الملك على توجيه هذ الكلمة في الذكرى الثمانين لنشأة الأمم المتحدة تجسيد لإيمان جلالته شخصيا وايمان مملكة البحرين بدور المنظمة الدولية وضرورة دعم وتعزيز هذا الدور من اجل صالح العالم كله.
وبالتأكيد قصد جلالة الملك توجيه هذه الكلمة في هذا الوقت بالذات. نعني في الوقت الذي تعيش فيه الأمم ازمة طاحنة هي الأكبر في تاريخها وللفت النظر الى ان هذه الأزمة يجب ان تكون دافعا الى العمل على تطوير عمل المنظمة الدولية.
الكل في العالم يتحدث عن حالة العجز والشلل التي وصلت اليها الأمم المتحدة. هذا العجز تجسد خصوصا في فشلها الذريع في دورها الأساسي المتمثل في حماية الشعوب وتحقيق الأمن والسلم. الأمم المتحدة وقفت عاجزة تماما وعلى امتداد أكثر من عامين عن وقف أشنع حرب إبادة عرفها العالم في غزة. ولم تستطع حتى حماية منظماتها الإنسانية الدولية من العدوان الإسرائيلي وحتى قتل أعضائها العاملين. ولم تستطع المنظمة الدولية توفير حتى المواد الاغاثية لأهل غزة الذين يقتلون جوعا. وأيضا عجزت الأمم المتحدة عن تنفيذ أي من القرارات التي أصدرتها منظماتها القانونية والحقوقية ضد مجرمي الحرب والابادة الإسرائيليين.
الكل في العالم يعرف سبب عجز الأمم المتحدة وحالة الشلل الذي تعيشه، وهو هيمنة القوى الغربية الكبرى على مقدراتها عبر فيتو مجلس الأمن الدولي، وهو الوضع الذي أتاح لإسرائيل ان تنجو من كل جرائمها وتتحدى كل المنظمات الدولية.
لهذا أصبح اصلاح الأمم المتحدة مطلبا عالميا تتبناه كل دول العالم تقريبا.
وفي الاجتماعات الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، طالبت أكثر من 78% من دول العالم عبر خطابات القادة بإصلاح الأمم المتحدة.
ومنذ سنوات قدم كثيرون اقتراحات محددة لإصلاح الأمم المتحدة. في مقدمة هذه المطالب على الاطلاق ضرورة اصلاح مجلس الأمن الدولي بوضع قيود اولا على نظام استخدام الفيتو في المجلس الذي يشل عمل المنظمة ويجعلها أداة بيد القوى الخمس الكبرى. وأيضا المطالبة بتوسيع نطاق العضوية في المجلس ليصبح أكثر تمثيلا لدول العالم. البحرين تصر مثلا طوال السنوات الماضية، باسم المجموعة العربية، على ان يكون للعرب ممثل دائم في المجلس. وإفريقيا تطالب بهذا أيضا وكذلك أمريكا اللاتينية. وهناك مطالبات أيضا بمنح صلاحيات أوسع وأكبر للجمعية العامة.. وهكذا.
المهم ان هناك اجماعا في العالم على ان الأمم المتحدة، أو «ضمير العالم الحي» كما ذكر جلالة الملك، بحاجة الى انقاذ.
للأسف لن يتغير الوضع طالما ان النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب ظل بلا تغيير جذري. ومع ذلك، فإن الحاح دول العالم على حتمية اصلاح المنظمة الدولية يجب ان يظل قائما، وان تمارس كل الضغوط من اجل ذلك.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك