العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الإعلام الغربي والإسلام

أتابع‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬تقارير‭ ‬وتحليلات‭ ‬كثيرة‭ ‬تنشر‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬والمواقع‭ ‬الغربية‭ ‬حول‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تناقش‭ ‬قضايا‭ ‬عدة‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬تزايد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمناقشة‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬هو‭ ‬بسبب‭ ‬الفوز‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬زهران‭ ‬ممداني‭ ‬المسلم‭ ‬بمنصب‭ ‬عمدة‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭. ‬هذا‭ ‬الفوز‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬الغربي‭ ‬المتجدد‭ ‬بقضية‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

التقارير‭ ‬والتحليلات‭ ‬التي‭ ‬قرأتها‭ ‬تطرح‭ ‬قضايا‭ ‬كثيرة‭ ‬وآراء‭ ‬متعددة‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬موقف‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬أي‭ ‬كيف‭ ‬يعرض‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

القضية‭ ‬تهمنا‭ ‬بالطبع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ولهذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتابع‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬وأن‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬يثار‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬وآراء‭.‬

سأحاول‭ ‬أن‭ ‬أعرض‭ ‬تباعا‭ ‬أهم‭ ‬التقارير‭ ‬والتحليلات‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬وما‭ ‬تطرحه‭.‬

من‭ ‬التحليلات‭ ‬المهمة‭ ‬تحليل‭ ‬كتبه‭ ‬ويل‭ ‬جور‭ ‬ونشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬اندبندنت‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬يناقش‭ ‬فيه‭ ‬كيفية‭ ‬تناول‭ ‬الإعلام‭ ‬البريطاني‭ ‬للإسلام‭. ‬الكاتب‭ ‬يطرح‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬متوازنة‭ ‬تستحق‭ ‬التأمل‭.‬

بداية‭ ‬يعتبر‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬التغطيات‭ ‬الصحفية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالإسلام‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬البريطاني‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬السلبية؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬التغطيات‭ ‬تقدم‭ ‬صورة‭ ‬سلبية‭ ‬ليست‭ ‬صحيحة‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭.‬

غير‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬‮«‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬الذي‭ ‬عاشته‭ ‬بريطانيا‭ ‬والعالم‭ ‬منذ‭ ‬هجمات‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬مروراً‭ ‬بصعود‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬ثم‭ ‬موجات‭ ‬الهجمات‭ ‬داخل‭ ‬أوروبا‮»‬‭.‬

ويوضح‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬‮«‬تجاهل‭ ‬العامل‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬الحركات‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ ‬غطاءً،‭ ‬فمحاولة‭ ‬فصل‭ ‬الهوية‭ ‬الدينية‭ ‬عن‭ ‬دافع‭ ‬العنف‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الدافع‭ ‬حاضراً‭ ‬فعلاً‭ ‬لا‭ ‬يساعد‭ ‬القارئ‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬السياق‮»‬

الكاتب‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬هنا‭ ‬إن‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬جماعات‭ ‬باسم‭ ‬الإسلام‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬تكريس‭ ‬هذه‭ ‬النظرة‭ ‬السلبية‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬والغرب‭.‬

هذا‭ ‬الكلام‭ ‬صحيح‭ ‬جزئيا‭ ‬فقط‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬الإسلام‭ ‬وتسيء‭ ‬إليه‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬صورة‭ ‬سلبية‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬عن‭ ‬الإسلام،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدا‭ ‬تجاهل‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬العنصرية‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬هي‭ ‬متأصلة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية‭. ‬بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬الاعلام‭ ‬الغربي‭ ‬يتم‭ ‬بصورة‭ ‬متعمدة‭ ‬ومنهجية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تطورات‭ ‬أو‭ ‬أحداث‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تسجله‭ ‬عشرات‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬الإسلاموفوبيا‭ ‬في‭ ‬الغرب‭.‬

والكاتب‭ ‬إذ‭ ‬ينتقد‭ ‬التغطيات‭ ‬السلبية‭ ‬للإسلام‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬البريطاني،‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬ينتقد‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬‮«‬التوازن‭ ‬المصطنع‮»‬،‭ ‬ويقصد‭ ‬بذلك‭ ‬توجه‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬قصص‭ ‬إيجابية‭ ‬عن‭ ‬المسلمين‭ ‬فقط‭ ‬لخلق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن‭. ‬

يقصد‭ ‬هنا‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬يجب‭ ‬تقديم‭ ‬الإيجابيات‭ ‬والسلبيات،‭ ‬وتقديم‭ ‬تحليل‭ ‬موضوعي‭ ‬للقضية‭. ‬ويقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬وظيفة‭ ‬الإعلام‭ ‬ليست‭ ‬تصحيح‭ ‬الانطباعات‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المجاملة‭ ‬أو‭ ‬تهدئة‭ ‬المزاج‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بل‭ ‬تقديم‭ ‬سياق‭ ‬دقيق‭ ‬يعرض‭ ‬الظاهرة‭ ‬بعناصرها‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والدينية‭ ‬كاملة،‭ ‬ويضعها‭ ‬أمام‭ ‬القارئ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبالغة‭ ‬أو‭ ‬تجميل‭ ‬أو‭ ‬مبادرة‭ ‬لإخفاء‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سلبي‮»‬‭.‬

ويقدم‭ ‬الكاتب‭ ‬مثالا‭ ‬لذلك‭ ‬بأزمة‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬فالتعليقات‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬تغطية‭ ‬الأزمة‭ ‬أظهرت‭ ‬انقساماً‭ ‬حاداً،‭ ‬وصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬عدائية‭ ‬متطرفة‭ ‬ضد‭ ‬اللاجئين‭. ‬وهذا،‭ ‬برأيه،‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬الأخبار‭ ‬الإيجابية‭ ‬أو‭ ‬تقليل‭ ‬السلبية‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬سياق‭ ‬يشرح‭ ‬الظواهر‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬مع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بتعقيدها‭ ‬وتعدد‭ ‬دوافعها،‭ ‬‮«‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الاختزال‭ ‬أو‭ ‬المجاملة‮»‬‭.‬

المسألة‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬يثيرها‭ ‬الكاتب‭ ‬إذن‭ ‬هي‭ ‬الإعلام‭ ‬حين‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يقدم‭ ‬صورة‭ ‬سلبية‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬صورة‭ ‬إيجابية‭ ‬بالمطلق،‭ ‬وإنما‭ ‬يجب‭ ‬عرض‭ ‬كل‭ ‬قضية‭ ‬عرضا‭ ‬موضوعيا‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬الظروف‭ ‬والأوضاع‭ ‬القائمة،‭ ‬وبما‭ ‬يمكن‭ ‬المتابع‭ ‬من‭ ‬تكوين‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬صحيحة‭.‬

نحن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستفيد‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الآراء،‭ ‬فالقضية‭ ‬بداهة‭ ‬تهمنا‭ ‬ليس‭ ‬دينيا‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬سياسيا‭ ‬أيضا‭.‬

سأعرض‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬تالية‭ ‬ما‭ ‬طرحته‭ ‬تقارير‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا