بطلة ترويض الخيول.. حاصلة على المركز الأول في مسابقة اتحاد الفروسية بالمملكة..
لاعبة رياضة الكروسفت.. الفارسة المصرفية شذى يوسف القاسمي لــ «أخبار الخليج»:
يقول الشاعر المتنبي عن الخيل: «الخيل والليل والبيداء تعرفني»، وذلك في تعبير بليغ عن العلاقة القوية بين الفارس وفرسه!
يؤكد التاريخ أن المرأة مقرونة بالخيل في الأصالة ونبل الصفات وكريم الفعال ونفيس الاقتناء، وهذا ما يمكن أن نستشفه من هذه التجربة النسائية الملهمة لبطلة رياضية حرصت على بناء علاقة شراكة وصداقة مع الخيل قائمة على التفاهم والحب والاحترام المتبادل.
شذى يوسف القاسمي، اختارت أن تتميز في رياضة ترويض الخيول ليس إخضاعا، بل انطلاقا من قناعتها بأنها هي التفسير الوحيد الذي تجده حينما تبحث في هذه الحياة عما يستحق، حتى أصبحت عالمها الذي يمدها بالمتعة والسعادة والسلام الداخلي، والذي لا يضاهيه جمال.
لقد أثبتت عبر مشوارها أن المرأة فارسة في كل مجال وتنال تقديرها من واقع دورها في الحياة، وهذا ما سنتطرق إليه تفصيلا في الحوار التالي:
*متى بدأت علاقتك بالخيل؟
-علاقتي بالخيل بدأت متأخرة وذلك بسبب تخوف والدي من دخولي هذا المجال الخطر والصعب، خاصة أنني أول ابنة في العائلة وكنت قريبة للغاية منه والطفلة المدللة لديه، وقد كان دائما يراني أنني شخص مميز ويشعرني بذلك دائما، وقد مارست رياضات أخرى منذ الصغر منها تنس الطاولة والتيكواندو وغيرها، ولكن ظل حلم الفروسية يراودني سنوات إلى أن حققته لاحقا ومتأخرا وقد حدث ذلك بعد دخولي مجال الموارد البشرية الذي جاء صدفة.
كيف جاء دخولك عالم الموارد البشرية؟
-في المرحلة الثانوية قررت دراسة تخصص أعمال مصرفية ومالية، ورحب والدي بذلك بشدة، وكنت من أوائل دفعات الجامعة الخاصة التي التحقت بها، وكنت طالبة نشطة أحرص على المشاركة في مختلف الأنشطة وبعد التخرج، تزوجت وعملت مدققة حسابات في أحد المصارف، ولكني لم أجد نفسي في هذا المجال رغم عملي به مدة أربع سنوات، وقادتني الصدفة إلى العمل في مجال الموارد البشرية الذي تعلقت به بصورة كبيرة، ثم مررت بتجربة صعبة للغاية غيرت لدي كثيرا من الموازين.
وما تلك التجربة؟
-بعد ولادة طفلتي تم نقلها إلى مستشفى آخر متخصص لعلاج حالتها، وتم إجراء عملية لها خطيرة امتدت حوالي خمس ساعات، وتعافت ولله الحمد، وبالطبع ليس هناك أقسى على المرأة من ابتلائها في أحد أبنائها، ولكن بدعم الأهل تجاوزت هذه المحنة، وعموما أنا إنسانة قوية ومؤمنة بشدة، وهذا ما يجعلني أعبر أي أزمة بسلام، ثم حصلت علي رسالة الماجستير في إدارة الأعمال، وبعدها بحثت عن فرصة عمل في أي مجال وبأي راتب وذلك لحرصي على عدم الانعزال أو الانقطاع عما يجري في المجتمع، فالتحقت بمركز اتصال الحكومة الإلكترونية مدة ثلاث سنوات ونصف السنة تقريبا، عقبها تلقيت من بنك البحرين الوطني للعمل في مجال التبرعات الخاصة به لقطاعات مختلفة، ومن هنا شاء لي القدر دخول مجال الموارد البشرية الذي بدأت فيه من الصفر، وترقيت حتي احتللت منصبا مرموقا.
وماذا عن تحقيق حلم الفروسية؟
-بداية يجب التأكيد هنا أن الفروسية ليس لها عمر محدد وقد دخلت هذا العالم متأخرا وبالصدفة وكان ذلك في عام 2022 أثناء اصطحابي لأبنائي للتدريب في إسطبل بالبديع، وحين شاهدت الخيل جذبتني بشدة وتحدثت مع المدرب عن إمكانية تدريبي، وبالفعل التحقت بأكاديمية المحرق للفروسية التي مثلت بالنسبة لي أجواء جميلة ومريحة، وبعد ثمانية أشهر ترشحت لسباق القدرة، ثم جاءت أول تجربة بالمشاركة في سباق 40 كم وتوالت الإنجازات إلى أن خضت مجال ترويض الخيل وهو صعب ونادر بالنسبة إلى العنصر النسائي، واحترفته بعدها حدثت مفاجأة عظيمة.
حدثينا عن تلك المفاجأة؟
-حين دخلت أول تجربة في مجال ترويض الخيل كانت هناك لجنة حكام من الخارج وفوجئت بأنني ضمن المكرمين، ولا شك أن هذا التكريم قد غير من جميع حساباتي، وزادني تعلقا وعشقا لهذا المجال الذي أستمتع به للغاية ويعتمد على مدى لياقة الخيل ومرونة العضلات، وتعلمت أساسيات هذه الرياضة على أيدي المدرب رضا العفو في وقت قياسي، وكانت أول تجربة لي في المحرق بموقع الاتحاد الرياضي العسكري وحصلت على المرتبة التاسعة.
أهم مشاركة؟
-أهم مشاركة كانت في العام الماضي بفرس جديدة كنت قد تعاملت معها مدة شهر فقط، وفخورة بحصولي على المركز الأول ولكن شاء القدر أن أصاب بعدها بإصابة شديدة في الركبة أوقفتني عن هذه الرياضة ولكنها علمتني أمرا مهما.
وما هو؟
-هذا الحادث علمني عدم الثقة العمياء في الخيل، فهي أحيانا تشعر بالخوف أو الفزع أو تسمع وترى أشياء لا نسمعها أو نراها، وذلك ما جعل الفرس تقذفني فجأة على بعد ثلاثة أمتار، فارتطمت رأسي بشدة، وخلال خمس دقائق قررت أن أعتلي ظهر الفرس حتى أكسر حاجز الخوف منها، وقد أصبت بتمزق في رباط القدم وتلقيت العلاج اللازم وفي انتظار استئناف تدريباتي قريبا وبكل قوة وحماس.
ماذا يحتاج التعامل مع الخيل؟
-الحصان بشكل عام يحتاج إلى اللطف والهدوء في المعاملة وذلك لخلق لغة خاصة للحوار معه، وقد نشأ بيني وبينه علاقة صداقة وطيدة، بل أصبح يمثل بالنسبة إلي كل عالمي الذي يمدني بالمتعة والسعادة بل هو الحياة بالنسبة إلي وبالتالي كرست له كل طاقتي، حتى أنني أشعر بالضياع من غيره وذلك على الرغم من الكثير من الصعاب التي واجهتني في تعاملي معه، كما كان له الفضل في تغيير شخصيتي حيث أصبحت أكثر هدوءا وثقة في النفس من ذي قبل، كما أؤكد هنا أنه ليس صحيحا أن الفروسية تؤثر في أنوثة المرأة كما يدعي البعض، والجميل في الأمر أن والدي هو من يشجعني بشدة اليوم ويحفزني على المشاركة في السباقات، وتصل فترة التدريب يوميا إلى ثلاث ساعات في الإسطبل هذا إلى جانب عملي.
أصعب التجارب؟
-في كل مرة أواجه مشكلة ما عند التعامل مع الخيل كنت أعتقد لأول وهلة أنها سوف تعيقني عن المواصلة في هذا المجال ولكن بفضل من الله سبحانه وتعالى تتحول تلك المشكلة إلى تقدمي إلى الأمام، ففي أكتوبر 2023 واجهت موقفا صعبا اعتقدت أنه سوف ينهي رحلتي مع الخيل، ولكنه كان سبب اكتشافي لمكان جديد منحني فرصة المشاركة على خيول إسبانية، وفي يناير 2024 مرض الحصان الذي أشارك به في السباقات قبل المسابقة بأسبوع وتكدرت للغاية، وخلال يومين فقط عوضني الله بآخر أفضل منه وحصدت مركزا متقدما، وفي ديسمبر 2024 وصلت موقع المسابقة خمس ونصف صباحا وكنت أنتظر حصاني ولكنه منع من الدخول بسبب خطأ في جوازه وحزنت بشدة وبعدها بحوالي أسبوع حصلت على فرس ماهر وشاركت به وحصدت المركز الأول، وغيرها من التجارب الصعبة التي مثلت لي حافزا على المواصلة وبكل قوة وتفاؤل.
تجربتك مع رياضة الكروسفت؟
-رياضة الكروسفت هي برنامج رياضي متكامل وليس متخصصا يقوم على تحسين وتطوير الكفاءة الجسدية لأعلى مستوياتها في جميع مجالات اللياقة البدنية وهي تتطلب تمارين على مستوى عال من اللياقة والحركة مما يجعلها صعبة بالنسبة إلى البعض، وقد أقبلت على ممارستها للتهيئة البدنية لممارسة رياضة الخيل، أي أنها مكملة وداعمة لها، وقد تعلقت بها بعد أن مارستها لشغل أوقات الفراغ وقد حكمت بطولتين في هذه الرياضة وكانتا من أهم بطولات الخليج.
في رأيك أين تكمن قوة المرأة؟
-مصدر قوة المرأة الأساسي هو حجم إيمانها وثقتها بنفسها، وكم الإنجازات التي تحققها بمفردها دون أي مساعدة من أي طرف، وأنا أرى أن أي امرأة قادرة على فرض وجودها واحترامها على من حولها، ومن الممكن أن تكون أسعد مخلوق حين تعمل ما تحب دون انتظار موافقة الآخرين أو تقييمهم لها، وهذا ما لمسته بنفسي خلال عملي مع مجموعتنا النسائية في مجال ترويض الخيل، فنحن ندعم جميعنا بعضنا البعض، والمهم أن الإنسان يتمكن من أن يحدث التوازن في حياته لأن ذلك من أهم أسباب نجاحه.
حلمك الحالي؟
-قدوتي في مجال الفروسية هي الفارسة العالمية إليزابيث إيزابيل والتي يصل عمرها إلى 56 عاما، ومع ذلك مازالت تحقق بطولات عظيمة، وأتمنى أن أصل إلى ما وصلت إليه، وأن أخرج من الإطار المحلي إلى الإقليمي ثم إلى العالمي، كما أخطط إلى دراسة ترويض الخيل في إسبانيا وكلي أمل في أن أسهم في عمل إنساني خارج البحرين.



هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك