العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

حكاية مسجد.. في أمريكا

في‭ ‬خطبة‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضية،‭ ‬تحدث‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالناصر‭ ‬البراهيم‭ ‬إمام‭ ‬وخطيب‭ ‬جامع‭ ‬‮«‬علي‭ ‬محمد‭ ‬كانو‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬نظافة‭ ‬المساجد،‭ ‬وضرورة‭ ‬التزام‭ ‬المصلين‭ ‬بالواجبات‭ ‬والممارسات‭ ‬خلال‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬الجوامع‭ ‬والمصليات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التبرع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بيوت‭ ‬الرحمن‭.‬

كما‭ ‬أشار‭ ‬الخطيب‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬المساجد‭ ‬في‭ ‬التوعية‭ ‬والتنوير،‭ ‬وفي‭ ‬الخدمة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وفي‭ ‬تهذيب‭ ‬الأخلاق‭ ‬وسمو‭ ‬الروح،‭ ‬وفي‭ ‬التقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬وفي‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬للآخرين‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬ديني‭ ‬وإنساني‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬اليوم‭ ‬تابعت‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬لاقى‭ ‬انتشارا‭ ‬واسعا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬حول‭ ‬قيام‭ ‬ناشطة‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬اسمها‭ ‬‮«‬نيكالي‭ ‬مونرو‮»‬،‭ ‬بعدما‭ ‬نشرت‭ ‬تجربة‭ ‬اجتماعية‭ ‬مؤثرة،‭ ‬كشفت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬متباينة‭ ‬لدُور‭ ‬العبادة،‭ ‬تجاه‭ ‬طلب‭ ‬بسيط‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوفير‭ ‬حليب‭ ‬لطفل‭ ‬رضيع‭.‬

ووفقا‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬منشور‭ ‬ومتداول‭ ‬في‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية،‭ ‬حول‭ ‬التجربة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المذكورة،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬مونرو‮»‬‭ ‬بالاتصال‭ ‬بعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الكنائس‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مدّعية‭ ‬أنها‭ ‬أم‭ ‬لطفل‭ ‬حديث‭ ‬الولادة،‭ ‬ولا‭ ‬تملك‭ ‬ثمن‭ ‬حليب‭ ‬الرضاعة،‭ ‬بينما‭ ‬أرفقت‭ ‬طلبها‭ ‬بتسجيل‭ ‬صوتي‭ ‬لبكاء‭ ‬طفل‭ ‬صغير،‭ ‬لجعل‭ ‬الموقف‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭ ‬وتأثيرا‭.‬

وكشفت‭ ‬التسجيلات‭ ‬التي‭ ‬بثتها‭ ‬على‭ ‬حسابها‭ ‬في‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الكنائس‭ ‬التي‭ ‬تواصلت‭ ‬معها‭ ‬إما‭ ‬رفضت‭ ‬المساعدة‭ ‬أو‭ ‬أحالتها‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسات‭ ‬خيرية‭ ‬أخرى،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬كنائس‭ ‬كبرى‭ ‬كـ«فيكتوري‭ ‬كريستيان‭ ‬فِلوشيب‮»‬‭ ‬و«أبوندنت‭ ‬تشيرش‮»‬‭ ‬بولاية‭ ‬تكساس،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقدّم‭ ‬سوى‭ ‬عناوين‭ ‬بديلة‭ ‬أو‭ ‬وعود‭ ‬عامة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تجاوب‭ ‬فوري،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكنيسة‭ ‬المعمدانية‭ ‬الشرقية‭ ‬بسومرست‮»‬،‭ ‬صرّحت‭ ‬بأنها‭ ‬توقفت‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬مساعدات‭ ‬مباشرة،‭ ‬فيما‭ ‬اشترطت‭ ‬‮«‬الكنيسة‭ ‬المسيحية‭ ‬الأولى‭ ‬بسومرست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المستفيدة‭ ‬عضوة‭ ‬معروفة‭ ‬لديها‭.‬

ومن‭ ‬أصل‭ (‬39‭ ‬مكالمة‭)‬،‭ ‬لم‭ ‬تتلق‭ ‬‮«‬مونرو‮»‬‭ ‬سوى‭ (‬9‭ ‬ردود‭ ‬إيجابية‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬أبرزها‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬إسلامي،‭ ‬وكنيسة‭ ‬كاثوليكية،‭ ‬ومعبد‭ ‬بوذي،‭ ‬وقد‭ ‬أثار‭ ‬تجاوب‭ ‬المركز‭ ‬الإسلامي‭ ‬تفاعلاً‭ ‬كبيراً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬لبّى‭ ‬طلبها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردّد‭ ‬أو‭ ‬استفسار‭ ‬عن‭ ‬ديانتها‭ ‬أو‭ ‬هويتها‭.‬

إذ‭ ‬بادرت‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬الإسلامي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬المتصلة‭ ‬‮«‬مونرو‮»‬‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬الحليب‭ ‬المطلوب‭ ‬وموقعها،‭ ‬ودعتها‭ ‬إلى‭ ‬الحضور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسلّم‭ ‬العلبة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬إعجاباً‭ ‬واسعاً‭ ‬لدى‭ ‬المتابعين‭ ‬الذين‭ ‬اعتبروا‭ ‬الموقف‭ ‬تجسيداً‭ ‬حيّاً‭ ‬لقيم‭ ‬الرحمة‭ ‬والتضامن‭. ‬حليب‭ ‬عضوي

والجميل‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الفيديو‭ ‬الذي‭ ‬لاقى‭ ‬الانتشار‭ ‬الكبير‭ ‬والصيت‭ ‬الواسع،‭ ‬تم‭ ‬تثبيته‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬واليوتيوب،‭ ‬وكذلك‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬غوغل‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬رفع‭ ‬تقييم‭ ‬الفيديو‭ ‬من‭ ‬نجمة‭ ‬واحدة‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬نجوم‭.. ‬وقد‭ ‬فتحت‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬النقاش‭ ‬على‭ ‬مصراعيه،‭ ‬حول‭ ‬الهوة‭ ‬بين‭ ‬المبادئ‭ ‬المُعلنة‭ ‬والممارسات‭ ‬الواقعية‭ ‬داخل‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية،‭ ‬حيث‭ ‬ختمت‭ ‬‮«‬مونرو‮»‬‭ ‬حديثها‭ ‬بعبارة‭ ‬لقيت‭ ‬تفاعلاً‭ ‬واسعاً‭: ‬‮«‬المشكل‭ ‬ليس‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬المساعدة،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يحاولون‭ ‬حتى‭..!!‬‮»‬‭.‬

الفيديو‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬المساجد‭ ‬والمراكز‭ ‬الاسلامية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬يعمم‭ ‬الحكم‭ ‬والرأي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الكنائس‭ ‬والمعابد‭ ‬الأخرى،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬كنائس‭ ‬تجاوبت‭ ‬مع‭ ‬اتصال‭ ‬الناشطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬مونرو‮»‬‭.. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الممارسات‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬البشر،‭ ‬تعكس‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يتحدثون‭ ‬عنها،‭ ‬ويتعبدون‭ ‬بها‭.. ‬والتعاليم‭ ‬الإسلامية‭ ‬تؤكد‭ ‬دائما‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬دين‭ ‬عبادات‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬إنسانية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا