الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حكاية مسجد.. في أمريكا
في خطبة صلاة الجمعة الماضية، تحدث الشيخ عبدالناصر البراهيم إمام وخطيب جامع «علي محمد كانو»، عن أهمية نظافة المساجد، وضرورة التزام المصلين بالواجبات والممارسات خلال وجودهم في الجوامع والمصليات، فضلا عن التبرع من أجل بيوت الرحمن.
كما أشار الخطيب إلى دور المساجد في التوعية والتنوير، وفي الخدمة المجتمعية، وفي تهذيب الأخلاق وسمو الروح، وفي التقرب إلى الله عز وجل، وفي تقديم المساعدة للآخرين من منطلق ديني وإنساني.
وفي ذات اليوم تابعت مقطع فيديو، يبدو أنه لاقى انتشارا واسعا في العالم العربي، حول قيام ناشطة أمريكية في حسابات التواصل الاجتماعي اسمها «نيكالي مونرو»، بعدما نشرت تجربة اجتماعية مؤثرة، كشفت من خلالها عن مواقف متباينة لدُور العبادة، تجاه طلب بسيط يتعلق بتوفير حليب لطفل رضيع.
ووفقا لما هو منشور ومتداول في الوسائل الإعلامية، حول التجربة الاجتماعية المذكورة، فقد قامت «مونرو» بالاتصال بعدد كبير من الكنائس الأمريكية، مدّعية أنها أم لطفل حديث الولادة، ولا تملك ثمن حليب الرضاعة، بينما أرفقت طلبها بتسجيل صوتي لبكاء طفل صغير، لجعل الموقف أكثر واقعية وتأثيرا.
وكشفت التسجيلات التي بثتها على حسابها في «تيك توك» أن الغالبية الساحقة من الكنائس التي تواصلت معها إما رفضت المساعدة أو أحالتها إلى مؤسسات خيرية أخرى، من بينها كنائس كبرى كـ«فيكتوري كريستيان فِلوشيب» و«أبوندنت تشيرش» بولاية تكساس، التي لم تقدّم سوى عناوين بديلة أو وعود عامة من دون تجاوب فوري، كما أن «الكنيسة المعمدانية الشرقية بسومرست»، صرّحت بأنها توقفت منذ سنتين عن تقديم مساعدات مباشرة، فيما اشترطت «الكنيسة المسيحية الأولى بسومرست»، أن تكون المستفيدة عضوة معروفة لديها.
ومن أصل (39 مكالمة)، لم تتلق «مونرو» سوى (9 ردود إيجابية)، كان أبرزها من مركز إسلامي، وكنيسة كاثوليكية، ومعبد بوذي، وقد أثار تجاوب المركز الإسلامي تفاعلاً كبيراً بعد أن لبّى طلبها من دون تردّد أو استفسار عن ديانتها أو هويتها.
إذ بادرت إدارة «المركز الإسلامي» إلى سؤال المتصلة «مونرو» عن نوع الحليب المطلوب وموقعها، ودعتها إلى الحضور من أجل تسلّم العلبة، وهو ما أثار إعجاباً واسعاً لدى المتابعين الذين اعتبروا الموقف تجسيداً حيّاً لقيم الرحمة والتضامن. حليب عضوي
والجميل في الأمر أن الفيديو الذي لاقى الانتشار الكبير والصيت الواسع، تم تثبيته في مواقع التواصل واليوتيوب، وكذلك موقع «غوغل» الذي رفع تقييم الفيديو من نجمة واحدة إلى خمسة نجوم.. وقد فتحت هذه التجربة النقاش على مصراعيه، حول الهوة بين المبادئ المُعلنة والممارسات الواقعية داخل بعض المؤسسات الدينية، حيث ختمت «مونرو» حديثها بعبارة لقيت تفاعلاً واسعاً: «المشكل ليس أنهم لا يملكون المساعدة، بل في أنهم لا يحاولون حتى..!!».
الفيديو يؤكد أهمية دور المساجد والمراكز الاسلامية، كما أنه لا يجوز أن يعمم الحكم والرأي على كل الكنائس والمعابد الأخرى، لأن هناك كنائس تجاوبت مع اتصال الناشطة الأمريكية «مونرو».. ولكن من الأهمية بمكان أن تكون الممارسات من جميع البشر، تعكس القيم والمبادئ الإنسانية التي يتحدثون عنها، ويتعبدون بها.. والتعاليم الإسلامية تؤكد دائما أن الإسلام هو دين عبادات وأخلاقيات إنسانية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك