العدد : ١٧٣٩٩ - الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٩ - الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

البحث عن «الشهرة».. القانون لا يكفي

أول‭ ‬السطر‭:‬

موسم‭ ‬البر‭ ‬والتخييم‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬سيتوافق‭ ‬مع‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭ ‬كاملا‭ ‬وأيام‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭.. ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أوقات‭ ‬الفطور‭ ‬والسحور،‭ ‬والصلوات‭ ‬والتراويح‭ ‬وغيرها،‭ ‬ستصادف‭ ‬وجود‭ ‬المخيمين‭ ‬هناك‭.. ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬الأمور‭ ‬اللازمة‭ ‬والمناسبة‭ ‬لروحانية‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬وفرحة‭ ‬العيد،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والتخييم‭.‬

البحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الشهرة‮»‬‭.. ‬القانون‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭:‬

يبدو‭ ‬أن‭ ‬مرض‭ ((‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الشهرة‭)) ‬بأي‭ ‬أسلوب‭ ‬وطريقة،‭ ‬وإن‭ ‬خالفت‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬وتجاوزت‭ ‬القانون‭.. ‬عادة‭ ‬عربية‭ ‬قديمة‭.. ‬فجميعنا‭ ‬قرأ‭ ‬قصة‭ ‬الأعرابي‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬بال‭ ‬في‭ ‬بئر‭ ‬زمزم‮»‬‭.. ‬فانهال‭ ‬عليه‭ ‬الناس‭ ‬بالضرب‭ ‬والسب‭ ‬والتقريع‭.. ‬وحينما‭ ‬سأله‭ ‬الوالي‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬فعلته‭ ‬الغريبة؟‭ ‬أجاب‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬يعرفني‭ ‬الناس‭ ‬فيقولون‭: ‬هذا‭ ‬فلان‭ ‬الذي‭ ‬بال‭ ‬في‭ ‬بئر‭ ‬زمزم‮»‬‭..!!‬

وذات‭ ‬مرة‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬بإصدار‭ ‬كتاب‭ ‬جديد‭ ‬له،‭ ‬ولكن‭ ‬الكتاب‭ ‬لم‭ ‬يلق‭ ‬أي‭ ‬رواج،‭ ‬ولم‭ ‬تبع‭ ‬منه‭ ‬أي‭ ‬نسخة،‭ ‬فعمد‭ ‬المؤلف‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الإعلاميين،‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬مقالا‭ ‬لاذعا‭ ‬ينتقد‭ ‬الكتاب‭.. ‬وبعدها‭ ‬هاجم‭ ‬الناس‭ ‬الكتاب،‭ ‬وتمت‭ ‬المطالبة‭ ‬بمصادرته،‭ ‬ولقي‭ ‬الكتاب‭ ‬رواجا‭ ‬ومبيعا‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭..!!‬

وبالأمس‭ ‬حينما‭ ‬تم‭ ‬استجواب‭ ‬‮«‬شخص‭ ‬خليجي‮»‬‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬قيامه‭ ‬بنشر‭ ‬إساءات‭ ‬ضد‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومحتويات‭ ‬تُخالف‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬والآداب‭ ‬العامة،‭ ‬أجاب‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬حسابه‭ ‬مُتابع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬آلاف‭ ‬المُتابعين،‭ ‬وقد‭ ‬اعتاد‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المحتوى‭ ‬الإلكتروني‭ ‬بهدف‭ ‬الشهرة‭..!! ‬وأحسب‭ ‬أن‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬يأتون‭ ‬بتلك‭ ‬الأفعال،‭ ‬بهدف‭ ‬الشهرة‭ ‬وزيادة‭ ‬المتابعين،‭ ‬والمعلنين‭ ‬كذلك،‭ ‬وحصد‭ ‬الربح‭ ‬المالي‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬النشر‭ ‬الإلكترونية‭.‬

وقد‭ ‬نشرت‭ ‬الأستاذة‭ ‬‮«‬إقبال‭ ‬الأحمد‮»‬‭ ‬مقالا‭ ‬تنتقد‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات،‭ ‬وكتبت‭ ‬قائلة‭: ((‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الشهرة‭ ‬اليوم،‭ ‬تُباع‭ ‬كما‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬فكرٍ‭ ‬نير‭ ‬وعقل‭ ‬حكيم‭ ‬ورفيعٍ،‭ ‬وعرضٍ‭ ‬باهت‭ ‬سريعٍ،‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬المضمون‭ ‬والإبداع،‭ ‬غزير‭ ‬بالتفاهات‭ ‬والشكليات‭ ‬والماديات‭.. ‬فالمشهور،‭ ‬هو‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬لأن‭ ‬يُرى،‭ ‬لا‭ ‬لأن‭ ‬يُفهم‭.. ‬ضجيج‭ ‬وألوان‭ ‬وقهقهات‭ ‬دون‭ ‬فائدة‭ ‬تُرجى‭).‬

لقد‭ ‬تحولت‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬للتفاهة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬مصدراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬لها،‭ ‬والتنافس‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يصنع‭ ‬القيمة،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬يستهزئ‭ ‬بها‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬قدرها‭.. ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬أننا‭ ‬‮«‬نحن‮»‬‭ ‬من‭ ‬صنعنا‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المؤسف،‭ ‬بمشاركتنا‭ ‬بالمشاهدة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬‮«‬العلم‭ ‬بالأمر‮»‬‭.‬

وبناء‭ ‬عليه،‭ ‬نحتاج‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الذوق‭ ‬العام،‭ ‬وتكثيف‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬الوعي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬الساحتين‭ ‬التربوية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬وقبلها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.. ‬وأن‭ ‬نغرس‭ ‬في‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشهرة‮»‬‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معروفًا‭ ‬بما‭ ‬تُقدّم‭ ‬من‭ ‬معنى‭ ‬والتفوق‭ ‬العقلي،‭ ‬والثراء‭ ‬في‭ ‬المضمون‭ ‬الشخصي‭ ‬المفيد‭... ‬وأن‭ ‬العظمة‭ ‬والشهرة‭ ‬ليستا‭ ‬أن‭ ‬يُعرف‭ ‬اسمك،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬أثرك‭ ‬مفيداً‭ ‬وينير‭ ‬العقول‭.‬

آخر‭ ‬السطر‭:‬

بعض‭ ‬محلات‭ ‬ومطاعم‭.. ‬وكذلك‭ ‬حملات‭ ‬للحج‭.. ‬عمدت‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬إعلاناتها‭ ‬الترويجية‭ ‬بأسلوب‭ ‬وطريقة‭ ‬‮«‬مبتكرة‭ ‬غريبة‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬تضع‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬اعتذار‭ ‬وتنويه‮»‬‭ ‬لعنوان‭ ‬الإعلان،‭ ‬وتضيف‭ ‬بأنها‭ ‬تعتذر‭ ‬للجمهور‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬جودة‭ ‬خدماتها‭ ‬متميزة‭ ‬وأسعارها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬باقي‭ ‬المنافسين‭.. ‬صياغات‭ ‬إعلانية‭ ‬تشد‭ ‬القارئ‭ ‬والمستهلك‭.. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أتصور‭ ‬أنها‭ ‬ستنجح‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.. ‬والسؤال‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬رقابة‭ ‬على‭ ‬الإعلانات،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬ممارسة‭ ‬تجارية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬خداع‭ ‬الناس‭..‬؟

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا