العدد : ١٧٤٠٤ - الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٤ - الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

مقالات

استراتيجيات لخفض الدين العام وترسيخ الاستدامة المالية في البحرين

بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف.

الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تمضي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بثقة‭ ‬نحو‭ ‬مرحلة‭ ‬مالية‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬واستدامة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تتجه‭ ‬فيه‭ ‬الاقتصادات‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬متانة‭ ‬أوضاعها‭ ‬لمواجهة‭ ‬المتغيرات‭ ‬المستقبلية‭. ‬ويبرز‭ ‬خفض‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬كأحد‭ ‬أهم‭ ‬المسارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭ ‬وتوسيع‭ ‬آفاق‭ ‬النمو،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬الانضباط‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تعظيم‭ ‬فرص‭ ‬التنمية‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد‭.‬

إن‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬يمثل‭ ‬خطوة‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬التطور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬المملكة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬النجاحات‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬وتطوير‭ ‬القطاعات‭ ‬الإنتاجية‭. ‬ومع‭ ‬توسع‭ ‬دور‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال،‭ ‬يصبح‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬ضبط‭ ‬مستويات‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬وسيلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬جاذبية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ورفع‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬أولوياته‭ ‬دون‭ ‬أعباء‭ ‬إضافية‭. ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬يمنح‭ ‬البحرين‭ ‬مساحة‭ ‬مالية‭ ‬أوسع‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الواعدة،‭ ‬ويعزز‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستجابة‭ ‬لأي‭ ‬متغيرات‭ ‬عالمية‭ ‬بثبات‭ ‬ومرونة‭.‬

وتساعد‭ ‬الإدارة‭ ‬المتوازنة‭ ‬للدين‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬قوة‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬للمملكة،‭ ‬وهو‭ ‬عنصر‭ ‬ينعكس‭ ‬تلقائيًا‭ ‬على‭ ‬تكلفة‭ ‬التمويل‭ ‬والسيولة‭ ‬المتاحة‭ ‬للاقتصاد‭. ‬فكلما‭ ‬تحسنت‭ ‬المؤشرات‭ ‬المالية،‭ ‬ازداد‭ ‬الاستثمار‭ ‬المباشر‭ ‬والثقة‭ ‬المؤسسية،‭ ‬وتعززت‭ ‬قدرة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬اجتذاب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬بيئة‭ ‬مستقرة‭ ‬وذات‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تمتلك‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬المقومات‭ -‬تشريعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬ومؤسساتية‭- ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفرص،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬وضوح‭ ‬الأطر‭ ‬المالية‭ ‬ورؤية‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬المستقبل‭.‬

كما‭ ‬يشكّل‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬محورًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬مالية‭ ‬مستدامة،‭ ‬إذ‭ ‬يتيح‭ ‬توجيه‭ ‬الموارد‭ ‬نحو‭ ‬المشاريع‭ ‬ذات‭ ‬العائد‭ ‬العالي،‭ ‬ويؤكد‭ ‬التزام‭ ‬المملكة‭ ‬بتحقيق‭ ‬أفضل‭ ‬استخدام‭ ‬ممكن‭ ‬للمال‭ ‬العام‭. ‬ويسهم‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والتقنيات‭ ‬الجديدة،‭ ‬والصناعات‭ ‬الإبداعية،‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬قاعدة‭ ‬إنتاجية‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعًا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬توفير‭ ‬إيرادات‭ ‬مستقبلية‭ ‬تدعم‭ ‬مسار‭ ‬خفض‭ ‬الدين‭ ‬وتعزز‭ ‬متانة‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يمثل‭ ‬تطوير‭ ‬مصادر‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬رافعة‭ ‬محورية‭ ‬لتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭. ‬فالأساس‭ ‬ليس‭ ‬زيادة‭ ‬الرسوم‭ ‬أو‭ ‬الأعباء،‭ ‬بل‭ ‬توسيع‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتنشيط‭ ‬دورة‭ ‬الأعمال‭ ‬بما‭ ‬يرفع‭ ‬الإيرادات‭ ‬بصورة‭ ‬طبيعية‭ ‬ومستدامة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية،‭ ‬السياحة،‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي،‭ ‬والصناعات‭ ‬التحويلية،‭ ‬وهي‭ ‬قطاعات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توليد‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬ودعم‭ ‬متواصل‭ ‬للميزانية‭ ‬العامة‭.‬

بهذا‭ ‬النهج‭ ‬المتزن،‭ ‬ترسخ‭ ‬البحرين‭ ‬مكانتها‭ ‬كدولة‭ ‬تقدم‭ ‬نموذجًا‭ ‬رائدًا‭ ‬في‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬والتخطيط‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وتضع‭ ‬أسسًا‭ ‬قوية‭ ‬لاقتصاد‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وازدهارًا‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

 

ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭)‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ ‬العالمية‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا