العدد : ١٧٤٤٩ - الأربعاء ٣١ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ رجب ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٤٩ - الأربعاء ٣١ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ رجب ١٤٤٧هـ

مقالات

الاقتصاد الخليجي في عام 2026

بقلم: عدنان أحمد يوسف

الاثنين ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬إطار‭ ‬تقليدنا‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬واستشراف‭ ‬الآفاق‭ ‬المقبلة،‭ ‬نبدأ‭ ‬باستعراض‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬وتوقعاتنا‭ ‬له‭ ‬لعام‭ ‬2026‭.‬

يبرز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬كنموذج‭ ‬لاقتصاد‭ ‬استطاع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قدرٍ‭ ‬عالٍ‭ ‬من‭ ‬التماسك‭ ‬والاستقرار،‭ ‬رغم‭ ‬بيئة‭ ‬عالمية‭ ‬اتسمت‭ ‬بتباطؤ‭ ‬النمو،‭ ‬وتقلبات‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬وتشديد‭ ‬ثم‭ ‬إرخاء‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الدولية‭. ‬وقد‭ ‬شكّل‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬مرحلة‭ ‬توازن‭ ‬دقيقة‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬العوائد‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتسريع‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬اقتصاد‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعًا‭ ‬واستدامة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

اقتصاديًا،‭ ‬حققت‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬معدل‭ ‬نمو‭ ‬تراوح‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬بين‭ ‬3‭.‬5‭% ‬و4‭% ‬خلال‭ ‬2025،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بتحسن‭ ‬نسبي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وباستمرار‭ ‬زخم‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭. ‬وبلغ‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬المجمع‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬2‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭. ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬المالية‭ ‬العامة،‭ ‬استفادت‭ ‬الموازنات‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬متوسط‭ ‬أسعار‭ ‬نفط‭ ‬تراوح‭ ‬بين‭ ‬60‭ - ‬70‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬خلال‭ ‬العام،‭ ‬ما‭ ‬مكّن‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬فوائض‭ ‬مالية‭ ‬محدودة،‭ ‬فيما‭ ‬سجلت‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬عجزًا‭ ‬في‭ ‬ميزانياتها‭. ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفائض‭ ‬أو‭ ‬العجز‭ ‬المالي‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬مجتمعة‭ ‬بقي‭ ‬ضمن‭ ‬نطاق‭ ‬±2%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬مع‭ ‬مستويات‭ ‬دين‭ ‬عام‭ ‬منخفضة‭ ‬نسبيًا‭ ‬تقل‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬عن‭ ‬35‭% ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تبرز‭ ‬جهود‭ ‬البحرين،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬العجز‭ ‬المالي‭ ‬لديها،‭ ‬بهدف‭ ‬ضبط‭ ‬العجز‭ ‬وتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنفاق،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاستثماري‭ ‬كعنصر‭ ‬داعم‭ ‬للاستقرار‭.‬

أما‭ ‬مسار‭ ‬تنويع‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬فقد‭ ‬مثّل‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬إنجازات‭ ‬2025‭. ‬فقد‭ ‬ارتفعت‭ ‬مساهمة‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬لتتجاوز‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بنمو‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬السياحة،‭ ‬والصناعة‭ ‬التحويلية،‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬والتجارة،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الرقمي‭. ‬وفي‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬شكّلت‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬المحرك‭ ‬الرئيسي‭ ‬للنمو،‭ ‬فيما‭ ‬عززت‭ ‬البحرين‭ ‬موقعها‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للخدمات‭ ‬المالية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬والصناعات‭ ‬الخفيفة،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬تشريعية‭ ‬مرنة‭ ‬وكفاءات‭ ‬بشرية‭ ‬تنافسية،‭ ‬رغم‭ ‬محدودية‭ ‬مواردها‭ ‬النفطية‭ ‬مقارنة‭ ‬ببقية‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭.‬

التقدم‭ ‬المعرفي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬واصل‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النمو‭ ‬الخليجي،‭ ‬مع‭ ‬توسع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والحوسبة‭ ‬السحابية،‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬وقد‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تحسن‭ ‬إنتاجية‭ ‬القطاعات‭ ‬الخدمية،‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الحكومات،‭ ‬وتحسين‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سجلت‭ ‬فيه‭ ‬البحرين‭ ‬حضورًا‭ ‬متقدمًا،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬الرقمية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المالية‭.‬

القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬الخليجي‭ ‬واصل‭ ‬بدوره‭ ‬تسجيل‭ ‬أداء‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬حيث‭ ‬قُدّر‭ ‬إجمالي‭ ‬موجودات‭ ‬البنوك‭ ‬الخليجية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬3‭.‬7‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬نمو‭ ‬الائتمان‭ ‬الموجه‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بمعدلات‭ ‬تراوح‭ ‬بين‭ ‬5‭% ‬و7‭%. ‬كما‭ ‬سجلت‭ ‬البنوك‭ ‬مستويات‭ ‬مرتفعة‭ ‬من‭ ‬كفاية‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬والسيولة،‭ ‬وحققت‭ ‬أرباحًا‭ ‬جيدة‭ ‬مدعومة‭ ‬ببيئة‭ ‬أسعار‭ ‬فائدة‭ ‬مرتفعة‭ ‬نسبيًا‭. ‬وفي‭ ‬البحرين،‭ ‬حافظ‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬على‭ ‬متانته،‭ ‬مع‭ ‬تنوع‭ ‬قاعدة‭ ‬البنوك‭ ‬التقليدية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وحضور‭ ‬إقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬كمركز‭ ‬مالي‭ ‬راسخ‭.‬

وبالانتقال‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2026،‭ ‬تشير‭ ‬التوقعات‭ ‬إلى‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬خليجي‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬4‭% ‬و4‭.‬5‭%‬،‭ ‬مدعومًا‭ ‬باستمرار‭ ‬توسع‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬وتحسن‭ ‬نسبي‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭. ‬وتشير‭ ‬معظم‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬متوسط‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬2026‭ ‬قد‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬60‭ ‬–‭ ‬70‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل،‭ ‬لاستمرار‭ ‬تعرضه‭ ‬لضغوط‭ ‬البيئة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬نرى‭ ‬أهمية‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬2026‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬سياسات‭ ‬أساسية‭: ‬أولًا،‭ ‬تعميق‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬الصناعات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬المعرفي؛‭ ‬ثانيًا،‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنفاق‭ ‬وتوسيع‭ ‬القاعدة‭ ‬الضريبية‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬دون‭ ‬الإضرار‭ ‬بالنمو؛‭ ‬وثالثًا،‭ ‬الاستثمار‭ ‬المكثف‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬تحويل‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬إلى‭ ‬مكاسب‭ ‬اجتماعية‭ ‬مستدامة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا