تَطُوفُ بي حَائِرةً.. مُسْـتَـنْـفَـرةْ،
تَلوبُ في قَـفَـصِ الرُّوحِ.. تَطوفُ عَـبْرَ الأبْـنِـيةْ
منْ شَارعٍ يُـفْـضِي بِها لشَارعٍ..
وَمنْ إشَارةٍ حَمْراءَ للمُرورِ.. لشَارةٍ أُخْرى تـقُـودْ
مُحَاطَةٌ مِنْ كلِّ ناحِيَةٍ.. مُحاصَرَةْ:
شَوَاهِقُ البِناءِ أكْداسٌ تَراها مُكَـدَّسَةْ،
فَبَعْضُـها زُجاجُهُ عَـتِـيمْ،
وَتِلكَ شَوْهَـاءُ يَـشِفُّ بلّوْرُها السَّـمِـيكُ
عَنْ خَيَالاتٍ، وأطْيَافِ بَـشَـرْ..
هُـنا حَجَـرٌ.. هُـنا حَديـدٌ باردٌ..
وَهَاهُـنا أشْبَاهُ نَـخْـلٍ.. مِنْ وَرَقْ،
هُناكَ مَا يُـشْبِهُ العُـشْبَ.. عَلى مَرْأَى الـنَّـظَـرْ
وَالوَردُ، أشْكالٌ وألْوانٌ لَهُ تَـفـنَّـنَـتْ
في صُنْعهِ يَـدُ الزَّمَانِ حَاذِقَةْ..
وَأبْـدَعَـتْ تَلْوينَهُ نُـشَارَةُ الخَشَبْ.
***
في قَـفَـصِ الـرُّوحِ تَـلُوبُ.. تَسْـتَـفِـزُّني
أمْـشِي بِها الأسْـفَـلتَ مُطْفَأةْ
وَكلَّما شَـبَّـتْ إِشَارةُ المُرُورِ انْكـفَأَتْ..
تَكدَّسَتْ مَعَ الوُقُـوفِ في انْتظارْ
وَكُلَّما هَـبَّـتْ عَلى الطَّريقِ المَرْكَباتُ مُسْرعَةْ
عَاجَلَها صَـوتُ الإِطاراتِ عَلى الأِسْفَلتِ نَائِحاً
وارتَجَّ في دَاخِلِها شُعُورُ طِـفْـلَـةٍ حَـزينَةٍ..
مَكْسُورَةٍ وَخَائِفَةْ.
***
كَـيْـفَ باللهِ انْطَفى،
ذلِكَ الـنُّورُ الذي شَعَّ بَصِيراً في الدَّياجِيرِ الفَـقِيرةْ؟!
وَلِماذا قَـلَّ ذَاكَ الزَّادُ الذي يَشْفِي،
وَجَاءَنا سُـمٌّ لَـذيذٌ في صُحُونٍ مُحَلّاتٍ مِنَ الـوَرَقْ؟!
كَـيْـفَ باللهِ، لهَذا الحَالِ أنْ يُمْعِنَ في المَـسْرى:
رُكاماً فَوقَ رُكامٍ! دُونَ نَبْضٍ لفُؤادٍ مِنْ بَـشَـرْ؟!
وَلمَاذا نُطْفُئُ المَعْـنى بأيْدِينا..
وَلا نُـبْـقِي مِنَ الحُبِّ أثَـرْ..؟!!
تَمَهَّـلي، تَراجَعَ البَحْرُ، وَبالكادِ لا يَزالُ حَولَنا بَحَرْ
وَلا تَـزالُ في السَّماءِ ألْفُ نَجْمَةٍ..
وَهَاهُنا، في عَـتِـيـمِ اللَّيلِ عِـنْـدَنا قَـمَـرْ.
***
مَكائدٌ منْ حَوْلِـنا،
تَحْشُو لُـبَابَ عُــمْــرِنا بَهَارجاً مُـصَوَّرَةْ،
تُروِّجُ الـتِّـبْـنَ، وتَـسْـتَـمِـيلُـنا إلى القُـشُـورْ،
تُحِيلُ مَا نُحِبُّهُ.. نَحْتاجُهُ، إِلى زُجاجٍ بَاردٍ.. إِلى حَجَـرْ
سُرْعَانَ ما يَنْهارُ عِندَ رَقْصَةٍ مَجْنُونةٍ للأرْضِ.. لكِنْ،
عِنْدنا في الله شَيْءٌ يا إلهي، قَدْ تَـبَـقّى مِنْ بَوارقِ الأَمَلْ .
akhalifa44@hotmail.com

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك