يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الأمن السيبراني وأهميته الاستراتيجية
قبل أيام حرصتُ على حضور الجلسة الافتتاحية وجانب من فعاليات اليوم الأول للنسخة الثالثة من المؤتمر والمعرض العربي الدولي للأمن السيبراني الذي عقد تحت رعاية سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء، وقام بتنظيمه المركز الوطني للأمن السيبراني.
بالنسبة إلى البحرين، وكل الدول العربية والعالم كله، أصبحت قضية «الأمن السيبراني» تحظى بأهمية استراتيجية استثنائية نظرا للتطورات التقنية المذهلة التي أصبحت تمثل في جوانب أساسية منها خطرا داهما يهدد الأمن القومي والمجتمعات.
افتتح المؤتمر سمو الفريق الركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، مستشار الأمن الوطني، قائد الحرس الملكي، الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى.
الكلمة التي ألقاها سمو الشيخ ناصر بن حمد لها أهمية كبرى يجب أن نتوقف عندها مطولا، ويجب أن تكون محلا للنقاش من جانب المختصين ومن يعنيهم الأمر.
سمو الشيخ ناصر تطرق في كلمته إلى ثلاثة جوانب كبرى تتعلق بالأمن السيبراني بشكل موجز ومركز. هذه الجوانب هي: أهمية وخطورة وما أصبح يمثله الأمن السيبراني، وكيف يجب أن نتعامل معه، وما المهام الأساسية للمستقبل بهذا الخصوص.
عن أهمية الأمن السيبراني وما أصبح يمثله، قال سمو الشيخ ناصر بن حمد إن «التحول الرقمي ليس خيارا ترفيهيا، بل أصبح ضرورة استراتيجية لضمان المستقبل».
وقال سموه إن «التحدي الجديد هو بين الذكاء الاصطناعي والأمن الوجودي، وخاصة أن العالم أصبح يشهد تسارعا غير مسبوق في التغيرات التقنية».
ولفت سموه النظر إلى أن: «التهديدات السيبرانية أصبحت تتجاوز التأثير في الاقتصاد والعقول فقط» باختصار نحن إزاء قضية لها أهمية استراتيجية حاسمة، وتأثيراتها والأخطار التي تحملها جسيمة خصوصا أننا نشهد تطورات تتسارع بشكل رهيب غير مسبوق.
على ضوء هذا، هناك جوانب محددة نبه إليها سمو الشيخ ناصر عندما نفكر في كيفية التعامل مع قضية الأمن السيبراني.
في مقدمة هذا الجوانب كما قال سموه هذا السؤال الذي يجب أن نطرحه: هل نتعامل مع الأمن السيبراني باعتباره خدمة، أم باعتباره مسألة تتعلق بالسيادة الوطنية؟
وأثار سموه مسألة حاسمة في هذا السياق عندما قال: «إن تصاعد قدرات الذكاء الاصطناعي واستهداف سلاسل الإمداد والبنى التحتية تفرض علينا إعادة تعريف مفهوم الأمن نفسه» هذا صحيح تماما. المفاهيم التقليدية للسيادة والوطنية والأمن الوطني التي ترسخت عبر عقود طويلة لدى علماء السياسة وخبراء الأمن والجهات أصبحت قاصرة ويجب أن تتغير. التطورات الرهيبة التقنية في السنوات الماضية أصبحت تحتم تغيير هذه المفاهيم، وبحيث يصبح الأمن السيبراني أحد أكبر أركان تحقيق السيادة والأمن الوطني.
وطرح سمو السيخ ناصر بن حمد نقاطا محددة فيما يتعلق بالتعامل مع قضية الأمن السيبراني حاضرا ومستقبلا، هي:
* ضرورة النظر إلى الأمن السيبراني ليس فقط كجدار حماية، بل كمنظومة تمكين تقود الابتكار.
* أهمية بناء الوعي المجتمعي بهذا الخصوص.
* إعداد أجيال المستقبل للتعامل بكفاءة مع هذه التحديات، ويجب أن نسأل أنفسنا هنا: هل نعد أبناءنا كي يكونوا مستهلكين للتقنية أم صناعا لها؟
* ضرورة بلورة رؤية عربية موحدة للأمن الرقمي.
كما نرى، هذه قضايا كبرى يجب أن تكون محلا للنقاش بين الخبراء والجهات الرسمية المعنية.
الحقيقة إن قضية الوعي المجتمعي تستحق اهتماما خاصا. نعني أنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك وعي عام صحيح بقضية الأمن السيبراني من كل جوانبها. والمسألة هنا ليست فقط التوعية بكيفية حماية البيانات والمعلومات الشخصية، وإنما أن يكون هناك إدراك عام بخطورة القضية وتأثيراتها على الدولة والمجتمع.
هذه مهمة يجب أن يضطلع بها المركز الوطني للأمن السيبراني. من المهم أن ينظم المركز حملات توعية دائمة ومنتظمة خصوصا أن التطورات في هذا المجال متسارعة وقد لا يلمُّ الرأي العام بكل جوانبها وتطوراتها.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك