العدد : ١٧٣٩٧ - الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٧ - الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

رسالة العالم إلى نتنياهو

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

رغم‭ ‬مرور‭ ‬حوالي‭ ‬سنتين‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬وبالأخص‭ ‬أخوتنا‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التدمير‭ ‬الواسع‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬حكومة‭ ‬الإرهابي‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التهجير‭ ‬المتواصلة‭ ‬والتجويع‭ ‬الذي‭ ‬فاق‭ ‬كل‭ ‬تصور،‭ ‬وبالرغم‭  ‬من‭ ‬الاستنكار‭ ‬العالمي‭ ‬الواسع‭ ‬دولا‭ ‬وشعوبا‭ ‬للجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتواصلة‭ ‬بدون‭ ‬رادع‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬المتطرفة‭ ‬تواصل‭ ‬صم‭ ‬سمعها‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬النداءات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والقانونية‭ ‬والمضي‭ ‬قدما‭ ‬بدعم‭ ‬مطلق‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمسح‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬الوجود‭.‬

ومع‭ ‬مضي‭ ‬الأيام‭ ‬تتوالى‭ ‬المجازر‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الوحشية‭ ‬والغرور‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬الخرافات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬إسرائيل‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬المحاصرة‭ ‬والمهددة‭ ‬في‭ ‬وجودها‭ ‬فإن‭ ‬العالم‭ ‬كشف‭ ‬هذه‭ ‬الألاعيب‭ ‬وثار‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المحتل‭ ‬وهذه‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬أبشع‭ ‬أشكال‭ ‬الفاشية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬مثيلا‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

ولعل‭ ‬الموقف‭ ‬المحرج‭ ‬والمهين‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬خلال‭ ‬إلقائه‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كان‭ ‬صفعة‭ ‬قوية‭ ‬وموجعة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬إسرائيل‭ ‬ورسالة‭ ‬غاضبة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وضد‭ ‬التجويع‭ ‬والقتل‭ ‬المنهجي‭ ‬اليومي‭ ‬وتدمير‭ ‬البيوت‭ ‬والمدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬والمستشفيات‭ ‬ودور‭ ‬العبادة‭ ‬والروضات‭ ‬والكنائس‭ ‬والجسور‭ ‬والطرقات‭ ‬ووحدات‭ ‬تحليله‭ ‬المياه‭ ‬ووحدات‭ ‬الكهرباء‭ ‬فهذه‭ ‬صرخة‭ ‬أممية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬العنصري‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تصنف‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بجريمة‭ ‬حرب‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭.‬

إن‭ ‬مغادرة‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الوفود‭ ‬الدولية‭ ‬لقاعة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬يزيد‭ ‬عددها‭ ‬على‭ ‬150‭ ‬وفدا‭ ‬يؤشر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وصريح‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬شرقه‭ ‬وغربه‭ ‬شماله‭ ‬وجنوبه‭ ‬قد‭ ‬ضاق‭ ‬ذرعا‭ ‬بهذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬وبتصرفاته‭ ‬الإجرامية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يتحملها‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني‭ ‬وأصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬ضغطا‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬أعمى‭ ‬أو‭ ‬مترددة‭ ‬إزاء‭ ‬جرائمها‭ ‬فها‭ ‬هي‭ ‬جموع‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تخرج‭ ‬بمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬منددة‭ ‬بهذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومنددة‭ ‬بمواقف‭ ‬حكوماتهم‭ ‬المساندة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أو‭ ‬الساكتة‭ ‬عن‭ ‬جرائمها‭ ‬التي‭ ‬فاقت‭ ‬كل‭ ‬تصور‭ ‬ولم‭ ‬يشهد‭ ‬لها‭ ‬العالم‭ ‬مثيلا‭ ‬إلا‭ ‬إبان‭ ‬الحقبة‭ ‬الهتلرية‭ ‬النازية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقتل‭ ‬فيها‭ ‬الانسان‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬وكان‭ ‬اليهود‭ ‬أول‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬النازية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الهلوكوست،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬ها‭ ‬هي‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعيد‭ ‬صناعة‭ ‬هولوكست‭ ‬جديد‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬له‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭  ‬يناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حريته‭ ‬واستقلاله‭ ‬وإيصال‭ ‬صوته‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الصفعة‭ ‬وهذه‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬نتنياهو‭ ‬وهو‭ ‬يلقي‭ ‬خطابه‭ ‬المغرور‭ ‬والمتطرف‭ ‬أمام‭ ‬قاعة‭ ‬شبه‭ ‬فارغة‭ ‬هنالك‭ ‬صفعة‭ ‬ثانية‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الصفعة‭ ‬وهي‭ ‬اعتراف‭ ‬157‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقطاع‭ ‬وهذه‭ ‬صفعة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬متوقعة‭ ‬فإنها‭ ‬فاجأته‭ ‬لقوتها‭ ‬وحدتها‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬المعترفة‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وهذا‭ ‬بحد‭  ‬ذاته‭ ‬رسالة‭ ‬أخرى‭ ‬للدولة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وحكومتها‭ ‬العنصرية‭ ‬المتطرفة‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬ولا‭ ‬سلام‭ ‬ولا‭ ‬استقرار‭ ‬إلا‭ ‬بحصول‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬حقوقهم‭ ‬المشروعة‭ ‬وفق‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬من‭ ‬العناد‭ ‬وإضاعة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬واهدار‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدماء‭ ‬وسقوط‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬لأن‭ ‬السلام‭ ‬ممكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬بتنفيذ‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الشعب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والفلسطيني‭ ‬معا‭ ‬وإنه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬الاحتلال‭ ‬بالقوة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬محل‭ ‬القبول‭ ‬بالسلام‭ ‬ونسيان‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬قد‭ ‬أظهر‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬تمسكه‭ ‬بأرضه‭ ‬وحقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬واستعداده‭ ‬الدائم‭ ‬لدفع‭ ‬ثمن‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬والسيادة‭ ‬غاليا‭ ‬من‭ ‬دمه‭ ‬ولحمه‭ ‬وحياته‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬هزيمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أمام‭ ‬مجموعة‭ ‬مقاتلين‭ ‬بأسلحة‭ ‬خفيفة‭ ‬وانها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬العسكرية‭ ‬خلال‭ ‬سنتين‭ ‬كاملتين‭ ‬بالرغم‭ ‬مما‭ ‬استخدمته‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬ثقيلة‭ ‬وصواريخ‭ ‬فها‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬تتجرع‭ ‬الهزيمة‭ ‬تلو‭ ‬الهزيمة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تعتبر‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والتهجير‭ ‬والتدمير‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬انتصارا‭ ‬مطلقا‭ ‬مثلما‭ ‬صورته‭ ‬الدعاية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فقد‭ ‬بينت‭ ‬التجربة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬حتى‭ ‬تاريخه‭ ‬كسر‭ ‬الإرادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬يحقق‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬نتنياهو‭ ‬بالنصر‭ ‬المطلق‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا