العدد : ١٧٣٨٨ - الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٨ - الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

أسبوع الشجرة في البحرين: «بذرة أثر» من التعليم إلى التغيير

بقلم: د. فاطمة ناصر العالي.

الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬زمنٍ‭ ‬تتزايد‭ ‬فيه‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬وتقلّ‭ ‬فيه‭ ‬المساحات‭ ‬الخضراء،‭ ‬تبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مبادراتٍ‭ ‬تُعيد‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬علاقته‭ ‬الأولى‭ ‬بالطبيعة،‭ ‬علاقة‭ ‬العطاء‭ ‬والانسجام‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تنطلق‭ ‬فكرة‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬بذرة‭ ‬أثر‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أسبوع‭ ‬الشجرة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لتغرس‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وعيًا‭ ‬جديدًا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الشجرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬نبات،‭ ‬بل‭ ‬رمزًا‭ ‬للحياة‭ ‬والاستدامة‭ ‬والمسؤولية‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬يأتي‭ ‬أسبوع‭ ‬الشجرة‭ ‬ليذكّرنا‭ ‬بأن‭ ‬العطاء‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬غرس‭ ‬صغير،‭ ‬وأن‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬ليست‭ ‬مهمة‭ ‬فرد،‭ ‬بل‭ ‬مسؤولية‭ ‬مجتمع‭ ‬بأكمله‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬اكتسى‭ ‬الأسبوع‭ ‬بطابعٍ‭ ‬مختلف،‭ ‬إذ‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬تعليمية‭ ‬وتوعية‭ ‬حقيقية‭ ‬بـ‭ ‬غرس‭ ‬‮«‬بذرة‭ ‬أثر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ربطت‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬والعمل‭ ‬البيئي‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يجمع‭ ‬الوعي‭ ‬فعًلا،‭ ‬والفكر‭ ‬بالممارسة‭.‬

وتحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬من‭ ‬التعليم‭ ‬إلى‭ ‬التغيير‮»‬،‭ ‬تواصل‭ ‬البحرين‭ ‬سعيها‭ ‬لبناء‭ ‬جيل‭ ‬يؤمن‭ ‬بأن‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬ليست‭ ‬واجبًا‭ ‬مؤقتًا،‭ ‬بل‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭. ‬فكل‭ ‬شجرة‭ ‬تُزرع‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬وعد‭ ‬بمستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬جمالًا،‭ ‬وكل‭ ‬مبادرة‭ ‬تُتبنّى‭ ‬هي‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬وطنٍ‭ ‬يزدهر‭ ‬بالوعي‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬وتقوم‭ ‬‮«‬بذرة‭ ‬أثر‮»‬‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬بسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬عميقة‭: ‬أن‭ ‬التشجير‭ ‬المدرسي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬زراعة‭. ‬فغرس‭ ‬الأشجار‭ ‬والنباتات‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬المدارس‭ ‬ليس‭ ‬نشاطًا‭ ‬وقتيًا،‭ ‬بل‭ ‬خطوة‭ ‬لبناء‭ ‬ثقافةٍ‭ ‬بيئية‭ ‬تُعلّم‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالطبيعة‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬محيطه‭ ‬الصغير‭ ‬ويمتد‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره‭. ‬تهدف‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬التعليم‭ ‬البيئي‭ ‬إلى‭ ‬سلوكٍ‭ ‬حياتي،‭ ‬حيث‭ ‬يصبح‭ ‬كل‭ ‬طالب‭ ‬شريكًا‭ ‬فاعلًا‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬العطاء‭ ‬البيئي،‭ ‬يرى‭ ‬أثر‭ ‬جهده‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬خضرةٍ‭ ‬تزيّن‭ ‬فَنَاء‭ ‬مدرسته،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬وعيٍ‭ ‬يرافقه‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬وشارعه‭ ‬ومجتمعه‭. ‬إنها‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬تربية‭ ‬جيلٍ‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بزرع‭ ‬الشتلات،‭ ‬بل‭ ‬يزرع‭ ‬القيم‭ ‬والالتزام‭ ‬والمسؤولية‭.‬

إن‭ ‬زراعة‭ ‬الأشجار‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬تعلم‭ ‬الطلاب‭ ‬قيمًا‭ ‬أساسية،‭ ‬مثل‭ ‬الصبر،‭ ‬المثابرة،‭ ‬والمسؤولية‭. ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬تربط‭ ‬التعلم‭ ‬بالقيم‭ ‬البيئية،‭ ‬حيث‭ ‬يكتسب‭ ‬الطلاب‭ ‬فهمًا‭ ‬عمليًا‭ ‬لمفاهيم‭ ‬الاستدامة‭: ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الموارد،‭ ‬إعادة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬والمياه،‭ ‬والاعتناء‭ ‬بالكائنات‭ ‬الحية‭. ‬كل‭ ‬شجرة‭ ‬تُزرع،‭ ‬وكل‭ ‬زهرة‭ ‬تُعتنى‭ ‬بها،‭ ‬تظهر‭ ‬درسًا‭ ‬حيًا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬مسؤولية‭ ‬جماعية‭ ‬وفردية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬ولأن‭ ‬التغيير‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بتكاتف‭ ‬الجهود،‭ ‬تدعو‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬المؤسسات‭ ‬التربوية‭ ‬والوزارات‭ ‬والبلديات‭ ‬والمجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لتتسع‭ ‬دائرة‭ ‬الأثر‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬إلى‭ ‬الأحياء،‭ ‬ومن‭ ‬التعليم‭ ‬إلى‭ ‬الممارسة،‭ ‬في‭ ‬انسجامٍ‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬المملكة‭ ‬نحو‭ ‬الاستدامة‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭. ‬فكل‭ ‬شجرة‭ ‬تُزرع‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬بذرة‭ ‬لمستقبلٍ‭ ‬أكثر‭ ‬وعيًا‭ ‬وخُضرة،‭ ‬وكل‭ ‬يدٍ‭ ‬تمتد‭ ‬للغرس‭ ‬هي‭ ‬وعدٌ‭ ‬بأن‭ ‬البحرين‭ ‬ستبقى‭ ‬وطنًا‭ ‬يحتفي‭ ‬بالحياة،‭ ‬ويزرع‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ركنٍ‭ ‬من‭ ‬أرضه‭.‬

تهدف‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬التعليم‭ ‬البيئي‭ ‬إلى‭ ‬تجربة‭ ‬حية‭ ‬وسلوكٍ‭ ‬مستدام،‭ ‬بحيث‭ ‬يصبح‭ ‬كل‭ ‬طالب‭ ‬شريكًا‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الأثر‭ ‬البيئي،‭ ‬يرى‭ ‬نتيجة‭ ‬جهده‭ ‬تنمو‭ ‬أمامه‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬فيتعلم‭ ‬أن‭ ‬التغيير‭ ‬الحقيقي‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬الفعل،‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬القول‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬تسعى‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬غرس‭ ‬قيم‭ ‬المسؤولية‭ ‬والانتماء،‭ ‬وتعزيز‭ ‬روح‭ ‬المواطنة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناشئة،‭ ‬ومبادرة‭ ‬‮«‬بذرة‭ ‬أثر‮»‬‭ ‬تحمل‭ ‬رسالة‭ ‬بسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬عميقة‭: ‬كل‭ ‬طالب‭ ‬يسهم‭ ‬بزرع‭ ‬شجرة،‭ ‬ليصبح‭ ‬جزءًا‭ ‬حيًا‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬وغرس‭ ‬قيم‭ ‬المسؤولية‭ ‬البيئية‭ ‬منذ‭ ‬بداياته‭ ‬الدراسية‭.‬

مازلت‭ ‬أذكر‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬مدرستي،‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬معلمة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬بالمملكة،‭ ‬شاركت‭ ‬طالباتي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬البيئية،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬عدة‭ ‬طالبات‭ ‬بزرع‭ ‬شجيرات‭ ‬صغيرة‭ ‬خاصة‭ ‬بهن‭. ‬اخترنا‭ ‬أشجار‭ ‬الياسمين‭ ‬الهندي،‭ ‬والتي‭ ‬أضفت‭ ‬لمسة‭ ‬جمالية‭ ‬وعطرية‭ ‬على‭ ‬فناء‭ ‬المدرسة‭: ‬أصابع‭ ‬الطالبات‭ ‬وهنّ‭ ‬يغرسنّ‭ ‬الشتلات‭ ‬بعناية،‭ ‬وابتساماتهم‭ ‬وهن‭ ‬يسقين‭ ‬الأرض،‭ ‬والفرحة‭ ‬التي‭ ‬ملأت‭ ‬وجوههن‭ ‬عند‭ ‬رؤية‭ ‬الأشجار‭ ‬الصغيرة‭ ‬تنمو‭ ‬أمامهن‭. ‬واليوم،‭ ‬عندما‭ ‬أزور‭ ‬المدرسة‭ ‬وأرى‭ ‬تلك‭ ‬الأشجار،‭ ‬وقد‭ ‬نمت‭ ‬وكبرت،‭ ‬يغمرني‭ ‬شعور‭ ‬بالفرحة‭ ‬والفخر؛‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مجرد‭ ‬نباتات،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬رمزًا‭ ‬حيًا‭ ‬لما‭ ‬زرعناه‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬ومسؤوليات‭ ‬لدى‭ ‬الطلاب‭. ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬المبادرات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بذرة‭ ‬أثر‮»‬،‭ ‬تترك‭ ‬أثرًا‭ ‬طويل‭ ‬المدى‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الطلاب‭ ‬وفي‭ ‬البيئة‭ ‬المدرسية،‭ ‬وتعزز‭ ‬مفهوم‭ ‬الاستدامة‭ ‬بطريقة‭ ‬عملية‭ ‬وملموسة‭.‬

إن‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تعمل‭ ‬كمنصات‭ ‬حيوية‭ ‬لغرس‭ ‬القيم‭ ‬والسلوكيات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬المبادرات‭ ‬المؤثرة‭ ‬والبسيطة‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فعاليتها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تأتي‭ ‬زراعة‭ ‬الأشجار‭ ‬داخل‭ ‬الحرم‭ ‬المدرسي،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬نشاط‭ ‬زراعي،‭ ‬بل‭ ‬وسيلة‭ ‬تربوية‭ ‬متكاملة‭ ‬تعزز‭ ‬مفهوم‭ ‬المسؤولية‭ ‬البيئية‭. ‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬زراعة‭ ‬الأشجار‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬فَنَاء‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬يعزز‭ ‬مفهوم‭ ‬المسؤولية‭ ‬البيئية،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬أهمها‭: ‬التجربة‭ ‬المباشرة‭ ‬والتي‭ ‬يشارك‭ ‬الطلبة‭ ‬فعليًا‭ ‬في‭ ‬غرس‭ ‬الأشجار‭ ‬ورعايتها،‭ ‬مما‭ ‬يرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الشعور‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬بيئتهم‭ ‬المدرسية‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬البيئية‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭.‬

‭ ‬وبهذا‭ ‬يتكون‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬ارتباط‭ ‬عاطفي‭ ‬نتيجة‭ ‬العناية‭ ‬المستمرة‭ ‬بالأشجار‭ ‬المزروعة‭ ‬من‭ ‬قبلهم،‭ ‬ثم‭ ‬تنشأ‭ ‬علاقة‭ ‬وجدانية‭ ‬بــ‭ ‬الطبيعة،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬تقديره‭ ‬للموارد‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬وطنه‭. ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬البيئي‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬المدرسية،‭ ‬وترسخ‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬كمبدأ‭ ‬تطبيقي‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬الفهم‭ ‬النظري‭ ‬للمناهج‭ ‬البيئية،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإنها‭ ‬توفر‭ ‬فرصة‭ ‬لفهم‭ ‬قضايا‭ ‬مثل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وحماية‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬في‭ ‬بيئتنا‭ ‬من‭ ‬التدهور‭ ‬وتقليل‭ ‬نسب‭ ‬التلوث‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬يتكون‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬الشعور‭ ‬بأنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬بيئي‭ ‬وطني،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬روح‭ ‬المبادرة‭ ‬والعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭.‬

أن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬ليست‭ ‬مجرّد‭ ‬زرع‭ ‬شجرة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬درس‭ ‬حيّ‭ ‬في‭ ‬الاستدامة،‭ ‬ووسيلة‭ ‬تعليمية‭ ‬عملية‭ ‬تُرسّخ‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬الطالب‭ ‬مفاهيم‭ ‬كالحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬والارتباط‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬واحترام‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭. ‬فعندما‭ ‬يزرع‭ ‬الطالب‭ ‬شجرة،‭ ‬يصبح‭ ‬مسؤولًا‭ ‬عن‭ ‬متابعتها،‭ ‬سقيها،‭ ‬ملاحظة‭ ‬نموّها،‭ ‬وربما‭ ‬حتى‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬محيطها‭ ‬من‭ ‬طيور‭ ‬وكائنات‭. ‬إنها‭ ‬عملية‭ ‬تربوية‭ ‬مستمرة،‭ ‬تتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الكتاب‭ ‬والمقرر،‭ ‬ولجعل‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬بذرة‭ ‬أثر‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيرًا،‭ ‬يمكن‭ ‬للمدارس‭ ‬تبني‭ ‬عدة‭ ‬أفكار‭ ‬مبتكرة‭:‬

‭ ‬خريطة‭ ‬التشجير‭ ‬المدرسي‭: ‬إنشاء‭ ‬خريطة‭ ‬لكل‭ ‬مدرسة‭ ‬تحدد‭ ‬مواقع‭ ‬الأشجار‭ ‬والأحواض‭ ‬والأصص،‭ ‬مع‭ ‬ترك‭ ‬مساحات‭ ‬حرة‭ ‬للطلاب‭ ‬ليختاروا‭ ‬ويعتنوا‭ ‬بها‭.‬

‭ ‬المسؤوليات‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية‭: ‬يمكن‭ ‬تخصيص‭ ‬كل‭ ‬ممر‭ ‬أو‭ ‬فَنَاء‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬لطالب‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الطلاب،‭ ‬ليكونوا‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬تنسيقه‭ ‬وزراعة‭ ‬الأصص‭ ‬والنباتات‭ ‬فيه‭.‬

‭ ‬الأحواض‭ ‬والأصص‭ ‬المحمولة‭: ‬تشجيع‭ ‬الطلاب‭ ‬على‭ ‬زراعة‭ ‬النباتات‭ ‬في‭ ‬أحواض‭ ‬وأصص‭ ‬يمكن‭ ‬نقلها‭ ‬حول‭ ‬المدرسة،‭ ‬مما‭ ‬يمنحهم‭ ‬حرية‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬والزرع‭.‬

‭ ‬المشاركة‭ ‬المجتمعية‭: ‬دعوة‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والمجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬التشجير،‭ ‬وزيارة‭ ‬المدرسة‭ ‬لرؤية‭ ‬تأثير‭ ‬الطلاب،‭ ‬وتعزيز‭ ‬روح‭ ‬المسؤولية‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬كله‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬مبادرة‭ ‬التشجير‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬تتجاوز‭ ‬كونها‭ ‬مجرد‭ ‬نشاط‭ ‬رمزي‭. ‬إنها‭ ‬تجربة‭ ‬تعليمية‭ ‬شاملة،‭ ‬تنمي‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي،‭ ‬وتعزز‭ ‬المسؤولية‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية،‭ ‬وتخلق‭ ‬عِلاقة‭ ‬قوية‭ ‬ومندمجة‭ ‬بين‭ ‬الطالب‭ ‬والطبيعة‭. ‬وبواسطة‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات،‭ ‬تتحول‭ ‬المدارس‭ ‬إلى‭ ‬مختبرات‭ ‬حية‭ ‬للبيئة،‭ ‬حيث‭ ‬يتعلم‭ ‬الطلاب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شجرة‭ ‬تُزرع‭ ‬هي‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬وكوكب‭ ‬أكثر‭ ‬خضرة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا