العدد : ١٧٤٣٢ - الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٣٢ - الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

استثمار وطني برؤية بحرينية متجددة للتعليم العالي

بقلم: د. فاطمة ناصر العالي

الجمعة ١٢ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يبدأ‭ ‬حبّ‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬شعورٍ‭ ‬بسيط‭ ‬يسكن‭ ‬القلب،‭ ‬ثم‭ ‬ينمو‭ ‬ليصبح‭ ‬انتماءً‭ ‬عميقًا‭ ‬يدفع‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭. ‬فالمواطن‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬واجبه‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الكلمات،‭ ‬بل‭ ‬يتجسد‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والإسهام‭ ‬في‭ ‬رفعة‭ ‬بلده،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬دوره‭ ‬صغيرًا‭ ‬أو‭ ‬كبيرًا‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الإحساس‭ ‬تنطلق‭ ‬رؤية‭ ‬الجامعات‭ ‬الوطنية‭ ‬والخاصة‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬المستقبل،‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬وعي‭ ‬المجتمع‭ ‬ورغبته‭ ‬في‭ ‬التطور‭. ‬وتؤمن‭ ‬بأن‭ ‬مستقبل‭ ‬البحرين‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬وأن‭ ‬الريادة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعٍ‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬والتجديد‭. ‬وهنا‭ ‬تتحول‭ ‬المسؤولية‭ ‬الفردية‭ ‬إلى‭ ‬فعلٍ‭ ‬مؤثر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬التعلم،‭ ‬ودعم‭ ‬الجهود‭ ‬التعليمية،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬جيل‭ ‬يتمتع‭ ‬بالمعرفة‭ ‬والقيم‭. ‬وهكذا،‭ ‬تصبح‭ ‬مسؤولية‭ ‬المواطن‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬الوطن‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل،‭ ‬حيث‭ ‬تتكامل‭ ‬الجامعات‭ ‬مع‭ ‬طموح‭ ‬أبنائها‭ ‬الطلبة‭ ‬لصناعة‭ ‬وطن‭ ‬مزدهر‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬الريادة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬التي‭ ‬أرساها‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬وبقيادة‭ ‬ودعم‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬يبرز‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬كإحدى‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬اقتصاديات‭ ‬تعليمية‭ ‬تنافسية‭ ‬وفق‭ ‬المستويات‭ ‬العالمية؛‭ ‬إذ‭ ‬شكل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭ ‬والمهارات‭ ‬جوهر‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ومحور‭ ‬الارتقاء‭ ‬بتنمية‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬مستقبل‭ ‬وطنه‭.‬

ومن‭ ‬الحلم‭ ‬إلى‭ ‬الإنجاز،‭ ‬كيف‭ ‬يصنع‭ ‬مستقبل‭ ‬التعليم‭ ‬العالي؟‭ ‬والربط‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬بالواقع؛‭ ‬لذا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬تسير‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬نظام‭ ‬تعليمي‭ ‬جامعي‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحًا‭ ‬ومرونة‭ ‬وبمواصفات‭ ‬ذات‭ ‬جودة‭ ‬عالية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬منفصًلا‭ ‬عن‭ ‬متطلبات‭ ‬الواقع؛‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الجامعات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لتعزيز‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وتطوير‭ ‬التخصصات‭ ‬العلمية‭ ‬والتطبيقية‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭. ‬وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬حرص‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬مواءمة‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬تبنّت‭ ‬سياسات‭ ‬داعمة‭ ‬لإدماج‭ ‬المهارات‭ ‬الوظيفية‭ ‬والتدريب‭ ‬العملي‭ ‬ضمن‭ ‬البرامج‭ ‬الجامعية‭ ‬المعتمدة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تشجيع‭ ‬البحث‭ ‬التطبيقي‭ ‬والابتكار‭ ‬الذي‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬رفد‭ ‬القطاعات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الرؤية‭ ‬الوطنية،‭ ‬أولت‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بقيادة‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬جمعة‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بالغًا‭ ‬بدعم‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭ ‬عبر‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الوطنية‭ ‬النوعية‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬أهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التعليمية‭ ‬للمملكة،‭ ‬والرامية‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬جودة‭ ‬التعليم،‭ ‬وربط‭ ‬المخرجات‭ ‬التعليمية‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬المحلي‭ ‬والعالمي‭ ‬عبر‭ ‬لجان‭ ‬استشارية‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬لتحديث‭ ‬المحتوى‭ ‬الأكاديمي‭ ‬وفق‭ ‬المنهجيات‭ ‬العلمية‭ ‬والعالمية‭ ‬الحديثة،‭ ‬وقد‭ ‬تمثلت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬النوعية‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أكاديمي‭ ‬واعد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاق‭ ‬الوزارة‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الرائدة‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭: ‬برامج‭ ‬البعثات‭ ‬والمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬فرص‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬أمام‭ ‬الطلبة‭ ‬المتفوقين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬مع‭ ‬جامعات‭ ‬ذات‭ ‬سمعة‭ ‬أكاديمية‭ ‬مرموقة،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬التبادل‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬وتنويع‭ ‬خيارات‭ ‬التعليم‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬وانسجامًا‭ ‬مع‭ ‬التوجهات‭ ‬العالمية‭ ‬مضت‭ ‬البحرين‭ ‬بسعي‭ ‬حثيث‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬لتطوير‭ ‬سياسة‭ ‬تربوية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المواءمة‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬واحتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬ومنها‭ ‬تحديث‭ ‬التخصصات‭ ‬الجامعية‭ ‬لتشمل‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ ‬الحديثة‭ ‬كالذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتوجيه‭ ‬الجامعات‭ ‬لتضمين‭ ‬مهارات‭ ‬التوظيف‭ ‬والتدريب‭ ‬العملي‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬الدراسة‭ ‬لتمكين‭ ‬الطلبة‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬اللغوية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬الضرورية‭ ‬للاندماج‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬العالمي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النهضة‭ ‬الجامعية‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ودعائم‭ ‬قوية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬استثمرت‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬العقول‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬المناهج‭ ‬الوطنية‭ ‬لتشمل‭ ‬مهارات‭ ‬التفكير‭ ‬العليا‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الحديثة‭ ‬كالريادة‭ ‬والتعليم‭ ‬الأخضر،‭ ‬وبما‭ ‬تتماشي‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعليم‭ ‬الرقمي‭ ‬والتفاعلي‭ ‬منذ‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى،‭ ‬واستحداث‭ ‬وتوسيع‭ ‬برامج‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإثرائية‭ ‬والدعم‭ ‬للطلبة‭ ‬المتفوقين‭ ‬تمهيدًا‭ ‬للانتقال‭ ‬السلس‭ ‬إلى‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي،‭ ‬باعتبارها‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬تُبنى‭ ‬عليها‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬لإنتاج‭ ‬جيل‭ ‬واع،‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بالوطن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭.‬

ومن‭ ‬منطلق‭ ‬حرص‭ ‬جميع‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالتعليم‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬وتطوير‭ ‬منظومته؛‭ ‬جاء‭ ‬منتدى‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬لجمعية‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينية‭ ‬كمبادرة‭ ‬وطنية‭ ‬نحو‭ ‬نهضة‭ ‬جامعية‭ ‬مستدامة‭. ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬تعكس‭ ‬التزام‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بالشراكة‭ ‬الفاعلة‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬منظومة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين؛‭ ‬جاء‭ ‬منتدى‭ ‬جمعية‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينية‭ ‬ليشكّل‭ ‬منصة‭ ‬تجمع‭ ‬الخبراء‭ ‬وصنّاع‭ ‬القرار،‭ ‬وتفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬جديدة‭ ‬للتطوير‭ ‬والابتكار‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭. ‬الذي‭ ‬يركّز‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬العقول‭ ‬كسبيل‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المعرفية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬وأكد‭ ‬المنتدى،‭ ‬بمشاركة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬والشركات‭ ‬التعليمية،‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تستعد‭ ‬لتصميم‭ ‬مستقبل‭ ‬أكاديمي‭ ‬يرتبط‭ ‬ارتباطاً‭ ‬وثيقاً‭ ‬بتطلعات‭ ‬الوطن‭ ‬والمنطقة،‭ ‬حيثُ‭ ‬إن‭ ‬الجامعات‭ ‬البحرينية‭ ‬تمثل‭ ‬رافدًا‭ ‬جوهريًا‭ ‬لاقتصاد‭ ‬المعرفة،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تكامل‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والخاص‭ ‬لضمان‭ ‬الجودة‭ ‬العالمية‭ ‬وجذب‭ ‬الطلبة‭ ‬الدوليين‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭.‬

إن‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬تعدُ‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لتحقيق‭ ‬مستقبل‭ ‬واعد‭ ‬لشبابها‭. ‬فاستثمار‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬العقول‭ ‬هو‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬للبلاد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تتبناه‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بقيادة‭ ‬وزيرها‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬جمعة،‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬جهود‭ ‬التحديث‭ ‬والتطوير‭ ‬لضمان‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬وربطه‭ ‬بمتطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬ولترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كوجهة‭ ‬جامعية‭ ‬إقليمية‭ ‬وعالمية،‭ ‬يمكن‭ ‬تبنّي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬المتكاملة‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬جذب‭ ‬الطلبة‭ ‬الدوليين‭ ‬وتكوين‭ ‬بيئة‭ ‬جامعية‭ ‬عالمية‭ ‬ومتنوعة‭. ‬تبدأ‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬بتطوير‭ ‬برامج‭ ‬أكاديمية‭ ‬حديثة‭ ‬ومطلوبة‭ ‬عالميًا،‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬الرقمية،‭ ‬مع‭ ‬ربطها‭ ‬بتجارب‭ ‬عملية‭ ‬وشراكات‭ ‬دولية‭ ‬تُكسب‭ ‬الطالب‭ ‬قيمة‭ ‬تنافسية‭ ‬عالية‭. ‬كما‭ ‬يسهم‭ ‬إطلاق‭ ‬منح‭ ‬دولية‭ ‬تنافسية‭ ‬في‭ ‬استقطاب‭ ‬الطلبة‭ ‬الموهوبين‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬حوافز‭ ‬مالية‭ ‬وتسهيلات‭ ‬متنوعة‭.‬

ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬البحرين‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬حملات‭ ‬تسويقية‭ ‬خارجية‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬التعليمية‭ ‬العالمية،‭ ‬وبناء‭ ‬منصات‭ ‬تعريفية‭ ‬متعددة‭ ‬اللغات‭ ‬تجعل‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬البحرينية‭ ‬أكثر‭ ‬سهولة‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬توسيع‭ ‬الشراكات‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬الشهادة‭ ‬المزدوجة‭ ‬وتبادل‭ ‬الطلبة‭ ‬والأساتذة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يرسخ‭ ‬الثقة‭ ‬بالجودة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬ولا‭ ‬يقلّ‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬أهميةُ‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والخدمات‭ ‬المخصصة‭ ‬للطلبة‭ ‬الدوليين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السكن‭ ‬الجامعي‭ ‬الحديث،‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية،‭ ‬والدعم‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬والأنشطة‭ ‬الطلابية‭ ‬المتنوعة،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬تسهيل‭ ‬إجراءات‭ ‬القبول‭ ‬والتأشيرات‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬إلكترونية‭ ‬سريعة‭ ‬وواضحة،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬للهوية‭ ‬البحرينية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عنصر‭ ‬جذب‭ ‬مهما،‭ ‬عبر‭ ‬دمج‭ ‬الثقافة‭ ‬والتراث‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الجامعية‭ ‬وتقديم‭ ‬برامج‭ ‬تعرّف‭ ‬الطلبة‭ ‬بالبيئة‭ ‬المحلية‭. ‬وأخيرًا،‭ ‬فإن‭ ‬تعزيز‭ ‬البيئة‭ ‬البحثية‭ ‬والابتكارية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مراكز‭ ‬متخصصة‭ ‬وفرص‭ ‬مشاركة‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬بحثية‭ ‬وابتكارات‭ ‬ممولة‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬سيمنح‭ ‬التجربة‭ ‬التعليمية‭ ‬عمقًا‭ ‬وجودة‭ ‬إضافية‭.‬

وهناك‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬كمجتمع‭ ‬بحريني‭ ‬التركيز‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانفتاح‭ ‬الإعلامي‭ ‬واتساع‭ ‬دائرة‭ ‬التأثير‭ ‬الرقمي،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬مراقبة‭ ‬الخطاب‭ ‬المتداول‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬حين‭ ‬يتعلّق‭ ‬الأمر‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬تُنشر‭ ‬بحسن‭ ‬نية‭ ‬أو‭ ‬بغير‭ ‬قصد،‭ ‬لكنها‭ ‬قد‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬صورة‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬المبذولة‭ ‬لتطوير‭ ‬الإمكانات‭ ‬التعليمية،‭ ‬لذا‭ ‬يُستحسن‭ ‬أن‭ ‬يُراعى‭ ‬المصداقية‭ ‬والمسؤولية‭ ‬عند‭ ‬تداول‭ ‬المعلومات،‭ ‬وأن‭ ‬تُسلّط‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬المنجزات‭ ‬والمبادرات‭ ‬الرائدة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬المملكة،‭ ‬لضمان‭ ‬تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬التعليمية‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬جيل‭ ‬واعٍ‭ ‬ومتعلم‭ ‬يفتخر‭ ‬بانتمائه‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭: ‬إن‭ ‬البحرين‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬منظومتها‭ ‬الجامعية‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬شاملة‭ ‬تدمج‭ ‬بين‭ ‬أبعاد‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والبيئية،‭ ‬والأكاديمية‭. ‬فعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يعزز‭ ‬قدرة‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬الطلبة‭ ‬عبر‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬وتقديم‭ ‬تسهيلات‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الدولية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توفير‭ ‬برامج‭ ‬تمويلية‭ ‬وتعليمية‭ ‬منخفضة‭ ‬التكاليف‭ ‬تدعم‭ ‬الطلبة‭ ‬الإقليميين‭ ‬والدوليين‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الأمر،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬اقتصاديات‭ ‬المعرفة‭ ‬بواسطة‭ ‬البحوث‭ ‬والابتكار‭. ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬الخطط‭ ‬الأكاديمية‭ ‬دراسة‭ ‬دقيقة‭ ‬لاحتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬خاصة‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تقويم‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬باستمرار‭ ‬لضمان‭ ‬ملاءمة‭ ‬البرامج‭ ‬الأكاديمية‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬السوق‭ ‬الفعلية‭. ‬وهذا‭ ‬التوجه‭ ‬يتيح‭ ‬فرصًا‭ ‬أفضل‭ ‬لخريجي‭ ‬الجامعات،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬تعليمي‭ ‬واقتصادي‭ ‬متقدم‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا