العدد : ١٧٣٩٣ - الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٣ - الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

ثمن حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة

بقلم: د. رمزي بارود

الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

لقد‭ ‬كان‭ ‬تصريح‭ ‬واحد‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬فوكس‭ ‬نيوز‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬كافيا‭ ‬كي‭ ‬يلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الحسابات‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬قرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬حملة‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬متواصلة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عامين‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬وجرح‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬بشكل‭ ‬مأساوي‭.‬

فقد‭ ‬قال‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المقابلة‭ ‬التلفزيونية‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬محاربة‭ ‬العالم‭ ‬يا‭ ‬بيبي‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬تحذير‭ ‬مباشر‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬تم‭ ‬توجيهه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هناك‭ ‬قلة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يدعمون‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬حاليًا‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬شعبه‭ ‬نفسه‭ ‬تكن‭ ‬له‭ ‬ازدراءً،‭ ‬وهو‭ ‬استياءٌ‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ - ‬وهي‭ ‬حربٌ‭ ‬اعتبرها‭ ‬نتنياهو‭ ‬سعيًا‭ ‬شخصيًا‭ ‬يائسًا‭ ‬لتجديد‭ ‬شعبيته‭ ‬المحلية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬متمسكا‭ ‬بأوهامه‭. ‬فحتى‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬احتجاج‭ ‬الملايين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬إبادته‭ ‬الممنهجة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬الأبرياء،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬قد‭ ‬أقنع‭ ‬نفسه‭ ‬بأن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬يتحول‭ ‬لصالحه‭ ‬بأعجوبة‭ - ‬وهو‭ ‬تحول‭ ‬كان‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬أحبه‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬

ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يعني‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬عندما‭ ‬قال‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يمكنكم‭ ‬محاربة‭ ‬العالم»؟

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬القتال‮»‬‭ ‬هنا‭ ‬يتجاوز‭ ‬القتال‭ ‬الفعلي‭. ‬فغزة،‭ ‬المحاصرة‭ ‬والمُجوعة‭ ‬والمُدمرة،‭ ‬كانت‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬واجه‭ ‬المواجهة‭ ‬الفعلية‭. ‬يشير‭ ‬ترامب‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬المشاعر‭ ‬المعادية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬عالميًا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العقوبات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬إسبانيا،‭ ‬والإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬الحاسمة‭ ‬المتخذة‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬محاكم‭ ‬العالم،‭ ‬والمطالبات‭ ‬الواسعة‭ ‬بالمقاطعة،‭ ‬وتنظيم‭ ‬أساطيل‭ ‬الحرية،‭ ‬وغيرها‭.‬

ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬تُعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية،‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬واشنطن‭ ‬وتل‭ ‬أبيب،‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬استراتيجي‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭. ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يعتبرها‭ ‬المؤرخون‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬نقطة‭ ‬التحول‭ ‬الحاسمة‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬العالمية‭ ‬تجاه‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لفلسطين‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تعزيز‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬التضامنية‭ ‬الناشئة‭ ‬بشكل‭ ‬محكم‭ ‬واستراتيجي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬عزل‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬وإجبارها‭ ‬على‭ ‬الاستسلام‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬وتحرير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬نظامها‭ ‬الدائم‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭.‬

لكن‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬لا‭ ‬يخسر‭ ‬العالم‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يخسر‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭. ‬فعلى‭ ‬مدى‭ ‬عقود،‭ ‬دأبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬الراعي‭ ‬الأساسي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬تولت‭ ‬تمويل‭ ‬كل‭ ‬حرب،‭ ‬وكل‭ ‬مستوطنة‭ ‬غير‭ ‬شرعية،‭ ‬وظلت‭ ‬تبرر‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬عنف،‭ ‬وتتصدى‭ ‬باستمرار‭ ‬لأي‭ ‬محاولة‭ ‬دولية‭ ‬لمحاسبة‭ ‬إسرائيل‭.‬

إن‭ ‬أسباب‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الثابت،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود،‭ ‬بدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬معقدة‭ ‬للغاية‭. ‬قد‭ ‬يعزى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬النفوذ‭ ‬الهائل‭ ‬للوبي‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ونفوذ‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية،‭ ‬كعوامل‭ ‬أساسية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الديناميكية‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭.‬

إن‭ ‬الرواية‭ ‬السائدة‭ ‬والمعززة‭ ‬بشكل‭ ‬متبادل‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬المتحالفين‭ ‬تصور‭ ‬إسرائيل‭ ‬باستمرار‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كحليف،‭ ‬بل‭ ‬كامتداد‭ ‬أساسي‭ ‬وحاسم‭ ‬للهوية‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وقيمها‭ ‬الأساسية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بدأت‭ ‬تصدعات‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬السياسي‭ ‬بالظهور‭ ‬بوضوح‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬يُوصف‭ ‬سابقًا‭ ‬بأصوات‭ ‬معارضة‭ ‬مهمشة،‭ ‬تُوصف‭ ‬غالبًا‭ ‬بـ«الراديكالية‮»‬‭ ‬داخل‭ ‬اليسار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬تحول‭ ‬تدريجيًا‭ ‬إلى‭ ‬معارضة‭ ‬سائدة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭.‬

وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬المتتالية‭ ‬تحولاً‭ ‬جماعياً،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬أغلب‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يقفون‭ ‬ضد‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وقدموا‭ ‬دعمهم‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ونضاله‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭.‬

وكان‭ ‬أحد‭ ‬الاستطلاعات‭ ‬الأكثر‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬مؤسسة‭ ‬غالوب‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬59‭% ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يقولون‭ ‬أنهم‭ ‬يتعاطفون‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬21‭% ‬فقط‭ ‬يتعاطفون‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مجرد‭ ‬معارضة‭ ‬داخل‭ ‬أحد‭ ‬الحزبين‭ ‬السياسيين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فحسب‭. ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬المعارضة‭ ‬الصريحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬تيارًا‭ ‬سائدًا،‭ ‬متجاوزةً‭ ‬بذلك‭ ‬الخطوط‭ ‬السياسية‭ ‬التقليدية‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬قطيعةٌ‭ ‬أثارت‭ ‬قلقًا‭ ‬بالغًا‭ ‬لدى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬صمّموا‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وهم‭ ‬قدرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬التصرف‭ ‬بحصانة،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاعتراض‭ ‬الأمريكي‭ ‬واستخدام‭ ‬واشنطن‭ ‬المتكرر‭ ‬للفيتو‭.‬

لقد‭ ‬خاضت‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬حربًا‭ ‬مخزية‭ ‬لإخفاء‭ ‬حجم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬لقد‭ ‬سعى‭ ‬الإعلام‭ ‬باستمرار‭ ‬إلى‭ ‬تحميل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مسؤولية‭ ‬أفعال‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وروّج‭ ‬بوقاحة‭ ‬لفكرة‭ ‬خبيثة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أبرياء‭ ‬غزة‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬الناس‭ ‬العاديين،‭ ‬الذين‭ ‬تعززت‭ ‬أعدادهم‭ ‬بفضل‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬العديدة،‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬قاوموا‭ ‬جماعيًا،‭ ‬ونجحوا‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬آلة‭ ‬الدعاية‭ ‬السائدة‭ ‬التي‭ ‬كانت،‭ ‬لعقود،‭ ‬بمثابة‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الرئيسي‭ ‬لإسرائيل‭.‬

من‭ ‬الحقائق‭ ‬المُقلقة‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬تآكل‭ ‬قاعدة‭ ‬الدعم‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحظى‭ ‬بها،‭ ‬أي‭ ‬الإنجيليين‭ ‬والحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬عمومًا‭. ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬إلى‭ ‬تغير‭ ‬كبير،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بين‭ ‬الناخبين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬الشباب‭.‬

أظهر‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجرته‭ ‬جامعة‭ ‬ميريلاند‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2025،‭ ‬أن‭ ‬24‭% ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬الذين‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬18‭ ‬و34‭ ‬عاماً‭ ‬قالوا‭ ‬إنهم‭ ‬يتعاطفون‭ ‬مع‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تعاطفهم‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وفقًا‭ ‬لموقع‭ ‬بوليتيكو‭ ‬الإخباري‭ ‬فقد‭ ‬حاولت‭ ‬إسرائيل‭ ‬التلاعب‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عبر‭ ‬دفع‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة‭ ‬للمؤثرين‭ ‬لنشر‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والخداع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وقد‭ ‬سخرت‭ ‬تلك‭ ‬الحملة‭ ‬حوالي‭ ‬600‭ ‬حساب‭ ‬وهمي،‭ ‬يتولى‭ ‬نشر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬تعليق‭ ‬مُنسّق‭ ‬أسبوعيًا،‭ ‬مستهدفةً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬120‭ ‬مُشرّعًا‭ ‬أمريكيًا‭.‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬قلب‭ ‬موازين‭ ‬الأمور‭ ‬لصالحها؟‭ ‬فبينما‭ ‬ستُنفق‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة،‭ ‬بلا‭ ‬شك،‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬حملات‭ ‬متطورة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تلميع‭ ‬صورة‭ ‬إسرائيل‭ ‬المشوهة‭ ‬بشدة،‭ ‬ستُثبت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬أنها‭ ‬عقيمة‭.‬

لقد‭ ‬تعززت‭ ‬الرواية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للصراع،‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مهمشة‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬لتصبح‭ ‬مرجعًا‭ ‬أخلاقيًا‭ ‬قويًا‭ ‬ومؤثرًا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬حظي‭ ‬صمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬القوي‭ ‬والبطولي‭ ‬بتعاطف‭ ‬عالمي‭ ‬ودعم‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد‭ ‬قد‭ ‬يمثل‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬الموقف‭ ‬النهائي‭ ‬للإعلام‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬التغطية‭ ‬الصحفية‭ ‬أو‭ ‬البرامج‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬نتفليكس‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬تلميع‭ ‬صورة‭ ‬دولة‭ ‬ارتكبت‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬بشكل‭ ‬علني،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬توثيقا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬المسجل‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا