العدد : ١٧٣٨٣ - الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٣ - الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

واشنطن تواجه أسئلة صعبة حول مسؤوليتها عن دمار غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

أثارت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬موجة‭ ‬انتقادات‭ ‬واسعة‭ ‬للدور‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كشفت‭ ‬تقارير‭ ‬دولية‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والعسكري‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬واشنطن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭. ‬ويرى‭ ‬خبراء‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬تجاوز‭ ‬الحسابات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إلى‭ ‬تواطؤ‭ ‬فعلي،‭ ‬مكّن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬مدمرة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وسط‭ ‬غياب‭ ‬شبه‭ ‬تام‭ ‬للمساءلة‭.‬

أدى‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتواصل‭ ‬والعشوائي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬المباني‭ ‬أو‭ ‬إلحاق‭ ‬أضرار‭ ‬جسيمة‭ ‬بها،‭ ‬وتشريد‭ ‬معظم‭ ‬السكان‭ ‬داخليًا،‭ ‬وسقوط‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬يفوق‭ ‬بكثير‭ ‬ما‭ ‬أعلنته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وقد‭ ‬أعرب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬عن‭ ‬أسفهم‭ ‬لمواقف‭ ‬حكوماتهم،‭ ‬وخاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الدمار‭ ‬الهائل‭ ‬ضد‭ ‬ملايين‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مما‭ ‬قوّض‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أكثر‭ ‬هشاشة‭ ‬وأقل‭ ‬أمنًا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

أبدى‭ ‬ستيفن‭ ‬أ‭. ‬كوك،‭ ‬الزميل‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬أسفه‭ ‬لأداء‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬التي‭ ‬تولت‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬حتى‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬أدرك‭ ‬بايدن‭ ‬‭ ‬البالغ‭ ‬81‭ ‬عامًا‭ ‬‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أساء‭ ‬فهم‮»‬‭ ‬نيات‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإبادة‭ ‬تجاه‭ ‬غزة،‭ ‬كان‭ ‬العنف‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬شهره‭ ‬الرابع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تجاهل‭ ‬ائتلاف‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرف‭ ‬واشنطن‭ ‬عمليًا‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الوحيدة‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬عبّر‭ ‬برايان‭ ‬كاتوليس،‭ ‬الزميل‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬عن‭ ‬استيائه‭ ‬من‭ ‬‮«‬الانحراف‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬المنطقة،‭ ‬إذ‭ ‬اتسمت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الجمهورية‭ ‬التالية‭ ‬لبايدن‭ ‬بـ«السلبية‭ ‬المفرطة‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬واصلت‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خطتها‭ ‬لتدمير‭ ‬غزة‭ ‬بالكامل‭.‬

ورغم‭ ‬كل‭ ‬المبررات‭ ‬السياسية‭ ‬حول‭ ‬حماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية،‭ ‬فإن‭ ‬التواطؤ‭ ‬الأخطر‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الدمار‭ ‬الواسع‭ ‬لغزة‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬مالي‭ ‬وعسكري‭ ‬مباشر‭ ‬مكّن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجماتها‭.‬

فقد‭ ‬كانت‭ ‬واشنطن‭ ‬قد‭ ‬رسخت‭ ‬موقعها‭ ‬كأكبر‭ ‬مانح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قبل‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬مقدمةً‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬3‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬التمويل‭ ‬العسكري‭ ‬الأجنبي‭. ‬وتتبع‭ ‬معهد‭ ‬واتسون‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‭ ‬والعامة‭ ‬بجامعة‭ ‬براون‭ ‬حجم‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬عبر‭ ‬برنامجه‭ ‬‮«‬تكاليف‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أظهر‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬السنوي‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬الأولى‭ ‬للحرب،‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أنفقت‭ ‬حتى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬22‭.‬76‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬و«العمليات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالمنطقة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬وصفه‭ ‬المعهد‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬متحفظ‮»‬،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قنوات‭ ‬الدعم‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬واشنطن،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تعهدها‭ ‬بتقديم‭ ‬المزيد‭ ‬لاحقًا‭.‬

وفي‭ ‬أحدث‭ ‬تقاريره‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2025،‭ ‬قدّر‭ ‬المعهد‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المباشر‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬31.35‭ ‬و33‭.‬77‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬نحو‭ ‬21‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬كمساعدات‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬9‭.‬65‭ ‬إلى‭ ‬12‭.‬07‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لتغطية‭ ‬العمليات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هجمات‭ ‬ضد‭ ‬اليمن‭ ‬وإيران‭. ‬وأشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬تعهدا‭ ‬بتقديم‭ ‬‮«‬عشرات‭ ‬المليارات‭ ‬الإضافية‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬صفقات‭ ‬سلاح‭ ‬مستقبلية‭ ‬‮«‬ستظل‭ ‬سارية‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‮»‬‭.‬

وأوضح‭ ‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‭ ‬أن‭ ‬66%‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬السلاح‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2020‭ ‬و2024‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وأكد‭ ‬ويليام‭ ‬د‭. ‬هارتونغ،‭ ‬الزميل‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬للحكم‭ ‬المسؤول‭ ‬ومؤلف‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬تقييم‭ ‬تكاليف‭ ‬الحرب‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬واتسون،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬تعتمد‭ ‬كليًّا‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬خصوصًا‭ ‬الطائرات‭ ‬والقنابل‭ ‬والصواريخ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬أغلب‭ ‬الدمار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كما‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تغذية‭ ‬هجماتها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وبحسب‭ ‬بيانات‭ ‬معهد‭ ‬واتسون،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬22‭.‬76‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬قدمتها‭ ‬واشنطن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بين‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬ونهاية‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬كان‭ ‬نحو‭ ‬17‭.‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬منها‭ ‬‮«‬مساعدات‭ ‬أمنية‭ ‬مباشرة‮»‬،‭ ‬شملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬57‭ ‬ألف‭ ‬قذيفة‭ ‬مدفعية،‭ ‬و36‭ ‬ألف‭ ‬طلقة‭ ‬مدفعية،‭ ‬و20‭ ‬ألف‭ ‬بندقية،‭ ‬وما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬ألف‭ ‬صاروخ‭ ‬مضاد‭ ‬للدبابات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬8,700‭ ‬قنبلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬إم‭ ‬كيه‭-‬82‮»‬‭ ‬زنة‭ ‬500‭ ‬رطل‭ ‬غير‭ ‬موجهة‭.‬

وقد‭ ‬وُصفت‭ ‬هذه‭ ‬القنابل،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جيسون‭ ‬بيرك‭ ‬وإيناس‭ ‬طنطش‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الغارديان،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أسلحة‭ ‬عشوائية‭ ‬مدمرة‮»‬،‭ ‬واُستخدمت‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬حادثة‭ ‬بارزة‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬يونيو،‭ ‬أدى‭ ‬إسقاط‭ ‬قنبلة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬على‭ ‬مقهى‭ ‬ساحلي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬41‭ ‬شخصًا‭ ‬وإصابة‭ ‬75‭ ‬آخرين،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬مارك‭ ‬شاك،‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬كوبنهاغن،‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬شبه‭ ‬المستحيل‭ ‬تبرير‭ ‬استخدام‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الذخائر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الظروف‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬هارتونغ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬منذ‭ ‬توليها‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬‮«‬سرّعت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬وتيرة‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬رفع‭ ‬القيود‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬شحنات‭ ‬القنابل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الإدارة‭ ‬السابقة‭ ‬قد‭ ‬علقتها‭.‬

ولتسهيل‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬الصغيرة‭ ‬والذخائر‭ ‬الثقيلة‭ ‬والصواريخ‭ ‬والمركبات‭ ‬والطائرات،‭ ‬تعمّدت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إدارتي‭ ‬بايدن‭ ‬وترامب‭ ‬تجاوز‭ ‬الرقابة‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬الكونغرس‭ ‬الأمريكي‭. ‬ففي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬وافق‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬آنذاك‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬نحو‭ ‬14‭ ‬ألف‭ ‬طلقة‭ ‬من‭ ‬ذخيرة‭ ‬الدبابات‭ ‬لإسرائيل‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬إشراف‭ ‬خارجي،‭ ‬ثم‭ ‬أقر‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬ذاته‭ ‬صفقة‭ ‬أخرى‭ ‬بقيمة‭ ‬147‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬تضمنت‭ ‬قذائف‭ ‬مدفعية‭ ‬عيار‭ ‬155‭ ‬ملم،‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬واضح‭ ‬للرقابة‭ ‬التشريعية‭.‬

في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬استخدم‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬خليفة‭ ‬بلينكن،‭ ‬سلطات‭ ‬الطوارئ‭ ‬دون‭ ‬توضيح‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬أسلحة‭ ‬إضافية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بقيمة‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬تضمنت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬ألف‭ ‬قنبلة‭ ‬زنة‭ ‬2000‭ ‬رطل‭ ‬كان‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يعتزم‭ ‬إسقاطها‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وكشف‭ ‬معهد‭ ‬واتسون‭ ‬لاحقًا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أبرمت‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬100‭ ‬صفقة‭ ‬أسلحة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬جرى‭ ‬تقسيمها‭ ‬عمدًا‭ ‬إلى‭ ‬صفقات‭ ‬صغيرة‭ ‬تقل‭ ‬قيمتها‭ ‬عن‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يُلزم‭ ‬بإخطار‭ ‬الكونجرس،‭ ‬لكنها‭ ‬مثّلت‭ ‬مجتمعة‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭.‬

في‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2025،‭ ‬وثّق‭ ‬ويليام‭ ‬هارتونغ‭ ‬وستيفن‭ ‬سيملر،‭ ‬مؤسس‭ ‬معهد‭ ‬إصلاح‭ ‬السياسة‭ ‬الأمنية،‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬السلاح‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬لوكهيد‭ ‬مارتن،‭ ‬رايثيون،‭ ‬بوينغ،‭ ‬وجنرال‭ ‬ديناميكس،‭ ‬كانت‭ ‬المستفيد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬إنفاق‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وأكد‭ ‬معهد‭ ‬واتسون‭ ‬بدوره‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬نفسها‭ ‬تعد‭ ‬الموردين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وفي‭ ‬تقريرها‭ ‬المقدم‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬،‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2025،‭ ‬أوضحت‭ ‬المقررة‭ ‬الخاصة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فرانشيسكا‭ ‬ألبانيز‭ ‬أن‭ ‬الطائرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصنع‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬إف‭-‬16‭ ‬وإف‭-‬35،‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬جزءًا‭ ‬أساسيًا‮»‬‭ ‬من‭ ‬القصف‭ ‬الجوي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬أُلقي‭ ‬ما‭ ‬يُقدر‭ ‬بـ85‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬القنابل،‭ ‬أغلبها‭ ‬غير‭ ‬موجهة،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬وإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬179‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭. ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬أكبر‭ ‬البنوك‭ ‬وشركات‭ ‬الاستثمار‭ ‬الغربية‭ ‬استفادت‭ ‬ماليًا‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬غزة،‭ ‬نظرًا‭ ‬لاستثماراتها‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تزود‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬فشركة‭ ‬بلاك‭ ‬روك‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعد‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬مستثمر‭ ‬في‭ ‬لوكهيد‭ ‬مارتن‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭.‬2%،‭ ‬بينما‭ ‬قدّم‭ ‬بنك‭ ‬باركليز‭ ‬البريطاني‭ ‬للشركة‭ ‬نفسها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬860‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬قروض‭.‬

وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬2025،‭ ‬أصدرت‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬الدولية‭ ‬المستقلة‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬حكمها‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬ارتكاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬جرائم‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬ودعت‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وقف‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمعدات‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬سبب‭ ‬للاعتقاد‭ ‬بأنها‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬قد‭ ‬تتضمن‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬الدعوات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لفرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬السلاح،‭ ‬يُلاحظ‭ ‬أن‭ ‬ألمانيا‭ ‬أوقفت‭ ‬صادراتها‭ ‬تمامًا‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬المستشار‭ ‬فريدريش‭ ‬ميرز‭ ‬بفرض‭ ‬قيود‭ ‬جزئية‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2025‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬هارتونغ‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬أمريكية‭ ‬جادة‭ ‬لوقف‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬‮«‬حظر‭ ‬المبيعات‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتعليق‭ ‬تسليم‭ ‬الأسلحة‭ ‬المتعاقد‭ ‬عليها،‭ ‬ووقف‭ ‬توريد‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬والدعم‭ ‬الفني‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬مستبعدًا‭. ‬فالبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬منحازًا‭ ‬لائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرف،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬النفوذ‭ ‬المتزايد‭ ‬للوبي‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭.‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬النهج‭ ‬الألماني،‭ ‬تباهت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬بأنها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإدارات‭ ‬السابقة،‭ ‬قدمت‭ ‬لإسرائيل‭ ‬مساعدات‭ ‬تتجاوز‭ ‬130‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وتسعى‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬إتمام‭ ‬صفقة‭ ‬جديدة‭ ‬بقيمة‭ ‬6‭.‬4‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬تشمل‭ ‬30‭ ‬مروحية‭ ‬أباتشي‭ ‬هجومية‭ ‬ونحو‭ ‬3250‭ ‬مركبة‭ ‬قتال‭ ‬للمشاة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬احتمال‭ ‬إحداث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬عبر‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭ ‬يبدو‭ ‬ضعيفًا،‭ ‬إذ‭ ‬ذكر‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أوبن‭ ‬سيكرتس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬العامة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬أيباك،‭ ‬أنفقت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لدعم‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونغرس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وحده‭. ‬ووفقًا‭ ‬للباحثة‭ ‬ستافرولا‭ ‬بابست‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬ريسبونسبل‭ ‬ستيت‭ ‬كرافت‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬أيباك‭ ‬تعمل‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬المشرعين،‭ ‬وقد‭ ‬نظمت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬رحلات‭ ‬لنواب‭ ‬جمهوريين‭ ‬وديمقراطيين‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬للقاء‭ ‬نتنياهو‭ ‬شخصيًا‭. ‬ووصف‭ ‬جوش‭ ‬بول،‭ ‬مدير‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬سياسة‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬هذه‭ ‬الرحلات‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬رحلات‭ ‬فاخرة‭ ‬ممولة‭ ‬بالكامل‮»‬‭ ‬تشكل‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬‮«‬نفوذًا‭ ‬أجنبيًا‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬التعليم‭ ‬السياسي‮»‬‭.‬

وبهذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئًا‭ ‬أن‭ ‬يصوّت‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬بأغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬ضد‭ ‬قرارات‭ ‬السيناتور‭ ‬المستقل‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬حظر‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬رُفض‭ ‬أحدها‭ ‬بـ73‭ ‬صوتًا‭ ‬مقابل‭ ‬24‭ ‬وآخر‭ ‬بـ70‭ ‬مقابل‭ ‬27‭. ‬وخلال‭ ‬النقاش،‭ ‬برّر‭ ‬السيناتور‭ ‬الجمهوري‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬أيداهو‭ ‬جيم‭ ‬ريش،‭ ‬الذي‭ ‬تلقى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬255‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬أيباك،‭ ‬استمرار‭ ‬مبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬أمريكا‭ ‬والعالم‮»‬‭.‬

واختتم‭ ‬هارتونغ‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الساعي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬إبادة‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬إحداث‭ ‬هذا‭ ‬الدمار‮»‬‭ ‬أو‭ ‬تصعيد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬لولا‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والعسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬الأمريكي‮»‬‭. ‬ورغم‭ ‬التحول‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬استطلاع‭ ‬لمركز‭ ‬بيو‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2025‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يحملون‭ ‬نظرة‭ ‬سلبية‭ ‬تجاهها،‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬متمسكة،‭ ‬مثل‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬قبلها،‭ ‬بسياسة‭ ‬تسليح‭ ‬إسرائيل‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬متجاهلة‭ ‬الإدانات‭ ‬الدولية‭ ‬ومستمرة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تواطؤ‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا