العدد : ١٧٣٨٣ - الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٣ - الأحد ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الإسلام.. وقيم في القمة!

‏بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

استوعب‭ ‬المسلمون‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الحضارات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬رفيعة،‭ ‬ووسائل‭ ‬وقيم‭ ‬سامية‭ ‬ارتقت‭ ‬بالبشرية‭ ‬حتى‭ ‬تقدموا‭ ‬على‭ ‬غيرهم،‭ ‬ونالوا‭ ‬سبق‭ ‬القصب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬حتى‭ ‬صاروا‭ ‬ميزانًا‭ ‬توزن‭ ‬به‭ ‬الأقوال،‭ ‬والأفعال،‭ ‬والأحوال،‭ ‬وأصبح‭ ‬إطلاق‭ ‬وصف‭ ‬المتقدم،‭ ‬والمتحضر‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬إطلاقه‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إنسان،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬اكتملت‭ ‬فيه‭ ‬وصف‭ ‬الحضارة‭ ‬ومقوماته،‭ ‬ولذلك‭ ‬وضعوا‭ ‬لهم‭ ‬قوانينهم‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬يشاركهم‭ ‬فيها‭ ‬أحد،‭ ‬فصار‭ ‬الإنسان‭ ‬الحضاري‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬حاز‭ ‬عندهم‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬قليلها‭ ‬أو‭ ‬كثيرها،‭ ‬وصار‭ ‬ميزانهم‭ ‬الخاص‭ ‬بهم‭ ‬هو‭ ‬المعيار‭ ‬الذي‭ ‬يزنون‭ ‬به‭ ‬أحوالهم،‭ ‬وأحوال‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬سبقتهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التقدم‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الميزان‭ ‬فاسدًا‭ ‬لفساد‭ ‬بعض‭ ‬قيمه‭ ‬ومبادئه‭. ‬

والإسلام‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬هذا‭ ‬ولا‭ ‬يرتضيه،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يرتضيه‭ ‬لغيره‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يرتضيه‭ ‬ويقبله‭ ‬لنفسه،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يشجع‭ ‬عليه‭ ‬لأحد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لأنه‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬استشراء‭ ‬الفساد،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬ينحو‭ ‬نحوه،‭ ‬رضي‭ ‬من‭ ‬رضى،‭ ‬وأبى‭ ‬من‭ ‬أبى،‭ ‬والأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لها‭ ‬موازينها‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬دينها‭ ‬ومن‭ ‬كتاب‭ ‬ربها‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬ومن‭ ‬قيم‭ ‬الإسلام‭ ‬وموازينه‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬فيما‭ ‬يأخذ،‭ ‬وفيما‭ ‬يدع‭. ‬وتبدأ‭ ‬بالقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يرضى‭ ‬الإسلام‭ ‬بديلًا‭ ‬عنها،‭ ‬ولا‭ ‬يرضى‭ ‬بغيرها،‭ ‬فلقد‭ ‬بُعِثَ‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬خاتمًا‭ ‬ليتمم‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق،‭ ‬ويؤسس‭ ‬تلك‭ ‬الدوحة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بقيم‭ ‬الإسلام،‭ ‬يقول‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬وسلم‭ ‬عليه‭): ‬‮«‬إنما‭ ‬بعثت‭ ‬لأتمم‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‮»‬‭ ‬الإمام‭ ‬مالك‭.‬

لم‭ ‬يزعم‭ ‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬أنه‭ ‬بُعِثَ‭ ‬لابتداع‭ ‬أخلاق‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬للبشرية‭ ‬عهد‭ ‬بها‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬باعتباره‭ ‬خاتم‭ ‬الأنبياء،‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬اختاره،‭ ‬واصطفاه‭ ‬ليقوم‭ ‬بإكمال‭ ‬ما‭ ‬بدأه‭ ‬إخوانه‭ ‬الأنبياء‭ ‬السابقون‭ ‬‭ ‬وحاشاه‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ -‬،‭ ‬فلقد‭ ‬أثبت‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬موجودًا‭ ‬منها،‭ ‬وتسامت‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬قيمًا‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬عظمتها‭ ‬وفي‭ ‬رقيها،‭ ‬وأكد‭ ‬دوره‭ ‬الفاصل،‭ ‬والفاعل‭ ‬في‭ ‬إعلاء‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬الموجودة‭ ‬والمعروفة‭ ‬للناس،‭ ‬ثم‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬يعترف‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬شأنها،‭ ‬ولنستمع‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬حين‭ ‬اعتبرها‭ ‬قيمًا‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬تعلو‭ ‬بشأن‭ ‬الإنسان،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬رسول‭ ‬الإسلام‭ ‬العظيم‭ ‬يحمل‭ ‬راية‭ ‬الدعوة‭ ‬إليها،‭ ‬ويؤكد‭ ‬مكانتها‭ ‬ومحلها‭ ‬في‭ ‬المسلمين‭ ‬وقيمهم‭ ‬الخلقية‭. ‬

يقول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬سلم‭: ‬‮«‬عليكم‭ ‬بالصدق،‭ ‬فإن‭ ‬الصدق‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬البر‭ ‬وإن‭ ‬البر‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬الجنة،‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬الرجل‭ ‬يصدق‭ ‬ويتحرى‭ ‬الصدق‭ ‬حتى‭ ‬يكتب‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬صديقًا،‭ ‬وإياكم‭ ‬الكذب،‭ ‬فإن‭ ‬الكذب‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬الفجور،‭ ‬وإن‭ ‬الفجور‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬النار‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬الرجل‭ ‬يكذب‭ ‬ويتحرى‭ ‬الكذب‭ ‬حتى‭ ‬يكتب‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬كذابا‮»‬‭ ‬رواه‭ ‬مسلم]‭.‬

إن‭ ‬ملازمة‭ ‬الصدق‭ ‬والإصرار‭ ‬عليه‭ ‬تمنح‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬العظيمة‭ ‬المؤمن‭ ‬قوة‭ ‬على‭ ‬قوته،‭ ‬وتجعله‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬الاختيار‭. ‬وليس‭ ‬عجيبًا‭ ‬ولا‭ ‬مستغربًا‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬الإسلام‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬ويرتقي‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬المنزلة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتملت‭ ‬عظمة‭ ‬الإسلام‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬اكتملت‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬وصارت‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬أمة‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬وصف‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وجاهدوا‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬جهاده‭ ‬هو‭ ‬اجتباكم‭ ‬وما‭ ‬جعل‭ ‬عليكم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬حرج‭ ‬ملة‭ ‬أبيكم‭ ‬إبراهيم‭ ‬هو‭ ‬سماكم‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬قبل‭...) ‬الحج‭ / ‬78‭.‬

إن‭ ‬الكمال‭ ‬لا‭ ‬ينتج‭ ‬إلا‭ ‬كمالا‭ ‬والتمام‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬إلا‭ ‬تماما،‭ ‬ولقد‭ ‬ختم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الأديان‭ ‬بدين‭ ‬الإسلام،‭ ‬وختم‭ ‬النبوات‭ ‬بنبوة‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدلله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭. ‬وختم‭ ‬المعجزات‭ ‬بمعجزة‭ ‬القرآن،‭ ‬وأيضا‭ ‬ختم‭ ‬الأمم‭ ‬بالأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬فقال‭ ‬تعالى‭: (‬اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬لكم‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا‭..) ‬المائدة‭ / ‬3‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا