العدد : ١٧٣٩٧ - الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٧ - الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

خطة ترامب للسلام في غزة.. وعود سياسية مقابل واقع مرير

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تأتي‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬للسلام‭ ‬الخاصة‭ ‬بغزة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬إقليمي‭ ‬متشابك،‭ ‬حيث‭ ‬تتقاطع‭ ‬المصالح‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬والإقليمية‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬حرب‭ ‬مدمرة‭ ‬خلفت‭ ‬دمارًا‭ ‬هائلًا‭ ‬ومعاناة‭ ‬إنسانية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭. ‬وبينما‭ ‬تروج‭ ‬واشنطن‭ ‬للخطة‭ ‬باعتبارها‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬الاستقرار‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الغموض‭ ‬الذي‭ ‬يكتنف‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتشكيل‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬استقرار‭ ‬دولية‮»‬،‭ ‬يعكس‭ ‬عمق‭ ‬التناقضات‭ ‬داخل‭ ‬المشروع‭ ‬نفسه‭. ‬فبدل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الخطة‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة‭ ‬لإنهاء‭ ‬النزاع‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬غزة،‭ ‬تبدو‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬إطار‭ ‬ضبابي‭ ‬يعيد‭ ‬إنتاج‭ ‬أدوات‭ ‬السيطرة‭ ‬القديمة‭ ‬تحت‭ ‬شعارات‭ ‬جديدة‭.‬

بعد‭ ‬إعلان‭ ‬خطة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬للسلام‭ ‬الخاصة‭ ‬بغزة،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬عشرين‭ ‬نقطة‭ ‬ووافقت‭ ‬عليها‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬أكتوبر‭ ‬2025،‭ ‬ركز‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬تحليلاتهم‭ ‬على‭ ‬الثغرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تحتويها‭ ‬الخطة،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقضايا‭ ‬مثل‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ومستقبل‭ ‬حماس،‭ ‬وأهمية‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬القطاع‭ ‬المدمر‭ ‬بفعل‭ ‬الحرب‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬تأسيس‭ ‬‮«‬حكم‭ ‬انتقالي‭ ‬مؤقت‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬دعت‭ ‬الخطة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬استقرار‭ ‬دولية‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وشركائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭. ‬مهمتها‭ ‬المعلنة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬تدريب‭ ‬ودعم‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المؤهلة‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬و«مساعدة‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‮»‬،‭ ‬و«منع‭ ‬دخول‭ ‬الذخائر‭ ‬إلى‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭ ‬‮«‬فورًا‮»‬،‭ ‬علقت‭ ‬دانا‭ ‬سترول،‭ ‬الزميلة‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬قائلة‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الدرس‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الاستقرار‭ ‬بعد‭ ‬الحروب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ملء‭ ‬الفراغ‭ ‬الأمني‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬هو‭ ‬المهمة‭ ‬الأولى‮»‬‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تشكيل‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭ ‬بعد،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬هوية‭ ‬أعضائها‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬غزة‭ ‬غير‭ ‬واضحة‭.‬

واحدة‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬فهمها‭ ‬بالفعل‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬التي‭ ‬ارتكب‭ ‬جيشها‭ ‬مجزرة‭ ‬بحق‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬ودمرت‭ ‬حوالي‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬مباني‭ ‬غزة‭ ‬وشردت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬شخص،‭ ‬قد‭ ‬مُنحت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬صلاحيات‭ ‬واسعة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الفيتو‭ ‬ضد‭ ‬انضمام‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭ ‬وتحديد‭ ‬قواعد‭ ‬مهمتها،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬لغزة‭ ‬وخرق‭ ‬شروط‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاسبة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬تصف‭ ‬قوة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الدولية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬الأمني‭ ‬الداخلي‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‮»‬‭ ‬لغزة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أفاد‭ ‬هوغو‭ ‬باتشيغا‭ ‬ورافي‭ ‬بيرج‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬نطاق‭ ‬مهمة‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬واضح‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬كتب‭ ‬فرانشيسكو‭ ‬ساليسيو‭ ‬سكيافي،‭ ‬المحلل‭ ‬الإيطالي‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيو‭ ‬عرب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬إشراف‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الأممية‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬باتشيغا‭ ‬وبيرج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬تشعر‭ ‬بالقلق‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تجد‭ ‬قواتها‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مقاتلي‭ ‬حماس‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬بشأن‭ ‬نشر‭ ‬القوة‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬حشد‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬لفكرة‭ ‬القوة‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬زعم‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‮»‬‭ ‬أبدت‭ ‬استعدادها‭ ‬للمشاركة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬رضخ‭ ‬لمطالب‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرف‭ ‬الذي‭ ‬عرقل‭ ‬انضمام‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬انتقدت‭ ‬بشدة‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬صرح‭ ‬نتنياهو‭ ‬أن‭ ‬حكومته،‭ ‬وليس‭ ‬واشنطن،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬‮«‬ستحدد‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬المقبولة‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬رفضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضم‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬تركية‭ ‬محتملة‭.‬

وقد‭ ‬قام‭ ‬ريتشارد‭ ‬أوتزن،‭ ‬الزميل‭ ‬الأول‭ ‬غير‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬بتقييم‭ ‬دوافع‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬لحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬وتعزيز‭ ‬مصداقيتها‭ ‬كداعم‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬نوايا‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬فرض‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬واستمرار‭ ‬هيمنتها‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬رغم‭ ‬إشارة‭ ‬أوتزن‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬تركيا‭ ‬كأحد‭ ‬أكبر‭ ‬المساهمين‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وخارجه،‭ ‬فإن‭ ‬وصف‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬جدعون‭ ‬ساعر‭ ‬لتركيا‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬عدائية‮»‬‭ ‬كان‭ ‬كافيًا‭ ‬لتصنيفها‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يرفضها‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬القوة،‭ ‬فقد‭ ‬أفاد‭ ‬باتريك‭ ‬وينتور‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬يفضل‭ ‬منح‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭ ‬تفويضًا‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وشرح‭ ‬سكيافي‭ ‬كيف‭ ‬ستستقي‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬نموذجها‭ ‬من‭ ‬‮«‬بعثة‭ ‬الأمن‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‮»‬‭ ‬في‭ ‬هايتي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬صلاحيات‭ ‬واسعة‭ ‬لمراقبة‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭.‬

يُثير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬تمييزًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬بين‭ ‬‮«‬حفظ‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬و«إنفاذه‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تطرق‭ ‬إليه‭ ‬ريتشارد‭ ‬كابلان،‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬أكسفورد،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬مهمة‭ ‬القوة‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬مجرد‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ويشير‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬حفظ‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬وطنية‭ ‬أو‭ ‬قوات‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬بهدف‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬نزاع‭ ‬مسلح‭ ‬فعلي‭ ‬أو‭ ‬محتمل‭ ‬وحله‭. ‬وعادةً‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬بموجب‭ ‬تفويض‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

بالمقابل،‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬إنفاذ‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬الأكثر‭ ‬غموضًا،‭ ‬كما‭ ‬يوضح‭ ‬كابلان،‭ ‬يتعلق‭ ‬باستخدام‭ ‬الأصول‭ ‬العسكرية‭ ‬لفرض‭ ‬السلام‭ ‬بالقوة‭ ‬ضد‭ ‬إرادة‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع،‭ ‬مثلما‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬يفشل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬يختلف‭ ‬‮«‬إنفاذ‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬عن‭ ‬‮«‬حفظ‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬قوات‭ ‬أكثر‭ ‬تسليحًا‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬سيكون‭ ‬لديها‭ ‬مهام‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬قسرية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬مهامًا‭ ‬دبلوماسية‭ ‬أو‭ ‬رصدية،‭ ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬من‭ ‬توثيق‭ ‬وينتور‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ستنسق‭ ‬مع‭ ‬خلية‭ ‬عسكرية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬مركز‭ ‬التنسيق‭ ‬المدني‭ ‬العسكري‭ ‬الموجود‭ ‬حاليًا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬ستكون‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬حماس‭ ‬وتأمين‭ ‬حكومة‭ ‬فلسطينية‭ ‬انتقالية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬طرح‭ ‬سكيافي‭ ‬أسئلة‭ ‬مهمة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الإجابة‭ ‬عنها‭ ‬بعد،‭ ‬مثل‭: ‬‮«‬من‭ ‬سيتولى‭ ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬حماس؟‭ ‬وبأي‭ ‬عملية‭ ‬تحقيق؟‭ ‬وبأي‭ ‬قواعد‭ ‬اشتباك؟‮»‬‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬حماس،‭ ‬الذي‭ ‬تطالب‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬خريطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة،‭ ‬فقد‭ ‬تساءل‭ ‬جيمس‭ ‬جيفريت،‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬تركيا‭ ‬والعراق،‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬‮«‬المراقب‭ ‬المستقل‮»‬‭ ‬لعملية‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬السياق،‭ ‬أضاف‭ ‬روبيو‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬‮«‬رفضت‭ ‬المجموعة‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‮»‬،‭ ‬فسيكون‭ ‬‮«‬من‭ ‬الضروري‭ ‬فرضه‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬توضيح‭ ‬دور‭ ‬القوات‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬اعترفت‭ ‬سترول‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬أي‭ ‬حكومة‭ ‬مستعدة‭ ‬لإرسال‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬بنشر‭ ‬القوات‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬‮«‬ضمانات‭ ‬بعدم‭ ‬تعرض‭ ‬أفرادها‭ ‬للهجوم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬الثاني‭ ‬ملك‭ ‬الأردن‭ ‬هذا‭ ‬النقطة،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬وحكومات‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬تدعم‭ ‬مهمة‭ ‬تدريب‭ ‬ودعم‭ ‬قوة‭ ‬شرطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬محلية،‭ ‬لكنه‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تدخل‭ ‬قواتها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬تتجول‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬دوريات‭ ‬مسلحة‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصريح‭ ‬روبيو‭ ‬بأن‭ ‬قوة‭ ‬دولية‭ ‬سيتم‭ ‬تشكيلها‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬بأسرع‭ ‬ما‭ ‬يمكن‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬سيستمر،‭ ‬وسيبقى‭ ‬تهديده‭ ‬للمواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قائمًا‭ ‬طالما‭ ‬لم‭ ‬تُنشر‭ ‬بعثة‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭. ‬تشير‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬حوالي‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬غزة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المنافذ‭ ‬الخارجية‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬انسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬بناءً‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬زمنية‭ ‬ومعالم‭ ‬مرتبطة‭ ‬بنزع‭ ‬السلاح‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعايير‭ ‬مازالت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وقد‭ ‬نبه‭ ‬مدير‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬إميل‭ ‬حكيم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬قد‭ ‬يعرقل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بسهولة‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬شروط‭ ‬الصفقة،‭ ‬محذرًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬تستأنف‭ ‬الحرب‭ ‬والاحتلال‭ ‬بحجج‭ ‬واهية،‭ ‬خاصةً‭ ‬بعد‭ ‬انتهاكها‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬125‭ ‬مرة‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬نحو‭ ‬100‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬10‭ ‬أكتوبر‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬طالما‭ ‬استمرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬غزة‭ ‬وطرق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي،‭ ‬فإن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬تستطيع‭ ‬منع‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الضرورية‭. ‬وأشار‭ ‬وينتور‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬معدله‭ ‬89‭ ‬شاحنة‭ ‬دخلت‭ ‬غزة‭ ‬يوميًا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬فقط‭ ‬14%‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬600‭ ‬شاحنة‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭. ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬تأخير‭ ‬نشر‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬دولية‭ ‬يخدم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬النوايا‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬إبادة‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

إن‭ ‬الفشل‭ ‬المنتظر‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬ونقل‭ ‬قوة‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬دولية‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬وتخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬التفاصيل‭ ‬الدقيقة‭ ‬والإطار‭ ‬الزمني‭ ‬الواضح‭. ‬وعلق‭ ‬حكيم‭ ‬على‭ ‬دبلوماسية‭ ‬ترامب‭ ‬بأنها‭ ‬ربما‭ ‬‮«‬أنهت‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬السلام‭ ‬بعد‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬غير‭ ‬مستقرة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أمرًا‭ ‬مستبعدًا‭.‬

تفاقمت‭ ‬أزمة‭ ‬انعدام‭ ‬التحرك‭ ‬بسبب‭ ‬تجاهل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لأي‭ ‬مبادرات‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يصر‭ ‬فيه‭ ‬روبيو‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬توجد‭ ‬خطة‭ ‬بديلة‮»‬‭ ‬لتلك‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬نتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬التعنت،‭ ‬ظلّت‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬المراقبون‭ ‬عند‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ -‬حول‭ ‬مصير‭ ‬حماس،‭ ‬والحكم‭ ‬المستقبلي‭ ‬لفلسطين،‭ ‬ومنع‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬المدمر‭- ‬بدون‭ ‬إجابة‭ ‬واضحة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تفاصيل‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬طالما‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬نهاية‭ ‬لتهديد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ولن‭ ‬يتم‭ ‬تخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬الرهيبة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬المعقد،‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬سلام‭ ‬مستدام‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬خطط‭ ‬أمنية‭ ‬غامضة‭ ‬أو‭ ‬تفاهمات‭ ‬عسكرية‭ ‬مرتهنة‭ ‬بالمصالح،‭ ‬بل‭ ‬عبر‭ ‬معالجة‭ ‬جذور‭ ‬الصراع‭ ‬وسياسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬والتمييز‭ ‬التي‭ ‬غذّت‭ ‬دوامة‭ ‬العنف‭ ‬عقودا‭. ‬إن‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬واستمرار‭ ‬تجاهل‭ ‬أصوات‭ ‬الضحايا،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬استقرار‮»‬‭ ‬مجرد‭ ‬وهم‭ ‬سياسي‭ ‬مؤقت‭. ‬وحتى‭ ‬تتبلور‭ ‬رؤية‭ ‬عادلة‭ ‬تضمن‭ ‬السيادة‭ ‬والكرامة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ستظل‭ ‬غزة‭ ‬عنوانًا‭ ‬مأساويًا‭ ‬لفشل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬الحقيقي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا