العدد : ١٧٣٩٣ - الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٣ - الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

براون أمريكاني وبراون سوداني (2)

نبقى‭ ‬مع‭ ‬الأمريكاني‭ ‬إتش‭ ‬جاكسون‭ ‬براون،‭ (‬1941-2021‭)‬،‭ ‬وبراون‭ ‬السوداني‭ ‬لكوني‭ ‬براون‭ ‬بمعنى‭ ‬أسمر‭ ‬البشرة‭! ‬وجاكسون‭ ‬براون‭ ‬كان‭ ‬يكتب‭ ‬نصائح‭ ‬لولده‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬ثم‭ ‬جمعها‭ ‬وأصدرها‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬Life’s‭ ‬Little‭ ‬Instruction‭ ‬Book‭ ‬‮«‬الكتاب‭ ‬الصغير‭ ‬لنصائح‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحياة‮»‬،‭ ‬نصح‭ ‬الامريكاني‭ ‬جاكسون‭ ‬براون‭ ‬ولده‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬شؤون‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طوال،‭ ‬ثم‭ ‬جمع‭ ‬تلك‭ ‬النصائح‭ ‬ونشرها‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬باع‭ ‬ملايين‭ ‬النسخ،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬النصائح‭: ‬في‭ ‬عيد‭ ‬ميلاد‭ ‬زوجتك‭ ‬أرسل‭ ‬باقة‭ ‬ورد‭ ‬لأمها‭. ‬أما‭ ‬جعفر‭ ‬براون‭ (‬أي‭ ‬أبو‭ ‬سمرة‭ ‬ال‭......) ‬فيقول‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬النصيحة‭ ‬لا‭ ‬تلزمنا‭.. ‬شخصيا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬قط‭ ‬ان‭ ‬قدمت‭ ‬وردة‭ ‬لزوجتي‭.. ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬قدمت‭ ‬لي‭ ‬زهرة،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬لو‭ ‬قدمت‭ ‬باقة‭ ‬كاملة‭ ‬لحماتي؟‭ ‬كانت‭ ‬ستتشكك‭ ‬في‭ ‬قواي‭ ‬العقلية‭ ‬أو‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬سرها‭: ‬أكيد‭ ‬سرق‭ ‬باقة‭ ‬الورد‭ ‬من‭ ‬سرير‭ ‬مريض‭ ‬في‭ ‬المستشفى،‭ ‬او‭ ‬عثر‭ ‬عليها‭ ‬ملقاة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬لأنه‭ ‬مش‭ ‬معقول‭ ‬يدفع‭ ‬الشيء‭ ‬الفلاني‭ ‬ليشتري‭ ‬لي‭ ‬وردا‭ ‬كثيرا‭.. ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنني‭ ‬حريص‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬الورود‭ ‬في‭ ‬بيتي‭ (‬وعندي‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬اكتفاء‭ ‬ذاتي‭ ‬من‭ ‬النعناع‭)‬،‭ ‬أينما‭ ‬سكنت‭ ‬خلال‭ ‬العشرين‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أملأ‭ ‬جنبات‭ ‬الحوش‭ ‬بالزهور‭.. ‬ولم‭ ‬يخطر‭ ‬ببالي‭ ‬قط‭ ‬أن‭ ‬اقطع‭ ‬واحدة‭ ‬وأقدمها‭ ‬لزوجتي‭.. ‬وليس‭ ‬مستبعدا‭ ‬انه‭ ‬لو‭ ‬فعلتها‭ ‬لانفجرت‭ ‬في‭ ‬وجهي‭: ‬إياك‭ ‬تقرب‭ ‬من‭ ‬الزهور‭ ‬يا‭ ‬فالح‭. ‬لو‭ ‬احتجت‭ ‬الى‭ ‬وردة‭ ‬سأتصرف‭ ‬بنفسي‭! ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬جلافة،‭ ‬بل‭ ‬لأن‭ ‬ثقافة‭ ‬الزهور‭ ‬كرمز‭ ‬للحب‭ ‬والجمال‭ ‬والمودة‭ ‬غير‭ ‬راسخة‭ ‬عندنا‭.. ‬وفي‭ ‬آخر‭ ‬مرتين‭ ‬لزمت‭ ‬فيهما‭ ‬سرير‭ ‬المستشفى‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬طالبا‭ ‬من‭ ‬يهمهم‭ ‬الأمر‭ ‬الذين‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬ورد‭ ‬لي‭ ‬ان‭ ‬يعطوني‭ ‬نصف‭ ‬قيمة‭ ‬البوكيه‭ (‬الباقة‭) ‬كاش‭.‬

ونبقى‭ ‬مع‭ ‬براون‭ ‬الأمريكاني‭ ‬ونصيحة‭ ‬أخرى‭ ‬لولده‭: ‬ابتسم‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يكلفك‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬الابتسامة‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن‭!! ‬ولي‭ ‬أن‭ ‬أتساءل‭: ‬لماذا‭ ‬نجد‭ ‬أشخاصا‭ ‬يسبب‭ ‬مجرد‭ ‬النظر‭ ‬إليهم‭ ‬الغم‭.. ‬يرزق‭ ‬بمولوده‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬وتندفع‭ ‬نحوه‭ ‬مهنئا‭ ‬وفرحا‭ ‬بصدق،‭ ‬فيغمغم‭: ‬مبروك‭ ‬على‭ ‬ماذا؟‭ ‬لبن‭ ‬وحفاظات‭ ‬وتطعيم‭ ‬ومصاريف‭ ‬مستشفى‭. ‬وبعدها‭ ‬مدارس‭ ‬ورسوم‭ ‬مدرسية‭! ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬صفاتي‭ ‬وعاداتي‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أطيق‭ ‬النكديين‭ ‬ولا‭ ‬‮«‬أرحمهم‮»‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أكف‭ ‬عن‭ ‬تذكيرهم‭ ‬بأن‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬بائس‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬ويسبب‭ ‬البؤس‭ ‬لغيره‭. ‬أما‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬تقول‭ ‬له‭ ‬نكتة‭ ‬مثل‭: ‬قالت‭ ‬الفتاة‭ ‬لحبيبها‭ ‬وهي‭ ‬تسير‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الشارع‭: ‬قل‭ ‬لي‭ ‬شيئا‭ ‬يجعل‭ ‬قلبي‭ ‬ينبض‭ ‬بعنف‭! ‬فيقول‭ ‬لها‭: ‬أخوك‭ ‬ورانا‭!! ‬ويكون‭ ‬تعقيب‭ ‬صاحبنا‭: ‬وبعدين‭ ‬كيف‭ ‬تصرفوا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الصعب؟‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬لا‭ ‬أتعامل‭ ‬معه‭ ‬نهائيا‭!‬

ومن‭ ‬النصائح‭ ‬الجاكسونية‭ ‬المهمة‭: ‬احرص‭ ‬على‭ ‬قضاء‭ ‬ضعف‭ ‬الوقت‭ ‬المعتاد‭ ‬مع‭ ‬عيالك‭ ‬وامنحهم‭ ‬نصف‭ ‬المبلغ‭ ‬المعتاد‭. ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬خاض‭ ‬فيه‭ ‬جعفر‭ ‬براون‭ ‬كثيرا‭: ‬الوالدان‭ ‬اللذان‭ ‬يحسبان‭ ‬ان‭ ‬اغداق‭ ‬المال‭ ‬على‭ ‬الصغار‭ ‬يعوضهم‭ ‬عن‭ ‬غيابهما‭ ‬عن‭ ‬حياتهم،‭ ‬غائبون‭ ‬عن‭ ‬واجباتهم‭ ‬تجاه‭ ‬عيالهم،‭ ‬وهنا‭ ‬أتوقف‭ ‬لأعيد‭ ‬سرد‭ ‬حكاية‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬ان‭ ‬أوردتها‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬سأل‭ ‬والده‭ ‬كم‭ ‬يكسب‭ ‬في‭ ‬اليوم‭.. ‬ورغم‭ ‬انفعال‭ ‬الأب‭ ‬لطرح‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬سخيفا‭ ‬رد‭ ‬عليه‭ ‬بقوله‭: ‬اتقاضى‭ ‬خمسين‭ ‬دولارا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭.. ‬فانشرحت‭ ‬أسارير‭ ‬الطفل‭ ‬وقال‭: ‬طيب‭ ‬ممكن‭ ‬تديني‭ ‬25‭ ‬دولارا؟‭ ‬هاج‭ ‬الأب‭ ‬وماج‭: ‬شنو‭ ‬المسخرة‭ ‬والعبط‭.. ‬مش‭ ‬كفاية‭ ‬إني‭ ‬أكسوك‭ ‬وأطعمك‭ ‬وأعلمك‭ ‬واشتري‭ ‬لك‭ ‬اللعب‭ ‬والكتب،‭ ‬وتريد‭ ‬نصف‭ ‬اجري‭ ‬اليومي‭ ‬لتنفقه‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬تافهة؟‭ ‬انسحب‭ ‬الولد‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬ودخل‭ ‬غرفته‭.. ‬وبعد‭ ‬قليل‭ ‬عاتب‭ ‬الرجل‭ ‬نفسه‭ ‬ودخل‭ ‬على‭ ‬الولد‭ ‬واعتذر‭ ‬له‭ ‬لانفعاله‭ ‬لأنه‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬عمل‭ ‬شاق،‭ ‬ومد‭ ‬يده‭ ‬اليه‭ ‬بـ25‭ ‬دولارا،‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يفاجأ‭ ‬بالولد‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬مخدته‭ ‬أوراق‭ ‬عملة‭ ‬مهلهلة‭ ‬واكتشف‭ ‬الأب‭ ‬انها‭ ‬تبلغ‭ ‬25‭ ‬دولارا‭ ‬فسأل‭ ‬الولد‭: ‬طالما‭ ‬عندك‭ ‬مدخرات‭ ‬تبلغ‭ ‬25‭ ‬دولارا‭ ‬فلماذا‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬مبلغا‭ ‬يعادلها‭.. ‬قال‭ ‬الولد‭: ‬خذ‭ ‬هذه‭ ‬الخمسين‭ ‬دولارا‭ (‬التي‭ ‬هي‭ ‬أجر‭ ‬الوالد‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭) ‬وتغيب‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬يوما‭ ‬واحدا‭ ‬لتبقى‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬البيت‭!!!!!!!!!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا