زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
براون أمريكاني وبراون سوداني (2)
نبقى مع الأمريكاني إتش جاكسون براون، (1941-2021)، وبراون السوداني لكوني براون بمعنى أسمر البشرة! وجاكسون براون كان يكتب نصائح لولده على مر السنين ثم جمعها وأصدرها في كتاب يحمل اسم Life’s Little Instruction Book «الكتاب الصغير لنصائح تتعلق بالحياة»، نصح الامريكاني جاكسون براون ولده في مختلف شؤون الحياة على مدى سنوات طوال، ثم جمع تلك النصائح ونشرها في الكتاب الذي باع ملايين النسخ، ومن تلك النصائح: في عيد ميلاد زوجتك أرسل باقة ورد لأمها. أما جعفر براون (أي أبو سمرة ال......) فيقول ان هذه النصيحة لا تلزمنا.. شخصيا لم يحدث قط ان قدمت وردة لزوجتي.. ولا هي قدمت لي زهرة، فما بالك لو قدمت باقة كاملة لحماتي؟ كانت ستتشكك في قواي العقلية أو تقول في سرها: أكيد سرق باقة الورد من سرير مريض في المستشفى، او عثر عليها ملقاة في الشارع لأنه مش معقول يدفع الشيء الفلاني ليشتري لي وردا كثيرا.. الغريب في الأمر أنني حريص جدا على زرع الورود في بيتي (وعندي على الدوام اكتفاء ذاتي من النعناع)، أينما سكنت خلال العشرين سنة الأخيرة أملأ جنبات الحوش بالزهور.. ولم يخطر ببالي قط أن اقطع واحدة وأقدمها لزوجتي.. وليس مستبعدا انه لو فعلتها لانفجرت في وجهي: إياك تقرب من الزهور يا فالح. لو احتجت الى وردة سأتصرف بنفسي! المسألة ليست جلافة، بل لأن ثقافة الزهور كرمز للحب والجمال والمودة غير راسخة عندنا.. وفي آخر مرتين لزمت فيهما سرير المستشفى كتبت في الصحف طالبا من يهمهم الأمر الذين يفكرون في شراء ورد لي ان يعطوني نصف قيمة البوكيه (الباقة) كاش.
ونبقى مع براون الأمريكاني ونصيحة أخرى لولده: ابتسم لأن ذلك لا يكلفك شيئا في حين ان الابتسامة لا تقدر بثمن!! ولي أن أتساءل: لماذا نجد أشخاصا يسبب مجرد النظر إليهم الغم.. يرزق بمولوده الأول بعد 10 سنوات من الزواج وتندفع نحوه مهنئا وفرحا بصدق، فيغمغم: مبروك على ماذا؟ لبن وحفاظات وتطعيم ومصاريف مستشفى. وبعدها مدارس ورسوم مدرسية! من أجمل صفاتي وعاداتي أنني لا أطيق النكديين ولا «أرحمهم»، بمعنى أنني لا أكف عن تذكيرهم بأن الواحد منهم بائس في نفسه ويسبب البؤس لغيره. أما النوع الذي تقول له نكتة مثل: قالت الفتاة لحبيبها وهي تسير معه في الشارع: قل لي شيئا يجعل قلبي ينبض بعنف! فيقول لها: أخوك ورانا!! ويكون تعقيب صاحبنا: وبعدين كيف تصرفوا في هذا الموقف الصعب؟ مثل هذا النوع لا أتعامل معه نهائيا!
ومن النصائح الجاكسونية المهمة: احرص على قضاء ضعف الوقت المعتاد مع عيالك وامنحهم نصف المبلغ المعتاد. هذا أمر خاض فيه جعفر براون كثيرا: الوالدان اللذان يحسبان ان اغداق المال على الصغار يعوضهم عن غيابهما عن حياتهم، غائبون عن واجباتهم تجاه عيالهم، وهنا أتوقف لأعيد سرد حكاية سبق لي ان أوردتها هنا عن الطفل الذي سأل والده كم يكسب في اليوم.. ورغم انفعال الأب لطرح هذا السؤال الذي اعتبره سخيفا رد عليه بقوله: اتقاضى خمسين دولارا في اليوم.. فانشرحت أسارير الطفل وقال: طيب ممكن تديني 25 دولارا؟ هاج الأب وماج: شنو المسخرة والعبط.. مش كفاية إني أكسوك وأطعمك وأعلمك واشتري لك اللعب والكتب، وتريد نصف اجري اليومي لتنفقه في أمور تافهة؟ انسحب الولد في هدوء ودخل غرفته.. وبعد قليل عاتب الرجل نفسه ودخل على الولد واعتذر له لانفعاله لأنه عاد من يوم عمل شاق، ومد يده اليه بـ25 دولارا، فإذا به يفاجأ بالولد يخرج من تحت مخدته أوراق عملة مهلهلة واكتشف الأب انها تبلغ 25 دولارا فسأل الولد: طالما عندك مدخرات تبلغ 25 دولارا فلماذا طلبت مني مبلغا يعادلها.. قال الولد: خذ هذه الخمسين دولارا (التي هي أجر الوالد في اليوم الواحد) وتغيب عن العمل يوما واحدا لتبقى معي في البيت!!!!!!!!!

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك