أول بحرينية تمارس رياضة رفع الأثقال وثاني مواطنة تحصل على رخصة دولية للتحكيم في هذا المجال.. محكمة في لعبة رفع الأثقال البارالمبية للمعاقين.. حصدت عديدا من الميداليات الذهبية في بطولات دولية.. مدربة السباحة ومعلمة التربية الرياضية سارة حمد عتيق لـ«أخبار الخليج»:
يقول خبير التنمية البشرية د. إبراهيم الفقي: «يجب أن يكون إحساسك إيجابيا مهما كانت التحديات»!
هكذا كان شعورها حين قررت ممارسة رياضة رفع الأثقال والتي يقال عنها بأنها ذكورية بالدرجة الأولى، فقد ظلت تردد بداخلها «سأحيا كما تشتهي لغتي أن أكون.. سأحيا بقوة هذا التحدي»، لتكتشف بأنها أشجع مما تظن وأقوى مما تبدو وأذكى مما تعتقد.
سارة حمد عتيق، أول بحرينية تمارس رياضة رفع الأثقال وثاني مواطنة تحصل على رخصة تحكيم دولي في هذا المجال، اختارت لنفسها طريقا مختلفا عصيبا لكنه ممتع للغاية، وذلك حين قررت أن تمارس هذه الرياضة الصعبة دون أن تعبأ بالآراء المحبطة أو تستسلم لإرادة غيرها، فحصدت العديد من الميداليات الذهبية والجوائز والتكريمات المحلية والدولية تاركة لها بصمة خاصة في هذا العالم.
هي تؤمن بأن النجاح يأتي لأولئك الذين يصرون على المضي قدما، أما التحدي فقد مثَّل لها شعورا داخليا بالتحفيز والإنجاز، فجاء حصاد الرحلة جميلا يفوق كل التوقعات.
في الحوار التالي سوف نتوقف عند أهم المحطات والإنجازات:

ما عوامل بناء الشخصية في رأيك؟
- أنا أرى أن تقدير الذات هو الأساس لبناء شخصية قوية وسعيدة، ومن ثم حرية تقرير المصير وتحديد المستقبل، وهذا ما شعرت به منذ الصغر، ففي طفولتي عشقت ممارسة الرياضة وخاصة كمال الأجسام، وشجعني على ذلك خالي الذي يعمل مدربا في هذا المجال في أحد الأندية الرياضية، حيث ورثت عنه حب هذه الرياضة التي بدأت التدريب عليها عند عمر 15 عاما ومارستها بصورة فعلية بعد ذلك بحوالي أربع سنوات، فضلا عن ممارستي لرياضات أخرى ككرة الطائرة، وقد أقدمت على دراسة تخصص التربية الرياضية في المرحلة الجامعية استجابة لشغفي الشديد بالرياضة بشكل عام.
وبعد التخرج؟
- بعد التخرج في الجامعة عملت كمدربة إنقاذ سباحة بمركز الشباب النموذجي، حيث درست رياضة السباحة خلال الدراسة الجامعية وتخصصت بها، ومازلت أعمل في هذا المجال حتى الآن وهو قريب إلى قلبي كثيرا، هذا فضلا عن ممارستي لرياضة رفع الأثقال.
ما رأيك في القول إن رفع الأثقال رياضة ذكورية؟
- كثيرون يرون أن رياضة رفع الأثقال ذكورية في المقام الأول ولا تليق بالعنصر النسائي نظرا إلى كونها من الرياضات العنيفة، بل إن البعض يراها تنتقص من أنوثة المرأة وهو اعتقاد خاطئ تماما ولا أساس له من الصحة، بل على العكس أجدها تجمل من شكل جسم الفتاة التي تمارسها، ولا شك أنني تلقيت الكثير من الآراء المحبطة والمهبطة للعزيمة ولكني لم أعبأ بها، ومارست هذه الرياضة الممتعة وتدربت عليها، وشاركت في أول بطولة في تونس عند عمر 19 عاما، ثم توالت المشاركات والإنجازات والنجاحات ومن هنا بدأ تقبل الكثيرين لقراري بالخوض في هذا المجال والمنافسة فيه.
ما مؤهلات ممارستها؟
- هذه الرياضة تحتاج من الشخص الذي يمارسها التمتع بقوة تحمل كبيرة وصبر شديد، وهذا ما عهدته من نفسي منذ انضمامي إلى فريق البحرين النسائي، وقد كنا نتدرب في صالة لرفع الأثقال في أم الحصم، وجاء ذلك بعد مشاركتي في برنامج لياقة الموهوبين الذي يختار المميزين في مختلف أنواع الرياضات، وقد تواصل معي اتحاد البحرين لرفع الأثقال وتدربت على أيدي الكابتن عبدالله علي.
كيف كانت البداية؟
- أذكر أنني في البداية كنت أتدرب على تكنيك اللعبة باستخدام عصا مكنسة، وقد ضم الفريق في البداية حوالي عشر فتيات، كما كنا نتدرب كذلك في نادي الجيم بصالة المعاقين في ستاد مدينة عيسى، وكانت مدربتي مصرية تدعى أميرة إبراهيم والتي وعدتني بأن أصبح نسخة بحرينية من اللاعبة العالمية سارة سمير التي أعتبرها قدوة لي، وبعد ثماني سنوات تقريبا توقفت عن ممارسة هذه الرياضة وكان أقصى وزن رفعته 85 كيلو، وكنت أطمح في الوصول إلى 110 كيلوات.
ماذا وراء التوقف عن ممارستها؟
- بعد تعرضي للإصابة في الركبة وقضاء عدة أشهر على استعمال العكاز أثناء التحرك، قررت التوجه إلى مجال آخر يتعلق بنفس نوع الرياضة وهو التحكيم، علما بأنني مارست اللعبة والتحكيم في الوقت ذاته حوالي عامين قبل التوقف عنها بصورة احترافية، ولكني مازلت حتى اليوم أتدرب على رفع الأثقال بشكل شخصي ومتواصل.
أهم إنجاز في مجال التحكيم؟
- بعد تدريبي والتحاقي بكثير من الورش في هذا المجال وإلمامي بعملية التحكيم بشكل كبير ومحترف تم حصولي على رخصة للتحكيم الدولي وكنت بذلك ثاني بحرينية تحقق هذا الإنجاز، وبالنسبة إلى أهم تجربة خضتها كانت مهمة تحكيم أول بطولة عالمية تستضيفها مملكة البحرين وذلك تحت إشراف الكابتن إسحاق إبراهيم إسحاق رئيس اتحاد رفع الأثقال بالبحرين، والذي بذل جهدا كبيرا لإنجاح هذا الحدث العالمي وخروجه بهذا الشكل المتألق أمام العالم، ولا شك أنها مثلت محطة مهمة في مشواري ورغم صعوبتها إلا أنني شعرت بمتعة كبيرة وبفخر لتمثيلي لوطني في هذه الفعالية الدولية.

أجمل اللحظات؟
- من أجمل وأحب اللحظات التي عشتها عبر مشواري الرياضي هو الاستماع إلى عزف السلام الملكي البحريني في أي بطولة دولية أحرزت فيها المركز الأول، فالكلمات تعجز عن وصف ما شعرت به حينئذ من فخر واعتزاز كبيرين بما أنجزت ومن تمثيل وطني بهذه الصورة المشرفة أمام العالم.
كيف ترين الاهتمام بالرياضات النسائية؟
- الاهتمام بالرياضة النسائية بمملكة البحرين في تزايد مستمر خلال السنوات الأخيرة وذلك بفضل دعم وتوجه وحماس القيادة الرشيدة، وكل ما تحتاج إليه الفتاة الرياضية هو مزيد من الدعم النفسي والجسدي والمادي والتهيئة الذهنية والتدريب المتواصل وتطوير الذات، وأتوجه هنا برسالة إلى كل عنصر نسائي احترف أي نشاط رياضي مفادها الحرص على الاستمرارية والإصرار على إكمال المسيرة وعدم التخلي عنها لأي ظروف أو أسباب.
أهم الإنجازات؟
- وعن أهم الإنجازات في عام 2019 حصلت على ثلاث ميداليات ذهبية وثلاث فضية في بطولة غرب آسيا لرفع الأثقال في عمان، وفي عام 2018 حصدت الميدالية الفضية المركز الثاني في بطولة غرب آسيا لرفع الأثقال في مملكة البحرين، وفي عام 2016 نلت ثلاث ميداليات برونزية وثلاث ذهبية في بطولة الاتحاد الدولي الرابعة لرفع الأثقال والبطولة الأفروآسيوية الثالثة والبطولة العربية في الأردن، وفي عام 2015 حصلت كذلك على ثلاث ميداليات ذهبية في بطولة كأس آسيا للأندية لرفع الأثقال في الأردن وعلى ثلاث ميداليات ذهبية في بطولة غرب آسيا، وفي عام 2014 فزت بست ميداليات برونزية في البطولة العربية لرفع الأثقال في تونس.
أصعب تحد
- اختياري لممارسة واحتراف هذه الرياضة كان تحديا في حد ذاته، وقد جاء ذلك لعشقي للتحديات وللتميز ولا شك أنني واجهت في البداية صعوبة كبيرة في إقناع الأهل بخوض هذا المجال وخاصة أنه يتسم بالخطورة نسبيا، ولكن بسبب دعم خالي وإحدى صديقاتي المقربة لي تمكنت من انتزاع موافقتهم والمواصلة بكل قوة وحماس ثم توالت النجاحات.
أكثر التجارب قسوة؟
- من المؤكد أنني مررت بتجارب أشعرتني بمرارة الفشل وهو حال أي إنسان في مختلف المجالات، وأذكر أن أكثرها قسوة كانت حين حاولت ذات مرة وخلال بطولة محلية أن أحقق رقما معينا في رفع الأثقال فوقعت على الأرض أنا وما أحمله من أوزان، وكانت لحظة مريرة شعرت خلالها بألم نفسي شديد، وقد أصبت في أعقاب ذلك بتمزق بسيط وتم إسعافي في موقع البطولة، ثم تعافيت معنويا وجسديا وعدت أقوى من ذي قبل.
مبدأ تسيرين عليه؟
- هناك مقولة أضعها دائما نصب عيني مفادها «اتعب الآن حتى ترتاح غدا» وهي تعني بذل أقصى جهد اليوم حتى تنجح لاحقا، ومن ثم تحصد كل ما هو جميل، وهو أمر ضروري لممارسي هذه الرياضة خاصة.
طموحك القادم؟
- من أهم طموحاتي للمرحلة القادمة امتلاك صالة رياضية تجمع بين الأجهزة الرياضية وطبليات رفع الأثقال بهدف صناعة أبطال موهوبين في هذه الرياضة التي تعاني من قلة الإقبال عليها، فضلا عن أمنية حصولي على رسالة الماجستير في تخصص التربية الرياضية وهو أمر متوقف منذ سنوات للأسف الشديد.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك