يمثل هذا المقال ملخصا لدراسة شاركت فيها مع الأخوين أ. د. وهيب الناصر ود. محمد جاسم العثمان عن جدوى تقديم التوقيت الزمني في مملكة البحرين عودا إلى ما كان عليه التوقيت قبل يونيو 1972.
خلاصة الدراسة
تقترح الدراسة تقديم التوقيت في مملكة البحرين ساعة واحدة لتصبح (+4) بتوقيت غرينتش بدلا من التوقيت الحالي (+3 ) للاستفادة من الوقت الضائع من ساعات أوائل النهار، وسيؤدي تقديم التوقيت ساعة واحدة إلى تأثيرات إيجابية على اقتصاد مملكة البحرين بإعطاء فرصة لزيادة الإنتاج وتحقيق التوازن المالي من ناحية ولمعالجة الدين العام الذي يثقل كاهل الميزانية العامة من ناحية أخرى؛ وذلك باستغلال الفترة الصباحية استغلالا أفضل لمزيد من الإنتاج تماشيا مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها «وجعلنا الليل لباسا* وجعلنا النهار معاشا»، ومع الساعة البيولوجية للإنسان، وهي فترة النشاط بعد الاستيقاظ من النوم ، ومن حيث الجانب الصحي والنفسي أيضا.
وحتى لا ندخل في دوامة التوقيتين (توقيت شتوي وتوقيت صيفي) تقترح الدراسة الآتي:
1- عدم تغيير أوقات بدء العمل في القطاع الخاص وقطاع السوق (تقسم الدراسة القطاعات التي لها بداية ونهاية إلى ثلاثة قطاعات: الحكومي والخاص والسوق)؛ إذ يبدأ العمل فيها حاليا عند الساعة الثامنة صباحا وهو ما لا يؤثر على وقت دوامهما.
2- تأخير بداية العمل ونهايته في القطاع الحكومي مدة ثلاثة أشهر فقط ليكون الساعة (7:30) صباحا في الأشهر ديسمبر ويناير وفبراير، «يبدأ العمل حاليا بين (7) و(7:15) صباحا».
3- يبدأ التغيير للقطاع الحكومي أول يوم أحد من شهر ديسمبر من كل عام، وينتهي التغيير آخر يوم خميس من شهر فبراير من كل عام.
الداعي لهذا التغيير
بدراسة التوقيت الحالي تتضح الظواهر الآتية:
- أدنى وقت لشروق الشمس بحسب التوقيت الحالي يكون عند الساعة (4:44) صباحا اعتبارا من أوائل شهر يونيو، أي قبل بدء العمل الحكومي بثلاث ساعات أو ثلاث ساعات وربع الساعة حاليا «يبدأ العمل بين (7) و (7:15) صباحا».
- أقصى وقت لشروق الشمس بحسب التوقيت الحالي يكون عند الساعة (6:26) صباحا أي قبل بدء الدوام الحكومي بنصف ساعة تقريبا باعتبار بدء الدوام الساعة (7:00).
- بحسب التوقيت الحالي يبلغ عدد الأيام التي تشرق فيها الشمس قبل بدء العمل بأكثر من ساعة (300) يوم أي ما نسبته (82.2%) من السنة، وتنقص الأيام في التوقيت المقترح إلى (132) يوما، أي ما نسبته (36.2%).
- بحسب التوقيت الحالي يبلغ عدد الأيام التي تشرق فيها الشمس قبل بدء العمل بأقل من ساعة في التوقيت الحالي (65) يوما أي ما نسبته (17.8%) من السنة، وتزيد الأيام في التوقيت المقترح إلى (168) يوما، أي ما نسبته (46%).
أي أن ما يضيع بحسب التوقيت الحالي من أوائل النهار في النوم يقارب ثلاثة أرباع السنة، وهي مخالفة لطبيعة خلق الإنسان حيث جعل الله تعالى النهار نشورا والليل سباتا، وقد ذكر الله تعالى هذا التقسيم في آيات قرآنية؛ منها قوله سبحانه: «اللَّهُ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ لِتَسكُنوا فيهِ وَالنَّهارَ مُبصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذو فَضلٍ عَلَى النّاسِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ»، وذَكر فوائد هذا التقسيم في آيات أخرى منها قوله تعالى: «وَمِن رَحمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ لِتَسكُنوا فيهِ وَلِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ»، ومنها قوله تعالى: «وَجَعَلنا نَومَكُم سُباتًا* وَجَعَلنَا اللَّيلَ لِباسًا* وَجَعَلنَا النَّهارَ مَعاشًا»، كما يخالف الساعة البيولوجية للبشر.
فوائد تطبيق التوقيت المقترح
عند تطبيق التوقيت المقترح سينعم أهل البحرين بالفوائد الآتية:
- يصبح شروق الشمس ما بين الساعة (05:44 صباحا) في شهر يونيو والساعة (07:26 صباحا) في شهر يناير، بدلا من الساعة (04:44 صباحا) في شهر يونيو والساعة (06:26 صباحا) في شهر يناير.
- يصبح غروب الشمس ما بين الساعة (5:46) مساء في شهر نوفمبر والساعة (7:35) مساء في شهر يونيو، بدلا من الساعة (4:46) مساء في شهر نوفمبر والساعة (6:35) مساء في شهر يونيو.
- يتقدم موعد بدء الأعمال في جميع القطاعات ساعة واحدة، عدا القطاع الحكومي بحسب المعالجة المقترحة إذ تصبح (30 دقيقة) في الأشهر (ديسمبر ويناير وفبراير).
- يتقدم موعد انتهاء الأعمال في جميع القطاعات ساعة واحدة.
- تنجز معظم الأعمال المكتبية والخدمية والتشغيلية والإنتاجية خلال فترة النهار، بينما يمتد في التوقيت الحالي إلى فترة من الليل تطول في الشتاء من أربع إلى خمس ساعات.
- ينخفض استهلاك الكهرباء للأفراد وفي القطاع الخاص والسوق، ومن ثم يقل انتاج الكهرباء وتنخفض تكاليف الإنتاج، وخاصة في فصل الصيف، ما يؤدي إلى التوفير على المستهلك وانخفاض الكلفة الإنتاجية.
- تزيد فرصة الاستفادة من النصف الثاني من النهار ساعتين بسبب تقديم التوقيت ساعة واحدة صباحا وتأخر حلول المساء ساعة أخرى.
- تتحقق فوائد صحية ونفسية من زيادة مدة النوم ليلا مدة ساعتين؛ بزيادة ساعة واحدة في النصف الأول من الليل وزيادة ساعة أخرى في النصف الثاني من الليل.
- تتاح الفرصة لتنمية الهوايات والخدمات لدى شريحة من أصحاب الدخل المحدود والمتوسط لزيادة الدخل ورفع مستواه خلال الفترة المسائية من اليوم.
- تتاح الفرصة لطلاب المدارس في العطلة الصيفية للتدرب على الأعمال المهنية وتنمية المواهب والهوايات والخدمات.
- احتمال متوسط لتقليل الاعتماد على العمالة الخارجية بسبب توفير ساعات نهارية أكثر لتنمية الهوايات والخدمات لدى المواطنين.
فوائد النوم المبكر ليلا
أثبتت الدراسات أن نوم ساعة واحدة ليلا أفضل من نوم ساعتين أو أكثر نهارا، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم بـ(السكن) الدال على السكينة والهدوء وبـ(السُبات) الدال على انقطاع الحركة، ويتحقق السبات بالاستفادة من النوم العميق الذي تحدده الساعة البيولوجية في الجسم المتمثلة بالدخول في النوم العميق خلال ساعات الليل الأولى التي يتم فيها إفراز هرمون الميلاتونين (هرمون الظلام) الذي يساعد في عملية الدخول في النوم، وهذا الهرمون يتوقف إفرازه مع دخول ساعات الصباح الأولى ليتم بعدها إفراز هرمون السيروتونين (هرمون النهار) الذي يساعد على بدء النشاط وتحفيز الطاقة، ويسمى أيضا (هرمون السعادة)1.
هذه الفكرة تحتاج إلى دراسة من الجهات المختصة في الوزارات المعنية مجلس الوزراء وفي المجلس الوطني بغرفتيه النيابي والشورى.
1- الغريب، د. عبدالرحمن، أخبار الخليج، 17 ربيع الأول 1443هـ = 23 أكتوبر 2021، العدد (15919).

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك