العدد : ١٧٣٨٠ - الخميس ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٠ - الخميس ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

مقالات

تـاريـخـنـا.. قـوتـنـا.. مـسـتـقـبـلـنا

بقلم: السيد زهره

الأربعاء ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

قراءة لأبعاد الرؤية الملكية للعمل الوطني حاضرا ومستقبلا

توجيهات الملك يجب أن تكون برنامج عمل لكل المؤسسات والقوى

الأجداد أرسوا منظومة القيم والمبادئ الحاكمة للدولة والمجتمع


حين‭ ‬يتحدث‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ويوجه‭ ‬خطابا‭ ‬إلى‭ ‬الشعب،‭ ‬فلا‭ ‬يتوقف‭ ‬جلالته‭ ‬عند‭ ‬حدث‭ ‬أو‭ ‬تطور‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬وحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬يحرص‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬أولويات‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬المرحلة،‭ ‬والمهام‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ويعطي‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬المهام‭.‬

الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬افتتاح‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬السادس‭ ‬لمجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬خطاب‭ ‬استثنائي‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬مطولا‭ ‬عنده‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التأمل‭ ‬والتفكير‭.‬

الخطاب‭ ‬يقدم‭ ‬رؤية‭ ‬ملكية‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬وفي‭ ‬المستقبل‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬تطرق‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬قضايا‭ ‬كبرى‭:‬

الأولى‭: ‬المبادئ‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحاكمة‭ ‬للحكم‭ ‬وللعمل‭ ‬الوطني‭ ‬التي‭ ‬أرساها‭ ‬الأجداد‭.‬

والثانية‭: ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬البحرين

والثالثة‭: ‬المهام‭ ‬الكبرى‭ ‬المطروحة‭ ‬للمستقبل‭.‬

هذه‭ ‬القضايا‭ ‬وما‭ ‬طرحه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بخصوصها‭ ‬تستحق‭ ‬قراءة‭ ‬دقيقة‭ ‬فاحصة‭.‬

‭***‬

قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬حاكمة

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬تطرق‭ ‬إلى‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬والعمل‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وحددها‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الغراء،‭ ‬والشورى،‭ ‬والعدل‭ ‬والإحسان،‭ ‬والتضحية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوطن،‭ ‬ومراعاة‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الأصيلة‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬المؤسسة‭. ‬وحرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬ولا‭ ‬حديثة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬جذورها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عهد‭ ‬أجدادنا‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬أرسوها‭ ‬ورسخوها‭. ‬وقادة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لم‭ ‬يرسخوها‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬وصايا‭ ‬يوصون‭ ‬بها‭ ‬‮«‬أولياء‭ ‬عهودهم‭ ‬طبقة‭ ‬بعد‭ ‬طبقة‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬هي‭ ‬بالضبط‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬بُني‭ ‬عليها‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬علامة‭ ‬تاريخية‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬البحرين‭ ‬الحديثة‭. ‬وحرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬الإشارة‭ ‬خصوصا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬الميثاق‭ ‬من‭ ‬تعديلات‭ ‬دستورية،‭ ‬كان‭ ‬أهمها‭ ‬نظام‭ ‬المجلسين،‭ ‬وتحقيق‭ ‬مبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات،‭ ‬وعودة‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬للمرأة،‭ ‬واستكمال‭ ‬بناء‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يقول‭ ‬هنا‭ ‬إننا‭ ‬حين‭ ‬نبني‭ ‬ونصنع‭ ‬التقدم‭ ‬ونستعد‭ ‬للمستقبل،‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬ننطلق‭ ‬من‭ ‬فراغ‭. ‬نحن‭ ‬ننطلق‭ ‬من‭ ‬أساس‭ ‬متين‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬التي‭ ‬أرساها‭ ‬الأجداد‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬ثوابت‭ ‬مترسخة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عبَّر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬بعبارة‭ ‬جميلة‭ ‬معبرة‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬الأصيلة‭ ‬تظل‭ ‬منهاجا‭ ‬لحياتنا،‭ ‬وجزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬ثقافتنا‭ ‬الحامية‭ ‬للسيادة‮»‬‭.‬

‭***‬

مصادر‭ ‬قوتنا

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬بلد‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬ويحقق‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬مصادر‭ ‬قوته‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬يستند‭ ‬إليها‭ ‬ويراهن‭ ‬عليها‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تطرق‭ ‬إليه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬تحديد‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬البحرين‭.‬

‭ ‬جلالته‭ ‬حدد‭ ‬خمسة‭ ‬مصادر‭ ‬كبرى‭ ‬للقوة‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

المصدر‭ ‬الأول‭: ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬القيادة‭ ‬للحكم‭ ‬وللإعداد‭ ‬للمستقبل‭.‬

هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬جلالته‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬العامة‭ ‬المترسخة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭. ‬كما‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬الحاكمة‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬وقي‭ ‬مقمتها‭ ‬بالطبع‭ ‬الدستور‭ ‬وميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭. ‬وتتجسد‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تطرحه‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬حاضرا‭ ‬ومستقبلا‭.‬

وبالطبع،‭ ‬فإن‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬نفسه‭ ‬وما‭ ‬يطرحه‭ ‬جلالته‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الخطابات‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬ومن‭ ‬توجيهات‭ ‬للحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬ما‭ ‬يحدد‭ ‬الرؤية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

رؤية‭ ‬القيادة‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬تمثِّل‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬نهجا‭ ‬ثابتا‭ ‬للقيادة‭. ‬

هذا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭. ‬إن‭ ‬الرؤية‭ ‬الواضحة‭ ‬للقيادة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬أولويات‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬وأبعاده‭ ‬ومساراته،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬أي‭ ‬استراتيجيات‭ ‬أو‭ ‬خطط‭ ‬للمستقبل‭.‬

المصدر‭ ‬الثاني‭: ‬الإنسان‭ ‬البحريني

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬اعتبر‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬قوتها‭. ‬وقال‭ ‬جلالته‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭: ‬‮«‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬هو‭ ‬ثروة‭ ‬بلادنا‭ ‬الحقيقية‭ ‬ووجهها‭ ‬المتحضر‭ ‬والمشرق‭ ‬بالعطاء‭ ‬أينما‭ ‬حضر‭. ‬فبإسهاماته‭ ‬المتواصلة‭ ‬والجادة،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬وجهة‭ ‬للخير‭ ‬والسلام،‭ ‬ومركزًا‭ ‬للإبداع‭ ‬والريادة،‭ ‬ليبقى‭ ‬صيته‭ ‬رمزًا‭ ‬للأخلاق‭ ‬الكريمة‭ ‬والقيم‭ ‬النبيلة‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬كأكبر‭ ‬ثروة‭ ‬ومصدر‭ ‬قوة‭ ‬للبحرين‭ ‬حرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬الحديث‭ ‬خصوصا‭ ‬عن‭ ‬الكوادر‭ ‬البحرينية‭ ‬الشابة‭ ‬القادرة‭ ‬بقدراتها‭ ‬وعطائها‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬العصر‭ ‬والنهوض‭ ‬بالبلاد‭ ‬وقيادتها‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭. ‬قال‭ ‬جلالته‭: ‬‮«‬هؤلاء‭ ‬الشباب،‭ ‬بإنجازاتهم‭ ‬العالمية،‭ ‬يؤكدون‭ ‬جاهزيتهم‭ ‬للإسهام‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬ويستحقون‭ ‬فرص‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والتدريب‭ ‬وتحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬لنحافظ‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬الأجيال‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬رسالة‭ ‬الوطن‭ ‬النبيلة‮»‬‭.‬

المصدر‭ ‬الثالث‭: ‬القوة‭ ‬الدفاعية‭ ‬والأمنية

لطالما‭ ‬تحدث‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬البحرين‭ ‬الدفاعية‭ ‬والأمنية‭ ‬باعتبارها‭ ‬القوة‭ ‬الضامنة‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والحامية‭ ‬للمكتسبات‭ ‬الوطنية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬الخطاب‭ ‬تطرق‭ ‬جلالته‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬القوة‭ ‬الدفاعية‭ ‬والأمنية‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬لأن‭ ‬التنمية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬إلا‭ ‬بإرساء‭ ‬الأمن‭ ‬الشامل‭ ‬كضمانة‭ ‬لاستمرار‭ ‬الحياة‭ ‬والعمل‭ ‬والإنتاج،‭ ‬فإننا‭ ‬نعتبر‭ ‬قواتنا‭ ‬الدفاعية‭ ‬والأمنية‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لتنميتنا،‭ ‬ونحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتسلح‭ ‬بأحدث‭ ‬الإمكانيات‭ ‬وأعلى‭ ‬المهارات‭ ‬لتقوم‭ ‬بمهامها‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬مكتسباتنا‭ ‬وسيادتنا‭ ‬الوطنية‮»‬‭.‬

المصدر‭ ‬الرابع‭: ‬المنجزات‭ ‬الوطنية

حرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الفخر‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بمنجزات‭ ‬البحرين‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنجزات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬حرص‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬الإشادة‭ ‬بإنجازات‭ ‬الحكومة‭ ‬بقيادة‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وأيضا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬رعاية‭ ‬الشباب‭.‬

كما‭ ‬حرص‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬الإشادة‭ ‬بالتعاون‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬وما‭ ‬يحققه‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭.‬

بالطبع‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تحققها‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬مصدر‭ ‬كبير‭ ‬للقوة‭ ‬لأنها‭ ‬أولا‭ ‬تعزز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والاستثمار،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعزز‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإنجاز‭ ‬وفي‭ ‬الإعداد‭ ‬للمستقبل‭.‬

المصدر‭ ‬الخامس‭: ‬دور‭ ‬البحرين‭ ‬الإنساني‭ ‬الحضاري‭ ‬

يعدُّ‭ ‬دور‭ ‬البحرين‭ ‬العالمي‭ ‬الحضاري‭ ‬الإنساني‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭.‬

البحرين‭ ‬بقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬عالميا‭ ‬رياديا‭ ‬متحضرا‭ ‬إنسانيا‭.‬

تتلخص‭ ‬أبعاد‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬أولا‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كشرط‭ ‬أساسي‭ ‬للتنمية‭ ‬ولصالح‭ ‬الشعوب‭. ‬وللبحرين‭ ‬مبادرات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬وخصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ولجلالة‭ ‬الملك‭ ‬والبحرين‭ ‬عموما‭ ‬مبادرات‭ ‬كبرى‭ ‬معروفة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭.‬

وتلعب‭ ‬البحرين‭ ‬دورا‭ ‬قياديا‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬والأديان‭.‬

وجلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬البحرين‭ ‬العالمية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وركز‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وبالأخص‭ ‬الجهود‭ ‬الأخيرة‭ ‬لوقف‭ ‬حرب‭ ‬غزة

هذا‭ ‬الدور‭ ‬العالمي‭ ‬للبحرين‭ ‬هو‭ ‬رصيد‭ ‬كبير‭ ‬يعزز‭ ‬سمعتها‭ ‬العالمية‭ ‬وثقة‭ ‬العالم‭ ‬فيها‭ ‬وفي‭ ‬قياداتها‭. ‬وهذا‭ ‬مصدر‭ ‬كبير‭ ‬للقوة‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابيا‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭.‬

‭***‬

توجيهات‭ ‬للمستقبل

من‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬التي‭ ‬تطرق‭ ‬إليها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬حديث‭ ‬جلالته‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬البحرين‭ ‬والإعداد‭ ‬له‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬قال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬عبارة‭ ‬تعدُّ‭ ‬درسا‭ ‬بليغا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والتفكير‭ ‬السياسي‭ ‬الحكيم‭. ‬قال‭ ‬جلالته‭: ‬‮«‬ان‭ ‬التقدم‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بقراءة‭ ‬واعية‭ ‬لمعطيات‭ ‬المستقبل‭ ‬ومواجهة‭ ‬تحولاته،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬فرصه‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬التعبير‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬أمورا‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭. ‬يعني‭ ‬أولا‭: ‬إننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ندرس‭ ‬بعناية‭ ‬شديدة‭ ‬توقعات‭ ‬المستقبل‭ ‬واحتمالاته‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬جانب‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬حاسمة‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬والتطورات‭ ‬المتسارعة‭. ‬ويعني‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬هذه‭ ‬الاحتمالات‭ ‬أن‭ ‬نخطط‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬احتمال،‭ ‬وأن‭ ‬ندرس‭ ‬كيف‭ ‬نستفيد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة،‭ ‬ونستعد‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬تطورات‭ ‬متوقعة‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬فينا‭.‬

وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬طرح‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬توجهات‭ ‬محددة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬جلالته‭ ‬أولويات‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭.‬

تحديدا‭ ‬أصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬توجيهاته‭ ‬في‭ ‬مجالين‭ ‬محددين‭ ‬كبيرين‭:‬

التوجيه‭ ‬الأول‭: ‬العناية‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬بما‭ ‬تشمله‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬معنوية‭ ‬وممارسات‭ ‬أصيلة‭ ‬ترتبط‭ ‬بالإنسان‭ ‬البحريني،‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬أبلغ‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬قوته‭ ‬الحضارية‭ ‬المتجددة،‭ ‬وقدرته‭ ‬الفائقة‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬التاريخ،‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬إعلاء‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوحدة‭ ‬الجامعة‭ ‬لكل‭ ‬أطيافه،‭ ‬ورفض‭ ‬مظاهر‭ ‬التعصب‭ ‬والكراهية‭ ‬والولاءات‭ ‬الخارجية،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬ترسيخ‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬بما‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬وطنية‭ ‬أكبر‭ ‬ركيزة‭ ‬للإعداد‭ ‬للمستقبل‭. ‬وهذه‭ ‬رؤية‭ ‬حكيمة،‭ ‬فأي‭ ‬تقدم‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استند‭ ‬إلى‭ ‬هوية‭ ‬وطنية‭ ‬راسخة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬بقيمها‭ ‬وبمبادئها‭ ‬وما‭ ‬تعنيه‭ ‬من‭ ‬ولاء‭ ‬وطني‭ ‬جامع‭ ‬ووحدة‭ ‬وطنية‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬حافز‭ ‬للإنجاز‭ ‬وتحقيق‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬ننشده‭.‬

التوجيه‭ ‬الثاني‭: ‬ضرورة‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والمعرفي‭ ‬المؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التمكين‭ ‬والتنويع‭ ‬الصناعي‭ ‬والإنتاجي،‭ ‬باعتباره‭ ‬رافدًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المنشود‭ ‬لتقليل‭ ‬اعتماد‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬مصادره‭ ‬التقليدية‭.‬

هذا‭ ‬التوجيه‭ ‬الملكي‭ ‬ينطلق‭ ‬بالطبع‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬الآن‭ ‬ومستقبلا‭ ‬هو‭ ‬عصر‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬الرهيب‭ ‬والمتسارع‭. ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬جلالته‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مواكبة‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬وتسخيره‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬نمو‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭.‬

واللافت‭ ‬أن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬كان‭ ‬حريصا‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب‭ ‬الأساسية‭ ‬والمهام‭ ‬الكبرى‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭. ‬جلالته‭ ‬وجه‭ ‬مثلا‭ ‬بالتوظيف‭ ‬الأمثل‭ ‬لتقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والتصنيع‭ ‬والتنمية‭ ‬الحضرية،‭ ‬وإلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬واستكشاف‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭.. ‬وهكذا‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬فإن‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬لمستقبل‭ ‬البحرين‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬جانبين‭ ‬كبيرين‭. ‬الأول‭: ‬إننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستعد‭ ‬للمستقبل‭ ‬ونخطط‭ ‬له‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تفصيلية‭ ‬لاحتمالاته‭ ‬وفرصه‭ ‬وتحدياته‭. ‬والثاني‭: ‬إن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬هما‭ ‬عماد‭ ‬أي‭ ‬خطط‭ ‬للمستقبل‭.‬

‭***‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬خطاب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يعدُّ‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬ويعد‭ ‬مرشدا‭ ‬ودليلا‭ ‬للمستقبل‭ ‬وكيف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستعد‭ ‬له‭.‬

الخطاب‭ ‬هو‭ ‬رؤية‭ ‬ملكية‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حاضرا‭ ‬ومستقبلا‭.‬

ويمكننا‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬ثلاثة‭ ‬كبرى‭.‬

إننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعتز‭ ‬ونفتخر‭ ‬بتاريخنا‭ ‬وبقادتنا‭ ‬الذين‭ ‬أرسوا‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬المتحضرة‭ ‬الحاكمة‭ ‬للدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬ثقافة‭ ‬ثابتة‭. ‬

إننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬البحرين‭ ‬الكثيرة‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نعززها‭ ‬وأن‭ ‬نراهن‭ ‬عليها‭.‬

إننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعد‭ ‬للمستقبل‭ ‬إعدادا‭ ‬مدروسا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجوانب،‭ ‬وأن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬ومواكبة‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬عماد‭ ‬أي‭ ‬إعداد‭ ‬للمستقبل‭.‬

يبقى‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬طرحه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬من‭ ‬رؤى‭ ‬وتوجيهات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬لكل‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقوى‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا