الدكتورة يارة عبدالرحمن: ابن النفيس يوفر أحدث أجهزة التشخيص الشعاعي الرقمي ثلاثي الأبعاد
شهر أكتوبر من كل عام يأتي محملاً برسالة أمل، وتذكير إنساني عميق بأهمية التكاتف والتوعية في وجه واحد من أكثر التحديات الصحية التي تواجه النساء حول العالم... ألا وهو سرطان الثدي. في المقال التالي تستعرض الدكتورة رجاء العيد استشاري الجراحة العامة وأورام الثدي والترميم بمستشفى الكندي اسباب ارتفاع الاصابة بسرطان الثدي، وأحدث العلاجات الجراحية. واشارت الدكتورة رجاء إلى أن معدلات الاصابة بالمرض تشهد ارتفاعا عالميا ولمملكة البحرين نصيب. موضحة ان مملكة البحرين سجلت حوالي 324 حالة إصابة في عام 2022 وفق آخر احصائيات منظمة الصحة العالمية، واحتل المرض النسبة الأعلى بحوالي 44 % من مجمل حالات الأورام الخبيثة في النساء.
ولكن في ظل تزايد حالات الإصابة يبقي الاكتشاف المبكر هو طوق النجاة.. إذا يعزز تشخيص وعلاج الورم في مراحله المبكرة من نسب الشفاء لما يقارب 95%.
واضافت الدكتورة رجاء: ان من المهم أن نتذكر ان المراحل المبكرة لسرطان الثدي سوف تمر من دون اي اعراض تذكر ولن تشعر المريضة بأي تغييرات او تكتلات ملحوظة.. وما نهدف اليه هو الاكتشاف في هذه المرحلة عن طريق أشعة الماموغرام، كي نعزز نسبة النجاة من المرض. فكلما كان العلاج في مرحلة مبكرة كلما ارتفعت نسب الشفاء. لذلك نشدد سنويا على أهمية الكشف المبكر وننصح بإجراء أشعة الماموغرام متى ما بلغت المريضة سن الاربعين.. مع ضرورة الانتباه لأي تغييرات في الثدي ومراجعة الطبيب المختص حال حدوثها، فالتردد والخوف من المجهول والنتائج يعد من أهم التحديات التي تواجه المرضى في معركة الحياة والانتصار على السرطان، بالإضافة إلى الألم الجسدي، نجد قلق المريضة والخوف على نفسها ومصير عائلتها من أهم الجوانب المقلقة في رحلة التشخيص والعلاج.
واوضحت الدكتورة رجاء نقطة مهمة: انه اليوم بفضل التشخيص المبكر وتطوير سبل العلاج المتاحة شهدنا تراجعا في معدلات الوفيات بسرطان الثدي، وبينت أنه إذا أخذنا الجانب الجراحي كشاهد على هذه التطورات، نجد الجراحة اليوم لم تعد مرادفا للخسارة، بل أصبحت بوابة نحو الشفاء والاستفادة الكاملة، من خلال تقنيات متقدمة تضع في أولوياتها إلى جانب الإزالة التامة للورم، الحفاظ على الجانب الجمالي لما يعزز من الثقة والراحة النفسية للمريضة.
والاجراءات الجراحية الآن باتت أكثر دقة بفضل التقنيات الحديثة التي تساعد في تحديد موقع الورم بكفاءة أعلى وتقليل الأذى للأنسجة السليمة، كما أن العلاجات الترميمية تنوعت في حالات الاستئصال الجزئي كإعادة بناء الثدي عن طريق تدوير الأنسجة الذاتية، أو استعارة الأنسجة من المناطق المحيطة بالثدي كجدار القفص الصدري أو اعلى البطن والاستفادة منها في تعويض الجزء المستأصل والحصول على نتائج جمالية مميزة او اجزاء عمليات شد وتصغير الثدي لتقليل الضرر الناتج بعد استئصال الأورام الكبيرة نسبيا مقارنة بحجم الثدي.
وفي حال كان الاستئصال الكامل هو الحل فالترميم في ذات العملية أو المراحل اللاحقة يجدد الأمل في الحصول على شكل جمالي مرضٍ، والخيارات متعدد بين استخدام حشوات السيليكون أو عضلات الظهر او باستخدام تقنيات حديثة تعتمد على نقل نسيج من البطن وإعادة توصيله لتشكيل الثدي تحت المجهر الجراحي.
الجراحة بالمنظار والجراحة الروبوتية اليوم باتت حاضرة في جراحة الثدي وأصبحت معتمدة في المراكز المتقدمة بهدف تقليل الألم والندوب وتسريع التعافي.
كل هذه الخيارات تعيد الى المريضة شيئًا من السيطرة على جسدها، وتجعلها شريكة في اتخاذ القرار الطبي، وهو جزء أساسي من رحلة التعافي.
وأخيرا نجد أن شهر أكتوبر لا يجب أن يكون فقط مناسبة رمزية، بل لحظة تحوّل في الوعي المجتمعي ، نُكرّس فيها مفاهيم الوقاية، والدعم، والتضامن، والبحث العلمي. هو فرصة لتكرم الناجيات، وندعم المصابات، وتعزز ثقة النساء بأن المرض لا يعني النهاية، بل قد يكون بداية جديدة مفعمة بالقوة، والتغيير، والنضج. فلنرتدِ الوردي هذا الشهر لا كمجرد لون، بل كموقف لنكن صوتا للنساء اللواتي لم يستطعن الحديث، ويدًا تُمدّ لمن أنهكها التعب، وأملا يُضيء الطريق لكل من تمشي نحو العلاج بخطى مترددة.
ومن جانبها شددت الدكتورة يارة عبدالرحمن اخصائي الاشعة التشخيصية وأشعة الثدي بمستشفى ابن النفيس على أهمية التوعية بالكشف المبكر والتدخلات السريرية القائمة على الأدلة الشعاعية والمخبرية، لما لهم من دور فعال في خفض عبء الأعراض والوفيات المرتبطة به.
واضافت: تعتبر مملكة البحرين من الدول السباقة في مجال التوعية الصحية عربياً وعالمياً، حيث وصلت مستويات الوعي الصحي الى أعلى درجاته، نتيجة للبرامج الوطنية والفحوص الدورية المنظمة، ما أسهم في زيادة نسبة الكشف المبكر وتحسين نتائج العلاج.
وتتعدد عوامل الخطورة المتعلقة بسرطان الثدي وتنقسم إلى نصفين:
1- العوامل القابلة للتعديل: وتشمل نمط الحياة غير الصحي مثل السمنة، قلة النشاط البدني، سوء التغذية، وتعاطي الكحول. كما أن استخدام العلاج الهرموني (HRT) فترات طويلة يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الإستروجين في مراحل لاحقة.
2 - العوامل غير القابلة للتعديل والمتغيرات الإنجابية والهرمونية مثل البلوغ المبكر، انقطاع الطمث المتأخر، عدم الإنجاب أو تأخر الولادة، انخفاض حالات الحمل، قصر فترات الرضاعة الطبيعية. كما يعتبر التاريخ العائلي للإصابة بسرطان الثدي أو المبيض عامل حاسم في تحديد الخطر خاصة عند وجود طفرات في الجينات عالية الاختراق مثل BRCA2 BRCA1، حيث يسهم الدمج بين الفحوص السريرية والشعاعية والدراسات الجينية في تقدير دقيق لاحتمال الإصابة. ومن الناحية السريرية، تعد الكتلة غير المؤلمة في الثدي العلامة الجسدية الأكثر شيوعاً. ووفقا لدراسة على 56 نوعا من سرطانات الثدي لـ2316 امرأة مصابة تبين وجود كتلة بنسبة 83% مقابل 6.4% بتشوهات حلمة، 6.4% بآلام في الثدي، وتشوهات جلد بنسبة 2 % وكتل إبط بنسبة 1.2%، وتقرح ثدي بنسبة 1.1%.
من هنا يعتبر تصوير الثدي الشعاعي Mammography حجر الزاوية في التشخيص المبكر. ففي عام 1977 المعهد الوطني للسرطان (NCI) أقر أن حساسية أول تصوير تراوحت بين 71% و96%، كما أظهرت الدراسات انخفاضا بنسبة حتى 30% في وفيات سرطان الثدي للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 69 و40 عاماً من خلال الكشف المبكر، وهنا تبرز اهمية اختيار المريض للمشفى المناسب والجهاز التشخيصي الأحدث.
وانطلاقا من ذلك حرص مشفى ابن النفيس على توفير أحدث الأجهزة للتشخيص الشعاعي من أجل الوصول إلى أعلى درجات الدقة في تشخيص المرض، فقد وفرت جهاز الماموغرام ثلاثي الأبعاد أو ما يسمى التصوير الشعاعي الرقمي الذي يلتقط صورا
(DBT-Digital Breast Tomosynthesis) ثلاثي الأبعاد متعددة للثدي من زوايا مختلفة لإنشاء شرائح رقيقة ومقطعية للثدي تسمح للطبيب الشعاعي من رؤية طبقات الأنسجة المتداخلة بدقة عالية ويقلل من عدد حالات النتائج الإيجابية الكاذبة والخزعات غير الضرورية خصوصا عند النساء ذوات نسيج الثدي الكثيف. يلي ذلك الفحص بالأمواج فوق الصوتية (Ultrasound) والتي تحدد صفات الكتلة بالتفصيل وفيما إذا كانت تحتاج الى مراقبة دورية فقط أو الحاجة الى الفحوص التشخيصية المكملة كالخزعات بمختلف أنواعها الموجهة بالسونار لأخذ عينة من الورم لتحديد نوع uitrasound-quide biopsy الخلايا.
كما يُعد التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أداة تشخيصية عالية الحساسية ومكملة، خاصة للنساء عاليات الخطورة الحاملات للطفرات الجينية 2-BRCA1، لما يوفره من دقة عالية في تقييم النسج الرخوة واكتشاف الآفات الدقيقة المبكرة.
ويبقى الكشف المبكر، إلى جانب التثقيف الصحي والالتزام بالفحوص الدورية، الركيزة الأساسية للحد من مضاعفات سرطان الثدي، ما يجعل من الجهود الوطنية والمؤسسات الطبية المتقدمة مثل مستشفى ابن النفيس نموذجاً يحتذى به في دعم صحة المرأة والارتقاء بمستوى الرعاية الوقائية والعلاجية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك