العدد : ١٧٣٧٧ - الاثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٧ - الاثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

رسالة الجامعات.. تلهم الأجيال وتبني المجتمعات

بقلم: د. فاطمة المالكي

الاثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬طريقي‭ ‬إلى‭ ‬العمل،‭ ‬استوقفتني‭ ‬لوحة‭ ‬إعلان‭ ‬كبيرة‭ ‬كُتب‭ ‬عليها‭ ‬كلمات‭ ‬لفتت‭ ‬انتباهي‭ ‬وأثارت‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬الفضول‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬معاني‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬‮«‬نلهم‭ ‬الأجيال‭... ‬نبني‭ ‬المجتمعات‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬اقتربت‭ ‬أكثر،‭ ‬كان‭ ‬الإعلان‭ ‬لجامعة‭ ‬وطنية‭ ‬عريقة،‭ ‬حينها‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬البسيطة‭ (‬إلهام‭.. ‬جيل‭.. ‬بناء‭.. ‬مجتمع‭) ‬لها‭ ‬معان‭ ‬كثيرة،‭ ‬تخيلتُ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬ترابطت‭ ‬معًا‭ ‬لتكون‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬جميلة‭ ‬لشباب‭ ‬يبنون‭ ‬المستقبل،‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬كلمات‭ ‬عابرة،‭ ‬أو‭ ‬كلمات‭ ‬رنانة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬معاني‭ ‬سامية‭ ‬ورؤى‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭. ‬فهي‭ ‬كلمات‭ ‬تختصر‭ ‬الدور‭ ‬الحقيقي‭ ‬للتعليم‭ ‬الجامعي‭: ‬إلهام‭ ‬الجيل‭ ‬القادم،‭ ‬وتوجيه‭ ‬طاقاتهم،‭ ‬وتحويل‭ ‬أحلامهم‭ ‬الفردية‭ ‬إلى‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬والمجتمع،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تعبير‭ ‬عميق‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬العقول،‭ ‬ورسم‭ ‬ملامح‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬

فيا‭ ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬نعني‭ ‬بإلهام‭ ‬الأجيال؟

إلهام‭ ‬الأجيال‭ ‬يعني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬نقل‭ ‬المعرفة‭ ‬للطلبة؛‭ ‬بل‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬تغرس‭ ‬الطموح،‭ ‬وتدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬قدراتهم‭ ‬الكامنة،‭ ‬وبناء‭ ‬الثقة‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬وبأنهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬التغيير‭ ‬والإبداع،‭ ‬وفتح‭ ‬أبواب‭ ‬الابتكار‭ ‬أمام‭ ‬العقول‭ ‬الشابة‭.‬

الجامعة‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬معلومات‭ ‬جامدة،‭ ‬بل‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬تجربة‭ ‬متكاملة‭ ‬تُشعل‭ ‬في‭ ‬الطلبة‭ ‬شغف‭ ‬التعلم،‭ ‬وتجعلهم‭ ‬يوقنون‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬ليس‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته،‭ ‬بل‭ ‬وسيلة‭ ‬لتغيير‭ ‬واقعهم‭ ‬ومحيطهم،‭ ‬ففي‭ ‬قاعات‭ ‬المحاضرات،‭ ‬وحين‭ ‬يقف‭ ‬الأستاذ‭ ‬المحاضر‭ ‬أمام‭ ‬طلبته،‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬دوره‭ ‬محصورًا‭ ‬على‭ ‬شرح‭ ‬الدروس‭ ‬النظرية،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬تحفيزهم‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬النقدي‭ ‬البناء،‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بتلقي‭ ‬الإجابات،‭ ‬إن‭ ‬الطالب‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬قدوته‭ ‬في‭ ‬أستاذه‭ ‬الملهم‭ ‬يتعلم‭ ‬معنى‭ ‬الانضباط،‭ ‬والالتزام،‭ ‬والسعي‭ ‬وراء‭ ‬التميز‭.‬

الطالب‭ ‬الذي‭ ‬يخطو‭ ‬اليوم‭ ‬نحو‭ ‬قاعة‭ ‬المحاضرات‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬غدًا‭ ‬مهندسًا‭ ‬يضع‭ ‬بصمته‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬أو‭ ‬طبيبًا‭ ‬ينقذ‭ ‬الأرواح،‭ ‬أو‭ ‬معلمًا‭ ‬يغرس‭ ‬المعرفة‭ ‬في‭ ‬أجيال‭ ‬الغد‭. ‬هذا‭ ‬الإلهام‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬الكتب‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬يُبنى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القدوة‭ ‬الحسنة‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬أساتذة‭ ‬الجامعة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬الصفية‭ ‬واللاصفية‭ ‬التي‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق‭ ‬والعمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبادرات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬التي‭ ‬تفتح‭ ‬الآفاق‭ ‬أمام‭ ‬الشباب‭ ‬ليبتكروا‭ ‬حلولًا‭ ‬لمشكلات‭ ‬مجتمعهم‭.‬

‭ ‬ولعل‭ ‬الأمثلة‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬كثيرة‭. ‬فكم‭ ‬من‭ ‬طالب‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬حاملاً‭ ‬شهادة‭ ‬علمية،‭ ‬ثم‭ ‬مضى‭ ‬ليصبح‭ ‬رائد‭ ‬أعمال‭ ‬يفتح‭ ‬شركات‭ ‬ناشئة‭ ‬توفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬لعشرات‭ ‬الشباب‭ ‬مثله،‭ ‬أو‭ ‬باحثًا‭ ‬يضيف‭ ‬معرفة‭ ‬جديدة‭ ‬للعالم،‭ ‬أو‭ ‬قائدًا‭ ‬مجتمعيًا‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسات‭ ‬العامة‭. ‬هذا‭ ‬الإلهام‭ ‬هو‭ ‬الشرارة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الأجيال‭ ‬نحو‭ ‬الإنجاز‭.‬

أما‭ ‬الشق‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬العبارة،‭ ‬‮«‬نبني‭ ‬المجتمعات‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬النتيجة‭ ‬الطبيعية‭ ‬للشق‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬نلهم‭ ‬الأجيال‮»‬‭. ‬فالمجتمع‭ ‬القوي‭ ‬لا‭ ‬يبنى‭ ‬بالحجارة‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬بالعقول‭ ‬المتعلمة‭ ‬والطاقات‭ ‬الواعية،‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬كيف‭ ‬تحوّل‭ ‬الأفكار‭ ‬إلى‭ ‬إنجازات‭. ‬عندما‭ ‬ينخرط‭ ‬طلبة‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬المبادرات‭ ‬البيئية،‭ ‬مثل‭ ‬حملات‭ ‬التشجير‭ ‬أو‭ ‬التوعية‭ ‬بترشيد‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة،‭ ‬فإنهم‭ ‬يسهمون‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬وعندما‭ ‬يتطوعون‭ ‬لدعم‭ ‬الأسر‭ ‬المحتاجة‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬حملات‭ ‬صحية‭ ‬للتوعية‭ ‬بالأمراض،‭ ‬فإنهم‭ ‬يقدمون‭ ‬نموذجًا‭ ‬حيًا‭ ‬لمواطن‭ ‬مسؤول‭.‬

هذا‭ ‬الانخراط‭ ‬العملي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬لأنه‭ ‬يزرع‭ ‬في‭ ‬الطلبة‭ ‬روح‭ ‬العطاء،‭ ‬ويجعلهم‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬لا‭ ‬يكتمل‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬خدمة‭ ‬إنسانية‭.‬

‭ ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬صور‭ ‬البناء‭ ‬المجتمعي‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬التطبيقي،‭ ‬فعندما‭ ‬ينجز‭ ‬فريق‭ ‬بحثي‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬تطوير‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬أو‭ ‬طرق‭ ‬مبتكرة‭ ‬لإدارة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬فإن‭ ‬نتائج‭ ‬هذا‭ ‬البحث‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬وتضعه‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬جامعة‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬رسالتها‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬محيطها‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬الجامعة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات‭ ‬تحقق‭ ‬فائدة‭ ‬مزدوجة‭: ‬فهي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬تمنح‭ ‬الطلبة‭ ‬فرصة‭ ‬لتطبيق‭ ‬معارفهم‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العملي،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬المجتمع‭ ‬بالكفاءات‭ ‬والحلول،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الجامعة‭ ‬والمستشفيات‭ ‬الوطنية‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تدريب‭ ‬طلبة‭ ‬الطب‭ ‬والتمريض،‭ ‬بل‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وكذلك‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬طلبة‭ ‬الهندسة‭ ‬لتقديم‭ ‬حلول‭ ‬تقنية‭ ‬حديثة‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنتاج‭ ‬وتقليل‭ ‬التكاليف،‭ ‬فلا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬المعادلات‭ ‬والمشاريع‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬بل‭ ‬تصقل‭ ‬خريجين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للدولة،‭ ‬وتخصصات‭ ‬التربية‭ ‬تعدّ‭ ‬المعلمين‭ ‬الذين‭ ‬يلهمون‭ ‬أجيالًا‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬أما‭ ‬كليات‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فتفتح‭ ‬المجال‭ ‬لفهم‭ ‬أعمق‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وتعزز‭ ‬قيم‭ ‬الحوار،‭ ‬والتعايش،‭ ‬والمسؤولية‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬كيان‭ ‬متطور‭ ‬يواكب‭ ‬التغيرات‭ ‬العالمية‭.‬

هذه‭ ‬النماذج‭ ‬الواقعية‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬الإلهام‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬داخل‭ ‬أسوار‭ ‬الجامعة‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يتجاوزها‭ ‬ليبني‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تُعدّ‭ ‬الطلبة‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬عالميًا‭.‬

ومن‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬أنها‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل؛‭ ‬فالإلهام‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم،‭ ‬لكن‭ ‬ثماره‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭ ‬لتبني‭ ‬مجتمعًا‭ ‬أكثر‭ ‬وعيًا،‭ ‬أكثر‭ ‬تقدمًا،‭ ‬وأكثر‭ ‬إنسانية‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬الطالب‭ ‬الذي‭ ‬يجلس‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬مقعده‭ ‬الدراسي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬يضع‭ ‬بعد‭ ‬عقدين‭ ‬خطة‭ ‬تنموية‭ ‬شاملة‭ ‬للوطن،‭ ‬أو‭ ‬يقود‭ ‬مبادرة‭ ‬علمية‭ ‬تغيّر‭ ‬حياة‭ ‬الكثيرين‭.‬

هكذا‭ ‬تتحقق‭ ‬رسالة‭ ‬الجامعات‭: ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬لا‭ ‬ينضب،‭ ‬وأن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬يعتز‭ ‬بإنجازه‭ ‬ويثق‭ ‬بقدرات‭ ‬أبنائه،‭ ‬وبهذا‭ ‬تظل‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬حية‭ ‬في‭ ‬النفوس،‭ ‬متجسدًة‭ ‬في‭ ‬الأعمال،‭ ‬وبين‭ ‬الإلهام‭ ‬والبناء،‭ ‬تتحقق‭ ‬دائرة‭ ‬العطاء‭ ‬المتبادل،‭ ‬لتظل‭ ‬الجامعة‭ ‬منارة‭ ‬للعلم‭ ‬والإبداع،‭ ‬وجسرًا‭ ‬يربط‭ ‬الحاضر‭ ‬بالمستقبل‭.‬

وهكذا‭ ‬تتحول‭ ‬العبارة‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬ملموس،‭ ‬ومن‭ ‬رؤية‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز،‭ ‬ومن‭ ‬حلم‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬يعيشها‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭. ‬‮«‬نلهم‭ ‬الأجيال‭... ‬نبني‭ ‬المجتمعات‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬عبارة‭ ‬على‭ ‬لوحة‭ ‬إعلانية‭ ‬ترفع‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬ثم‭ ‬تطوى‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬مستمرة‭ ‬تتجدد‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬طالب‭ ‬يدخل‭ ‬الجامعة،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬خريج‭ ‬يغادرها‭ ‬نحو‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬إنها‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬تكاملية‭ ‬بين‭ ‬الجامعة‭ ‬والمجتمع‭: ‬فكما‭ ‬تستمد‭ ‬الجامعة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬طلابها‭ ‬واحتياجاتها،‭ ‬فإنها‭ ‬تعود‭ ‬لتغذيه‭ ‬بالعلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬والكوادر‭ ‬المؤهلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا