يقول صلوات ربي وسلامه عليه: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» متفق عليه.
لقد قرر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث الجامع المانع مصادر الهداية والتوفيق، ولم يقل صلوات ربي وسلامه عليه: إن هذه الخمسة هي الإسلام كله، بل هي الأركان التي يقوم عليها بناء الإسلام العظيم: وحين نبحث ونتدبر هذا الحديث العظيم نجد أن الإسلام في حقيقته هو: العقيدة في صفائها، وهو الشريعة في كمالها، وهو العبادات في أهميتها، وخطورتها، وهو الأخلاق في تمامها واستيعابها لكل شأن من شؤوننا.. وتقرير هذا الحديث العظيم على الأمة الإسلامية يعني أهمية الرجوع إليه في كل ما نأخذ وندع من أمور ديننا ودنيانا، وأن نحرص على استشارته في جميع أمورنا، فهو بحق «المستشار المؤتمن» الذي يدلنا على سبل الخير والهداية الراشدة.
ومن الأمثلة التي تؤكد لنا ذلك نجد في مجال حياتنا الاجتماعية هي: قضية تأسيس الأسرة واختيار الزوجة الصالحة التي إذا نظر إليها زوجها سرته، وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعياله، ويكاد يجمع العلماء على صدق المشورة، وسداد الرأي.. هذا المثال هو اختيار الزوجة الصالحة، والزوج الصالح إذ يكون بصلاحهما صلاح المجتمع، ومن بعده صلاح الأمة، ونجد الإسلام في هذا الصدد يقول: لمن يهمهم الأمر من الآباء والأمهات والشباب، ومن له مصلحة واضحة في سلامة الأسرة ونشأتها، يقول صلوات ربي وسلامه عليه: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإن له وجاء» رواه البخاري.
هذه دعوة مبرورة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى معاشر الشباب ليحصنوا فروجهم ، ويحموا أنفسهم ونسلهم ، ويحافظوا على حياتهم نظيفة مما قد يشوبها من الشوائب، ونلاحظ هنا أن النبي الكريم (صلوات ربي وسلامه عليه) لم يكتف بالدعوة إلى هذا الأمر والتشجيع عليه، بل قام بالمشورة للشباب حتى يختاروا، ويحسنوا الاختيار حتى يجنبهم الزلل، ويسدد خطاهم إلى السبيل السوي، وحتى يتحقق ذلك لهم كان عليه (صلوات ربي وسلامه عليه) أن يوجه خطابين، الأول إلى أهل الفتيات، والخطاب الثاني إلى الشباب الذين بيدهم عقدة النكاح، فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» الترمذي وأحمد.
وهذه نصيحة مبرورة، وحكمة بالغة ينبغي على أهل الفتيات الحرص عليها، والتشبث بها، كدستور في العلاقات الاجتماعية إذا أخذ به أهل الفتيات سلمت لهم زيجاتهم من أن تسودهما الفوضى، ويعمها الفساد الذي تقع فيه كثير من الزيجات في هذا العصر أعرضت عن هذا المنهج النبوي الكريم الذي حفظ لهذه الأمة كرامتها، وحقق لها أمنها واستقرارها، وحماها من أن تقع في مشاكل كان أحرى بهم ألا يقعوا فيها كل ذلك بسبب تنكبهم عن هذا الطريق السوي.
هل اكتفى الإسلام بالدعوة إلى أهل الفتاة، بل نراه يسارع الخطى إلى الشباب ليقدم لهم النصح والإرشاد حتى لا يقعوا فيما وقع فيه غيرهم من الذين استبدوا بآرائهم، وهم أصحاب الإرادة الحرة في اختيار الفتيات اللاتي يرغبن في الزواج منهن، نجد أن الإسلام لم يبخل عليهم بالنصح والتوجيه، فيقول صلوات ربي وسلامه عليه: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» البخاري.
هذه هي الخيارات التي يقدمها الإسلام إلى الشباب، ويشير بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهم أن يأخذوا بها، ويحرصوا عليها، فإذا فعلوا صلحت لهم أمورهم كلها، فتتحقق لهم السعادة في دينهم ودنياهم وآخرتهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك