العدد : ١٧٣٧٥ - السبت ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٥ - السبت ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

خطة ترامب للسلام في غزة ومستقبل حركة «حماس»

بقلم: د. جاسم بونوفل

السبت ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

لقد‭ ‬حظيت‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بترحيب‭ ‬وقبول‭ ‬حسن‭ ‬لدى‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬بقيادة‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وجاء‭ ‬هذا‭ ‬الترحيب‭ ‬نتيجة‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬الخطة‭ ‬أو‭ ‬المبادرة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬ضغط‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬قبول‭ ‬مبادرته؛‭ ‬لأنها‭ ‬حسب‭ ‬رأيه‭ ‬هي‭ ‬الأمل‭ ‬الأخير‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وبدء‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬أمام‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع‭ ‬إلا‭ ‬الموافقة‭ ‬عليها‭ ‬تجنباً‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬لكليهما‭.‬

تتألف‭ ‬خطة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬بنداً‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس،‭ ‬وأبرز‭ ‬بنودها‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الأسرى‭ ‬وفق‭ ‬صيغة‭ ‬تبادل‭ ‬محددة،‭ ‬وانسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬جزئياً‭ ‬إلى‭ ‬خطوط‭ ‬متفق‭ ‬عليها،‭ ‬وتنظيم‭ ‬الوضعين‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬عبر‭ ‬تسليم‭ ‬إدارة‭ ‬غزة‭ ‬لهيئة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬من‭ ‬تكنوقراط،‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬مجلس‭ ‬سلام‭ ‬دولي‭ ‬يترأسه‭ ‬ترامب،‭ ‬بمشاركة‭ ‬شخصيات‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬الأسبق‭ ‬سيئ‭ ‬الصيت‭ ‬توني‭ ‬بلير‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬برنامج‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار‭. ‬وتسعى‭ ‬الخطة‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح،‭ ‬بضمانات‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية،‭ ‬بما‭ ‬يضع‭ ‬ترتيبات‭ ‬أمنية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬الخطة،‭ ‬قد‭ ‬ساوت‭ ‬بين‭ ‬الجلاد‭ ‬والضحية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬أبدت‭ ‬مرونة‭ ‬كبيرة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬قبولها‭ ‬وهي‭ ‬بالتأكيد‭ ‬قبلت‭ ‬المخاطرة‭ ‬بالموافقة‭ ‬عليها؛‭ ‬لأنها‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬مخاطر‭ ‬سياسية‭ ‬جسيمة،‭ ‬ويعزو‭ ‬البعض‭ ‬موافقة‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬إلى‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬مُورست‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوسطاء،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬بتشجيع‭ ‬منهم‭ ‬بقصد‭ ‬حقن‭ ‬دماء‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

أما‭ ‬إسرائيل‭ ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬متحمسة‭ ‬جداً‭ ‬لقبول‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬في‭ ‬البداية؛‭ ‬فرئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬نتنياهو‭ ‬ومن‭ ‬خلفه‭ ‬أعضاء‭ ‬فريق‭ ‬حكومته‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬أمثال‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬وسموتريتش‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬وقف‭ ‬الحرب،‭ ‬وقد‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬عن‭ ‬رغبتهم‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬حسب‭ ‬زعمهم‭. ‬

لكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وبعد‭ ‬اجتماعه‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ -‬وتحت‭ ‬ضغوطه‭- ‬خضع‭ ‬لطلبه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أقنعه‭ ‬الأخير‭ ‬أن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لأن‭ ‬صورتها‭ ‬الدولية‭ ‬انهارت،‭ ‬وواجهت‭ ‬موجة‭ ‬إدانات‭ ‬دولية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬بسبب‭ ‬عدوانها‭ ‬الوحشي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقات‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬والملاحقات‭ ‬القانونية‭ ‬ضد‭ ‬مسؤولين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬نتنياهو‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تخلي‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭.‬

كما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الداخل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬غائباً‭ ‬عن‭ ‬المشهد،‭ ‬فقد‭ ‬ألقى‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬تفكير‭ ‬نتنياهو‭ ‬ودفعه‭ ‬نحو‭ ‬تغيير‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة؛‭ ‬حيث‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬القتال‭ ‬مدة‭ ‬عامين‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تململ‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الجيش،‭ ‬ورأى‭ ‬بعض‭ ‬كبار‭ ‬جنرالاته‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬استنزاف‭ ‬بشري‭ ‬ومادي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬ألسنة‭ ‬نيران‭ ‬الحرب‭ ‬امتدت‭ ‬تأثيراتها‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬فأحدثت‭ ‬شروخا‭ ‬عميقةً‭ ‬في‭ ‬مفاصله‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬انقسام‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭. ‬لهذا‭ ‬كله‭ ‬وجد‭ ‬نتنياهو‭ ‬نفسه‭ ‬بين‭ ‬مطرقة‭ ‬الضغوط‭ ‬الداخلية‭ ‬وسندان‭ ‬انهيار‭ ‬صورة‭ ‬إسرائيل‭ ‬الخارجية‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬الرضوخ‭ ‬والقبول‭ ‬بخطة‭ ‬ترامب‭.‬

من‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬ترحيب‭ ‬حماس‭ ‬بالخطة،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬إطلاقاً‭ ‬أنها‭ ‬أنصفت‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وأقرت‭ ‬بحقوقهم‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬اعتبرت‭ ‬حماس‭ ‬الخطة‭ ‬مفيدة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭ ‬أنها‭ ‬ستجبر‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬القتال‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬نزيف‭ ‬دماء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ويعطيهم‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اغتالته‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬المجرمة‭ ‬وهذا‭ ‬هدف‭ ‬أساسي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬إن‭ ‬حماس‭ ‬لم‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬بنود‭ ‬الخطة،‭ ‬حيث‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بشأن‭ ‬بعض‭ ‬بنودها‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬تصرفاً‭ ‬ذكياً‭ ‬منها‭ ‬حسب‭ ‬رأي‭ ‬أغلب‭ ‬المراقبين،‭ ‬لأن‭ ‬رفض‭ ‬الخطة‭ ‬بمجملها‭ ‬قد‭ ‬يحملها‭ ‬مسؤولية‭ ‬عواقب‭ ‬تداعيات‭ ‬عدم‭ ‬الموافقة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يُعرضها‭ ‬للنقد‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قاعدتها‭ ‬الشعبية،‭ ‬وجمهورها‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ويظهرها‭ ‬بمظهر‭ ‬الرافض‭ ‬لكل‭ ‬التسويات‭.‬

‭ ‬لذلك‭ ‬تصرفت‭ ‬قيادات‭ ‬حماس‭ ‬بحكمة،‭ ‬وقلبوا‭ ‬الطاولة‭ ‬على‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قبولهم‭ ‬لهذه‭ ‬الخطة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممارسة‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬فن‭ ‬الممكن‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قبولهم‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬قراءتهم‭ ‬الدقيقة‭ ‬والواعية‭ ‬لشخصية‭ ‬ترامب؛‭ ‬فهو‭ ‬‮«‬شخصية‭ ‬نرجسية‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬كما‭ ‬يصفها‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬لديها‭ ‬شعور‭ ‬بالعظمة‭ ‬والتفوق‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬والإعجاب‭ ‬الشديد‭ ‬بالذات،‭ ‬وتواقة‭ ‬للمديح‭ ‬والثناء،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬حساسية‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬الانتقاد‭ ‬ورد‭ ‬فعل‭ ‬قوي‭ ‬وعنيف‭ ‬عند‭ ‬التعرض‭ ‬للانتقاد‭ ‬أو‭ ‬التجاهل‭. ‬

ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬قادة‭ ‬حماس‭ ‬وجدوا‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬هو‭ ‬المفتاح؛‭ ‬فهو‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬إنجاز‭ ‬كبير‭ ‬يسجل‭ ‬لنفسه،‭ ‬وأنه‭ ‬حليف‭ ‬إسرائيل‭ ‬وهو‭ ‬الوحيد‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬إرادته‭ ‬عليها‭ ‬فقبلوا‭ ‬بخطته‭. ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يبقى‭ ‬أن‭ ‬ننوه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجالس‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬سواء‭ ‬ترامب‭ ‬أم‭ ‬غيره‭ ‬تحكمه‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬واللوبيات‭ ‬ودائرة‭ ‬العلاقات‭. ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬ذلك‭ ‬جلياً‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب‭ ‬عندما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يتهاون‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬تأخير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬حماس،‭ ‬وأن‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬الرد‭ ‬بسرعة‭ ‬‮«‬وإلا‭ ‬ستصبح‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬واردة‮»‬‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬تم‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قادة‭ ‬حماس،‭ ‬وتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬المواقف‭ ‬بناء‭ ‬عليها‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬ليست‭ ‬منصفة‭ ‬لحماس‭ ‬أو‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬؛لأنها‭ ‬تهتم‭ ‬أساسا‭ ‬بمصلحة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وهي‭ ‬المعتدية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وهي‭ ‬صاحبة‭ ‬الأرض‭ ‬والمعتدى‭ ‬عليها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬ألغاماً‭ ‬ستظهر‭ ‬نتائجها‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مؤشرات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬خروج‭ ‬حماس‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬وبذلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لهما‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬غزة‭ ‬،‭ ‬وسيتم‭ ‬تشكيل‭ ‬مجلس‭ ‬انتقالي‭ ‬لإدارتها‭ ‬يرأسه‭ ‬ترامب،‭ ‬ولجنة‭  ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬فلسطينيين‭ ‬تكنوقراط‭ ‬أما‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬للمجلس‭ ‬فسيتولاه‭ ‬توني‭ ‬بلير‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬الأسبق‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬مضمونه‭ ‬فصل‭ ‬غزة‭ ‬عن‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سينتج‭ ‬عنه‭ ‬تأجيل‭ ‬إعلان‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وبذلك‭ ‬يتحقق‭ ‬حلم‭ ‬نتنياهو،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يضع‭ ‬القطاع‭ ‬تحت‭ ‬الوصاية‭ ‬الدولية‭.‬

أما‭ ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬فتكمن‭ ‬في‭ ‬البند‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬الخطة‭ ‬والمتعلق‭ ‬بتجريد‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬سلاحها‭. ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬ستفتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬محصنة،‭ ‬ويعطيها‭ ‬الأمان‭ ‬للتدخل‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬تشاء‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬رادع‭ ‬يمنعها‭ ‬من‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يحرم‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬لا‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع‭.‬

في‭ ‬قضية‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬تنظر‭ ‬الخطة‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬إنسانية‭ ‬وتؤكد‭ ‬تكافؤاً‭ ‬زائفاً‭ ‬بين‭ ‬آلاف‭ ‬الأسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬اعتقل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬وأسرى‭ ‬إسرائيليين‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حرب‭ ‬قائمة،‭ ‬ليصير‭ ‬الأمر‭ ‬تبادلا‭ ‬غير‭ ‬عادل‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

الخلاصة،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭: ‬إن‭ ‬قبول‭ ‬حماس‭ ‬لخطة‭ ‬ترامب‭ ‬رغم‭ ‬قساوتها‭ ‬كان‭ ‬بهدف‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والانسحاب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والسماح‭ ‬بدخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬وهذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الحرجة‭ ‬أمر‭ ‬جوهري‭ ‬وضروري‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا