زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
مفيش طلاق يا مدام
قبل شهور، وتحديدا في شهر يونيو المنصرم، وقفت البريطانية جيليان هدسون أمام القاضي الذي كان ينظر في دعوى قدمتها لطلاق زوجها روبرت لاي، وكادت تصاب بانهيار عصبي عندما قال لها القاضي: «مفيش طلاق.. وأنا فاهم أنك تطلبين الطلاق تمهيدا لرفع دعوى للحصول على قسط من ثروة روبرت. وحتى لو مُصرة على الطلاق «انسي» موضوع الفلوس نهائي».
روبرت وجيليان عاشا شريكين منذ عام 1999، والخواجات ليسوا مثلنا «تريد البنت تعال من الباب»، فكما أنهم ابتدعوا مسألة فترة الاختبار للموظف الجديد قبل البت في أمر تثبيته في الخدمة، فقد ابتكروا مؤخرا حكاية الشراكة: يعيش رجل وامرأة تحت سقف واحد لخمس أو عشر سنين ثم يقترح أحدهم: ما رأيك أن نتزوج؟ ولو كان رد الطرف الثاني: وما الذي ينقصنا كي نتزوج وما الذي سيضيفه إلينا الوقوف أمام قسيس؟ خلينا حلوين. فقد يقول صاحب الاقتراح: على رأيك.. بلا زواج بلا دوشة، المهم إن جيليان هاجرت إلى جنوب إفريقيا ولم يطق روبرت فراقها ولحق بها في أغسطس من عام 2013 وعرض عليها الزواج فقبلت وأقاما حفلا مهولا بهيا حضره المئات وجاء القسيس وزوجهما.
نسيت أن أقول لكم لماذا رفض القاضي تطليقها، رغم أنهما ليسا من الكاثوليك حيث الزواج «سيك سيك معلق فيك» كما نقول في السودان عن الوضع/ الشخص الذي لا فكاك منه.. عندما سألت جيليان القاضي عن مبرراته لرفض دعواها للطلاق قال لها: «مش تتجوزي الأول!» (ولا تسألني كيف قالها القاضي بالإنجليزية بلهجة مصرية).. قالت له: يا حضرة القاضي أنت شاهدت شريط الفيديو لمراسيم زواجنا ورأيت القسيس يزوجنا. كان رد القاضي: عشان كده يا بنتي أنا رفضت دعوى الطلاق لأنه مفيش طلاق دون زواج.. ده كان فيلم هندي.
الخواجات من حقهم أن يختاروا بين الزواج المدني الذي يتم في مكتب «حكومي» أو الديني على يد قسيس، ولكل منهما طقوس وصيغ محددة يعترف بها القانون. وفي الدول المسيحية الناطقة بالإنجليزية وبعد أن يقول المأذون الإفرنجي بضع كليشيهات محفوظة يسال الرجل والمرأة بالتناوب: هل تقبل بفلانة/فلان كزوج/ة أمام القانون lawful husband/wife!! نبه القاضي جيليان إلى أن القس الذي أشرف على زواجها بروبرت لاي، لم يوجه السؤالين إليهما وأنه أسقط عدة فقرات من تعهد الزواج المعتاد، وطالما لم تتم استشارة أي من الطرفين حول قبول الطرف الآخر زوجا/ زوجة فالزواج غير قائم.. وهكذا صاح روبرت: يحيا العدل.. يحيى الفخراني
«العائلة» في طريقها إلى الانقراض كمؤسسة في معظم الدول الغربية، حتى صارت كل الأوراق الرسمية (طلبات تأشيرات السفر والجنسية إلخ) خالية من ذكر الزوج أو الزوجة وتضع عوضا عنهما كلمة «بارتنر» أي «الشريك».. وفي نيوزيلندا مثلا تحصل على إقامة دائمة إذا تزوجت بنيوزيلندية أو صادقت نيوزيلندية ستة أشهر متصلة، وبعدها بسنة تحصل على الجنسية (هلموا أيها الباحثون عن أوطان بديلة)،.. هو تحايل على مسؤولية الزواج وبيت الزوجية مهما ادعى الخواجات أنهم يفعلون ذلك من باب كفالة الحرية لطرفي العلاقة!
ولو أردنا للعائلة عندنا أن تحافظ على تماسكها الذي يستمد منه المجتمع تماسكه، فإنني أناشد فقهاءنا وعلماءنا أن يسدوا الذرائع بالكف عن «تحليل» زواج السمسار والفرفار والمزمار والهزار!! هل كان العلماء غافلين عن هذه النوعية من الزيجات قبل 300 سنة و1000 سنة؟ إطلاق أسماء رنانة على «الزواج الترانزيت» يعطي الرخصة لأنصار الزواج العرفي الذي يكون في كثير من الأحيان حيلة من رجل قوي للفتك بفتاة ضعيفة يأكل لحمها ثم يرمي بها بعد أن تتحول إلى كوم من عظام.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك