العدد : ١٧٣٧٢ - الأربعاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٢ - الأربعاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

«الجلنج» بين النعمة والنقمة

في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أصبحت‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬الجلنج‮»‬‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـنظام‭ ‬التحدي‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬مشهد‭ ‬الكرة‭ ‬الطائرة‭ ‬الحديثة،‭ ‬إذ‭ ‬دخلت‭ ‬التقنية‭ ‬لضبط‭ ‬ميزان‭ ‬العدالة‭ ‬داخل‭ ‬الملعب،‭ ‬وتمنح‭ ‬الفرق‭ ‬فرصة‭ ‬استرداد‭ ‬حقها‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬التقدير‭ ‬التحكيمي‭ ‬البشري‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬لم‭ ‬تخل‭ ‬من‭ ‬الجدل،‭ ‬فهي‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يراها‭ ‬نعمة‭ ‬تحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬وتعزز‭ ‬الدقة،‭ ‬وآخرين‭ ‬يعتبرونها‭ ‬نقمة‭ ‬تعطل‭ ‬الإيقاع‭ ‬وتربك‭ ‬التحكيم،‭ ‬وبين‭ ‬هذين‭ ‬الوجهين،‭ ‬تتحدد‭ ‬قيمة‭ ‬‮«‬الجلنج‮»‬‭ ‬بمدى‭ ‬وعي‭ ‬استخدامه‭ ‬وجودة‭ ‬تطبيقه‭.‬

من‭ ‬نعم‭ ‬نظام‭ ‬التحدي،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬وسيلة‭ ‬لإنصاف‭ ‬الفرق‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬التحكيم‭ ‬البشرية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الكرات‭ ‬السريعة‭ ‬أو‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬الشبكة‭ ‬أو‭ ‬الخطوط،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬عندما‭ ‬يحتسب‭ ‬الحكم‭ ‬لمسة‭ ‬على‭ ‬حائط‭ ‬الصد،‭ ‬ويظهر‭ ‬التحدي‭ ‬أن‭ ‬الكرة‭ ‬لم‭ ‬تلمس‭ ‬اليد‭ ‬إطلاقا،‭ ‬هنا‭ ‬يشعر‭ ‬اللاعبون‭ ‬أن‭ ‬العدالة‭ ‬أعادت‭ ‬لهم‭ ‬حقهم‭.‬

ووجود‭ ‬النظام‭ ‬يخلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬لدى‭ ‬اللاعبين‭ ‬والمدربين،‭ ‬فيقل‭ ‬الجدل‭ ‬ويزيد‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬اللعب‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭.‬

وتلعب‭ ‬التقنية‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬وتشويق‭ ‬للجماهير،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لحظات‭ ‬انتظار‭ ‬القرار‭ ‬عبر‭ ‬الشاشة‭ ‬تضيف‭ ‬بعدا‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬درامي‭ ‬للمباراة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬النقاط‭ ‬الحاسمة‭.‬

وتسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الأداء‭ ‬التحكيمي،‭ ‬إذ‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬مباراة،‭ ‬يمكن‭ ‬للحكام‭ ‬مراجعة‭ ‬قراراتهم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬التحديات،‭ ‬ما‭ ‬يرفع‭ ‬جودة‭ ‬التحكيم‭ ‬مستقبلا‭.‬

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬تتحول‭ ‬معها‭ ‬تقنية‭ ‬التحدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نقمة»؟‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سوء‭ ‬الاستخدام‭ ‬التكتيكي،‭ ‬إذ‭ ‬تلجأ‭ ‬بعض‭ ‬الفرق‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬التحدي‭ ‬كوسيلة‭ ‬لقطع‭ ‬إيقاع‭ ‬الخصم‭ ‬أو‭ ‬لالتقاط‭ ‬الأنفاس‭ ‬والراحة،‭ ‬وليس‭ ‬اعتراضا‭ ‬حقيقيا‭ ‬على‭ ‬القرار،‭ ‬مما‭ ‬يفقد‭ ‬اللعبة‭ ‬انسيابيتها‭.‬

وتلعب‭ ‬التقنية‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬تأخير‭ ‬وتجميد‭ ‬الإيقاع،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعدد‭ ‬طلب‭ ‬التحديات‭ ‬أو‭ ‬بطء‭ ‬التقنية،‭ ‬فيتحول‭ ‬التحدي‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬يخمد‭ ‬حماس‭ ‬اللاعبين‭ ‬والجمهور‭.‬

وأحيانا‭ ‬يحصل‭ ‬تضارب‭ ‬جودة‭ ‬الكاميرات‭ ‬أو‭ ‬الزوايا،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬منظومة‭ ‬التقنية‭ ‬متكاملة‭ (‬عدد‭ ‬الكاميرات،‭ ‬جودة‭ ‬البث،‭ ‬زاوية‭ ‬الرؤية‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬تصدر‭ ‬قرارا‭ ‬مشكوكا‭ ‬فيه،‭ ‬فينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬مصداقية‭ ‬النظام‭.‬

زد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬التقنية،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يفقد‭ ‬الحكم‭ ‬الرئيسي‭ ‬حسه‭ ‬الميداني‭ ‬وجرأته‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬متكئا‭ ‬على‭ ‬‮«‬التقنية‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬الشخصية‭ ‬التحكيمية‭ ‬في‭ ‬الملعب‭.‬

وخلاصة‭ ‬ما‭ ‬نريد‭ ‬إيصاله‭ ‬أن‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬التحدي‮»‬‭ ‬نعمة‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬دون‭ ‬تعطيل‭ ‬اللعبة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تصبح‭ ‬نقمة‭ ‬عندما‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬للمماطلة‭ ‬أو‭ ‬تغطية‭ ‬ضعف‭ ‬تحكيمي‭ ‬أو‭ ‬تقني‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا