العدد : ١٧٣٧٠ - الاثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٠ - الاثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

الاعتزال الرياضي.. قناعة أم اضطرار؟

قرار‭ ‬الاعتزال‭ ‬قرار‭ ‬شائك،‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬ويقدم‭ ‬عليها‭ ‬الرياضي‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬الرياضية،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬نهاية‭ ‬مشوار‭ ‬داخل‭ ‬الملاعب،‭ ‬بل‭ ‬يمثل‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬نهاية‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬والوهج‭ ‬والظهور،‭ ‬وبداية‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما‭ ‬عما‭ ‬اعتاده‭ ‬اللاعب‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬تزيد‭ ‬أو‭ ‬تنقص‭.‬

فالاعتزال‭ ‬ليس‭ ‬قرارا‭ ‬وقتيا،‭ ‬ولا‭ ‬يأتي‭ ‬غالبا‭ ‬نتيجة‭ ‬لحظة‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬حصيلة‭ ‬تراكمات‭ ‬نفسية‭ ‬وذهنية‭ ‬وجسدية‭ ‬وفنية،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتخذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬ورضا،‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬أدى‭ ‬رسالته‭ ‬كاملة،‭ ‬وترك‭ ‬بصمة‭ ‬يعتز‭ ‬بها،‭ ‬فيختار‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬الكبير‭ ‬محتفظا‭ ‬بصورته‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تركها‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الجميع،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬تفرض‭ ‬عليه‭ ‬الظروف‭ ‬أو‭ ‬تجبره‭ ‬المواقف‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬الاعتزال‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬كلمته‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬لإصابة‭ ‬مزمنة،‭ ‬أو‭ ‬تراجع‭ ‬الدعم،‭ ‬أو‭ ‬خلافات‭ ‬داخلية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تهميش‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭.‬

ومهما‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬اختلاف‭ ‬الدوافع‭ ‬والتوقيت‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬رياضي‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬يبقى‭ ‬هناك‭ ‬وقت‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عليه‭ ‬اثنان،‭ ‬عندما‭ ‬يعجز‭ ‬الرياضي‭ ‬عن‭ ‬العطاء،‭ ‬أو‭ ‬يتراجع‭ ‬مستواه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬يفقد‭ ‬معه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬الإضافة‭ ‬لفريقه‭ ‬أو‭ ‬لعبته،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬يصبح‭ ‬الاعتزال‭ ‬قرارا‭ ‬شجاعا‭ ‬وليس‭ ‬هروبا،‭ ‬لأنه‭ ‬يعكس‭ ‬نضجا‭ ‬من‭ ‬صاحبه‭ ‬وواقعية،‭ ‬واحتراما‭ ‬لتاريخ‭ ‬اللاعب‭ ‬وللجمهور‭ ‬وقبلهم‭ ‬محبيه‭ ‬الذين‭ ‬تابعوه‭ ‬يوما‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬تألقه‭.‬

إن‭ ‬التوقيت‭ ‬المناسب‭ ‬للاعتزال‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يصنع‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يخلد‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الرياضة،‭ ‬ومن‭ ‬يترك‭ ‬خلفه‭ ‬تساؤلات‭ ‬وحسرات،‭ ‬فالذكاء‭ ‬الرياضي‭ ‬لا‭ ‬يقاس‭ ‬فقط‭ ‬بالمهارة‭ ‬داخل‭ ‬الميدان،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬بحسن‭ ‬اختيار‭ ‬اللحظة‭ ‬الفارقة‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬شكراً‮»‬‭ ‬لقد‭ ‬قدمت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لدي‭.‬

وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬بأن‭ ‬الاعتزال‭ ‬ليس‭ ‬نهاية‭ ‬الطواف،‭ ‬بل‭ ‬بداية‭ ‬لمسار‭ ‬جديد،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬التدريب،‭ ‬أو‭ ‬التحليل،‭ ‬أو‭ ‬الإدارة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إلهام‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الرياضي‭ ‬المعتزل‭ ‬ذا‭ ‬سيرة‭ ‬عطرة،‭ ‬فالملاعب‭ ‬قد‭ ‬تودع‭ ‬لاعبا،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تودع‭ ‬أثره‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا