وقت مستقطع

علي ميرزا
الاعتزال الرياضي.. قناعة أم اضطرار؟
قرار الاعتزال قرار شائك، ويعد من أصعب القرارات التي يتخذها ويقدم عليها الرياضي في مسيرته الرياضية، فهو لا يعني فقط نهاية مشوار داخل الملاعب، بل يمثل في جوهره نهاية مرحلة من العطاء والوهج والظهور، وبداية مرحلة جديدة من الحياة قد تكون مختلفة تماما عما اعتاده اللاعب على مدار سنوات تزيد أو تنقص.
فالاعتزال ليس قرارا وقتيا، ولا يأتي غالبا نتيجة لحظة عابرة، بل هو حصيلة تراكمات نفسية وذهنية وجسدية وفنية، هناك من يتخذ هذا القرار عن قناعة ورضا، عندما يشعر بأنه أدى رسالته كاملة، وترك بصمة يعتز بها، فيختار الخروج من الباب الكبير محتفظا بصورته الجميلة التي تركها في ذاكرة الجميع، وفي المقابل، هناك من تفرض عليه الظروف أو تجبره المواقف على قرار الاعتزال قبل أن يقول كلمته الأخيرة، لأسباب عديدة لإصابة مزمنة، أو تراجع الدعم، أو خلافات داخلية، أو حتى تهميش غير مبرر.
ومهما يكن من اختلاف الدوافع والتوقيت في اتخاذ القرار من رياضي إلى آخر، يبقى هناك وقت لا يختلف عليه اثنان، عندما يعجز الرياضي عن العطاء، أو يتراجع مستواه إلى حد يفقد معه القدرة على تشكيل الإضافة لفريقه أو لعبته، في هذه اللحظة، يصبح الاعتزال قرارا شجاعا وليس هروبا، لأنه يعكس نضجا من صاحبه وواقعية، واحتراما لتاريخ اللاعب وللجمهور وقبلهم محبيه الذين تابعوه يوما وهو في قمة تألقه.
إن التوقيت المناسب للاعتزال هو ما يصنع الفارق بين من يخلد اسمه في ذاكرة الرياضة، ومن يترك خلفه تساؤلات وحسرات، فالذكاء الرياضي لا يقاس فقط بالمهارة داخل الميدان، بل أيضا بحسن اختيار اللحظة الفارقة التي يقول فيها «شكراً» لقد قدمت كل ما لدي.
وفي النهاية، علينا أن نعرف بأن الاعتزال ليس نهاية الطواف، بل بداية لمسار جديد، قد يكون في التدريب، أو التحليل، أو الإدارة، أو حتى في إلهام الأجيال القادمة خاصة عندما يكون الرياضي المعتزل ذا سيرة عطرة، فالملاعب قد تودع لاعبا، لكنها لا تودع أثره.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك