العدد : ١٧٤٢٩ - الخميس ١١ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢٩ - الخميس ١١ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

قبل أن ننسى

العالم‭ ‬كله‭ ‬رحب‭ ‬باتفاق‭ ‬غزة‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬اليه‭ ‬في‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭.‬

وهناك‭ ‬بالفعل‭ ‬أسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الترحيب‭ ‬بالاتفاق‭ ‬واعتباره‭ ‬إنجازا‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬ولمصر‭ ‬وكل‭ ‬الذين‭ ‬توسطوا‭.‬

أول‭ ‬وأكبر‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الاتفاق‭ ‬يوقف‭ ‬اطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬ان‭ ‬يوقف‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬نهائيا‭. ‬نعني‭ ‬ان‭ ‬الاتفاق‭ ‬يوقف‭ ‬المأساة‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬عامين‭ ‬كاملين‭.. ‬يوقف‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير‭ ‬والتجويع،‭ ‬ويعطي‭ ‬املا‭ ‬بعودة‭ ‬الحياة‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭.‬

هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬سبب‭ ‬كاف‭ ‬للترحيب‭ ‬بالاتفاق‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التفاصيل‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬ايضا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تحفظات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭.‬

كما‭ ‬ان‭ ‬الاتفاق‭ ‬في‭ ‬نصوصه‭ ‬المعلنة‭ ‬اغلق‭ ‬ملف‭ ‬تهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬مخطط‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وتصورت‭ ‬ان‭ ‬بمقدورها‭ ‬تحقيقه،‭ ‬كما‭ ‬حظي‭ ‬لفترة‭ ‬بتأييد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭.. ‬مع‭ ‬الترحيب‭ ‬بالاتفاق‭ ‬والاشادة‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬اليه،‭ ‬ينبغي‭ ‬الا‭ ‬ينسينا‭ ‬هذا‭ ‬الدروس‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬تعلمناها‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭.‬

أول‭ ‬وأكبر‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬يتعلق‭ ‬باستراتيجية‭ ‬إسرائيل‭ ‬ونواياها‭ ‬العدوانية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬وانما‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬تفصيلا‭ ‬عما‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يعرفه‭. ‬إسرائيل‭ ‬وعلى‭ ‬امتداد‭ ‬عامين‭ ‬أظهرت‭ ‬همجية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬وإرادة‭ ‬لإبادة‭ ‬كل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بأطفاله‭ ‬ونسائه‭ ‬ورجاله‭ ‬وشبابه‭. ‬صور‭ ‬ومشاهد‭ ‬الوحشية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم،‭ ‬وسيكتشف‭ ‬ابعادا‭ ‬أكثر‭ ‬وحشية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬حين‭ ‬يدخل‭ ‬الإعلاميون‭ ‬غزة‭. ‬وبالطبع‭ ‬أظهرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬للعالم‭ ‬انها‭ ‬لن‭ ‬تقبل‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬قيام‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬أو‭ ‬إعطاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أي‭ ‬حق‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬كشفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬نواياها‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بحديث‭ ‬مسؤوليها‭ ‬عن‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬وتحقيق‭ ‬حلم‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭.. ‬وهكذا‭. ‬وكان‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطر‭ ‬له‭ ‬دلالة‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭.‬

الدرس‭ ‬هنا‭ ‬اننا‭ ‬نخطئ‭ ‬كثيرا‭ ‬لو‭ ‬تصورنا‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ان‭ ‬إسرائيل‭ ‬سوف‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬مشروعها‭ ‬الصهيوني‭ ‬التوسعي‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬مواقفها‭ ‬تجاه‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬نوايا‭ ‬الإبادة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬والعرب‭.‬

من‭ ‬أكبر‭ ‬الدروس‭ ‬أيضا‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ولا‭ ‬الدور‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬ينسينا‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬شاركت‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭  ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وانتقادها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬لم‭ ‬توقف‭ ‬أبدا‭ ‬تقديم‭ ‬السلاح‭ ‬لها‭ ‬وتمكينها‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭.‬

ونخطئ‭ ‬هنا‭ ‬لو‭ ‬تصورنا‭ ‬ان‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬سوف‭ ‬ينتهي‭ ‬أو‭ ‬سوف‭ ‬يتراجع‭. ‬هذه‭ ‬مصلحة‭ ‬غربية‭ ‬استراتيجية‭.‬

من‭ ‬اهم‭ ‬الدروس‭ ‬أيضا‭ ‬اننا‭ ‬نخطئ‭ ‬كثيرا‭ ‬لو‭ ‬اننا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬وبخصوص‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭ ‬أو‭ ‬قضية‭ ‬عربية‭ ‬راهنا‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬واعتبارات‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭. ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬غاب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬تحقق‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬شناعة‭ ‬جرائم‭ ‬إسرائيل‭. ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬تطبق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬ان‭ ‬تنفذ‭ ‬قرارات‭ ‬اتخذتها‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭.‬

والدرس‭ ‬الواضح‭ ‬هنا‭ ‬اننا‭ ‬يحب‭ ‬ان‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬قوتنا‭ ‬العربية‭ ‬الجماعية‭ ‬الذاتية‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬ان‭ ‬ندافع‭ ‬عن‭ ‬مصالحنا‭ ‬وقضايانا‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬الا‭ ‬ننساها‭ ‬في‭ ‬غمرة‭ ‬الترحيب‭ ‬باتفاق‭ ‬غزة‭ ‬الحالي،‭ ‬ويجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬القناعات‭ ‬العربية‭ ‬عند‭ ‬وضع‭ ‬او‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬للمستقبل‭.‬

وان‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬عنوان‭ ‬رئيسي‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬وغيرها‭ ‬فهو‭ ‬انه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬القوة‭ ‬الذاتية‭ ‬العربية‭ ‬المشتركة‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬ان‭ ‬نواجه‭ ‬المخططات‭ ‬التي‭ ‬تستهدفنا‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا