يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
قبل أن ننسى
العالم كله رحب باتفاق غزة الذي تم التوصل اليه في شرم الشيخ.
وهناك بالفعل أسباب كثيرة تدعو إلى الترحيب بالاتفاق واعتباره إنجازا للرئيس الأمريكي ترامب ولمصر وكل الذين توسطوا.
أول وأكبر هذه الأسباب على الاطلاق هو ان الاتفاق يوقف اطلاق النار، ومن المفترض ان يوقف حرب إبادة غزة نهائيا. نعني ان الاتفاق يوقف المأساة المروعة التي عاشها الشعب الفلسطيني في غزة على امتداد عامين كاملين.. يوقف القتل والتدمير والتجويع، ويعطي املا بعودة الحياة تدريجيا إلى أهل غزة.
هذا الإنجاز بحد ذاته سبب كاف للترحيب بالاتفاق بغض النظر عن التفاصيل الأخرى، وبغض النظر ايضا عن أي تحفظات قد تكون لدى البعض.
كما ان الاتفاق في نصوصه المعلنة اغلق ملف تهجير الشعب الفلسطيني في غزة، وهو الهدف الذي كان في صلب مخطط إسرائيل في حرب الإبادة وتصورت ان بمقدورها تحقيقه، كما حظي لفترة بتأييد الرئيس الأمريكي.
ومع ذلك.. مع الترحيب بالاتفاق والاشادة بكل من ساهموا في التوصل اليه، ينبغي الا ينسينا هذا الدروس القاسية التي من المفروض ان نكون قد تعلمناها من حرب إبادة غزة.
أول وأكبر هذه الدروس يتعلق باستراتيجية إسرائيل ونواياها العدوانية ليس فقط تجاه فلسطين والفلسطينيين وانما تجاه كل الدول العربية.
لسنا بحاجة إلى الحديث تفصيلا عما أصبح العالم كله يعرفه. إسرائيل وعلى امتداد عامين أظهرت همجية غير مسبوقة وإرادة لإبادة كل الشعب الفلسطيني، بأطفاله ونسائه ورجاله وشبابه. صور ومشاهد الوحشية الاسرائيلية يعرفها العالم، وسيكتشف ابعادا أكثر وحشية في الفترة القادمة حين يدخل الإعلاميون غزة. وبالطبع أظهرت إسرائيل للعالم انها لن تقبل بأي حال قيام أي دولة فلسطينية أو إعطاء الفلسطينيين أي حق.
في نفس الوقت كشفت إسرائيل عن نواياها التوسعية في كل المنطقة العربية بحديث مسؤوليها عن «إعادة تشكيل الشرق الأوسط» وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى.. وهكذا. وكان العدوان على قطر له دلالة بالغة في هذا السياق.
الدرس هنا اننا نخطئ كثيرا لو تصورنا بسبب هذا الاتفاق ان إسرائيل سوف تتخلى عن مشروعها الصهيوني التوسعي ولا عن مواقفها تجاه حقوق الشعب الفلسطيني ولا عن نوايا الإبادة للفلسطينيين والعرب.
من أكبر الدروس أيضا انه لا الاتفاق ولا الدور الإيجابي الذي لعبه الرئيس ترامب يجب ان ينسينا ان الدول الغربية شاركت مباشرة في حرب إبادة غزة. على الرغم من التحول الذي حدث في الفترة القليلة الماضية في مواقف الدول الغربية وانتقادها لإسرائيل الا انها لم توقف أبدا تقديم السلاح لها وتمكينها من مواصلة حرب الإبادة.
ونخطئ هنا لو تصورنا ان الدعم الغربي لإسرائيل سوف ينتهي أو سوف يتراجع. هذه مصلحة غربية استراتيجية.
من اهم الدروس أيضا اننا نخطئ كثيرا لو اننا في أي وقت وبخصوص أي مصلحة أو قضية عربية راهنا على القانون الدولي واعتبارات العدالة الدولية. كما نعلم على امتداد عامين من حرب الإبادة، غاب القانون الدولي ولم تستطع أي قوة في العالم ان تحقق العدالة الدولية على الرغم من شناعة جرائم إسرائيل. لم تستطع أي قوة في العالم ان تطبق القانون الدولي ولا ان تنفذ قرارات اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المنظمات الدولية.
والدرس الواضح هنا اننا يحب ان نعتمد على قوتنا العربية الجماعية الذاتية ان كان لنا ان ندافع عن مصالحنا وقضايانا في فلسطين أو في أي قضية أخرى.
هذه بعض الدروس التي يجب الا ننساها في غمرة الترحيب باتفاق غزة الحالي، ويجب ان تكون في صلب القناعات العربية عند وضع او الحديث عن أي استراتيجية عربية للمستقبل.
وان كان هناك عنوان رئيسي لكل هذه الدروس وغيرها فهو انه آن الأوان لإعادة بناء القوة الذاتية العربية المشتركة ان كان لنا ان نواجه المخططات التي تستهدفنا من إسرائيل أو غيرها.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك