يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
العرب ورئاسة اليونسكو
فوز الدكتور خالد العناني مرشح مصر والعرب بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يعدُّ حدثا عربيا كبيرا ومهما.
هو حدث مهم لأنه أول عربي يتولى هذا المنصب الرفيع منذ تأسست المنظمة في عام 1946 على الرغم من أن شخصيات عربية بارزة سبق وترشحت ولم تفز. لم تفز هذه الشخصيات العربية لاعتبارات لا تتعلق بالكفاءة والجدارة، فكل من ترشحوا في السابق على درجة عالية من الكفاءة. لم يفوزوا لأسباب سياسية وعنصرية حيث هيمن المرشحون الغربيون على المنصب، ولأسباب أيضا تتعلق بالتنافس بين مرشحين عرب.
غريب ألا يتولى عربي المنصب من قبل لسبب بسيط أن الدول لعربية هي مهد الحضارة والثقافة وتعلم منها الغرب حين كان غارقا في عصور الظلام.
أمران مهمان يستحقان المناقشة. الأول، كيف تحقق هذا الإنجاز وفاز مرشح العرب؟ والثاني، ما الذي نتوقعه منه بشكل عام؟.
الدكتور خالد العناني حقق فوزا كبيرا إذ حصل على 55 صوتا مقابل صوتين فقط لمنافسه، وهو أمر لم يحدث أبدا من قبل في أي انتخابات للمنظمة منذ نشأتها. كيف تحقق هذا الإنجاز؟
هذا الإنجاز العربي تحقق لسببين رئيسيين:
الأول: الحملة الانتخابية الكبيرة والمنظمة التي قادتها وزارة الخارجية المصرية بقيادة الوزير بدر عبدالعاطي لحشد التأييد للدكتور العناني، ومنذ وقت مبكر.
بحسب ما جاء في موقع وزارة الخارجية المصرية، فقد قادت الوزارة الحملة على امتداد 30 شهرا. وفي إطار الحملة تم تنظيم جولات انتخابية للمرشح إلى 65 دولة خلال الفترة من يونيو 2023 إلى سبتمبر 2025، تخللتها لقاءات مع مسئولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني.
وبناء على هذه الجولات المطولة، تم إعداد رؤية واضحة وملف انتخابي متكامل بعد التشاور مع جميع الدول أعضاء المجلس التنفيذي.
إذن أول وأكبر عوامل الفوز التخطيط الدقيق والعمل الجاد المتواصل. وهذا درس لنا في كل القضايا الكبرى وكيف نديرها.
الثاني: الموقف الجماعي العربي بدعم ترشح الدكتور العناني، وقرار جامعة الدول العربية بإجماع رأي الدول على اعتباره هو مرشح العرب.
الدول العرية قدمت كل سبب الدعم للمرشح العربي، وكان هذا أحد أكبر أسباب فوزه لما للعرب من نفوذ وتأثير وعلاقات دولية مؤثرة واسعة. هذا نموذج لما يمكن أن يحققه العمل الجماعي العربي المشترك من نتائج.
ما الذي نتوقعه من الرئاسة العربية لليونسكو؟
بالطبع سيكون على الدكتور العناني من موقعه على رأس اليونسكو أن يعنى بشؤون الثقافة والتراث والتعليمي وكل ما يتصل بدور اليونسكو في العالم كله من دون تمييز. وبحكم ثقافته العربية الإسلامية وقيمها النبيلة لنا أن نتوقع أن يقود جهود اليونسكو على الصعيد العالمي من دون عنصرية ولا تمييز ولا انحياز كما كان الحال بالنسبة إلى من تولوا هذا المنصب من قبل.
ولنا أن نتوقع في ظل الرئاسة العربية لليونسكو حضورا عالميا أكبر للثقافة العربية. وهذا أمر له أهمية كبيرة ليس بالنسبة إلينا فقط وإنما بالنسبة إلى العالم كله في وقت نشهد صعودا مخيفا للعنصرية والتطرف الفكري والسياسي وخصوصا في الغرب.
شخصيا هناك قضيتان أتمنى أن تكونا محل اهتمام استثنائي من اليونسكو في ظل رئاستها العربية.
القضية الأولى: ملايين الأطفال في الوطن العربي والعالم محرومون من التعليم بسبب الحروب والصراعات. هذه قضية كبرى تتعلق بمستقبل أجيال كاملة.
والقضية الثانية: جرائم التدمير المنظم والممنهج التي ارتكبتها إسرائيل بحق التراث الفلسطيني وكل ما يمت للثقافة والتعليم في غزة. إسرائيل دمرت المدارس والجامعات والمكتبات والمساجد والكنائس ومواقع التراث الوطني الفلسطيني وكل ما له علاقة بالهوية الوطنية التاريخية الفلسطينية. هذه قضية كبرى يجب أن تكون في صلب اهتمامات اليونسكو، ويجب أن يتصدر أعمال المنظمة بهدف حماية التراث الفلسطيني وحفظه وإعادة إحياء ما يمكن إحياؤه مما دمرته إسرائيل.
عموما نتمنى التوفيق للقيادة العربية لليونسكو وأن تكون الأربع سنوات القادمة في ظل الرئاسة العربية قفزة نوعية في عمل اليونسكو في العالم.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك