العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

من محمد إقبال إلى الأمة العربية

تحتفي‭ ‬باكستان‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬الشاعر‭ ‬والمفكر‭ ‬والفيلسوف‭ ‬محمد‭ ‬إقبال‭. ‬وهذا‭ ‬العام‭ ‬احتفت‭ ‬بالذكرى‭ ‬الـ‭ ‬148‭ ‬لميلاده،‭ ‬فقد‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬1877‭.‬

محمد‭ ‬اقبال‭ ‬يعتبر‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬لباكستان،‭ ‬فهو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬نادى‭ ‬بإنشاء‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬للمسلمين‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬القارة‭ ‬الهندية،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬باكستان‭. ‬وهو‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬التجديد‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭.‬

قرأت‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬موضوعات‭ ‬عدة‭ ‬عن‭ ‬اقبال‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬وجدت‭ ‬جديدا‭ ‬لا‭ ‬اعرفه‭ ‬عن‭ ‬اقبال‭ ‬وعلاقته‭ ‬بالأمة‭ ‬العربية‭.‬

اغلب‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬عرفوا‭ ‬محمد‭ ‬اقبال‭ ‬عندما‭ ‬غنت‭ ‬له‭ ‬ام‭ ‬كلثوم‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬حديث‭ ‬الروح‮»‬‭ ‬وبلحن‭ ‬آسر‭  ‬لرياض‭ ‬السنباطي‭. ‬وهي‭ ‬القصيدة‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬مطلعها‭:‬

حديث‭ ‬الروح‭ ‬للأرواح‭ ‬يسري‭.. ‬وتدركه‭ ‬القلوب‭ ‬بلا‭ ‬عناد

هتفت‭ ‬به‭ ‬فطار‭ ‬بلا‭ ‬جناح‭.. ‬وشق‭ ‬أنينه‭ ‬صدر‭ ‬الفضاء‭ ‬

ومعدنه‭ ‬ترابي‭ ‬ولكن‭.. ‬جرت‭ ‬في‭ ‬لفظه‭ ‬لغة‭ ‬السماء

لقد‭ ‬فاضت‭ ‬دموع‭ ‬العشق‭ ‬مني‭.. ‬حديثا‭ ‬كان‭ ‬علوي‭ ‬النداء

فحلق‭ ‬في‭ ‬ربا‭ ‬الأفلاك‭ ‬حتى‭.. ‬أهاج‭ ‬العالم‭ ‬الأعلى‭ ‬بكائي

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬اقبال‭ ‬درس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬وكان‭ ‬يجيدها‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬شعرا‭ ‬او‭ ‬يؤلف‭ ‬كتبا‭ ‬بالعربية‭. ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬اكتشفت‭ ‬فيما‭ ‬قرأت‭ ‬عنه‭ ‬انه‭ ‬اهتم‭ ‬اهتماما‭ ‬شديدا‭ ‬بتوجيه‭ ‬رسائل‭ ‬الى‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬نثرا‭ ‬وشعرا،‭ ‬محورها‭ ‬حث‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والوحدة‭ ‬ومواجهة‭ ‬الاستعمار‭. ‬

يقول‭ ‬إقبال‭ ‬مخاطبا‭ ‬العرَب‭: ‬‮«‬إن‭ ‬حكمةَ‭ ‬الغرب‭ ‬قد‭ ‬أسَرت‭ ‬الأُممَ‭ ‬وتركتْها‭ ‬سليبةً‭ ‬حزينة‭ ‬لا‭ ‬تملِك‭ ‬شيئًا،‭ ‬إنها‭ ‬مزقت‭ ‬وِحدة‭ ‬العرب،‭ ‬واقتسمت‭ ‬تراثَهم،‭ ‬إن‭ ‬العربَ‭ ‬لما‭ ‬وقعوا‭ ‬في‭ ‬حبائلِهم‭ ‬تنكَّر‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وقسا‭ ‬عليهم‭ ‬الكونُ،‭ ‬ولم‭ ‬يجدوا‭ ‬من‭ ‬يرثي‭ ‬لهم‭ ‬ويرفُقُ‭ ‬بهم،‭ ‬وضاقت‭ ‬عليهم‭ ‬الأرضُ‭ ‬بما‭ ‬رحُبتْ،‭ ‬وضاقت‭ ‬عليهم‭ ‬أنفسُهم‭ ‬ويضيف‭: ‬‮«‬أيها‭ ‬العرب،‭ ‬قد‭ ‬مَنَّ‭ ‬الله‭ ‬عليكم‭ ‬إذ‭ ‬جعلكم‭ ‬كالسيفِ‭ ‬البتَّارِ‭ ‬أو‭ ‬أحدَّ‭ ‬منه،‭ ‬وكنتم‭ ‬فيما‭ ‬قبْلُ‭ ‬ترعَوْن‭ ‬الإبل،‭ ‬فأصبحتم‭ ‬مالكي‭ ‬أعنَّتها،‭ ‬فلو‭ ‬أقسمتم‭ ‬على‭ ‬اللهِ‭ ‬لأبَرَّكم،‭ ‬وهنالك‭ ‬دوَّتْ‭ ‬تكبيراتُكم‭ ‬وصلواتكم،‭ ‬وزمزت‭ ‬حلبةُ‭ ‬حروبِكم‭ ‬ومغازيكم‭ ‬بين‭ ‬الخافقيْنِ،‭ ‬فارتجَّ‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬فما‭ ‬أحسنَ‭ ‬تلك‭ ‬المغامراتِ،‭ ‬وما‭ ‬أجملَ‭ ‬تلك‭ ‬الغزوات‭.‬‮«‬

ويقول‭ ‬اقبال‭ ‬ايضا‭ ‬مخاطبًا‭ ‬العرَب‭: ‬‮«‬إن‭ ‬اللهَ‭ ‬قد‭ ‬رزقكم‭ ‬البصيرةَ‭ ‬النافذة،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬فيكم‭ ‬الشرارةُ‭ ‬كامنةً،‭ ‬فقوموا‭ ‬أيها‭ ‬العرب‭ ‬ورُدُّوا‭ ‬فيكم‭ ‬رُوحَ‭ ‬عمرَ‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬إن‭ ‬منبعَ‭ ‬القوة‭ ‬ومصدرها‭ ‬هو‭ ‬الدينُ،‭ ‬منه‭ ‬يستمد‭ ‬المؤمنُ‭ ‬العزمَ‭ ‬والإخلاصَ‭ ‬واليقين،‭ ‬وما‭ ‬دامت‭ ‬ضمائرُكم‭ ‬أمينةً‭ ‬للسر‭ ‬الإلهي،‭ ‬فيا‭ ‬عُمَّار‭ ‬البادية،‭ ‬أنتم‭ ‬الحرَّاس‭ ‬للدين،‭ ‬إن‭ ‬غريزتَكم‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬ميزانٌ‭ ‬للخير‭ ‬والشر،‭ ‬وأنتم‭ ‬ورثة‭ ‬الأرض،‭ ‬إذا‭ ‬تألَّق‭ ‬نجمُكم‭ ‬في‭ ‬آفاق‭ ‬السماء‭ ‬أَفَلَتْ‭ ‬نجومُ‭ ‬الآخرين‭ ‬وطُوِيَ‭ ‬بِساطُهم،‭ ‬لن‭ ‬تسَعَكم‭ ‬الصَّحْراءُ‭ ‬والفيافي،‭ ‬فاضربوا‭ ‬خيمتَكم‭ ‬في‭ ‬وجودكم‭ ‬الذى‭ ‬يسَعُ‭ ‬الآفاقَ‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬رسائل‭ ‬اقبال‭ ‬للعرب‭ ‬لخصها‭ ‬في‭ ‬ابيات‭ ‬شعرية‭ ‬معبرة‭. ‬في‭ ‬ديوانه‭ ‬‮«‬والآن‭.. ‬ماذا‭ ‬نصنع‭ ‬يا‭ ‬أمم‭ ‬الشرق‮»‬‭ ‬قصيدة‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‮»‬‭ ‬يخاطب‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬العروبة‭ ‬والمجد‮»‬‭ ‬ويقول‭ ‬فيها‭ ‬لأبناء‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭:‬

كيف‭ ‬انقضى‭ ‬حلفكم‭ ‬وانفض‭ ‬سامركم‭.. ‬وكان‭ ‬بالأمس‭ ‬مثل‭ ‬العقد‭ ‬منتظما‭.‬

توحدت‭ ‬في‭ ‬قديم‭ ‬الأرض‭ ‬أمتكم‭..  ‬ما‭ ‬بالها‭ ‬انقسمت‭ ‬في‭ ‬أرضكم‭ ‬أمما؟‭.‬

قد‭ ‬خادعتكم‭ ‬من‭ ‬المستعمرين‭ ‬يد‭.. ‬سم‭ ‬العقارب‭ ‬في‭ ‬أكمامها‭ ‬استترا‭.‬

يا‭ ‬أيها‭ ‬العربي‭ ‬انظر‭ ‬لعصرك‭ ‬في‭ ‬دنيا‭..  ‬يفوز‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أحكم‭ ‬النظرا‭.‬

بالسلم‭ ‬بالعدل‭ ‬تبني‭ ‬ما‭ ‬تؤمله‭..  ‬إن‭ ‬شئت‭ ‬للأرض‭ ‬عمرا‭ ‬فكن‭ ‬عمرا‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬نرى،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬نحو‭ ‬مائة‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬محمد‭ ‬اقبال‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬فإنه‭ ‬يصح‭ ‬قوله‭ ‬اليوم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا