يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
أين اتفاق غزة؟!
على الرغم من كل الضجة التي أحاطت بالتوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ودخوله المفترض الى حيز التنفيذ، ثم صدور قرار مجلس الأمن بعد ذلك.. على الرغم من هذا يبدو الاتفاق اليوم كأنه ليس موجودا.
إسرائيل تحديدا تتصرف على اعتبار انه لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار، وتعتبر نفسها حرة بناء على ذلك في ان تفعل ما تشاء. كل يوم تشن اسرائيل اعتداءاتها على غزة، وفي الفترة الماضية استشهد العشرات وتم تدمير المنازل والمنشآت.
في نفس الوقت، ما زالت منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية تطلق النداءات لإغاثة اهل غزة بسبب الأوضاع المأساوية وشح المساعدات. إسرائيل ما زالت تفرض القيود على دخول المساعدات بحيث ان ما يدخل منها لا يلبي الحد الأدنى من احتياجات اهل غزة.
السبب في كل هذا ان خطة ترامب التي على اساسها تم اعلان وقف اطلاق النار تتسم بالغموض، ولا تحدد في المرحلة الحالية ما هي ضمانات الالتزام بالاتفاق ومن المسئول عن مراقبة هذا الالتزام وله سلطة التدخل. حتى قرار مجلس الأمن اتسم أيضا كما سبق وكتبت من قبل بالغموض وعدم الحسم.
هذا الوضع في غزة اليوم تابعه المراقبون في العالم ونبهوا إلى ما يحمله من مخاطر ومن مستقبل غامض لا يدعو الى التفاؤل.
من اهم ما كتب في هذا الخصوص افتتاحية لصحيفة «الجارديان البريطانية» تناولت فيه هذا الوضع وأثارت قضايا وجوانب مهمة وخطيرة.
تنبه الصحيفة بداية الى الوضع الانساني المتدهور وتقول: «لا يزال الغذاء شحيحاً، بينما ترتعد الأسر النازحة برداً في ملاجئ مؤقتة غمرتها المياه، ويواجه الكثيرون شتاءً ثالثاً بلا مأوى، وتقول منظمات الإغاثة إنها لا تستطيع إيصال مخزوناتها من الخيام والأغطية المشمعة».
كما يشير المقال إلى تقارير منظمات إغاثة تقول فيها «إنها لا تستطيع إيصال مخزونات الخيام والأغطية المشمعة». إذ صنّفت إسرائيل أعمدة الخيام كمواد (مزدوجة الاستخدام) يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. وينقل عن منظمة «انقذوا الأطفال» قولها إن «أطفالاً ينامون على أرض عارية بملابس مبللة بمياه الصرف الصحي«.
كما تنبه الجارديان الى استمرار العدوان الإسرائيلي رغم الهدنة وسقوط العشرات في الغارات الإسرائيلية.
وينتقد المقال القرار الأخير لمجلس الأمن الذي يؤيد مقترحات دونالد ترامب للسلام. ويقول «تبدو هيئة السلام كسلطة استعمارية يشرف عليها السيد ترامب، وربما يكون توني بلير أحد ركائزها». وتشكك في تشكيل القوة الدولية لتحقيق الاستقرار في غزة التي تقول امريكا انها ستنشر في يناير القادم، وتعتبر انه ليس من المرجح حدوث هذا.
كما تقول الجارديان إن الاشارة إلى دولة فلسطينية وانسحاب إسرائيلي في قرار مجلس الأمن «صيغت بأكثر العبارات غموضاً، بدلاً من كونها اعترافاً بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف».
واخطر ما جاء في مقال الجارديان انها كشفت عن وجود خطط أمريكية لتقسيم غزة على المدى الطويل إلى «منطقة خضراء» تحت سيطرة إسرائيلية ودولية، يُعاد تطويرها، و«منطقة حمراء» تُترك أنقاضاً، فيما وصف مسؤول أمريكي إعادة توحيد القطاع بأنه «طموح».
هذا نموذج واحد من تحليلات كثيرة تثير الشكوك والتساؤلات حول افاق وقف إطلاق النار وخطة ترامب ومستقبل الوضع في غزة.
على ضوء كل هذا يتضح ان الدول العربية تتحمل مسئولية اساسية في هذه المرحلة، وخصوصا مصر وقطر الضامنتان للاتفاق مع أمريكا. الدول العربية يجب ان تعمل مع ادارة ترامب لدفعها الى ممارسة ضغوط على إسرائيل من اجل الالتزام بالاتفاق، وأيضا لحسم الأمور الغامضة المعلقة، وذلك حتى لا نكتشف لاحقا ان خطة ترامب كانت خطة لإضاعة غزة لا طريقا للسلام.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك