زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن مخاطر الزواج من دون مزاج
في بلد عربي شقيق (وإن شئت قل شقي) تواجه شابة عمرها 18 سنة تهمة تسبيب الأذى الجسيم، ومن المرجح بل المؤكد أنها ستدخل السجن، لأنها لا تنكر التهمة الموجهة إليها وهي سكب الزيت المغلي على زوجها البالغ من العمر 24 سنة وهو نائم ما ألحق به حروقا شديدة، ستجعله يلزم سرير المستشفى لعدة أشهر، فماذا يستنتج القارئ من هذه الحكاية؟ أن الزواج خطر على الحياة؟ أم أن الزواج بفتاة صغيرة في السن هو الذي يشكل خطرا على الحياة؟ ولكن ملايين الناس يتزوجون يوميا من دون ان يتعرضوا لـ«التحمير» بالزيت، وتفشل ملايين الزيجات في جميع القارات وتنتهي بالفراق والطلاق.. والأكثر غرابة فيما فعلته هذه الشابة العربية الأبيّة هو أن زواجها من الشاب الذي أحرقته لم يكن قد دام إلا نحو خمسين يوما، وبافتراض أنها لم تكن تعاني من اضطراب نفسي في مرحلة ما قبل الزواج، فالاستنتاج الذي أرجحه هو أنها أرغمت على تلك الزيجة، وعاشت قرابة الشهرين في نكد وحزن حتى أصيبت بفورة حزن وغضب، سببت لها اضطرابا نفسيا عنيفا وفكرت – وهي على تلك الحال – في وسيلة للخروج من تلك الزيجة، واستبعدت الانتحار فكان ان قررت نحر الزوج أو إيذائه بحيث يدرك هو وأهلها أنه لا مستقبل لتلك الزيجة.
وتعالوا في إطلالة على أرشيفي لنقرأ تفاصيل واقعة تعود الى سنوات خلت، شهدتها مدينة القطيف في المنطقة الشرقية في السعودية، لنقرأ وقائع قضية نظر فيها القاضي محمد الجيراني، وهي بالتحديد طلب سيدة الطلاق بعد زواج دام أياما قليلة، وجاء في دعوى الطلاق أن الزوج – وفي ليلة الدخلة – ترك عروسه في غرفة النوم وقضى الليلة في صحبة طيور عديدة يقوم بتربيتها، وقالت تلك الفتاة: إنها كانت تعلم بولعه بالطيور منذ مرحلة الخطوبة «بس مو لها الدرجة»، فقد كانت تتوقع أنها ستحظى باهتمامه بعد الزواج ولكنها شعرت بالمهانة ليلة الدخلة وما تلاها من أيام لأنه ظل يعطي معظم وقته للطيور، ولما اشتكت من ذلك نقل بعض الطيور الى غرفة النوم ووزع بعضها على بقية غرف البيت. «والمهم يا سيدنا القاضي أنني أريد الطلاق لأن زوجي هذا يرى أن طيوره أعز على قلبه مني، وهذه إهانة لا أقبلها»، وعندما استجوب القاضي الزوج، لم ينكر ما قالته زوجته بل أبدى أسفه لما بدر منه، وتعهد بالاهتمام بزوجته أكثر من طيوره، وأقنعت المحكمة طالبة الطلاق بمنح زوجها فرصة أخرى لأنه مدرك لخطئه، ولا أعلم هل استمرت الزيجة ام تفركشت.
والشاهد في الحكاية الأولى هو أن الزواج ينجح بالمزاج .. أعني القبول والتوافق فلا تتزوج عزيزي الرجل بامرأة، إذا كان هناك ما يشير إلى أنك لم تدخل «مزاجها» أي أرغمت على الزواج بك حتى لا تتحول في شهر العسل الى بصل محمر، والشاهد في حكاية سيدة القطيف هو أن على الرجل وبمجرد ان يتزوج أن يتخلص من أي نوع من «المزاج» يلهيه عن واجباته تجاه زوجته ومن تلك الواجبات مؤانستها وجعلها تحس بأنها موضع اهتمام وحنان وحسن معاملة، ولا شك عندي في ان الزوج صاحب المزاج الطيوري لم يتعمد جرح مشاعر زوجته، وفي أنه عاشق لتربية الطيور، وقضى معظم سنوات ما قبل الزواج وهو يصادق الطيور، فكانت عالمه الخاص وعاش طويلا مستمتعا بصحبة طيور جميلة ومغردة، ولم ينتبه إلى أنه وبعد الزواج هناك كائن آدمي صار يشاركه العيش ويريد منه اهتماما أكثر من اهتمامه بالطيور. على كل حال يا سيدتي فعلت خيرا بسحب دعوى الطلاق فزوجك على الأقل يعشق الطيور ذات الريش بينما كثيرون غيره «طيور» في أنفسهم ويطيرون من وكر الزوجية إلى أوكار أخرى.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك