العدد : ١٧٤٢٩ - الخميس ١١ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢٩ - الخميس ١١ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

تحدي التوحيد الوطني

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬بسبب‭ ‬رفض‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬لقرار‭ ‬الحكومة‭ ‬حصر‭ ‬السلاح‭ ‬بيد‭ ‬الدولة‭ ‬وتهديده‭ ‬بالتصعيد‭ ‬الى‭ ‬اقصى‭ ‬حد‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬من‭ ‬الاحتقان‭ ‬وتحسب‭ ‬اندلاع‭ ‬مواجهة‭ ‬داخلية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬يبقي‭ ‬لبنان‭ ‬مشلولا‭ ‬ويبقي‭ ‬الدولة‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬باستعادة‭ ‬هيبتها‭ ‬وتنفيذ‭ ‬أي‭ ‬برامج‭ ‬تنمية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال‭. ‬كما‭ ‬انه‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬سيظل‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬دولي‭ ‬للبنان‭ ‬معلقا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬الحسم‭.‬

المسألة‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬نرى‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬تأكيدها‭ ‬ان‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للدولة‭ ‬والحكومة‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬قضية‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬ومواقف‭ ‬سياسية‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬الحزب‭ ‬وترد‭ ‬عليها‭ ‬الحكومة‭. ‬القضية‭ ‬ابعد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬بكثير‭.‬

القضية‭ ‬ان‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬لديها‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬للتوحيد‭ ‬الوطني‭ ‬ولم‭ ‬شمل‭ ‬الشعب‭ ‬وتفكيك‭ ‬الطائفية‭.‬

النظام‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ترسخ‭ ‬طويلا‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭. ‬ترسخ‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والمجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭. ‬والكارثة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الطائفي‭ ‬ترسخ‭ ‬عبر‭ ‬مواجهات‭ ‬دموية‭ ‬وسلاح‭ ‬بيد‭ ‬كل‭ ‬الطوائف‭.‬

لهذا‭ ‬وجود‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬وإرادتها‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬سطوة‭ ‬الدولة‭ ‬هي‭ ‬فرصة‭ ‬لطرح‭ ‬استراتيجية‭ ‬توحيد‭ ‬وطني‭ ‬جديدة‭.‬

في‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ضرورة‭ ‬تكريس‭ ‬خطاب‭ ‬سياسي‭ ‬واعلامي‭ ‬وطني‭ ‬غير‭ ‬طائفي‭ ‬يكرس‭ ‬القناعة‭ ‬العامة‭ ‬بحتمية‭ ‬الدولة‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنحاز‭ ‬لطائفة‭ ‬وإنما‭ ‬تسعى‭ ‬لإقامة‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭ ‬لكل‭ ‬اللبنانيين‭. ‬

الجانب‭ ‬الجوهري‭ ‬هنا‭ ‬الأهمية‭ ‬الحاسمة‭ ‬لخطاب‭ ‬سياسي‭ ‬واعلامي‭ ‬وطني‭ ‬يتوجه‭ ‬الى‭ ‬شيعة‭ ‬لبنان‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭.‬

كما‭ ‬نعلم‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬دوما‭ ‬لترسيخ‭ ‬قوته‭ ‬وتبرير‭ ‬استمرار‭ ‬امتلاكه‭ ‬للسلاح‭ ‬وتحدي‭ ‬الدولة،‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬يتوجه‭ ‬به‭ ‬الى‭ ‬الشيعة‭. ‬الحزب‭ ‬يرسخ‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الشيعة‭ ‬انه‭ ‬هو‭ ‬الحامي‭ ‬لهم‭ ‬بسلاحه‭ ‬وليس‭ ‬الدولة،‭ ‬وان‭ ‬قرار‭ ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬الحزب‭ ‬يستهدف‭ ‬الشيعة‭ ‬كطائفة‭.‬

الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬للدولة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يفكك‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭. ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتوجه‭ ‬الى‭ ‬الشيعة‭ ‬مباشرة‭ ‬ويكرس‭ ‬في‭ ‬وعيهم‭ ‬ان‭ ‬قرار‭ ‬استعادة‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬مصلحتهم‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬الطوائف‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وان‭ ‬الدولة‭ ‬لا‭ ‬تستهدفهم‭ ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬تريد‭ ‬ان‭ ‬تؤسس‭ ‬لنظام‭ ‬وطني‭ ‬جديد‭ ‬ينهض‭ ‬بلبنان‭ ‬كله،‭ ‬وانهم‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكونوا‭ ‬جزءا‭ ‬اصيلا‭ ‬داعما‭ ‬لهذا‭ ‬التوجه‭.‬

‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬والاعلامي‭ ‬فقط،‭ ‬وانما‭ ‬يمتد‭ ‬الى‭ ‬طرح‭ ‬وبرامج‭ ‬وسياسات‭ ‬عملية‭ ‬تؤكد‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬الشيعة‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تحرص‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬أي‭ ‬تطرف‭ ‬سياسي‭ ‬واعلامي‭ ‬طائفي‭ ‬وان‭ ‬تلجم‭ ‬القوى‭ ‬الطائفية‭ ‬المتطرفة‭.‬

المهم‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬ان‭ ‬استراتيجية‭ ‬التوحيد‭ ‬الوطني‭ ‬ومواجهة‭ ‬الطائفية‭ ‬سياسيا‭ ‬واعلاميا‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬معركة‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استعادة‭ ‬قوتها‭ ‬ومن‭ ‬اجل‭ ‬فرض‭ ‬مشروعها‭ ‬الوطني‭ ‬والنهوض‭ ‬بالبلاد‭.‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الحاسمة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬لبنان‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تقدم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬للحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافل‭. ‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تمارس‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ضغوطها‭ ‬وتستخدم‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬امريكا‭ ‬والقوى‭ ‬الدولية‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬المحافل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬دفع‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬والانسحاب‭ ‬الكامل‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬اللبنانية،‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬عوامل‭ ‬استمرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬المتفجرة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬سعي‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬لاستعادة‭ ‬قوتها‭ ‬وتوحيد‭ ‬البلاد‭ ‬خلف‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا