يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
تحدي التوحيد الوطني
تحدثت أمس عن التقارير التي تثير احتمال اندلاع حرب أهلية في لبنان بسبب رفض حزب الله لقرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة وتهديده بالتصعيد الى اقصى حد.
لسنا بحاجة الى القول ان استمرار هذا الوضع من الاحتقان وتحسب اندلاع مواجهة داخلية في أي وقت يبقي لبنان مشلولا ويبقي الدولة عاجزة عن تنفيذ المشروع الوطني باستعادة هيبتها وتنفيذ أي برامج تنمية في أي مجال. كما انه مع استمرار هذا الوضع سيظل أي دعم عربي أو دولي للبنان معلقا في انتظار الحسم.
المسألة الجوهرية التي نرى من المهم تأكيدها ان القضية في لبنان وبالنسبة للدولة والحكومة ليست فقط قضية مواجهة مباشرة مع حزب الله ومواقف سياسية تصدر عن الحزب وترد عليها الحكومة. القضية ابعد من هذا بكثير.
القضية ان الحكومة اللبنانية بجب ان تكون لديها استراتيجية وطنية بعيدة المدى للتوحيد الوطني ولم شمل الشعب وتفكيك الطائفية.
النظام الطائفي في لبنان ترسخ طويلا عبر عقود. ترسخ في السياسة والمجتمع وعلى كل المستويات. والكارثة ان هذا النظام الطائفي ترسخ عبر مواجهات دموية وسلاح بيد كل الطوائف.
لهذا وجود الحكومة الحالية وإرادتها في فرض سطوة الدولة هي فرصة لطرح استراتيجية توحيد وطني جديدة.
في القلب من هذه الاستراتيجية ضرورة تكريس خطاب سياسي واعلامي وطني غير طائفي يكرس القناعة العامة بحتمية الدولة القوية التي لا تنحاز لطائفة وإنما تسعى لإقامة دولة مدنية لكل اللبنانيين.
الجانب الجوهري هنا الأهمية الحاسمة لخطاب سياسي واعلامي وطني يتوجه الى شيعة لبنان بصفة خاصة.
كما نعلم أحد أكبر الأوراق التي يستخدمها حزب الله دوما لترسيخ قوته وتبرير استمرار امتلاكه للسلاح وتحدي الدولة، الخطاب الذي يتوجه به الى الشيعة. الحزب يرسخ في وعي الشيعة انه هو الحامي لهم بسلاحه وليس الدولة، وان قرار نزع سلاح الحزب يستهدف الشيعة كطائفة.
الخطاب السياسي والإعلامي للدولة يجب ان يفكك هذا الخطاب لحزب الله. يجب ان يتوجه الى الشيعة مباشرة ويكرس في وعيهم ان قرار استعادة قوة الدولة هو في مصلحتهم مثلهم مثل كل الطوائف في لبنان، وان الدولة لا تستهدفهم بل بالعكس تريد ان تؤسس لنظام وطني جديد ينهض بلبنان كله، وانهم يجب ان يكونوا جزءا اصيلا داعما لهذا التوجه.
ولا يجب ان يقتصر الأمر على الخطاب السياسي والاعلامي فقط، وانما يمتد الى طرح وبرامج وسياسات عملية تؤكد هذا التوجه نحو الشيعة.
في نفس الوقت يجب ان تحرص الدولة على أن تواجه أي تطرف سياسي واعلامي طائفي وان تلجم القوى الطائفية المتطرفة.
المهم في الأمر ان استراتيجية التوحيد الوطني ومواجهة الطائفية سياسيا واعلاميا هي جزء أساسي من معركة الدولة اللبنانية من أجل استعادة قوتها ومن اجل فرض مشروعها الوطني والنهوض بالبلاد.
وفي هذه المرحلة الحاسمة التي يمر بها لبنان يجب ان تقدم الدول العربية كل الدعم السياسي للحكومة اللبنانية في كل المحافل. وفي القلب من هذا الدعم يجب ان تمارس الدول العربية ضغوطها وتستخدم علاقاتها مع امريكا والقوى الدولية وفي كل المحافل من اجل دفع إسرائيل إلى التوقف عن العدوان على لبنان والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، فهذا من أكبر عوامل استمرار الأوضاع المتفجرة الحالية التي تعيق سعي الدولة اللبنانية لاستعادة قوتها وتوحيد البلاد خلف مشروع وطني.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك