يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
الخطيئة الأصلية
في الفترة القليلة الماضية قرأت عدة تقارير عن لبنان تعتبر مفزعة. هي مفزعة لأنها تتحدث عن احتمالات كبيرة لاندلاع حرب أهلية في البلاد.
تقرير تحدث عن ان الحكومة اللبنانية تأخذ احتمال اندلاع مواجهة داخلية مسلحة في البلاد، أي اندلاع حرب أهلية، على محمل الجد وتتحسب له.
محللون ومعلقون لبنانيون تحدثوا أيضا عن احتمال اندلاع هذه الحرب، وبعضهم ذهب الى حد القول انه على ضوء التطورات الحالية، فإن الحرب واقعة لا محالة.
أحد الكتاب اللبنانيين كتب مثلا يقول: «لا يبدو ان الأمور ستذهب نحو التهدئة في لبنان. ان الأزمة حقيقية وعميقة ولا خروج منها الا بحرب داخلية تعيد ترتيب موازين القوى».
تحليلات اجنبية ذهبت أيضا في نفس الاتجاه، أي تزايد احتمالات الحرب الأهلية. قبل فترة نشرت صحيفة «التايمز» البريطانية تحليلا يقول: «إن لبنان لم يعد بعيداً عن الدخول في حرب أهلية، مع تمسّك حزب الله بسلاحه، وتصعيده للخطاب ضدّ الدولة، فرغم خروج ميليشيا الحزب «مهزومة» أمام إسرائيل فلا تزال تملك قوة تكفي لترهيب بلد لا يزال يعاني من صدمة حرب الـ15 عاما». واعتبرت ان توجيه الحزب سلاحه نحو الحكومة لم يعد مستبعداً.
من المفهوم بالطبع كما ذكر تقرير التايمز، ان كل هذا الحديث عن احتمال اندلاع حرب أهلية في لبنان والتحسب لها، مرتبط بما قررته القيادة والحكومة اللبنانية من استعادة قوة الدولة وحصر السلاح بيدها، ومن ثم قرار تسليم سلاح حزب الله للدولة، والموقف الذي أعلنه الحزب ردا على ذلك.
حزب الله أعلن منذ البداية رفضه لقرار الحكومة وانه لن يسلم سلاحه ابدا أيا كان الثمن.
كما نعلم فإن الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم سبق ان أعلن رفض الحزب قرار الحكومة، وانه مستعد للدخول في مواجهة معها، وهدد بأنه «لن تكون هناك حياة في لبنان».
وقبل أيام أعاد الأمين العام للحزب نفس الموقف وبشكل أكثر حدة اذ اتهم الحكومة اللبنانية بارتكاب «خطيئة» بقرارها نزع سلاح حزب الله، وقال: «نرفض تسليم السلاح وسنخوض مواجهة كربلائية». وحذر أمين عام حزب الله الحكومة، قائلا: إن «السفينة ستغرق بالجميع»، أي أن الحزب لا يمانع من ان تغرق سفينة لبنان بالجميع من أجل أن يبقى سلاحه.
من المفهوم ان تهديدات الحزب للحكومة وللبنان كله على هذا النحو وراءه في جانب اساسي التحريض والدعم الإيراني، اذ ما زالت إيران تراهن على دور حزب الله في استراتيجيتها في المنطقة رغم كل التحولات التي حدثت.
الحقيقة ان محاولة الأمين العام لحزب الله تبرير تهديداته للدولة والشعب اللبناني على هذا النحو بالحديث عن «خطيئة» ارتكبتها الحكومة تضليل للشعب. حقيقة الأمر ان الحزب يريد للبنان ان يظل غارقا في «الخطيئة الأصلية» التي تحاول الحكومة اليوم الخروج منها.
«الخطيئة الأصلية» في لبنان تم ارتكابها عندما اغتصب حزب الله سلطات الدولة اللبنانية وفرض بالسلاح والتهديد المسلح سطوته على الجميع، وشل كل مؤسسات الدولة على امتداد كل هذه السنين.
الخطيئة الأصلية في لبنان تم ارتكابها عندما وضع الحزب مقدرات لبنان بيد دولة اجنبية هي إيران، وعندما جند كل قواه وامكانياته لخدمة المشروع الايراني وليس خدمة أي مشروع وطني لبناني.
المهم ان لبنان اليوم يقف بالفعل في مفترق طرق صعب. اما ان ترضخ الدولة لحزب الله وتهديداته وتسلم مقدراتها مجددا له ليبقى لبنان غارقا في الخطيئة الأصلية، أو أن تصر على مشروعها الوطني وتعيد الهيبة والمكانة لدورها ومؤسساتها وتحتكر وحدها السلاح والقوة. وفي سبيل ذلك يقف لبنان مهددا كما ذكرنا بالحرب الأهلية.
للحديث بقية بإذن الله.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك