العدد : ١٧٣٦٥ - الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٦٥ - الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الخطيئة الأصلية

في‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬قرأت‭ ‬عدة‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬لبنان‭ ‬تعتبر‭ ‬مفزعة‭. ‬هي‭ ‬مفزعة‭ ‬لأنها‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬كبيرة‭ ‬لاندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

تقرير‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬تأخذ‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬مواجهة‭ ‬داخلية‭ ‬مسلحة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬أي‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية،‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬وتتحسب‭ ‬له‭.‬

محللون‭ ‬ومعلقون‭ ‬لبنانيون‭ ‬تحدثوا‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬وبعضهم‭ ‬ذهب‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬القول‭ ‬انه‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬التطورات‭ ‬الحالية،‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬واقعة‭ ‬لا‭ ‬محالة‭. ‬

أحد‭ ‬الكتاب‭ ‬اللبنانيين‭ ‬كتب‭ ‬مثلا‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬الأمور‭ ‬ستذهب‭ ‬نحو‭ ‬التهدئة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬ان‭ ‬الأزمة‭ ‬حقيقية‭ ‬وعميقة‭ ‬ولا‭ ‬خروج‭ ‬منها‭ ‬الا‭ ‬بحرب‭ ‬داخلية‭ ‬تعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬موازين‭ ‬القوى‮»‬‭.‬

تحليلات‭ ‬اجنبية‭ ‬ذهبت‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الاتجاه،‭ ‬أي‭ ‬تزايد‭ ‬احتمالات‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭. ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬تحليلا‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬لبنان‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أهلية،‭ ‬مع‭ ‬تمسّك‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بسلاحه،‭ ‬وتصعيده‭ ‬للخطاب‭ ‬ضدّ‭ ‬الدولة،‭ ‬فرغم‭ ‬خروج‭  ‬ميليشيا‭ ‬الحزب‭ ‬‮«‬مهزومة‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬إسرائيل‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬تملك‭ ‬قوة‭ ‬تكفي‭ ‬لترهيب‭ ‬بلد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬حرب‭ ‬الـ15‭ ‬عاما‮»‬‭. ‬واعتبرت‭ ‬ان‭  ‬توجيه‭ ‬الحزب‭ ‬سلاحه‭ ‬نحو‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مستبعداً‭. ‬

من‭ ‬المفهوم‭ ‬بالطبع‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬تقرير‭ ‬التايمز،‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والتحسب‭ ‬لها،‭ ‬مرتبط‭ ‬بما‭ ‬قررته‭ ‬القيادة‭ ‬والحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬وحصر‭ ‬السلاح‭ ‬بيدها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قرار‭ ‬تسليم‭ ‬سلاح‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬للدولة،‭ ‬والموقف‭ ‬الذي‭ ‬أعلنه‭ ‬الحزب‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

حزب‭ ‬الله‭ ‬أعلن‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬رفضه‭ ‬لقرار‭ ‬الحكومة‭ ‬وانه‭ ‬لن‭ ‬يسلم‭ ‬سلاحه‭ ‬ابدا‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬الثمن‭.‬

كما‭ ‬نعلم‭ ‬فإن‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬نعيم‭ ‬قاسم‭ ‬سبق‭ ‬ان‭ ‬أعلن‭ ‬رفض‭ ‬الحزب‭ ‬قرار‭ ‬الحكومة،‭ ‬وانه‭ ‬مستعد‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬معها،‭ ‬وهدد‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حياة‭ ‬في‭ ‬لبنان‮»‬‭.‬

وقبل‭ ‬أيام‭ ‬أعاد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للحزب‭ ‬نفس‭ ‬الموقف‭ ‬وبشكل‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭ ‬اذ‭ ‬اتهم‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بارتكاب‭ ‬‮«‬خطيئة‮»‬‭ ‬بقرارها‭ ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬نرفض‭ ‬تسليم‭ ‬السلاح‭ ‬وسنخوض‭ ‬مواجهة‭ ‬كربلائية‮»‬‭. ‬وحذر‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الحكومة،‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬‮«‬السفينة‭ ‬ستغرق‭ ‬بالجميع‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬لا‭ ‬يمانع‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تغرق‭ ‬سفينة‭ ‬لبنان‭ ‬بالجميع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬سلاحه‭. ‬

من‭ ‬المفهوم‭ ‬ان‭ ‬تهديدات‭ ‬الحزب‭ ‬للحكومة‭ ‬وللبنان‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬وراءه‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬اساسي‭ ‬التحريض‭ ‬والدعم‭ ‬الإيراني،‭ ‬اذ‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬إيران‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭.‬

الحقيقة‭ ‬ان‭ ‬محاولة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬تبرير‭ ‬تهديداته‭ ‬للدولة‭ ‬والشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬خطيئة‮»‬‭ ‬ارتكبتها‭ ‬الحكومة‭ ‬تضليل‭ ‬للشعب‭. ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬ان‭ ‬الحزب‭ ‬يريد‭ ‬للبنان‭ ‬ان‭ ‬يظل‭ ‬غارقا‭ ‬في‭ ‬‮«‬الخطيئة‭ ‬الأصلية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الحكومة‭ ‬اليوم‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭.‬

‮«‬الخطيئة‭ ‬الأصلية‮»‬‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬تم‭ ‬ارتكابها‭ ‬عندما‭ ‬اغتصب‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬سلطات‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬وفرض‭ ‬بالسلاح‭ ‬والتهديد‭ ‬المسلح‭ ‬سطوته‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬وشل‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنين‭.‬

الخطيئة‭ ‬الأصلية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬تم‭ ‬ارتكابها‭ ‬عندما‭ ‬وضع‭ ‬الحزب‭ ‬مقدرات‭ ‬لبنان‭ ‬بيد‭ ‬دولة‭ ‬اجنبية‭ ‬هي‭ ‬إيران،‭ ‬وعندما‭ ‬جند‭ ‬كل‭ ‬قواه‭ ‬وامكانياته‭ ‬لخدمة‭ ‬المشروع‭ ‬الايراني‭ ‬وليس‭ ‬خدمة‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭ ‬لبناني‭.‬

المهم‭ ‬ان‭ ‬لبنان‭ ‬اليوم‭ ‬يقف‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬صعب‭. ‬اما‭ ‬ان‭ ‬ترضخ‭ ‬الدولة‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬وتهديداته‭ ‬وتسلم‭ ‬مقدراتها‭ ‬مجددا‭ ‬له‭ ‬ليبقى‭ ‬لبنان‭ ‬غارقا‭ ‬في‭ ‬الخطيئة‭ ‬الأصلية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬مشروعها‭ ‬الوطني‭ ‬وتعيد‭ ‬الهيبة‭ ‬والمكانة‭ ‬لدورها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬وتحتكر‭ ‬وحدها‭ ‬السلاح‭ ‬والقوة‭. ‬وفي‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬يقف‭ ‬لبنان‭ ‬مهددا‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬بالحرب‭ ‬الأهلية‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا