زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ساعد الحكومة تساعدك
سين عين ميم شاب ينتمي إلى دولة عربية أنعم الله عليها بثروات هائلة، وظل يعاني لفترة طويلة من آلام مبرحة، بسبب ورم كبير في فخذه الأيمن، وبحسب رواية صحيفة تصدر في بلده، فإن سين عين لم يقصر في عرض نفسه على الأطباء، الذين لم يقصروا بدورهم في الكشف عليه واتخاذ قرار بإزالة الورم، وفي مطلع الشهر الماضي دخل صاحبنا مستشفى حكوميا مرجعيا لإجراء العملية الجراحية، ولكن وبعد انتظار دام ساعات قالوا له: معليش تعال بعد أسبوع، وخرج سين عين وعاش على المسكنات قوية المفعول أسبوعا ثم عاد الى المستشفى، ولكنهم أبلغوه باستحالة إجراء عملية استئصال الورم لعدم وجود سرير، وأعطوه موعدا ثالثا ورابعا، ثم قالوا له تعال بعد شهر على أمل ان نجد لك سريرا، وظل الورم يزداد في الحجم وباتت المسكنات عاجزة عن تهدئة الآلام التي يحس بها، خاصة وقد حذره الأطباء بأن المسكنات القوية التي يتعاطاها تسبب الإدمان. فقرر سين عين حل المشكلة بطريقة «سد الذرائع»، واشتري سريرا ثم طلاه باللون المستخدم في أسِرة المستشفى، وحمل سريره وذهب الى المدير الطبي في المستشفى منشرح الصدر وقال له: خلاص.. فُرِجت.. وما تحملوا هم.. اشتريت سرير على حسابي وحطوه في ممر أو عنبر أو مخزن.. بس فكوني من الورم.. وبالمناسبة سأتنازل للمستشفى عن السرير بعد شفائي بإذن الله عسى ان يسهم ذلك في فك ضائقة مريض آخر، ولو في مريض آخر حالته مستعصية ولا يجد سريرا فأنا مستعد لشراء سرير له، فما كان من المدير الطبي إلا أن استدعى رجال أمن المستشفى، الذين استخدموا الكرت الأحمر، ورموا سين عين وسريره «بره».
اعتقد ان صاحبنا سين هذا شخص مبدع، لأنه يقدم للمواطنين العرب والحكومات العربية الحلول لمشكلات مزمنة: تذهب بطفلك لأقرب مدرسة إلى بيت العائلة، وأنت واثق من أنه مستوف لكل الشروط، فيقولون لك: منين يا حسرة.. كل الكراسي «مليانة فل»!! فترد عليهم: ولا يهمكم.. باكر يجي معاه كرسي ودرج وطباشير ولو ترغبون في سبورة رقبتي سدادة.. ويقاطعونك: مشكور يا سيد.. بس حجرات الدراسة ليس فيها مكان لكرسي إضافي.. وترد بدورك: ولا يهمكم أنا عارف ان وزارة التربية «محمولة»، ومشغولة بتربية الدواجن والطواجن. سأبني لكم غرفة دراسة مع حمام، لأن حماماتكم بصراحة «تكسف»، ولو تلزمكم غرفة للمدرسين مفيش ماكو مانع. وقياسا على هذا وإذا حصلت على تأشيرة عمرة مثلا فلا تكن عبيطا غشيما وتذهب إلى مكتب شركة الطيران ومعك فقط قيمة التذكرة بل أحمل معك مقعدا صغيرا لأنه من المؤكد أنهم سيقولون لك لا توجد مقاعد، إذا كنت معاقا من ناحية الواسطة.
وإذا كنت تبحث عن وظيفة في جهة سيقولون لك لا توجد شواغر وفي هذه الحالة لا يجدي التبرع بكرسي من جيبك الخاص. وبكل عدم تواضع عندي خبرات واسعة في التعامل مع المسؤولين في القطاع الحكومي، فقبل أن أدخل مكتبا أكون سلفا قد عرفت اسم «أتخن راس» فيه، وأعرف أنه غير موجود، وأقف أمام أي موظف واسأل: وين فلان (اسم الرأس الكبير حاف بدون ألقاب لإعطاء الانطباع بأن التكليف بيننا مرفوع والحالة بيننا واحدة).. وعندما يبلغوني بأنه غير موجود أصيح: أف.. مش معقول.. كان على الأقل يكلمني بأنه سيتغيب بدلا من إضاعة وقتي.. رد الفعل الطبيعي لأي موظف تجاه شخص «يتأفف» من مديره يكون: ولا يهمك يا استاذ.. أي خدمة؟ فتواصل القنزحة: في ورق الزفت بتاع موضوع الزفت مفروض (بتهكم) صاحب السعادة يخلصه اليوم.. بس مفيش احترام للناس والمواعيد. وما يحصل دائما في مثل هذه الحالات، هو ان الموظفين يتبارون لـ«تخليص» الزفت،.. ولو حدثت مفاجأة وقال لك أحدهم أن الراس الكبير وصل، طنش، او أحسن تنفجر غاضبا: مش عايز أشوف وجه انسان ما يحترم المواعيد. أما الحل الجذري لمشكلة التعامل مع كبار المسؤولين فهو أن تطبع كروت فخمة بأسماء كبار الشخصيات في بلدك وتقدمها للجهات التي لديك مصلحة فيها.. بس إياك تستخدمها للحصول على كاش.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك