العدد : ١٧٣٦٣ - الاثنين ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٦٣ - الاثنين ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ساعد الحكومة تساعدك

سين‭ ‬عين‭ ‬ميم‭ ‬شاب‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬بثروات‭ ‬هائلة،‭ ‬وظل‭ ‬يعاني‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬مبرحة،‭ ‬بسبب‭ ‬ورم‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬فخذه‭ ‬الأيمن،‭ ‬وبحسب‭ ‬رواية‭ ‬صحيفة‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬بلده،‭ ‬فإن‭ ‬سين‭ ‬عين‭ ‬لم‭ ‬يقصر‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الأطباء،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يقصروا‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عليه‭ ‬واتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بإزالة‭ ‬الورم،‭ ‬وفي‭ ‬مطلع‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬دخل‭ ‬صاحبنا‭ ‬مستشفى‭ ‬حكوميا‭ ‬مرجعيا‭ ‬لإجراء‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية،‭ ‬ولكن‭ ‬وبعد‭ ‬انتظار‭ ‬دام‭ ‬ساعات‭ ‬قالوا‭ ‬له‭: ‬معليش‭ ‬تعال‭ ‬بعد‭ ‬أسبوع،‭ ‬وخرج‭ ‬سين‭ ‬عين‭ ‬وعاش‭ ‬على‭ ‬المسكنات‭ ‬قوية‭ ‬المفعول‭ ‬أسبوعا‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬الى‭ ‬المستشفى،‭ ‬ولكنهم‭ ‬أبلغوه‭ ‬باستحالة‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬استئصال‭ ‬الورم‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬سرير،‭ ‬وأعطوه‭ ‬موعدا‭ ‬ثالثا‭ ‬ورابعا،‭ ‬ثم‭ ‬قالوا‭ ‬له‭ ‬تعال‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬ان‭ ‬نجد‭ ‬لك‭ ‬سريرا،‭ ‬وظل‭ ‬الورم‭ ‬يزداد‭ ‬في‭ ‬الحجم‭ ‬وباتت‭ ‬المسكنات‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬تهدئة‭ ‬الآلام‭ ‬التي‭ ‬يحس‭ ‬بها،‭ ‬خاصة‭ ‬وقد‭ ‬حذره‭ ‬الأطباء‭ ‬بأن‭ ‬المسكنات‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬يتعاطاها‭ ‬تسبب‭ ‬الإدمان‭. ‬فقرر‭ ‬سين‭ ‬عين‭ ‬حل‭ ‬المشكلة‭ ‬بطريقة‭ ‬‮«‬سد‭ ‬الذرائع‮»‬،‭ ‬واشتري‭ ‬سريرا‭ ‬ثم‭ ‬طلاه‭ ‬باللون‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬أسِرة‭ ‬المستشفى،‭ ‬وحمل‭ ‬سريره‭ ‬وذهب‭ ‬الى‭ ‬المدير‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬منشرح‭ ‬الصدر‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬خلاص‭.. ‬فُرِجت‭.. ‬وما‭ ‬تحملوا‭ ‬هم‭.. ‬اشتريت‭ ‬سرير‭ ‬على‭ ‬حسابي‭ ‬وحطوه‭ ‬في‭ ‬ممر‭ ‬أو‭ ‬عنبر‭ ‬أو‭ ‬مخزن‭.. ‬بس‭ ‬فكوني‭ ‬من‭ ‬الورم‭.. ‬وبالمناسبة‭ ‬سأتنازل‭ ‬للمستشفى‭ ‬عن‭ ‬السرير‭ ‬بعد‭ ‬شفائي‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬عسى‭ ‬ان‭ ‬يسهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬فك‭ ‬ضائقة‭ ‬مريض‭ ‬آخر،‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬مريض‭ ‬آخر‭ ‬حالته‭ ‬مستعصية‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬سريرا‭ ‬فأنا‭ ‬مستعد‭ ‬لشراء‭ ‬سرير‭ ‬له،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المدير‭ ‬الطبي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬استدعى‭ ‬رجال‭ ‬أمن‭ ‬المستشفى،‭ ‬الذين‭ ‬استخدموا‭ ‬الكرت‭ ‬الأحمر،‭ ‬ورموا‭ ‬سين‭ ‬عين‭ ‬وسريره‭ ‬‮«‬بره‮»‬‭.‬

اعتقد‭ ‬ان‭ ‬صاحبنا‭ ‬سين‭ ‬هذا‭ ‬شخص‭ ‬مبدع،‭ ‬لأنه‭ ‬يقدم‭ ‬للمواطنين‭ ‬العرب‭ ‬والحكومات‭ ‬العربية‭ ‬الحلول‭ ‬لمشكلات‭ ‬مزمنة‭: ‬تذهب‭ ‬بطفلك‭ ‬لأقرب‭ ‬مدرسة‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬العائلة،‭ ‬وأنت‭ ‬واثق‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬مستوف‭ ‬لكل‭ ‬الشروط،‭ ‬فيقولون‭ ‬لك‭: ‬منين‭ ‬يا‭ ‬حسرة‭.. ‬كل‭ ‬الكراسي‭ ‬‮«‬مليانة‭ ‬فل‮»‬‭!! ‬فترد‭ ‬عليهم‭: ‬ولا‭ ‬يهمكم‭.. ‬باكر‭ ‬يجي‭ ‬معاه‭ ‬كرسي‭ ‬ودرج‭ ‬وطباشير‭ ‬ولو‭ ‬ترغبون‭ ‬في‭ ‬سبورة‭ ‬رقبتي‭ ‬سدادة‭.. ‬ويقاطعونك‭: ‬مشكور‭ ‬يا‭ ‬سيد‭.. ‬بس‭ ‬حجرات‭ ‬الدراسة‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬مكان‭ ‬لكرسي‭ ‬إضافي‭.. ‬وترد‭ ‬بدورك‭: ‬ولا‭ ‬يهمكم‭ ‬أنا‭ ‬عارف‭ ‬ان‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬‮«‬محمولة‮»‬،‭ ‬ومشغولة‭ ‬بتربية‭ ‬الدواجن‭ ‬والطواجن‭. ‬سأبني‭ ‬لكم‭ ‬غرفة‭ ‬دراسة‭ ‬مع‭ ‬حمام،‭ ‬لأن‭ ‬حماماتكم‭ ‬بصراحة‭ ‬‮«‬تكسف‮»‬،‭ ‬ولو‭ ‬تلزمكم‭ ‬غرفة‭ ‬للمدرسين‭ ‬مفيش‭ ‬ماكو‭ ‬مانع‭. ‬وقياسا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬وإذا‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬تأشيرة‭ ‬عمرة‭ ‬مثلا‭ ‬فلا‭ ‬تكن‭ ‬عبيطا‭ ‬غشيما‭ ‬وتذهب‭ ‬إلى‭ ‬مكتب‭ ‬شركة‭ ‬الطيران‭ ‬ومعك‭ ‬فقط‭ ‬قيمة‭ ‬التذكرة‭ ‬بل‭ ‬أحمل‭ ‬معك‭ ‬مقعدا‭ ‬صغيرا‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أنهم‭ ‬سيقولون‭ ‬لك‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مقاعد،‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬معاقا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الواسطة‭.‬

وإذا‭ ‬كنت‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬سيقولون‭ ‬لك‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬شواغر‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لا‭ ‬يجدي‭ ‬التبرع‭ ‬بكرسي‭ ‬من‭ ‬جيبك‭ ‬الخاص‭. ‬وبكل‭ ‬عدم‭ ‬تواضع‭ ‬عندي‭ ‬خبرات‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي،‭ ‬فقبل‭ ‬أن‭ ‬أدخل‭ ‬مكتبا‭ ‬أكون‭ ‬سلفا‭ ‬قد‭ ‬عرفت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬أتخن‭ ‬راس‮»‬‭ ‬فيه،‭ ‬وأعرف‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬موجود،‭ ‬وأقف‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬موظف‭ ‬واسأل‭: ‬وين‭ ‬فلان‭ (‬اسم‭ ‬الرأس‭ ‬الكبير‭ ‬حاف‭ ‬بدون‭ ‬ألقاب‭ ‬لإعطاء‭ ‬الانطباع‭ ‬بأن‭ ‬التكليف‭ ‬بيننا‭ ‬مرفوع‭ ‬والحالة‭ ‬بيننا‭ ‬واحدة‭).. ‬وعندما‭ ‬يبلغوني‭ ‬بأنه‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬أصيح‭: ‬أف‭.. ‬مش‭ ‬معقول‭.. ‬كان‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يكلمني‭ ‬بأنه‭ ‬سيتغيب‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬إضاعة‭ ‬وقتي‭.. ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الطبيعي‭ ‬لأي‭ ‬موظف‭ ‬تجاه‭ ‬شخص‭ ‬‮«‬يتأفف‮»‬‭ ‬من‭ ‬مديره‭ ‬يكون‭: ‬ولا‭ ‬يهمك‭ ‬يا‭ ‬استاذ‭.. ‬أي‭ ‬خدمة؟‭ ‬فتواصل‭ ‬القنزحة‭: ‬في‭ ‬ورق‭ ‬الزفت‭ ‬بتاع‭ ‬موضوع‭ ‬الزفت‭ ‬مفروض‭ (‬بتهكم‭) ‬صاحب‭ ‬السعادة‭ ‬يخلصه‭ ‬اليوم‭.. ‬بس‭ ‬مفيش‭ ‬احترام‭ ‬للناس‭ ‬والمواعيد‭. ‬وما‭ ‬يحصل‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الموظفين‭ ‬يتبارون‭ ‬لـ«تخليص‮»‬‭ ‬الزفت،‭.. ‬ولو‭ ‬حدثت‭ ‬مفاجأة‭ ‬وقال‭ ‬لك‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬الراس‭ ‬الكبير‭ ‬وصل،‭ ‬طنش،‭ ‬او‭ ‬أحسن‭ ‬تنفجر‭ ‬غاضبا‭: ‬مش‭ ‬عايز‭ ‬أشوف‭ ‬وجه‭ ‬انسان‭ ‬ما‭ ‬يحترم‭ ‬المواعيد‭. ‬أما‭ ‬الحل‭ ‬الجذري‭ ‬لمشكلة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬تطبع‭ ‬كروت‭ ‬فخمة‭ ‬بأسماء‭ ‬كبار‭ ‬الشخصيات‭ ‬في‭ ‬بلدك‭ ‬وتقدمها‭ ‬للجهات‭ ‬التي‭ ‬لديك‭ ‬مصلحة‭ ‬فيها‭.. ‬بس‭ ‬إياك‭ ‬تستخدمها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬كاش‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا