زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
جزاء من استعرَّ من لونه
بحكم العمل في السفارة البريطانية في الخرطوم، توفّر لي الاطلاع على كبريات الصحف والمجلات البريطانية على نحو شبه منتظم، ثم وقعت عيني وبعدها قلبي على مجلة «برايفيت آي»، فعشقتها ولا أزال، وهي مطبوعة إنجليزية، أجاركم الله من طول لسان محرريها الذين يتخصصون في السخرية من أهل السياسة والمجتمع المخملي، فهي لا ترحم أهل الجاه والسلطان، وما زلت أحتفظ بعشرات الأعداد منها، لأطالعها كما اتفق كلما أحسست بالزهج والضيق، وأمامي الآن عدد منها لا أعرف له تاريخا يتضمن المجلة حكاية نقلا عن وكالة الأنباء الغانية، ومفادها أن الملاكم الغاني المخضرم بيرسي أوبليتي كومي، خسر مباراة ثم أصبح أضحوكة المجتمع في غانا.. ليس لأنه انهزم، فقد انهزم قبله مرسي ابن المعلم زناتي «بالإنجليزي»!! ولكن لأن الهزيمة كشفت عن فضيحة، فخلال الجولة الثالثة وجه إليه خصمه ضربة سببت له جرحا في خده الأيمن، وخلال الاستراحة عجز مدربه عن وقف النزيف الصادر من الخد، ورغم أن الخصم لم ينجح في توجيه أي ضربة إلى كومي في الجولة الرابعة، إلا أنه بدأ ينزف من الأنف والأذن والحنجرة والمسالك البولية، ثم لاحظ الجمهور أمرا عجيبا، فقد بدأ جلد وجه كومي يتقشر ويتدلى حتى وصل إلى عنقه ثم تدلى على صدره، حتى غطى الدم جسمه كله، وهنا بدأ الجمهور في الضحك الهستيري!! ستقول إن الغانيين ساديون وبلا رحمة!! غلطان ثم غلطان، ولن أسمح لك بأن تقول مثل هذا الكلام على أهلي الأفارقة! يكفي أن غانا قدمت للعالم واحدا من أكفأ من شغلوا منصب الأمين العام للأمم المتحدة وهو كوفي أنان (الذي جعلناه عنان باعتبار أن أجداده – ربما– هاجروا من الكوفة قبل ألف سنة)، المهم أنه كان للجمهور الغاني الذي كان يشهد مباراة الملاكمة سبب قوي للضحك والشماتة بالملاكم كومي، لأن الجميع كانوا يعرفون أنه يستخدم مراهم ومعاجين لاكتساب بشرة فاتحة، وقد حذرت حكومات غرب إفريقيا مواطنيها مرارا بأن عقاقير مثل الهايدروكوينون والسولاكوين، قد تخفف من سواد البشرة، ولكن الإفراط في استخدامها قد يؤدي الى تقشير الجلد والإصابة بالسرطان، والمفرح بالنسبة إلي في قضية الملاكم كومي هو أن الأطباء فشلوا في خياطة الجلد المتقشر من وجهه، وإعادته إلى موضعه، لأنه، أي الجلد، صار هشا لا يتحمل غرزة الإبرة، وهذه عاقبة من يسعون للتبرؤ من ألوانهم الطبيعية!
وأستطيع أن أفهم أن أوروبيا يرى في سواد البشرة أو سمرتها عيبا ونقيصة، ومنهم من لا يعترف بأن السود من بني البشر، ولكن ما بال إنسان خلقه الله أسمر أو أسود، يحس بالدونية بسبب لون بشرته، ولو وضعوا أموال بيل غيتس في يميني، ومنحوني أنف توم كروز، وشعر ليونادرو دي كابريو، وعقدوا قراني بالجملة على كاثرين زيتا جونز وباميلا اندرسون وكلوديا شيفر، وزفوني إليهن بسيارة شيفر مقابض أبوابها من الذهب، مع التعهد بنقل أم الجعافر إلى جوانتنامو في كوبا لتكون تحت حراسة مشاة البحرية الأمريكية حتى تتعهد بإدانة الإرهاب المنزلي كتابة وبالصوت والصورة وبعدم إلحاق أي نوع من الأذى بي، نظير التنازل عن السمار الجعفري لما رضيت. شوف كوندوليسا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة: سمار زي الفل أو الفلفل و-عيني باردة – كانت تقوم الدنيا وتقعد بكلمة منها. وكان معمر القذافي يعشقها وفبرك فيديو كليب لها وهي تشارك بالرقص معه، ولماذا نمشي بعيدا والأمريكان الذي اخترعوا التمييز العنصري وقننوه تلفتوا قبل سنوات بحثا عن رئيس محترم يصلح الخرابيط واللخبطات التي تمت على يد جورج دبليو بوش، لم يجدوا من هو أفضل لزعامة أمريكا من الأسمريكا باراك أوباما. وعندك عارضة الأزياء نيومي (ناعومي) كامبل التي إذا تمخطت في منديل ورقي، وألقت به أرضا تهافت عليه الصحفيون البيض ليحتفظوا به كتذكار!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك