زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
كل واحد يلزم مكانه
العين المليانة هي تلك التي لا تنظر إلى ما عند الآخرين وتتحسر وتصرخ بالمصري «جاتنا نيلة في حظنا الهباب»، فصاحب العين المليانة لا يحس بالنقص لأنه يفتقر إلى بعض ما عند الآخرين، بل يعتز بما عنده. وقليلون هم من يقنعون بما لديهم أو بما هم فيه، وأكثر خلق الله نقنقة وشكاية هم النساء، فلسبب غير مفهوم لدي فإنهن يتوهمن أنهن مظلومات، وأن الظلم وقع عليهن من قبل الرجال، وما من بنت نشأت وسط أخوة ذكور، إلا وتمنت في مرحلة لو كانت ولدا، وفي الجانب المقابل فإن الرجال يعتقدون أن النساء جاحدات، وأنهن في نعيم لأن بمقدور معظمهن لزوم البيت بعيدا عن عكننة أجواء العمل، ويفوت على الطرفين أن كلا منهما ينعم بمزايا وخصائص لا تتوفر لدى الطرف الآخر، وهكذا حال الدنيا: هناك مديرون وهناك أجراء، وهناك أغنياء وهناك فقراء، والسعيد هو من يتأقلم مع واقعه ويسعى إلى تحسين أحواله دون أن يدخل في «مقارنات» مع أحوال الآخرين، وفي شأن زعم الرجال بأن النساء في نعيم ويعشن في بحبوحة على حسابهم، تقول أسطورة أوروبية معاصرة، أن رجلا عثر على المصباح السحري وتمنى أن يتحول إلى امرأة، وتتحول زوجته إلى رجل، ليتبادلا المواقع، فكان له ما أراد، وبعد التحول استيقظ في اليوم الأول وبدأ في ترتيب البيت وتنظيفه، ثم غسل وكي الملابس، وقبل العصر بقليل اكتشف أنه لم يجد وقتا ليعد الطعام لأفراد الأسرة، فبادر بالاتصال بمطعم ليأتيه بطعام جاهز، وظل على هذا الحال طوال أسبوع، حتى كاد أن ينهار نفسيا وجسديا، فلجأ إلى المصباح السحري ليطلب العودة إلى حالته الأصلية رجلا فأجابه الجني: نو بروبليم (جني خواجاتي من جيل العولمة) بس انتظر تسعة أشهر لأنك لا تستطيع أن تصبح رجلا وأنت حامل.
والنساء في نظرتهن لحالهن كمن يذهب إلى مطعم ويختار الطعام الذي يشتهيه من القائمة، وبعد أن يوضع أمامه يخيل إليه أن الآخرين اختاروا أطباقا أشهى من طبقه، ومن ثم فإنهن يحسدن الرجال على ما هم فيه، في حين أن المجتمع يظلم الرجل على مدار الشمس: عند الزواج يقدم الأهل والأصدقاء الهدايا فقط للعروس وكأن العريس مجرد طرطور لا يقدم ولا يؤخر، مع أنه «خرب بيته» ليعمر بيت الزوجية، وعند الولادة، التي هي مشروع مشترك بين الطرفين، يتلقى الزوج تهنئات شفهية بينما تنال الزوجة الحلوى والزهور والهدايا العينية من قلادات وسلاسل وخواتم ذهبية، وإذا كان المولود بنتا تنهال عليها سلاسل الذهب والأقراط والدببة القطبية أما الولد فقد يحصل على بضع قطع بامبرز أو ملابس من سوق الجملة، وكل من لديه أولاد وبنات يعرف أن فستانا واحدا لبنت واحدة يساوي في قيمته مجموع قيمة ملابس أخيها وعمها وخال زوج عمتها. ومنذ سن الخامسة ترفض البنت ارتداء نفس «اللبسة» في مناسبتين اجتماعيتين، بينما –والله على ما أقول شهيد– ما زلت إلى يومنا هذا أرتدي «جاكيت» اشتريته في تنزيلات كريسماس عام 1987 من محلات سي آند إيه في لندن ب«زرايره» الأصلية. (هذا المحل أفلس واختفى).
سيداتي وآنساتي صدقوني ليس عندنا ما تحسدننا عليه سوى حرية الصياعة التي يتمتع بها بعضنا، وإن كان لديكن إصرار على التساوي مع الرجال، فإننا سنطالب بخضوعكن لعلاج جيني حتى تنبت لكن لحى وذقون لتعرفوا كم نعاني ونحن نطلي وجوهنا بالصابون والمعجون لإزالة الشعر من الفك والحنك كي نبدو حلوين في أنظاركن!! ثم هل يفوت عليكن أن كل هتلرات وسفاحي العالم العربي رجال؟ هل توجد امرأة من صنف نتنياهو أو شارون أو القذافي أو جورج دبليو بوش المربوش (المربوش عند أهل السودان هو المصاب بربشة وهي اضطراب يمنع التفكير والسلوك القويم).
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك