العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كل واحد يلزم مكانه

العين‭ ‬المليانة‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬عند‭ ‬الآخرين‭ ‬وتتحسر‭ ‬وتصرخ‭ ‬بالمصري‭ ‬‮«‬جاتنا‭ ‬نيلة‭ ‬في‭ ‬حظنا‭ ‬الهباب‮»‬،‭ ‬فصاحب‭ ‬العين‭ ‬المليانة‭ ‬لا‭ ‬يحس‭ ‬بالنقص‭ ‬لأنه‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬عند‭ ‬الآخرين،‭ ‬بل‭ ‬يعتز‭ ‬بما‭ ‬عنده‭. ‬وقليلون‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يقنعون‭ ‬بما‭ ‬لديهم‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬هم‭ ‬فيه،‭ ‬وأكثر‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬نقنقة‭ ‬وشكاية‭ ‬هم‭ ‬النساء،‭ ‬فلسبب‭ ‬غير‭  ‬مفهوم‭ ‬لدي‭ ‬فإنهن‭ ‬يتوهمن‭ ‬أنهن‭ ‬مظلومات،‭ ‬وأن‭ ‬الظلم‭ ‬وقع‭ ‬عليهن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرجال،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬بنت‭ ‬نشأت‭ ‬وسط‭ ‬أخوة‭ ‬ذكور،‭ ‬إلا‭ ‬وتمنت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬ولدا،‭ ‬وفي‭ ‬الجانب‭ ‬المقابل‭ ‬فإن‭ ‬الرجال‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬جاحدات،‭ ‬وأنهن‭ ‬في‭ ‬نعيم‭ ‬لأن‭ ‬بمقدور‭ ‬معظمهن‭ ‬لزوم‭ ‬البيت‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬عكننة‭ ‬أجواء‭ ‬العمل،‭ ‬ويفوت‭ ‬على‭ ‬الطرفين‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬منهما‭ ‬ينعم‭ ‬بمزايا‭ ‬وخصائص‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬لدى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬وهكذا‭ ‬حال‭ ‬الدنيا‭: ‬هناك‭ ‬مديرون‭ ‬وهناك‭ ‬أجراء،‭ ‬وهناك‭ ‬أغنياء‭ ‬وهناك‭ ‬فقراء،‭ ‬والسعيد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتأقلم‭ ‬مع‭ ‬واقعه‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬أحواله‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬‮«‬مقارنات‮»‬‭ ‬مع‭ ‬أحوال‭ ‬الآخرين،‭ ‬وفي‭ ‬شأن‭ ‬زعم‭ ‬الرجال‭ ‬بأن‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬نعيم‭ ‬ويعشن‭ ‬في‭ ‬بحبوحة‭ ‬على‭ ‬حسابهم،‭ ‬تقول‭ ‬أسطورة‭ ‬أوروبية‭ ‬معاصرة،‭ ‬أن‭ ‬رجلا‭ ‬عثر‭ ‬على‭ ‬المصباح‭ ‬السحري‭ ‬وتمنى‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬امرأة،‭ ‬وتتحول‭ ‬زوجته‭ ‬إلى‭  ‬رجل،‭ ‬ليتبادلا‭ ‬المواقع،‭ ‬فكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أراد،‭ ‬وبعد‭ ‬التحول‭ ‬استيقظ‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬وبدأ‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭  ‬البيت‭ ‬وتنظيفه،‭ ‬ثم‭ ‬غسل‭ ‬وكي‭ ‬الملابس،‭ ‬وقبل‭ ‬العصر‭ ‬بقليل‭ ‬اكتشف‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬وقتا‭ ‬ليعد‭ ‬الطعام‭ ‬لأفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬فبادر‭ ‬بالاتصال‭ ‬بمطعم‭ ‬ليأتيه‭ ‬بطعام‭ ‬جاهز،‭ ‬وظل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬طوال‭ ‬أسبوع،‭ ‬حتى‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬ينهار‭ ‬نفسيا‭ ‬وجسديا،‭ ‬فلجأ‭ ‬إلى‭ ‬المصباح‭ ‬السحري‭ ‬ليطلب‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭  ‬حالته‭ ‬الأصلية‭ ‬رجلا‭ ‬فأجابه‭ ‬الجني‭: ‬نو‭ ‬بروبليم‭ (‬جني‭ ‬خواجاتي‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬العولمة‭) ‬بس‭ ‬انتظر‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭ ‬لأنك‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬رجلا‭ ‬وأنت‭ ‬حامل‭.‬

والنساء‭ ‬في‭ ‬نظرتهن‭ ‬لحالهن‭ ‬كمن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬ويختار‭ ‬الطعام‭ ‬الذي‭ ‬يشتهيه‭ ‬من‭ ‬القائمة،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يوضع‭ ‬أمامه‭ ‬يخيل‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬الآخرين‭ ‬اختاروا‭ ‬أطباقا‭ ‬أشهى‭ ‬من‭ ‬طبقه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنهن‭ ‬يحسدن‭ ‬الرجال‭ ‬على‭  ‬ما‭ ‬هم‭ ‬فيه،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬يظلم‭ ‬الرجل‭ ‬على‭  ‬مدار‭ ‬الشمس‭: ‬عند‭ ‬الزواج‭ ‬يقدم‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء‭ ‬الهدايا‭ ‬فقط‭ ‬للعروس‭ ‬وكأن‭ ‬العريس‭ ‬مجرد‭ ‬طرطور‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬ولا‭ ‬يؤخر،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬خرب‭ ‬بيته‮»‬‭ ‬ليعمر‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية،‭ ‬وعند‭ ‬الولادة،‭ ‬التي‭ ‬هي‭  ‬مشروع‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬يتلقى‭ ‬الزوج‭ ‬تهنئات‭ ‬شفهية‭ ‬بينما‭ ‬تنال‭ ‬الزوجة‭ ‬الحلوى‭ ‬والزهور‭ ‬والهدايا‭ ‬العينية‭ ‬من‭ ‬قلادات‭ ‬وسلاسل‭ ‬وخواتم‭ ‬ذهبية،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬المولود‭ ‬بنتا‭ ‬تنهال‭ ‬عليها‭ ‬سلاسل‭ ‬الذهب‭ ‬والأقراط‭ ‬والدببة‭ ‬القطبية‭ ‬أما‭ ‬الولد‭ ‬فقد‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬بضع‭ ‬قطع‭ ‬بامبرز‭ ‬أو‭ ‬ملابس‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬الجملة،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬لديه‭ ‬أولاد‭ ‬وبنات‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬فستانا‭ ‬واحدا‭ ‬لبنت‭ ‬واحدة‭ ‬يساوي‭ ‬في‭ ‬قيمته‭ ‬مجموع‭ ‬قيمة‭ ‬ملابس‭ ‬أخيها‭ ‬وعمها‭ ‬وخال‭ ‬زوج‭ ‬عمتها‭. ‬ومنذ‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬ترفض‭ ‬البنت‭ ‬ارتداء‭ ‬نفس‭ ‬‮«‬اللبسة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مناسبتين‭ ‬اجتماعيتين،‭ ‬بينما‭ ‬والله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أقول‭ ‬شهيد‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬أرتدي‭ ‬‮«‬جاكيت‮»‬‭ ‬اشتريته‭ ‬في‭ ‬تنزيلات‭ ‬كريسماس‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬سي‭ ‬آند‭ ‬إيه‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬ب«زرايره‮»‬‭ ‬الأصلية‭. (‬هذا‭ ‬المحل‭ ‬أفلس‭ ‬واختفى‭).‬

سيداتي‭ ‬وآنساتي‭ ‬صدقوني‭ ‬ليس‭ ‬عندنا‭ ‬ما‭ ‬تحسدننا‭ ‬عليه‭ ‬سوى‭ ‬حرية‭ ‬الصياعة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬بعضنا،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬لديكن‭ ‬إصرار‭ ‬على‭ ‬التساوي‭ ‬مع‭ ‬الرجال،‭ ‬فإننا‭ ‬سنطالب‭ ‬بخضوعكن‭ ‬لعلاج‭ ‬جيني‭ ‬حتى‭ ‬تنبت‭ ‬لكن‭ ‬لحى‭ ‬وذقون‭ ‬لتعرفوا‭ ‬كم‭ ‬نعاني‭ ‬ونحن‭ ‬نطلي‭ ‬وجوهنا‭ ‬بالصابون‭ ‬والمعجون‭ ‬لإزالة‭ ‬الشعر‭ ‬من‭ ‬الفك‭ ‬والحنك‭ ‬كي‭ ‬نبدو‭ ‬حلوين‭ ‬في‭ ‬أنظاركن‭!! ‬ثم‭ ‬هل‭ ‬يفوت‭ ‬عليكن‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هتلرات‭ ‬وسفاحي‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬رجال؟‭ ‬هل‭ ‬توجد‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬صنف‭ ‬نتنياهو‭ ‬أو‭ ‬شارون‭ ‬أو‭ ‬القذافي‭ ‬أو‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬المربوش‭ (‬المربوش‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬السودان‭ ‬هو‭ ‬المصاب‭ ‬بربشة‭ ‬وهي‭ ‬اضطراب‭ ‬يمنع‭ ‬التفكير‭ ‬والسلوك‭ ‬القويم‭).‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا