العدد : ١٧٣٥٨ - الأربعاء ٠١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٨ - الأربعاء ٠١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

«الاعتدال البيئي» والطريق إلى التنمية المستدامة

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

السبت ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬والمنظمات‭ ‬البيئية‭ ‬الدولية‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬السلام‭ ‬الأخضر‭ ‬تتبنى‭ ‬أهدافاً‭ ‬بيئية‭ ‬نبيلة،‭ ‬وغاياتها‭ ‬سليمة‭ ‬وبناءة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬وثرواتها‭ ‬الفطرية‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية،‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تلحق‭ ‬بالبيئة‭ ‬والأضرار‭ ‬تنزل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬ممارسات‭ ‬الشركات‭ ‬والحكومات،‭ ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬وتعميق‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬الشعوب‭ ‬بالقضايا‭ ‬البيئية‭ ‬المحلية،‭ ‬والإقليمية،‭ ‬والدولية،‭ ‬مثل‭ ‬قضايا‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والصيد‭ ‬السمكي‭ ‬الجائر‭ ‬وصيد‭ ‬الحيتان،‭ ‬والقضايا‭ ‬النووية،‭ ‬وهندسة‭ ‬الجينات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الحيوية‭ ‬المهمة‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬تنحرف‭ ‬فتُخطئ‭ ‬في‭ ‬الوسيلة‭ ‬المستخدمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬وتنجرف‭ ‬عن‭ ‬سياساتها‭ ‬السلمية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مآربها‭ ‬البيئية،‭ ‬فتلجأ‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬والقيام‭ ‬بأعمال‭ ‬استفزازية‭ ‬تُشكل‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬زعزعة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬أو‭ ‬تقوم‭ ‬بممارسات‭ ‬تخريبية‭ ‬للمرافق‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭. ‬وكأنهم‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬يطبقون‭ ‬المقولة‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الغاية‭ ‬تبرر‭ ‬الوسيلة‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الغاية‭ ‬والهدف‭ ‬النهائي‭ ‬أصبح‭ ‬عندهم‭ ‬يبرر‭ ‬استخدام‭ ‬أية‭ ‬وسيلة،‭ ‬وأية‭ ‬أداة‭ ‬لتحقيقه،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬عنيفة،‭ ‬وغير‭ ‬ملائمة،‭ ‬وتتنافى‭ ‬مع‭ ‬الأخلاق‭ ‬والآداب‭ ‬العامة،‭ ‬ومبادئ‭ ‬وسياسات‭ ‬الدولة‭.‬

وهذا‭ ‬أُطلق‭ ‬عليه‭ ‬بسياسة‭ ‬التطرف‭ ‬البيئي،‭ ‬أو‭ ‬استراتيجية‭ ‬التشدد‭ ‬والتنطع‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬والممارسات‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬والغايات‭ ‬البيئية‭. ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬المتطرفة‭ ‬والمتشددة‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬الإسلام،‭ ‬وتختلف‭ ‬مع‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬الإسلامية،‭ ‬ومنهجية‭ ‬ديننا‭ ‬الرباني‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شؤون‭ ‬المسلم،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬شؤون‭ ‬الدين‭ ‬كالشعائر‭ ‬التعبدية‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬أو‭ ‬شؤون‭ ‬الدنيا‭ ‬كالمعاملات‭ ‬والسلوكيات‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها‭. ‬فالشعار‭ ‬الذي‭ ‬يرفعه‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شؤون‭ ‬وأمور‭ ‬حياته‭ ‬هو‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية،‭ ‬والوسطية‭ ‬البيئية‭ ‬والاعتدال‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أنواع‭ ‬هذه‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يتخلق‭ ‬بها‭ ‬المسلم‭.‬

وهذه‭ ‬السياسة‭ ‬البيئية‭ ‬المعتدلة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬الإنسان‭ ‬بعد‭ ‬تجارب‭ ‬وخبرات‭ ‬شاقة‭ ‬ومضنية‭ ‬وطويلة‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬ومواردها‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية،‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬الإنسان‭ ‬أولاً‭ ‬ثم‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬النباتية‭ ‬والحيوانية‭ ‬ثانياً،‭ ‬وأخيراً‭ ‬الموارد‭ ‬البيئية‭ ‬غير‭ ‬الحية‭ ‬كالماء‭ ‬والهواء‭ ‬والتربة،‭ ‬وأَطلقَ‭ ‬عليها‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬التنمية‭ ‬المستدامة‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬منهجية‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أمور‭ ‬الدنيا‭ ‬وشؤونها‭.‬

ففي‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬ثم‭ ‬الثانية‭ ‬تبنى‭ ‬الإنسان‭ ‬قاعدة‭ ‬‮«‬الغاية‭ ‬تبرر‭ ‬الوسيلة‮»‬،‭ ‬فكان‭ ‬هدفه‭ ‬الرئيس‭ ‬هو‭ ‬النمو‭ ‬والإنتاج‭ ‬الكبير‭ ‬والسريع‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الوسيلة‭ ‬المستخدمة،‭ ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬النتيجة‭ ‬وما‭ ‬يتمخض‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬مفاسد‭ ‬عامة‭ ‬على‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأضرار‭ ‬عقيمة‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة،‭ ‬وكانت‭ ‬الغاية‭ ‬الكبرى‭ ‬والعظمى‭ ‬للمجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬هي‭ ‬الازدهار‭ ‬والنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وجني‭ ‬المال‭ ‬السريع‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬سلامة‭ ‬البيئة‭ ‬وأمنها‭ ‬وصحة‭ ‬الإنسان‭. ‬ولذلك‭ ‬تطرف‭ ‬وغالى‭ ‬في‭ ‬ممارساته‭ ‬وأنشطته‭ ‬التنموية،‭ ‬وأَطْلقَ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضوابط‭ ‬أو‭ ‬قيود‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الملوثات‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬بأحجامٍ‭ ‬مهولة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬وصرف‭ ‬خليطاً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬السموم‭ ‬إلى‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬السطحية‭ ‬والجوفية،‭ ‬وأنتج‭ ‬مخلفات‭ ‬صلبة‭ ‬وغير‭ ‬صلبة‭ ‬خطرة‭ ‬ومشعة‭ ‬بكميات‭ ‬غطت‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬وداخل‭ ‬بطن‭ ‬الأرض‭. ‬وهذا‭ ‬السلوك‭ ‬البيئي‭ ‬المتشدد‭ ‬والمتطرف‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬مضاد‭ ‬وقوي،‭ ‬ومردودات‭ ‬شديدة‭ ‬أوقعت‭ ‬كوارث‭ ‬وضحايا‭ ‬بشرية،‭ ‬وأنزلت‭ ‬على‭ ‬كوكبنا‭ ‬ظواهر‭ ‬بيئية‭ ‬خطيرة‭ ‬شملت‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬كوكبنا‭ ‬مثل‭ ‬المطر‭ ‬الحمضي‭ ‬والأسود،‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وتدهور‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون‭ ‬في‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬والإثراء‭ ‬الغذائي،‭ ‬وظاهرة‭ ‬البحيرات‭ ‬الحمراء،‭ ‬وظاهرة‭ ‬الضباب‭ ‬الضوئي‭ ‬الكيميائي،‭ ‬والتدهور‭ ‬الشديد‭ ‬وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬للتنوع‭ ‬الإحيائي‭ ‬وانقراض‭ ‬الأحياء‭ ‬النباتية‭ ‬والحيوانية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬التلوث‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬السماء‭ ‬وفي‭ ‬الفضاء‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭.‬

فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬المتطرفة‭ ‬من‭ ‬الإنسان‭ ‬والتي‭ ‬أُطلقُ‭ ‬عليها‭ ‬الإرهاب‭ ‬البشري‭ ‬الشامل‭ ‬لكوكبنا‭ ‬كَونَّتْ‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬طبيعية‭ ‬قوية،‭ ‬وممارسات‭ ‬أخرى‭ ‬متطرفة‭ ‬ومضادة‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬والمنظمات‭ ‬البيئية‭ ‬المتشددة‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬منعها‭ ‬لهذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬والأدوات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬إيقافها‭. ‬ولذلك‭ ‬اضطر‭ ‬الإنسان‭ ‬عامة‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬ممارساته‭ ‬وسلوكه‭ ‬وبرامجه‭ ‬التنموية‭ ‬المتطرفة‭ ‬والمعوقة،‭ ‬وتغيير‭ ‬منهجيته‭ ‬وسياساته،‭ ‬وتصحيح‭ ‬المسار‭ ‬المنحرف‭ ‬الذي‭ ‬مشى‭ ‬عليه‭ ‬عقوداً‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬ليسلك‭ ‬طريقاً‭ ‬معتدلاً‭ ‬ووسطياً،‭ ‬فلا‭ ‬إفراط‭ ‬ولا‭ ‬تفريط،‭ ‬ولا‭ ‬تشدد‭ ‬ولا‭ ‬تنطع‭ ‬ولا‭ ‬غلو،‭ ‬وإنما‭ ‬أخذ‭ ‬جميع‭ ‬احتياجات‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬الجانب‭ ‬التنموي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬وتحقيق‭ ‬الثروة‭ ‬المالية‭ ‬الطائلة‭.‬

ولذلك‭ ‬تم‭ ‬طرح‭ ‬المنهج‭ ‬الوسطي،‭ ‬وتبني‭ ‬السياسة‭ ‬المعتدلة‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬وتهتم‭ ‬بجميع‭ ‬أبعاد‭ ‬وجوانب‭ ‬التنمية،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬أحدهما‭ ‬في‭ ‬الآخر،‭ ‬ولا‭ ‬يفسد‭ ‬أحدهما‭ ‬صحة‭ ‬الآخر،‭ ‬ولا‭ ‬يتعدى‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الآخر،‭ ‬ولا‭ ‬يضر‭ ‬أحدهما‭ ‬الآخر،‭ ‬فيعيش‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وأمان‭ ‬وسلامة‭ ‬واستقرار،‭ ‬فتستديم‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القومي‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬

فكل‭ ‬عمل‭ ‬تنموي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإنسان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتصف‭ ‬بالاعتدال،‭ ‬أي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يضحي‭ ‬بالجانب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والبيئي،‭ ‬فتكون‭ ‬تنمية‭ ‬اقتصادية،‭ ‬واجتماعية،‭ ‬وبيئية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬ألا‭ ‬تطغى‭ ‬أهداف‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والبيئية،‭ ‬فيكون‭ ‬هناك‭ ‬توافق‭ ‬وتكامل‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭. ‬فأية‭ ‬عملية‭ ‬تنموية‭ ‬تُحقق‭ ‬الازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬الازدهار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬فهي‭ ‬عملية‭ ‬متطرفة‭ ‬وغير‭ ‬مستدامة،‭ ‬وأية‭ ‬عملية‭ ‬تحقق‭ ‬التنمية‭ ‬البيئية‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فهي‭ ‬أيضاً‭ ‬متشددة‭ ‬وغير‭ ‬مستدامة‭. ‬فالمعادلة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬تحقيقها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‭ ‬والواقعية‭ ‬صعبة‭ ‬جداً،‭ ‬ودقيقة‭ ‬للغاية،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬فهمٍ‭ ‬عميق،‭ ‬ودراسات‭ ‬مستفيضة‭ ‬ومعمقة‭ ‬لجميع‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية،‭ ‬وإلى‭ ‬توازن‭ ‬رشيد‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬المتطلبات‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬كما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬للتوفيق‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭ ‬وتخفيف‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬قد‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬البرنامج‭ ‬التنموي‭ ‬على‭ ‬أيٍ‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

وسأضرب‭ ‬لكم‭ ‬مثالاً‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التوفيق‭ ‬والتوازن‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬أركان‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بحيث‭ ‬يخرج‭ ‬الجميع‭ ‬فائزاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬والمشروع‭ ‬التنموي‭ ‬بأقل‭ ‬قدرٍ‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬والأضرار‭. ‬فإذا‭ ‬أردنا‭ ‬إنشاء‭ ‬جسر‭ ‬بحري‭ ‬فهناك‭ ‬عدة‭ ‬تصاميم‭ ‬لإنشاء‭ ‬هذا‭ ‬الجسر،‭ ‬وأرخص‭ ‬هذه‭ ‬التصاميم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الكلفة‭ ‬المالية‭ ‬هو‭ ‬دفن‭ ‬المناطق‭ ‬البحرية،‭ ‬ولكن‭ ‬عملية‭ ‬الدفن‭ ‬فيها‭ ‬خسائر‭ ‬بيئية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تدمير‭ ‬البيئات‭ ‬البحرية،‭ ‬وقتل‭ ‬كل‭ ‬الكائنات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬عليها‭. ‬ولذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقليل‭ ‬الخسائر‭ ‬البيئية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬البيئية‭ ‬المستدامة،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اختيار‭ ‬التصاميم‭ ‬الأكثر‭ ‬كلفة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب،‭ ‬ولكن‭ ‬الأقل‭ ‬ضرراً‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تجنب‭ ‬دفن‭ ‬البحر‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان‭. ‬وهكذا‭ ‬يتم‭ ‬التوفيق‭ ‬والتوازن‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬متطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬فكل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يضحي‭ ‬قليلاً‭ ‬ويتنازل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الركن‭ ‬الآخر،‭ ‬ويتصف‭ ‬بالمرونة،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬المشروع‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬ودخل‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬تقنين‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬صمم‭ ‬الإنسان‭ ‬عدة‭ ‬أدوات‭ ‬بيئية‭ ‬علمية‭ ‬وممنهجة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬لكل‭ ‬مشروع‭ ‬تنموي،‭ ‬ويُطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬أدوات‭ ‬الإدارة‭ ‬البيئية‮»‬،‭ ‬منها‭ ‬أداة‭ ‬تقييم‭ ‬الأثر‭ ‬البيئي‭ ‬للمشاريع،‭ ‬والأدوات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬البيئية،‭ ‬وأداة‭ ‬تقييم‭ ‬دورة‭ ‬الحياة‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا