العدد : ١٧٣٥٩ - الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٩ - الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

مخاطر منصات الألعاب الإلكترونية

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

السبت ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

قد‭ ‬يتساءل‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬التوعية‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬والألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر،‭ ‬وتعزيز‭ ‬استخدام‭ ‬أدوات‭ ‬الرقابة‭ ‬الأبوية‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬النشء‭ ‬بشكل‭ ‬هستيري،‭ ‬وهذه‭ ‬تُعد‭ ‬ضرورة‭ ‬ملزمة‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭ ‬رئيسية،‭ ‬منها؛‭ ‬الحماية‭ ‬النفسية‭ ‬والسلوكية‭ ‬للناشئة‭ ‬فالاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للألعاب‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإدمان‭ ‬الرقمي‭ ‬ويؤثر‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬مثل‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والعزلة،‭ ‬وبعض‭ ‬الألعاب‭ ‬تحمل‭ ‬محتوى‭ ‬عنيفا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬أخلاقي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬لقيمنا‭ ‬وعاداتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬المحافظة،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬ينعكس‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬سلوكياتهم‭ ‬وتنشئتهم‭.‬

الأمن‭ ‬الرقمي‭ ‬وحماية‭ ‬الخصوصية‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الناشئة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬تتطلب‭ ‬تسجيل‭ ‬بيانات‭ ‬شخصية،‭ ‬فيعرض‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬لمخاطر‭ ‬الاختراق‭ ‬أو‭ ‬الاستغلال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وبعضها‭ ‬تتطلب‭ ‬دفع‭ ‬رسوم‭ ‬مالية‭ ‬وهذه‭ ‬إحدى‭ ‬صور‭ ‬الاستنزاف‭ ‬المالي‭ ‬غير‭ ‬المقصود،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬بعمليات‭ ‬شراء‭ ‬متكررة‭ ‬داخل‭ ‬الألعاب‭ (‬In‭-‬App‭ ‬Purchases‭) ‬دون‭ ‬إدراك‭ ‬حجم‭ ‬المبالغ‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬للأسرة،‭ ‬فالطفل‭ ‬لا‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬النقود‭ ‬الحقيقية‭ ‬والعملات‭ ‬الافتراضية‭ ‬داخل‭ ‬اللعبة،‭ ‬فيُنفق‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الألعاب‭ ‬تصمم‭ ‬أنظمة‭ ‬دفع‭ ‬وإشعارات‭ ‬مغرية‭ ‬تستهدف‭ ‬الأطفال‭ ‬مباشرة‭ ‬لجعلهم‭ ‬يشترون‭ ‬ترقيات‭ ‬أو‭ ‬عناصر‭ ‬إضافية،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬استرداد‭ ‬المبالغ‭ ‬صعباً‭ ‬أو‭ ‬محدوداً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مشاركة‭ ‬بيانات‭ ‬البطاقة‭ ‬البنكية‭ ‬للوالدين‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬يستخدمها‭ ‬الأطفال‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الاختراق‭ ‬أو‭ ‬إساءة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬الأسري‭ ‬واستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬الرقابة‭ ‬لضمان‭ ‬حماية‭ ‬المال‭ ‬والطفل‭ ‬معاً،Top‭ ‬of‭ ‬FormBottom‭ ‬of‭ ‬Form‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الألعاب‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬دردشات‭ ‬مفتوحة‭ ‬قد‭ ‬يستغلها‭ ‬الغرباء‭ ‬بطرق‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬خطيرة،‭ ‬ولعلي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية‭ ‬أشيد‭ ‬بمقطع‭ ‬توعوي‭ ‬أعده‭ ‬المخرج‭ ‬البحريني‭ ‬المتميز‭ ‬جمعان‭ ‬الرويعي‭ ‬حول‭ ‬خطر‭ ‬هذه‭ ‬الدردشات‭ ‬على‭ ‬المراهقين‭ ‬تحديداً،‭ ‬وكم‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مبادرات‭ ‬مجتمعية‭ ‬هادفة‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬الناشئة‭ ‬وأولياء‭ ‬أمورهم‭ ‬بخطر‭ ‬هذه‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬والألعاب‭ ‬الإلكترونية‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتأثيراتها‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والتربوية،‭ ‬فالإفراط‭ ‬في‭ ‬اللعب‭ ‬يسبب‭ ‬تراجعاً‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الدراسي‭ ‬بسبب‭ ‬إهمال‭ ‬الواجبات‭ ‬وقلة‭ ‬التركيز،‭ ‬والسهر‭ ‬لأوقات‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭ ‬الأبوية‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬اللعبة‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬التنشئة‭ ‬التربوية‭ ‬السليمة،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬أضعف‭ ‬دور‭ ‬المدرسة‭ ‬والأسرة‭ ‬ويضعف‭ ‬دافعية‭ ‬الطالب‭ ‬إلى‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬والفهم‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬النوم‭ ‬وتأثر‭ ‬العقل‭ ‬بالمحتوى‭ ‬السلبي‭ ‬لهذه‭ ‬الألعاب‭ ‬والمنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬تفكير‭ ‬النشء‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬جداً‭.‬

وهناك‭ ‬الأضرار‭ ‬الأخرى‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصحة‭ ‬الجسدية،‭ ‬فيُعد‭ ‬الجلوس‭ ‬الطويل‭ ‬أمام‭ ‬الأجهزة‭ ‬يسبب‭ ‬مشكلات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬كالسمنة‭ ‬وضعف‭ ‬النظر‭ ‬وآلام‭ ‬الظهر‭ ‬والرقبة‭ ‬وضعف‭ ‬العضلات‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬الحركة،‭ ‬فغياب‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النشاط‭ ‬البدني‭ ‬والألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الصحي‭ ‬للأطفال‭.‬

حماية‭ ‬الأطفال‭ ‬واليافعين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأسرة،‭ ‬كونها‭ ‬اللبنة‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬تنشئة‭ ‬الفرد‭ ‬التنشئة‭ ‬السليمة،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬كمؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والمدرسة‭ ‬ودور‭ ‬العبادة‭ ‬وصنّاع‭ ‬القرار‭ ‬والمؤثرين‭ ‬بمختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬وغياب‭ ‬التوعية‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬تفاقم‭ ‬مشكلات‭ ‬مجتمعية‭ ‬مثل‭ ‬العنف‭ ‬والتفكك‭ ‬الأسري‭ ‬وضعف‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬لذلك‭ ‬تُعتبر‭ ‬التوعية‭ ‬ضرورة‭ ‬ملزمة‭ ‬لأنها‭ ‬تمثل‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأول‭ ‬لحماية‭ ‬العقل‭ ‬والسلوك‭ ‬والصحة‭ ‬والأمن‭ ‬الرقمي‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭.‬

وقد‭ ‬نجحت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬تجارب‭ ‬ملهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬أطلقت‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬غرفة‭ ‬اللعب‭ ‬الآمن‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يتيح‭ ‬للأطفال‭ ‬ممارسة‭ ‬الألعاب‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬تربوي‭ ‬ونفسي،‭ ‬مع‭ ‬تخصيص‭ ‬أوقات‭ ‬محددة‭ ‬للعب،‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬أطلقت‭ ‬حملات‭ ‬‮«‬الوعي‭ ‬الرقمي‮»‬‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬ورش‭ ‬عمل‭ ‬عملية‭ ‬لأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والطلبة‭ ‬حول‭ ‬الاستخدام‭ ‬الآمن‭ ‬للألعاب‭ ‬والمنصات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬،‭ ‬كذلك‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وفّرت‭ ‬منصات‭ ‬إلكترونية‭ ‬رسمية‭ ‬تُمكّن‭ ‬الأسر‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أدلة‭ ‬شاملة‭ ‬حول‭ ‬تفعيل‭ ‬الرقابة‭ ‬الأبوية،‭ ‬وتقديم‭ ‬نصائح‭ ‬حول‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭ ‬وحماية‭ ‬الخصوصية‭.‬

هذه‭ ‬النماذج‭ ‬تُظهر‭ ‬أن‭ ‬التوعية‭ ‬لا‭ ‬تتحقق‭ ‬فقط‭ ‬عبر‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬البدائل‭ ‬الإيجابية،‭ ‬وإشراك‭ ‬الأسرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬ثقافة‭ ‬رقمية‭ ‬آمنة‭ ‬ومتوازنة‭.‬

هنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نشيد‭ ‬بدور‭ ‬لجنة‭ ‬مكافحة‭ ‬العنف‭ ‬والإدمان‭ ‬برئاسة‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬هشام‭ ‬بن‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لشؤون‭ ‬الجنسية‭ ‬والجوازات‭ ‬والإقامة‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬الانتماء‭ ‬الإيجابية‭ ‬وتوعية‭ ‬الطلبة‭ ‬بمخاطر‭ ‬السلوكيات‭ ‬السلبية‭ ‬ونشر‭ ‬الأساليب‭ ‬الصحيحة‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬منصات‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭  ‬وحمايةً‭ ‬النشء،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بمخاطر‭ ‬الاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المنضبط،‭ ‬وتفعيل‭ ‬أدوات‭ ‬الرقابة‭ ‬الأبوية‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمنصات‭ ‬الحديثة‭ ‬وتطوير‭ ‬برامج‭ ‬توعوية‭ ‬وإرشادية‭ ‬تُبرز‭ ‬أساليب‭ ‬الاستخدام‭ ‬الآمن‭ ‬والمتوازن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا