العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وتهافت عليّ الخُطّاب

هناك‭ ‬مواقع‭ ‬على‭ ‬الانترنت،‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬الراغبين‭ ‬والراغبات‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬بعضها‭ ‬فيه‭ ‬قواعد‭ ‬ونظم‭ ‬منضبطة‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬‮«‬التلاعب‮»‬،‭ ‬بتقصي‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يوردها‭ ‬صاحب‭/ ‬صاحبة‭ ‬طلب‭ ‬الزواج،‭ ‬ولكن‭ ‬أكثرها‭ ‬غريب‭ ‬ومريب،‭ ‬ومرّ‭ ‬بنا‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الدهر‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬المجلات‭ ‬النسائية‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬أندية‭ ‬الزواج،‭ ‬ولكن‭ ‬معظمها‭ ‬أغلق‭ ‬تلك‭ ‬الأندية‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬يطرحون‭ ‬أسماءهم‭ ‬فيه‭ ‬كانوا‭ ‬يتعرضون‭ ‬للتهكم‭ ‬أو‭ ‬التجريح‭.‬

ورغم‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬فضولي‭ ‬الطبع،‭ ‬ولا‭ ‬أحب‭ ‬حشر‭ ‬أنفي‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دعوة‭ ‬منهم،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬تسللت‭ ‬الى‭ ‬موقع‭ ‬عربي‭ ‬على‭ ‬النت‭ ‬يتخصص‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬طلبات‭ ‬الزواج‭ (‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬طالبي‭ ‬الحب‭ ‬الالكتروني‭ ‬ليسوا‭ ‬في‭ ‬مأمن‭ ‬من‭ ‬متطفلين‭ ‬وفضوليين‭ ‬من‭ ‬أمثالي‭). ‬المهم‭ ‬دخلت‭ ‬ذلك‭ ‬الموقع‭ ‬وكتبت‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬معناه‭: ‬انا‭ ‬شاب‭ ‬عربي‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬غنية‭ ‬جدا‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭. ‬العمر‭ ‬23‭ ‬سنة‭. ‬ذو‭ ‬بشرة‭ ‬حنطاوية‭. ‬فارع‭ ‬القوام‭. ‬حاصل‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بتقدير‭ ‬مقبول‭. ‬أهوى‭ ‬السهر‭ ‬والسمر‭ ‬وأرغب‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬بفتاة‭ ‬حاصلة‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬جامعية،‭ ‬وجميلة‭ ‬جدا‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عمرها‭ ‬على‭ ‬18‭ ‬سنة،‭ ‬وخلوقة،‭ ‬ومستعدة‭ ‬للعيش‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مونت‭ ‬كارلو‭ ‬وباريس‭!!! ‬ولكُم‭ ‬ان‭ ‬تتصوروا‭ ‬مقدار‭ ‬سعادتي،‭ ‬بل‭ ‬وغروري‭ ‬عندما‭ ‬طلبت‭ ‬نحو‭ ‬ستين‭ ‬فتاة‭ ‬يدي‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬عبر‭ ‬عنوان‭ ‬الكتروني‭ ‬أنشأته‭ ‬لتلقي‭ ‬العروض‭!! ‬بصراحة‭ ‬ارتفعت‭ ‬روحي‭ ‬المعنوية‭ ‬عندما‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬من‭ ‬تتمناني‮»‬‭. ‬نحو‭ ‬50‭ ‬منهن‭ ‬زعمن‭ ‬انهن‭ ‬جامعيات‭ ‬دون‭ ‬الثامنة‭ ‬عشر،‭ ‬فأرسلت‭ ‬إليهن‭ ‬ردا‭ ‬واحدا‭ ‬مفاده‭ ‬أنهن‭ ‬كاذبات‭ ‬لأنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬يسمح‭ ‬بدخول‭ ‬المدارس‭ ‬والتلميذ‭ ‬جنين‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬أمه‭ ‬أو‭ ‬رحم‭ ‬الغيب‭. (‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مخك‭ ‬تخين‭ ‬فإن‭ ‬المشوار‭ ‬من‭ ‬الابتدائية‭ ‬الى‭ ‬الجامعة‭ ‬16‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬اقل‭ ‬تقدير،‭ ‬وسن‭ ‬القبول‭ ‬في‭ ‬الابتدائية‭ ‬هو‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المبحبحة‭) ‬وقلت‭ ‬لهن‭ ‬أيضا‭ ‬إنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬فيهن‭ ‬خير‭ (‬جمال‭ ‬وتعليم‭ ‬واخلاق،‭ ‬الخ‭) ‬لما‭ ‬لجأن‭ ‬الى‭ ‬صندوق‭ ‬مكهرب‭ ‬يعج‭ ‬بالمستهبلين‭ ‬والمجرمين‭ ‬والبلطجية،‭ ‬وقلت‭ ‬لهن‭ ‬انه‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬لي‭ ‬تلك‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬نسبتها‭ ‬لنفسي،‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬بي‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬استجداء‭ ‬العواطف‭ ‬عبر‭ ‬الكمبيوتر‭! ‬اما‭ ‬موقع‭ ‬الزواج‭ ‬الثاني‭ ‬فقد‭ ‬كتبت‭ ‬فيه‭ ‬قائلا‭ ‬انني‭ ‬آنسة،‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬والثلاثين‭ ‬ذات‭ ‬ثراء‭ ‬فاحش‭ ‬وجمال‭ ‬فتاك‭ ‬وقاتل‭ ‬وإنني‭ ‬فتنة‭ ‬متحركة،‭ ‬وأرغب‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬شاب‭ ‬يحب‭ ‬السفر‭ ‬والرحلات‭ ‬والمغامرات‭! ‬كاد‭ ‬الغرور‭ ‬ان‭ ‬يصيبني‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬تهافت‭ ‬الشباب‭ ‬‮«‬الذباب‮»‬‭ ‬لطلب‭ ‬يدي‭! ‬وكانوا‭ ‬جميعا‭ ‬تقريبا‭ ‬دون‭ ‬الثلاثين‭. ‬لم‭ ‬يسأل‭ ‬أحدهم‭ ‬نفسه‭ ‬لماذا‭ ‬وكيف‭ ‬أكون‭ ‬ذات‭ ‬جمال‭ ‬أخّاذ‭ ‬ومال‭ ‬كثير‭ ‬وبلا‭ ‬بعل‭ ‬حتى‭ ‬الخامسة‭ ‬والثلاثين‭. ‬ولعلهم‭ ‬أحسوا‭ ‬‮«‬أنني‮»‬‭ ‬غنية‭ ‬وبلهاء‭ ‬فأرادوا‭ ‬مصاهرة‭ ‬ثروتي‭ ‬المزعومة‭ ‬لإشباع‭ ‬رغباتهم‭ ‬في‭ ‬الصياعة‭ ‬والسفر‭ ‬والمغامرة‭. ‬يعني‭ ‬رضي‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬مجرد‭ ‬تيس‭ ‬يقبل‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬عنها‭ ‬شيئا‭ ‬لمجرد‭ ‬انها‭ ‬ذات‭ ‬مال‭.‬

وقرأت‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬عربية‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬شاب‭ ‬يقول‭ ‬انه‭ ‬عرض‭ ‬الزواج‭ ‬على‭ ‬آنسة‭ ‬لم‭ ‬يلتق‭ ‬بها،‭ ‬عبر‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬فقبلت‭ ‬ويتساءل‭: ‬هل‭ ‬الزواج‭ ‬بتلك‭ ‬الطريقة‭ ‬صحيح؟‭ ‬وددت‭ ‬لو‭ ‬انني‭ ‬المحرر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مكلفا‭ ‬بإعداد‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة‭ ‬لأسأل‭ ‬صاحبها‭: ‬ومن‭ ‬أدراك‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬عرضت‭ ‬عليها‭ ‬الزواج‭  ‬‮«‬امرأة‮»‬‭ ‬دعك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬آنسة‭ ‬أو‭ ‬عزباء‭ ‬أو‭ ‬أرملة؟‭ ‬وانظر‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬إلى‭ ‬عنواني‭ ‬الإلكتروني‭ ‬أدناه‭ ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬جنس‭ ‬أنتمي،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬أقيم‭: ‬هل‭ ‬فهمتم‭ ‬ما‭ ‬ارمي‭ ‬إليه‭ ‬أيها‭ ‬المتغازلون‭ ‬بالإنترنت؟‭ ‬اليس‭ ‬واردا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬تغازلها‭****‬‭ ‬أو‭ ‬XXXX؟؟‭ ‬وهناك‭ ‬اليوم‭ ‬آلاف‭ ‬الصبايا‭ ‬والصبيان‭ ‬الذين‭ ‬يمضون‭ ‬جل‭ ‬أيامهم‭ ‬في‭ ‬وسائط‭ ‬المؤانسة‭ ‬في‭ ‬الانترنت‭ ‬والهاتف‭ ‬الجوال،‭ ‬وقد‭ ‬يفوت‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ذئابا‭ ‬بشرية‭ ‬يسمون‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬‮«‬بيدوفايل‮»‬‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬يتصيدون‭ ‬الأطفال‭ ‬لغايات‭ ‬جنسية،‭ ‬ويزعم‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬خلال‭ ‬المؤانسة‭ ‬انه‭ ‬صبي‭ ‬في‭ ‬العاشرة‭ ‬مثلا،‭ ‬ويطلب‭ ‬تبادل‭ ‬الصور‭ ‬ثم‭ ‬ينشر‭ ‬الصور‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬فاجرة‭ ‬مشفرة،‭ ‬وقد‭ ‬يستدرج‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬الى‭ ‬اللقاء‭ ‬به‭. ‬وتقع‭ ‬الفأس‭ ‬على‭ ‬الرأس‭.. ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬الحبيب‭ ‬الافتراضي‭ ‬آخر‭ ‬حلاوة‭ ‬وذا‭ ‬شعر‭ ‬حريري‭ ‬يغطي‭ ‬الرأس،‭ ‬ثم‭ ‬يكون‭ ‬اللقاء‭ ‬ويطلع‭ ‬‮«‬جعفر‭ ‬عباس‮»‬‭. ‬قل‭ ‬أعوذ‭ ‬برب‭ ‬الناس‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا