زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
وتهافت عليّ الخُطّاب
هناك مواقع على الانترنت، متخصصة في عرض الراغبين والراغبات في الزواج، بعضها فيه قواعد ونظم منضبطة الى حد بعيد تحد من «التلاعب»، بتقصي صحة المعلومات التي يوردها صاحب/ صاحبة طلب الزواج، ولكن أكثرها غريب ومريب، ومرّ بنا حين من الدهر كانت فيه المجلات النسائية تلعب دور أندية الزواج، ولكن معظمها أغلق تلك الأندية لأن من يطرحون أسماءهم فيه كانوا يتعرضون للتهكم أو التجريح.
ورغم أنني لست فضولي الطبع، ولا أحب حشر أنفي الإفريقي في شؤون الآخرين من دون دعوة منهم، إلا أنني تسللت الى موقع عربي على النت يتخصص في تلقي طلبات الزواج (ما يثبت أن طالبي الحب الالكتروني ليسوا في مأمن من متطفلين وفضوليين من أمثالي). المهم دخلت ذلك الموقع وكتبت فيه ما معناه: انا شاب عربي من عائلة غنية جدا تقيم في أوروبا. العمر 23 سنة. ذو بشرة حنطاوية. فارع القوام. حاصل على الشهادة الابتدائية بتقدير مقبول. أهوى السهر والسمر وأرغب في الزواج بفتاة حاصلة على درجة جامعية، وجميلة جدا لا يزيد عمرها على 18 سنة، وخلوقة، ومستعدة للعيش ما بين مونت كارلو وباريس!!! ولكُم ان تتصوروا مقدار سعادتي، بل وغروري عندما طلبت نحو ستين فتاة يدي في يوم واحد عبر عنوان الكتروني أنشأته لتلقي العروض!! بصراحة ارتفعت روحي المعنوية عندما اكتشفت أنني من فئة «ألف من تتمناني». نحو 50 منهن زعمن انهن جامعيات دون الثامنة عشر، فأرسلت إليهن ردا واحدا مفاده أنهن كاذبات لأنه ما من بلد عربي يسمح بدخول المدارس والتلميذ جنين في رحم أمه أو رحم الغيب. (إذا كان مخك تخين فإن المشوار من الابتدائية الى الجامعة 16 سنة على اقل تقدير، وسن القبول في الابتدائية هو 6 سنوات في الدول العربية المبحبحة) وقلت لهن أيضا إنه لو كان فيهن خير (جمال وتعليم واخلاق، الخ) لما لجأن الى صندوق مكهرب يعج بالمستهبلين والمجرمين والبلطجية، وقلت لهن انه لو كانت لي تلك الصفات التي نسبتها لنفسي، لما كانت بي حاجة الى استجداء العواطف عبر الكمبيوتر! اما موقع الزواج الثاني فقد كتبت فيه قائلا انني آنسة، في الخامسة والثلاثين ذات ثراء فاحش وجمال فتاك وقاتل وإنني فتنة متحركة، وأرغب في الزواج من شاب يحب السفر والرحلات والمغامرات! كاد الغرور ان يصيبني من فرط تهافت الشباب «الذباب» لطلب يدي! وكانوا جميعا تقريبا دون الثلاثين. لم يسأل أحدهم نفسه لماذا وكيف أكون ذات جمال أخّاذ ومال كثير وبلا بعل حتى الخامسة والثلاثين. ولعلهم أحسوا «أنني» غنية وبلهاء فأرادوا مصاهرة ثروتي المزعومة لإشباع رغباتهم في الصياعة والسفر والمغامرة. يعني رضي كل واحد منهم ان يكون مجرد تيس يقبل بالزواج من واحدة لا يعرف عنها شيئا لمجرد انها ذات مال.
وقرأت في صحيفة عربية رسالة من شاب يقول انه عرض الزواج على آنسة لم يلتق بها، عبر البريد الإلكتروني فقبلت ويتساءل: هل الزواج بتلك الطريقة صحيح؟ وددت لو انني المحرر الذي كان مكلفا بإعداد الرد على تلك الرسالة لأسأل صاحبها: ومن أدراك ان من عرضت عليها الزواج «امرأة» دعك من أن تكون آنسة أو عزباء أو أرملة؟ وانظر أيها القارئ إلى عنواني الإلكتروني أدناه ولن تستطيع أن تعرف منه إلى أي جنس أنتمي، أو في أي بلد أقيم: هل فهمتم ما ارمي إليه أيها المتغازلون بالإنترنت؟ اليس واردا أن تكون من تغازلها**** أو XXXX؟؟ وهناك اليوم آلاف الصبايا والصبيان الذين يمضون جل أيامهم في وسائط المؤانسة في الانترنت والهاتف الجوال، وقد يفوت عليهم أن هناك ذئابا بشرية يسمون الواحد منهم بالإنجليزية «بيدوفايل» وهم الذين يتصيدون الأطفال لغايات جنسية، ويزعم الواحد منهم خلال المؤانسة انه صبي في العاشرة مثلا، ويطلب تبادل الصور ثم ينشر الصور في مواقع فاجرة مشفرة، وقد يستدرج الطرف الآخر الى اللقاء به. وتقع الفأس على الرأس.. أو يكون الحبيب الافتراضي آخر حلاوة وذا شعر حريري يغطي الرأس، ثم يكون اللقاء ويطلع «جعفر عباس». قل أعوذ برب الناس.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك