العدد : ١٧٣٥٢ - الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٢ - الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

رؤية سعودية خضراء.. نحو كهرباء بلا نفط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تسير‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬ضمن‭ ‬نهج‭ ‬خليجي‭ ‬أوسع،‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬ملامح‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬عبر‭ ‬الاستثمار‭ ‬المكثف‭ ‬في‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬سعيًا‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬وتماشياً‭ ‬مع‭ ‬التحولات‭ ‬العالمية‭ ‬نحو‭ ‬مصادر‭ ‬طاقة‭ ‬نظيفة‭ ‬منخفضة‭ ‬الانبعاثات‭. ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬يُعد‭ ‬استجابة‭ ‬مباشرة‭ ‬للتحديات‭ ‬البيئية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬العالمية،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وضمان‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

بدأت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬نهج‭ ‬استراتيجي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬إصلاحات‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وذلك‭ ‬استجابة‭ ‬للتحديات‭ ‬والفرص‭ ‬الجديدة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭. ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬الجهود‭ ‬العالمية‭ ‬المستمرة‭ ‬لتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التحول‭ ‬العالمي‭ ‬نحو‭ ‬مصادر‭ ‬طاقة‭ ‬أنظف‭ ‬وأقل‭ ‬إصدارًا‭ ‬للانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬الضارة‭ ‬بالغلاف‭ ‬الجوي‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬هذا‭ ‬التوجه،‭ ‬تستثمر‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬كتبته‭ ‬كيت‭ ‬دوريان،‭ ‬الزميلة‭ ‬غير‭ ‬المقيمة‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬فإن‭ ‬الرياض‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الاستغناء‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬العقد‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬مراعاةً‭ ‬لالتزاماتها‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاثات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التقلبات‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭.‬

وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أشارت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ريستاد‭ ‬إنرجي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬أوسلو‭ ‬مقرًا‭ ‬لها،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬ستتفوق‭ ‬على‭ ‬آسيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬لتصبح‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬عالميًا،‭ ‬بعد‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭. ‬كما‭ ‬أوضحت‭ ‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬تجارة‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬العالمية‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬كمصدر‭ ‬رئيسي‭ ‬لهذا‭ ‬المورد‭ ‬الحيوي‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬لسوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬وسوق‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬وصفت‭ ‬إيرينا‭ ‬سلاف،‭ ‬الكاتبة‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أويل‭ ‬برايس‮»‬،‭ ‬حالة‭ ‬التقلب‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬المتواصلة‭. ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬سبتمبر‭ ‬2025‭ ‬حوالي‭ ‬67‭ ‬دولارًا‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬تُشكل‭ ‬نحو‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عائدات‭ ‬التصدير‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬دوريان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬‮«‬حساسة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬لتقلب‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬عندما‭ ‬تراجعت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬نتيجة‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬ما‭ ‬سماه‭ ‬‮«‬زيادات‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬التحرير‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬عائدات‭ ‬صادرات‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬لها‭ ‬خلال‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬مسجلة‭ ‬15‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬فقط‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬شعور‭ ‬نسبي‭ ‬بالارتياح‭ ‬نتيجة‭ ‬اتفاق‭ ‬دول‭ ‬‮«‬أوبك‭+‬‮»‬‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬حصص‭ ‬إنتاجها‭ ‬الشهرية‭ ‬بواقع‭ ‬555‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬وسبتمبر‭ ‬2025،‭ ‬وبواقع‭ ‬137‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬إضافي‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬‭ ‬حيث‭ ‬ستصل‭ ‬حصة‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬خلال‭ ‬أكتوبر‭ ‬‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يواجه‭ ‬عدة‭ ‬مخاطر‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل،‭ ‬من‭ ‬بينها‭: ‬احتمالية‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وزيادة‭ ‬الهجمات‭ ‬بالطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬النفطية‭ ‬الروسية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬ترامب‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬أمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬توقف‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الناتو‭ ‬مشترياتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭. ‬ووفقًا‭ ‬لترامب،‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬المشتريات‭ ‬‮«‬يُضعف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬الموقف‭ ‬التفاوضي‮»‬‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬ينهي‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬العالمي،‭ ‬فقد‭ ‬حذرت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التوترات‭ ‬الجيوسياسية‮»‬‭ ‬المتواصلة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬‮«‬تقلب‭ ‬الأسعار‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬أحدث‭ ‬تقاريرها‭ ‬العامة،‭ ‬أشارت‭ ‬الوكالة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬قد‭ ‬ازداد‭ ‬بوتيرة‭ ‬أبطأ‭ ‬بكثير‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬بعد‭ ‬نمو‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‮»‬،‭ ‬مرجعة‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الكلي،‭ ‬وضيق‭ ‬أساسيات‭ ‬العرض،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬نسبيًا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬جانب‭ ‬الإمدادات،‭ ‬أوضحت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نمو‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتسارع‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2026،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬أسرع‭ ‬وتيرة‭ ‬له‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭-‬19‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬بزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬وقطر‭. ‬كما‭ ‬نوهت‭ ‬الوكالة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السوق‭ ‬الأوروبية‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياتها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بـ‮«‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي،‭ ‬وتراجع‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬عبر‭ ‬الأنابيب‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬روسيا‮»‬‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬ارتفع‭ ‬بنسبة‭ ‬تُقدَّر‭ ‬بـ2‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬توقّعت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬إنتاج‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بنسبة‭ ‬4‭ ‬بالمئة‭ ‬خلال‭ ‬العام،‭ ‬ويُعزى‭ ‬ذلك‭ ‬أساساً‭ ‬إلى‭ ‬بدء‭ ‬تشغيل‭ ‬مشاريع‭ ‬رئيسية‭ ‬مخطط‭ ‬لها‭ ‬مثل‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬الجافورة‭ ‬ومجمع‭ ‬تناجيب‭. ‬ويُعتقد‭ ‬أن‭ ‬الحقل‭ ‬الأول‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬229‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الخام‭ ‬وما‭ ‬يعادل‭ ‬75‭ ‬مليار‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬المكثفات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬سيسهم‭ ‬المشروع‭ ‬الثاني‭ ‬بإضافة‭ ‬27‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬إلى‭ ‬الإنتاج‭ ‬السنوي‭ ‬للبلاد‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬ارتفع‭ ‬إنتاج‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬فعلياً‭ ‬بنسبة‭ ‬6‭ ‬بالمئة‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2024‭ ‬‭ ‬حيث‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬متوسط‭ ‬11‭.‬86‭ ‬مليار‭ ‬قدم‭ ‬مكعب‭ ‬يومياً‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ11‭.‬09‭ ‬مليار‭ ‬قدم‭ ‬مكعب‭ ‬يومياً،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬الإنتاج‭ ‬أكثر‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تخفيف‭ ‬تخفيضات‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أوبك‭+.‬

ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وثّقت‭ ‬دوريان‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬‮«‬على‭ ‬المسار‭ ‬الصحيح‭ ‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬ممارسة‭ ‬حرق‭ ‬النفط‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقة‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬الممارسة‭ ‬التي‭ ‬تُقدّر‭ ‬بيانات‭ ‬مبادرة‭ ‬البيانات‭ ‬المشتركة‭ ‬للمنظمات‭ ‬بأنها‭ ‬تحرق‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬يومياً‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الغاز‭ ‬يُشكّل‭ ‬حالياً‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬دوريان‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬زميل‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬الطاقة‭ ‬بلندن‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توفره‭ ‬المتزايد‭ ‬‮«‬سيساعد‭ ‬على‭ ‬استبدال‭ ‬السوائل‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬الطاقة‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬العاصمة‭ ‬الرياض‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬‮«‬المراكز‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬ينبع‭ ‬ورابغ‭.‬‮»‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬أرامكو‭ ‬سابقاً‭ ‬هدفها‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرة‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬بنسبة‭ ‬60‭ ‬بالمئة‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬العقد‭ ‬الحالي،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬دوريان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتكوَّن‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬من‭ ‬‮«‬مزيج‭ ‬50‭:‬50‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والغاز‮»‬‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬التوجه‭ ‬المتزايد‭ ‬نحو‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬حاضر‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬حيث‭ ‬أضافت‭ ‬دوريان‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬قد‭ ‬‮«‬كثّفت‭ ‬مؤخراً‭ ‬من‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‮»‬‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2025،‭ ‬أبرمت‭ ‬الحكومة‭ ‬اتفاقيات‭ ‬شراء‭ ‬طاقة‭ ‬تُنتج‭ ‬15‭ ‬غيغاواط‭ ‬من‭ ‬الكهرباء،‭ ‬ما‭ ‬سيساعد‭ ‬على‭ ‬مضاعفة‭ ‬قدرة‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬غيغاواط‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭. ‬يُضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬السعودية‭ ‬للكهرباء‭ ‬تخطط‭ ‬لإضافة‭ ‬48‭ ‬غيغاواط‭ ‬من‭ ‬تخزين‭ ‬الطاقة‭ ‬بالبطاريات‭ ‬إلى‭ ‬أنظمتها‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬أكبر‭ ‬نشر‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

ومن‭ ‬جهتها،‭ ‬تناولت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية،‭ ‬مثل‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬أيضاً‭ ‬توجه‭ ‬السعودية‭ ‬نحو‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تبني‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مزارع‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬‮«‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أسرع‭ ‬الأسواق‭ ‬نمواً‭ ‬للطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬شبه‭ ‬صفرية‮»‬‭.‬

وعند‭ ‬تقييم‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬ريستاد‭ ‬إنرجي‭ ‬قد‭ ‬سجلت‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬15‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تطورات‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬وعُمان‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬كأسباب‭ ‬لاستمرار‭ ‬هذا‭ ‬التسارع‭.‬

وفي‭ ‬تقاريرها،‭ ‬قدّرت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قد‭ ‬أضاف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭.‬3‭ ‬بالمئة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭.‬

وبشأن‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة،‭ ‬أشار‭ ‬مرينال‭ ‬بهاردواج،‭ ‬كبير‭ ‬المحللين‭ ‬لأبحاث‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والإنتاج‭ ‬في‭ ‬ريستاد،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نحو‭ ‬نصف‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الكمية‭ ‬ستُستخدم‭ ‬‮«‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬المتزايد‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬الباقي‭ ‬متاحًا‭ ‬للتصدير‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬توقيع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬الغاز‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬وزيادة‭ ‬حجم‭ ‬الصادرات،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬ليصبح‭ ‬مركزًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬للطاقة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬مستقرة‭ ‬وموثوقة‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬كتاباته‭ ‬حول‭ ‬كون‭ ‬الرياض‭ ‬رائدة‭ ‬إقليميًا‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬استخدام‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬كبديل‭ ‬لاستخدام‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء،‭ ‬خلصت‭ ‬دوريان‭ ‬إلى‭ ‬أنه،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬وشركاتها‭ ‬الحكومية‭ ‬‭ ‬وخاصة‭ ‬أرامكو‭ ‬‭ ‬في‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬الاستثمارية‭ ‬و«تحديدها‭ ‬لأطر‭ ‬سياسية‭ ‬واضحة‭ ‬وأهداف‭ ‬محددة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬‮«‬تسير‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‮»‬‭ ‬بجعل‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬يسهم‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الوطنية،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حرق‭ ‬النفط‭ ‬وتحويل‭ ‬شبكة‭ ‬الكهرباء‭ ‬لتعمل‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬والطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬احتياطي‭ ‬كافٍ‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الشبكة‮»‬‭.‬

ويجب‭ ‬أيضاً‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أنه،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬كبار‭ ‬المصدرين‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬فقد‭ ‬واصل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السعودي‭ ‬نموه‭ ‬بمعدل‭ ‬عالمي‭ ‬رائد،‭ ‬حيث‭ ‬نما‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭.‬9‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬مقارنةً‭ ‬بالعام‭ ‬السابق،‭ ‬كما‭ ‬ارتفع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعي‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭.‬9‭ ‬بالمئة،‭ ‬مدفوعاً‭ ‬بانتعاش‭ ‬إنتاج‭ ‬التصنيع‭.‬

إن‭ ‬تسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬يعكس‭ ‬تحولًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬عميقًا‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الطاقة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويؤكد‭ ‬جدية‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬المناخية‭ ‬والتنموية‭. ‬وبينما‭ ‬يزداد‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬تمضي‭ ‬السعودية‭ ‬بثقة‭ ‬نحو‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للطاقة‭ ‬المستدامة،‭ ‬رغم‭ ‬تقلبات‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬وتحديات‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا