يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
ما قيمة الاعترافات بالدولة الفلسطينية؟
بريطانيا وكندا واستراليا والبرتغال أعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومن المتوقع في الأيام القليلة القادمة ان تتخذ نفس الخطوة فرنسا ونحو 15 دولة أخرى.
ما قيمة وجدوى هذه الاعترافات بالدولة الفلسطينية؟
هناك اجماع تقريبا في أوساط المحللين والمراقبين والساسة في العالم على ان هذه الخطوة هي خطوة رمزية، لكنها مهمة. وهذا هو التقييم الموضوعي الصحيح بالفعل للاعترافات بالدولة الفلسطينية؟.
هي بالفعل خطوة رمزية لأن الفارق شاسع جدا بين الاعترافات الحالية والسابقة بالدولة الفلسطينية وبين الواقع على الأرض والاحتمالات الفعلية المتاحة لقيام الدولة.
لكنها خطوة مهمة من زوايا عدة.
هي خطوة رمزية مهمة بالنسبة خصوصا لدولة مثل بريطانيا التي تتحمل مسؤولية تاريخية عن اغتصاب فلسطين وتمكين العصابات الإرهابية الصهيونية من تنفيذ جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وقيام اسرائيل بعد ذلك. اعتراف بريطانيا هو إقرار بالظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني وبالمسؤولية عنه.
والاعترافات الدولية في الوقت الحاضر بالذات حيث تستمر حرب الابادة الإسرائيلية الوحشية ضد غزة واهلها هو في حد ذاته ادانة دولية لإسرائيل وجرائمها وإقرار بضرورة وقف هذه الحرب، وهو ما قد يمثل عامل ضغط إضافي لوقف الإبادة الاسرائيلية.
وهذه الاعترافات هي إقرار دولي بحتمية قيام الدولة الفلسطينية وانصاف الشعب الفلسطيني بالحصول على حقوقه المشروعة بغض النظر عن الظروف والأوضاع الحالية.
اذن الاعترافات بدولة فلسطين مهمة من هذه الجوانب الرمزية. لكن الواقع العملي مختلف تماما.
بداية نعلم ان الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس امرا جديدا. منذ عام 1947 هناك قرار دولي بقيام الدولة الفلسطينية. نعني قرار التقسيم الذي كان بحد ذاته جريمة تاريخية، لكنه اقر دوليا ونص على قيام دولة للشعب الفلسطيني على 42.3 من ارض فلسطين التاريخية.
كما نعلم ان الأغلبية الساحقة من دول العالم (أكثر من 75% من دول العالم) تعترف بالفعل بالدولة الفلسطينية.
في الواقع العملي نعلم ان إسرائيل ترفض بحسم اي حديث عن قيام دولة فلسطينية ولا حتى التفاوض حول حل الدولتين في أي ظرف واي وقت.
وغير هذا الرفض نعلم انه عمليا لا تكاد توجد ارض لتقوم عليها الدولة الفلسطينية. نعني ان الاحتلال الإسرائيلي اباد غزة، وهناك أكثر من مليون مستوطن يهودي في الضفة، وتهدد اسرائيل بالإعلان عن ضم الضفة.
أي انه في الواقع العملي تقوم إسرائيل مدعومة بالكامل من امريكا بالطبع بقطع الطريق على أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية.
وحتى في الأمم المتحدة من المفترض بعد هذه الاعترافات الدولية بأغلبية ساحقة من دول العالم ان تحظى فلسطين بالعضوية الكاملة في المنظمة الدولية. لكن هذا لا يتحقق ولن يتحقق اذ يجب ان يمر هذا عبر مجلس الأمن الدولي وامريكا جاهزة لاستخدام الفيتو في أي وقت كما استخدمته من قبل للحيلولة دون عضوية فلسطين الكاملة. ولهذا تبقى فلسطين عضوا بصفة مراقب فقط.
في نفس الوقت على الرغم من زخم الحديث عن حل الدولتين، وانعقاد مؤتمر دولي في إطار الأمم المتحدة مخصص للقضية، فليس هناك عمليا أي افق واضح لمفاوضات عن حل الدولتين او أي عملية سياسية في هذا الاتجاه.
اذن في الواقع العملي الأمر كله مرهون بإجبار إسرائيل على انهاء احتلالها ووقف جرائمها وعلى الانصياع للإرادة الدولية بقيام الدولة الفلسطينية.
وكما نقول باستمرار هذه معركة طويلة جدا. نعني معركة انهاء الاحتلال وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق إقامة الدول المستقلة.
خطوة مثل الاعترافات الدولية وغيرها هي خطوات رمزية صغيرة مهمة في هذا الاتجاه. لكن يبقى ان هذه المعركة يجب ان تخوضها الدول العربية في الأساس.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك