يعد اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية مناسبة وطنية عظيمة، تستحضر التاريخ المشرق، وتعبّر عن الانتماء والفخر، وتجسد الاستمرارية في البناء والتقدم.
العلاقات بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية تمتد إلى جذور تاريخية عميقة تشترك فيها الروابط السياسية، الأسرية، الثقافية، والدينية. هذه العلاقات لم تكن يوماً علاقات تعاون عادية، بل هي شراكة استراتيجية تجسدت في إرادة سياسية عليا تهدف إلى تحقيق الوحدة الخليجية، وتنسيق المواقف في القضايا العربية والإسلامية.
احتفال اليوم الوطني السعودي يسلّط الضوء على القيم التي قامت عليها الدولة: الأمن، الاستقرار، العدالة، التضامن، والرقي الاجتماعي. كما يذكّر بما أنجزته القيادة – منذ توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله– من خطوات إصلاحية وتنموية مستمرة، حتى وصلت المملكة اليوم إلى مركز رائد على الساحة العربية والدولية.
في العقود الأخيرة، وخاصة منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، شهدت المملكة تطورات اقتصادية كبيرة ومتسارعة في مؤشرات متعددة من بينها نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي ليبلغ حوالي 4.5 تريليونات ريال سعودي عام 2024 بزيادة تُقدّر بـ 14.1%. كما ارتفعت نسبة مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 53.2%، ما يدل على نجاح محاولات التنويع الاقتصادي.
كما عملت السعودية على تحسين البيئة التنظيمية والاستثمارية والحوكمة بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث نجحت بالفعل في استقطاب رؤوس أموال ضخمة، وقد تضاعف حجم الاستثمار الأجنبي في بعض القطاعات، مع نمو قوي لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويقدر حجم الاستثمارات الأجنبية في السعودية نحو 2.8 تريليون ريال. إلى جانب المحفظة الاستثمارية الضخمة التي يديرها صندوق الاستثمارات العامة السعودي والتي ناهزت 3 تريليونات ريال.
هذه الإنجازات تشير إلى أن المملكة لا تكتفي بضخ الاستثمارات، بل تبني اقتصادًا مستدامًا ومتجددًا، يسهم فيه القطاع الخاص بشكل متزايد، مع تحسين البُنى التحتية والتكنولوجيا والتنمية البشرية، حيث تبرز بشكل خاص المشاريع العمرانية والسياحي والترفيهية الضخمة في نيون والقدية وبوابة الذرعية ومشروع البحر الأحمر للتطوير وغيرها من المناطق.
وتنامت على مر السنين العلاقات الاقتصادية البحرينية السعودية، حيث يقدر حجم الاستثمارات السعودية المباشرة في البحرين بنحو 35 مليار ريال، ما يشكل 20% من الاستثمارات الخارجية في البحرين، حيث تعمل 1550 شركة سعودية مسجلة في البحرين، فيما تقدر استثمارات البحرين في السعودية 37 مليار ريال، وعدد الشركات العاملة 700 شركة، بينما ناهز حجم التبادل التجاري بين البلدين 11 مليار ريال.
وتشمل العلاقات التجارية بين السعودية والبحرين البتروكيماويات والنقل والخدمات اللوجستية من مطارات وموانئ وكذلك الربط الكهربائي والسياحة المتبادلة، حيث بات الاقتصادان السعودي والبحريني أشبه ما يكونان باقتصاد واحد.
في قطاع الطاقة تتمثل أرامكو السعودية وشركة بابكو من خلال توفير إمدادات النقل الخام إلى مصفاة بابكو عبر خط الأنابيب التي تمت توسعته وتجديده ليرفع الطاقة الإنتاجية إلى 400 ألف برميل يوميا. وفي قطاع الصناعات البتروكيماويات يتمثل في الشراكة بين شركتي «سابك» و«بابكو»، إضافة إلى التكامل بين «معادن» و«ألبا» في الصناعات المعدنية، حيث تمتلك شركة «معادن» حصة تتجاوز 20% من شركة «ألبا». كما أن شركة الاتصالات السعودية STC تعد أكبر مستثمر في قطاع الاتصالات في البحرين بعد الشركات البحرينية، حيث تتجاوز استثمارات شركة الاتصالات السعودية 15 مليار ريال.
وقد جاء تأسيس مجلس التنسيق السعودي البحرين المشترك ليعزز هذه الخطوات ويضفي الطابع المؤسسي على مبادرات التعاون المشترك، ومن بينها تأسيس الشركة السعودية البحرينية للاستثمار.
في هذا اليوم الوطني المجيد، لا بد من أن ننظر إلى المستقبل بعين التفاؤل، مستلهمين ما تحقق من منجزات، ومتمسكين بأن الشراكة البحرينية-السعودية ليست مجرد علاقة جار-جار، بل شراكة استراتيجية، تاريخية، قائمة على رؤى قيادتين ملتزمتين، وعلى شعبين تربطهما أواصر الأخوة، والجغرافيا، والمصالح المشتركة.
ومع استمرار خطوات البناء، التنويع، والتحديث، ومع تسارع الأداء الاقتصادي، يتضح أن السعودية، وبفضل الله أولاً، ثم بفضل قيادتها الحكيمة، أصبحت قوة اقتصادية كبيرة، تستأثر بثقة عالميّة، وتملك القدرة على دفع البحرين وبعض الدول الشقيقة نحو آفاق أفضل من الرفاهية والتنمية.
رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك