استأنف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في اجتماعه بتاريخ ١٧ سبتمبر دورة التيسير النقدي بخفض الفائدة بمقدار ٢٥ نقطة أساس، وذلك للمرة الأولى منذ ديسمبر ٢٠٢٤. وكما جرت العادة، حرص مصرف البحرينالمركزي على مواءمة السياسة النقدية مع الفيدرالي، ليُخفِّض سعر الفائدةإلى ٤.٧٥% بعد أن كان ٥%.
رغم أن الخفض بمقدار ربع نقطة مئوية قد لا يُحدث تغييراً جذرياً فيمعدلات الإقراض أو تكاليف التمويل بالمدى القصير، إلا أنه يمثل إشارةواضحة إلى عودة دورة التيسير، وهو ما يعزز ثقة الأسواق ويحد
من تكاليف التمويل تدريجياً. بالنسبة للبحرين، ينعكس ذلك بشكل مباشر على الشركاتوالأسر المرتبطة بالتمويل العقاري والاستهلاكي، كما يتيح متنفساً للقطاعاتالمعتمدة على الائتمان.
الاقتصاد البحريني الذي يحقق أكثر من ٨٥% من ناتجه المحلي منالأنشطة غير النفطية، يُعد من أكبر المستفيدين من انخفاض تكلفةالاقتراض. فالقطاعات مثل العقار، الإنشاءات، السياحة، والخدمات الماليةتُظهر حساسية عالية لأسعار الفائدة، ما يعزز الزخم في الاستثماروالتشغيل مع تراجع كلفة التمويل.
التوقعات وفقاً للمسار المعلن في “النقاط” تشير إلى خفضين إضافيين هذاالعام بواقع ٢٥ نقطة أساس في كل من الاجتماعين القادمين، في حين أن٢٠٢٦ قد يشهد خفضاً واحداً فقط وفق الفيدرالي. إلا أن الأسواق تسعر مايقارب ٣–٤ خفضيات إضافية، ما يعكس حالة من عدم اليقين في الأفقالمتوسط. هذا التباين يحمل في طياته فرصاً للبحرين؛ فاستمرار خفضالفائدة سيساهم في تحفيز الطلب المحلي، وزيادة السيولة المتاحة للمشاريعالصغيرة والمتوسطة، التي تمثل محركاً أساسياً للتوظيف والتنويعالاقتصادي.
هنا تكمن أهمية التحضير المسبق من قِبل الجهات الاقتصادية والمالية فيالبحرين. فالتخطيط للاستفادة من دورة التيسير، سواء عبر إطلاق برامجتمويلية جديدة للشركات، أو تشجيع إصدار سندات بأسعار أقل، سيساعدعلى رفع الإنتاجية وتحقيق استدامة النمو. كما أن تعزيز التكامل بينالسياسات النقدية والبرامج التنموية سيجعل أثر التيسير أكثر وضوحاً علىالاقتصاد الكلي.
بفضل الرؤية السديدة لجلالة الملك المعظم، وبدعم ومتابعة سمو ولي العهدرئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله ورعاهم، تملك البحرين القدرة على تحويلهذه التحولات النقدية العالمية إلى فرصة لتعزيز تنافسية اقتصادها، واستقطاب المزيد من الاستثمارات، وتهيئة بيئة مالية داعمة لمسيرة التنميةالمستدامة.
بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية(MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك