العدد : ١٧٣٥٠ - الثلاثاء ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٠ - الثلاثاء ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

خطر فراغ القيادة في «فترة ما بين العهود» - 2

بقلم: سميرة بن رجب

الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬الحرجة،‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عهدين‭ ‬من‭ ‬النظم‭ ‬العالمية،‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بـ«الفراغ‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬والحوكمة‭ ‬الدولية‭ ‬وبعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وبالمنافسة‭ ‬والحسابات‭ ‬المجهولة،‭ ‬حيث‭ ‬يصبح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تقريباً‭ ‬ممكناً‮»‬،‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الأخطار‭ ‬والتوقعات‭ ‬والتهديدات‭ ‬الوجودية‭... ‬والسؤال‭ ‬الجوهري‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬السبل‭ ‬والخيارات‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬الوجودي‭ ‬للدول؟‭... ‬سؤال‭ ‬يحمل‭ ‬أبعادا‭ ‬استراتيجية‭ ‬وتاريخية‭ ‬عميقة،‭ ‬والإجابة‭ ‬عنه‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬دقيق‭ ‬يتجنب‭ ‬المخاطر،‭ ‬وينطلق‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬القوة‭ ‬والعنف‭ ‬ليست‭ ‬عملية‭ ‬سريعة‭ ‬أو‭ ‬سهلة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ممكنة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬معركة‭ ‬وجودية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬تتطلب‭ ‬حكمة‭ ‬وصبراً‭ ‬واستراتيجية‭ ‬متعددة‭ ‬الأوجه،‭ ‬وهذا‭ ‬منطلقنا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تحديد‭ ‬بعض‭ ‬الرؤى‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المرحلة‭... ‬ونترك‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحاً‭ ‬أمام‭ ‬المفكرين‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬الرؤى‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تدعم‭ ‬مواقف‭ ‬صانعي‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬الخطير‭.‬

 

جبهات‭ ‬المعركة‭ ‬الوجودية‭ ‬الشاملة

إن‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المعركة‭ ‬الوجودية‭ ‬الشاملة المفروضة‭ ‬على‭ ‬بلداننا،‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬المباشرة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬متكافئة،‭ ‬بل‭ ‬هي‮ ‬‭ ‬تدور‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬جبهات،‭ ‬أهمها‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معركة‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والعدالة‭ ‬والتنمية؛‭ ‬والجبهة‭ ‬الإقليمية‭: ‬في‭ ‬معركة‭ ‬التضامن‭ ‬والتكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العربي؛‭ ‬وعلى‭ ‬الجبهة‭ ‬الدولية‭: ‬بالبعد‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والتعامل‭ ‬الذكي‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬والتحالفات‭ ‬والضمانات‭ ‬الدولية‭... ‬أما‭ ‬جبهة‭ ‬الوعي‭ ‬فإنها‭ ‬تعد‭ ‬الركيزة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ (‬الإعلام،‭ ‬الثقافة،‭ ‬التعليم،‭ ‬الفكر‭) ‬في‭ ‬بناء‭ ‬ودعم‭ ‬كل‭ ‬الجبهات‭ ‬الأخرى،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬جبهة‭ ‬الوعي‭ ‬ينعكس‭ ‬بالفشل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الجبهات‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستطراد‭ ‬حول‭ ‬أهم‭ ‬الأدوات‭ ‬الذكية‭ ‬المفعّلة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬والسلم،‭ ‬في‭ ‬المصالح‭ ‬والتحالفات،‭ ‬وفي‭ ‬الأخطار‭ ‬والتحديات‭. ‬

 

التضامن‭ ‬العربي‭ ‬ضرورة‭ ‬وليس‭ ‬خيارا

بداية،‭ ‬وبتحليل‭ ‬الواقع‭ ‬العربي،‭ ‬بأبعاده‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتاريخية،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬الحرجة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عموماً،‭ ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة،‭ ‬تؤكد‭ ‬النتائج‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأية‭ ‬دولة‭ ‬منها‭ ‬منفردة‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬الاستقطابي‭ ‬الدولي،‭ ‬ومن‭ ‬المشاريع‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬المعدة‭ ‬سلفاً‭ ‬للمنطقة،‭ ‬أخطرها‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬المعلن‭ ‬والجاري‭ ‬تنفيذه‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الجديد‭ (‬2003‭)‬؛‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬خياراً‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قائماً‭ ‬على‭ ‬المنطق‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬الذكي،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬الخطط‭ ‬المعدة‭ ‬والمحددة‭ ‬سلفاً،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬نفعاً‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭. ‬

إن‭ ‬المنطق‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬هنا‭ ‬يبدأ‭ ‬باعتماد‭ ‬استغلال‭ ‬ايجابيات‭ ‬عنصر‭ ‬التمايز‭ (‬Differentiation‭) ‬في‭ ‬مقومات‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬بكل‭ ‬أبعاده‭ ‬المركبة‭ ‬والمعقدة‭.‬

للتمايز‭ ‬بين‭ ‬الدول،‮ ‬بمركباته‭ ‬ومفاهيمه‭ ‬السلبية‭ ‬والإيجابية،‭ ‬دور‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬ورسم‭ ‬الخرائط‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬سياسياً‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬ولاعتماده‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬تضامنية‭ ‬عربية‭ ‬سليمة‭ ‬يلزم‭ ‬الاتفاق‭ ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬لتعظيم‭ ‬دوره‭ ‬واستثماره‭ ‬بمنطق‭ ‬الفكر‭ ‬المعاصر؛‭ ‬إذ‭ ‬التمايز‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يتحدد بالاختلافات‭ ‬الهيكلية‭ ‬والوظيفية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية من‭ ‬حيث‭ ‬القوة،‭ ‬الثروة،‭ ‬الاستقرار،‭ ‬السلوك،‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬وحسابات‭ ‬القوة‭ ‬الصلبة‭ (‬القوة‭ ‬المادية‭)‬،‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والسكان؛‭ ‬والقوة‭ ‬الناعمة‭ (‬القوة‭ ‬اللامادية‭) ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬النموذج‭ ‬السياسي‭ ‬والثقافي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬والنفوذ‭.‬

وبإيجاز‭ ‬شديد،‭ ‬لا‭ ‬يُعد‭ ‬تمايز‭ ‬الدول‭ ‬مجرد‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬الثروة‭ ‬أو‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬النموذج‭ ‬السياسي،‭ ‬بل‭ ‬هو نظام‭ ‬معقد‭ ‬يحدد‭ ‬التفاوت‭ ‬في‭ ‬مكانة‭ ‬الدولة‭ ‬ودورها‭ ‬وخياراتها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬وهذا‭ ‬التفاوت‭ ‬هو‭ ‬السمة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬ديناميكيات‭ ‬السياسات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭.‬

 

الدبلوماسية‭ ‬والمستوى‭ ‬السياسي

الدبلوماسية‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬الأداة‭ ‬التكتيكية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬استراتيجيات‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬العربية،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭... ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬كبيرة‭ ‬بفضل‭ ‬الموارد‭ ‬والثروات‭ ‬والموقع‭ ‬الجيواستراتيجي‭ ‬الحيوي‭ ‬للمنطقة،‭ ‬فإنها‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬خطيرة‭ ‬أبرزها‭: ‬استمرار‭ ‬العمل‭ ‬بالنمط‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬التقليدي‭ (‬دبلوماسية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستعمار‭)‬،‭ ‬والتدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬إضعاف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العربية،‭ ‬وتقييد‭ ‬دورها،‭ ‬وشل‭ ‬قدراتها‭ ‬في‭ ‬المناورة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحدي‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬المواقف،‭ ‬وصعوبة‭ ‬تحقيق‭ ‬إجماع‭ ‬عربي‭ ‬حقيقي‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬بسبب‭ ‬تعدد‭ ‬المصالح‭ ‬والانقسامات‭.‬

إن‭ ‬تحدي‭ ‬المرحلة‭ ‬الدولية‭ ‬الانتقالية‭ ‬يُلزم‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العربية‭ ‬بتحديث‭ ‬فكرها‭ ‬وأدواتها‭ ‬لمواكبة‭ ‬تطورات‭ ‬العصر،‭ ‬أولاً‭: ‬ببناء‭ ‬جسور‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬الفعلية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬متغيرات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي؛‭ ‬وثانياً‭: ‬ببناء‭ ‬منظومة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الرقمية،‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬العامة؛‭ ‬وثالثاً‭: ‬بتفعيل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الدولية‭ ‬المتعددة‭ ‬الأقطاب،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الصاعدة‭ (‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬روسيا،‭ ‬الهند‭ ‬ككيانات‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬السياسات‭ ‬الغربية‭) ‬لخلق‭ ‬توازنات‭ ‬دولية،‭ ‬ومنع‭ ‬احتكار‭ ‬الغرب‭ ‬لعملية‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬الدولي،‭ ‬ورفع‭ ‬التكاليف‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لأي‭ ‬عمل‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬الحوكمة‭ ‬العالمية؛‭ ‬رابعاً‭: ‬بمأسسة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الدعم‭ ‬القانوني‭ ‬والقضائي‭ ‬لتنظيم‭ ‬عملية‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬الدولي‭ (‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭) ‬كسلاح‭ ‬أخلاقي‭ ‬وقانوني‭ ‬يفضح‭ ‬الممارسات‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

 

الاقتصاد‭ ‬والتنمية‭.. ‬وبناء‭ ‬القوة‭ ‬الذاتية

أثبتت‭ ‬سياسات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬أن‭ ‬الثروات‭ ‬العربية‭ ‬لم‭ ‬تُستغَل‭ ‬يوماً‭ ‬كسلاح‭ ‬فاعل‭ ‬لبناء‭ ‬القوة‭ ‬الذاتية‭ ‬العربية،‭ ‬أو‭ ‬لتعزيز‭ ‬المصالح‭ ‬العربية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الثروات‭ ‬هدفاً‭ ‬للتدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬والصراعات‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬المنطقة؛‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العربي‭ ‬واستثمار‭ ‬الثروات‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الداخلي،‭ ‬وبناء‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬الدولي،‭ ‬كشرط‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬الدولية‭.‬

 

معركة‭ ‬الوعي‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الثقافي‭ ‬والإعلامي

إنها‭ ‬المعركة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬جبهات‭ ‬المعارك‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬بدءًا‭ ‬بمعركة‭ ‬التضامن‭ ‬والتكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬العربي؛‭ ‬وبفشل‭ ‬معركة‭ ‬الوعي‭ ‬نخسر‭ ‬معاركنا‭ ‬الأخرى،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬الوجودي‭ ‬الأخطر‭. ‬وكأحد‭ ‬أهم‭ ‬أدوات‭ ‬المواجهة‭ ‬هناك‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬لبناء‭ ‬منظومة‭ ‬فكرية‭ ‬عربية‭ ‬جديدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أولاً‭: ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬والوعي‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أخطار‭ ‬الحروب‭ ‬الإعلامية‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها؛‭ ‬وثانياً‭: ‬تطوير‭ ‬إعلام‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬المعاناة‭ ‬والحقوق‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بلغة‭ ‬عصرية‭ ‬مفهومة،‭ ‬وتبني‭ ‬خطاباً‭ ‬بديلاً‭ ‬مقنعاً‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الحقائق‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الآلة‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬المسيطرة‭.‬

 

تحدي‭ ‬البنية‭ ‬الداخلية

إن‭ ‬تحدي‭ ‬بناء‭ ‬بنية‭ ‬عربية‭ ‬داخلية‭ ‬سليمة‭ ‬وقوية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬عربي‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬يعد‭ ‬البعد‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬يتداخل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الأدوات‭ ‬والسبل‭ ‬والخيارات‭ ‬التي‭ ‬طرحناها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬الدولية‭ ‬الخطيرة،‭ ‬أهم‭ ‬عناصر‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬هو‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬لخلق‭ ‬مجتمعات‭ ‬عربية‭ ‬متماسكة‭ ‬آمنة‭ ‬قوية‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬تخطي‭ ‬المرحلة‭ ‬بسلام،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهة‭ ‬عدو‭ ‬خارجي‭ ‬بمجتمعات‭ ‬ضعيفة‭ ‬ومتهالكة‭ ‬من‭ ‬الداخل‭. ‬

 

وفي‭ ‬المحصلة

لا‭ ‬يأتي‭ ‬النجاح‭ ‬من‭ ‬خيار‭ ‬واحد،‭ ‬بل‭ ‬من استراتيجية‭ ‬مركبة تجمع‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬بصبر‭ ‬وإصرار؛‭ ‬وإن‭ ‬القوة‭ ‬الحقيقية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقلال‭ ‬الحقيقي‭ ‬وبناء‭ ‬الذات‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬والتوحد‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬واستخدام‭ ‬كل‭ ‬الأدوات‭ ‬المتاحة‭ ‬من‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وقانونية‭ ‬وثقافية‭ ‬لرفع‭ ‬كلفة‭ ‬سياسات‭ ‬القوة‭ ‬والعنف‭ ‬وجعلها‭ ‬غير‭ ‬مجدية‭ ‬لأصحابها‭.‬

 

sr@sameerarajab‭.‬net

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا