العدد : ١٧٣٤٧ - السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٧ - السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الدور المحوري للتعليم في تقدم المجتمعات العربية

بقلم: د. جاسم بونوفل

السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

مع‭ ‬بداية‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬دراسي‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي،‭ ‬تتجدد‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬إشكالية‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وتدور‭ ‬معظم‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬إسهام‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬وتقدمها‭ ‬علميا،‭ ‬وتقنيا،‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬ومقارنتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬أي‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭.‬

في‭ ‬سردية‭ ‬الإجابات‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة،‭ ‬برز‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفكرية‭ ‬اتجاهان؛‭ ‬الأول‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭- ‬ضعيفا،‭ ‬ويذهب‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وشعوبها،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬استقلال‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وربما‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بقليل‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬إلا‭ ‬تغييراً‭ ‬ضئيلاً‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬العلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬أسوة‭ ‬بما‭ ‬حصل‭ ‬لعمالقة‭ ‬آسيا‭ ‬مثلاً‭ (‬سنغافورة،‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬تايوان،‭ ‬الصين‭) ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬التعليم‭ ‬محور‭ ‬اهتمامها،‭ ‬ومرتكزاً‭ ‬لتطورها‭ ‬وتقدمها؛‭ ‬فقطفت‭ ‬ثمار‭ ‬عنايتها‭ ‬بالتعليم؛‭ ‬فباتت‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬بالبنان‭ ‬في‭ ‬تطورها‭ ‬العلمي‭ ‬والتقني،‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬انعكس‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬رفاهيتهم،‭ ‬ومستوى‭ ‬جودة‭ ‬حياتهم‭. ‬ويسهب‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬في‭ ‬توصيف‭ ‬تأثير‭ ‬التعليم‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬أو‭ ‬نقرأ‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬حققت‭ ‬إنجازات‭ ‬علمية‭ ‬أو‭ ‬تقنية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬وإن‭ ‬وجدت‭ ‬فهي‭ ‬قليلة‭ ‬جداً‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدول‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬سجل‭ ‬حافل‭ ‬بالإنجازات‭ ‬العلمية‭ ‬وبراءات‭ ‬الاختراع‮»‬‭. ‬

كما‭ ‬يذهب‭ ‬أصحاب‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬القول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬ما‭ ‬يصدق‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والتقنية‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أيضاً؛‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬نموها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بطيئاً،‭ ‬ويواجه‭ ‬مشكلات‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭. ‬ويعزو‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬المعضلات‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬النظم‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬علمية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬تعم‭ ‬أرجاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‮»‬‭. ‬

أما‭ ‬الفريق‭ ‬الثاني،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الفريق‭ ‬الأول‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬انطلاقه‭ ‬بصورة‭ ‬نظامية،‭ ‬قد‭ ‬أسهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية،‭ ‬بدليل‭ ‬تحسن‭ ‬معدلات‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬والفقر،‭ ‬والوعي‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والسياسي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المجتمعات‭. ‬ويشير‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬الخليجية‭ ‬كان‭ ‬بسبب‭ ‬انتشار‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات؛‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬بفضل‭ ‬تبنيها‭ ‬أنظمة‭ ‬تعليمية‭ ‬متطورة،‭ ‬ومناهج‭ ‬عصرية،‭ ‬وإدخال‭ ‬أساليب‭ ‬ووسائل‭ ‬تعليمية،‭ ‬وتقنيات‭ ‬متطورة‭ ‬في‭ ‬نظمها‭ ‬التعليمية‭ ‬أسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬كفاءة‭ ‬التعليم‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬ملموسة‭.‬

في‭ ‬تقديري،‭ ‬أن‭ ‬الفريقين‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬فيما‭ ‬ذهبا‭ ‬إليه،‭ ‬ولكن‭ ‬جانبهما‭ ‬الصواب‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أجرينا‭ ‬مقارنة‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬و‭ (‬عمالقة‭ ‬آسيا‭). ‬وقد‭ ‬اخترنا‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لسبب‭ ‬أنها‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتشكل‭ ‬فيها‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬لها‭ ‬تجارب‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬أبهرت‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬أسهمت‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬تقدم‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬وتطورها‭ ‬علمياً‭ ‬وتكنولوجياً‭. ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬استطاعت‭ ‬تحقيق‭ ‬مراكز‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬العالمية‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬التعليم‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أعطاها‭ ‬القوة‭ ‬والتميز‭ ‬والتمكن‭ ‬بحيث‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬دولاً‭ ‬منافسة‭ ‬للدول‭ ‬الكبرى‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬نبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلنا‭ ‬أنها‭ ‬تتفوق‭ ‬عليها‭.‬

إن‭ ‬المتمعن‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬سيخرج‭ ‬بنتيجة‭ ‬مفادها،‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تخطط‭   ‬للحاضر‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬ليكون‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬فيه؛‭ ‬فالصين‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تسعى‭ ‬وبصمت‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬القوة‭ ‬الكبرى‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتقودها‭ ‬أحلامها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بديلا‭  ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬حلم‭ ‬مشروع‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬بدأت‭ ‬بوادر‭ ‬الشيخوخة‭ ‬تظهر‭ ‬عليها،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬ببعيد‭ ‬وفق‭ ‬نظرية‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬صعود‭ ‬الحضارات‭ ‬وانهيارها‭ ‬تشبه‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬حياة‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬تمر‭ ‬بفترات‭ ‬ومراحل‭ ‬قلما‭ ‬تختلف،‭ ‬حيث‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬طور‭ ‬البداوة‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬البذخ‭ ‬والترف‭ ‬ورقة‭ ‬العيش،‭ ‬لتصل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬سن‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والهرم‭ ‬ثم‭ ‬الفناء،‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬قوتها‭ ‬ويستدعي‭ ‬ظهور‭ ‬حضارة‭ ‬جديدة‭ ‬لتحل‭ ‬محلها‭.‬

إن‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬العالم‭ ‬سيكون‭ ‬بيد‭ ‬‮«‬التنين‭ ‬الصيني‮»‬‭ ‬والسر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بات‭ ‬معروفاً‭ ‬وهو‭ ‬تقدم‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬ستجعلها‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬وتقف‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬هرم‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الجديد‭. ‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الصين،‭ ‬قد‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تنفض‭ ‬عنها‭ ‬غبار‭ ‬التخلف‭ ‬والاستعمار‭ ‬وتشق‭ ‬طريقها‭ ‬بقوة‭ ‬نحو‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبنيها‭ ‬لمنظومة‭ ‬تعليمية‭ ‬متطورة‭ ‬تنتج‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬والعلم‭ ‬والأخير‭ ‬هو‭ ‬الرافعة‭ ‬الأساسية‭ ‬الحاسمة‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬نهضة‭ ‬الأمم‭ ‬وتقدمها‭. ‬

فإن‭ ‬المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬العرب،‭ ‬أن‭ ‬يحذو‭ ‬حذو‭ ‬نظرائهم‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الذين‭ ‬استطاعوا‭ ‬إخراج‭ ‬بلدانهم‭ ‬من‭ ‬دوائر‭ ‬التخلف‭ ‬إلى‭ ‬دوائر‭ ‬التقدم،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بالتمني‭ ‬أو‭ ‬التغني‭ ‬بدور‭ ‬العلم‭ ‬،‭ ‬وبأهمية‭ ‬التعليم‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وإنما‭ ‬بالعزيمة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬ترجمة‭ ‬الإيمان‭ ‬بالعلم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إيجاد‭ ‬منظومات‭ ‬تعليمية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬مخرجات‭ ‬تعليمية‭ ‬مبدعة،‭ ‬ومبتكرة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬العلوم‭ ‬؛‭ ‬إذ‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬سبيل‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬والهوان‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة،‭ ‬وتكالب‭ ‬الأمم‭ ‬عليها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العلم؛‭ ‬لأنه‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭ ‬وهو‭ ‬أساس‭ ‬القوة‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ (‬الماستركى‭) ‬الذي‭ ‬نستطيع‭ ‬به‭ ‬فتح‭ ‬كل‭ ‬بوابات‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم،‭ ‬وهو‭ ‬أكسير‭ ‬الحياة‭ ‬لبلداننا‭ ‬العربية،‭ ‬فعلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تسلك‭ ‬طريقه،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬تعليم‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والتقني‭. ‬فالتعليم‭ ‬المقصود‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬التعليم‭ ‬المتميز‭ ‬الذي‭ ‬يبني‭ ‬الإنسان‭ ‬المفكر،‭ ‬المبتكر،‭ ‬المبدع،‭ ‬المنتج،‭ ‬الواعي،‭ ‬المثقف،‭ ‬الفنان،‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يفكر‭ ‬بعقله‭ ‬لا‭ ‬بعاطفته،‭ ‬أما‭ ‬التعليم‭ ‬البغبغائي‭ ‬فهو‭ ‬تعليم‭ ‬لا‭ ‬يسمن‭ ‬ولا‭ ‬يغني‭ ‬من‭ ‬جوع،‭ ‬وهو‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬الطالب‭ ‬مجرد‭ ‬جهاز‭ ‬‮«‬ريكوردر‮»‬‭ ‬يردد‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬من‭ ‬المعلم‭ ‬في‭ ‬حجرات‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬فهم‭ ‬أو‭ ‬إدراك‭ ‬أو‭ ‬وعي‭ ‬أو‭ ‬توظيفها‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

للأسف،‭ ‬إن‭ ‬التعليم‭ ‬البغبغائي،‭ ‬هو‭ ‬السائد‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬بلداننا‭ ‬العربية،‭ ‬والذي‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬غياب‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬خارطة‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬علمياً‭ ‬وتقنياً،‭ ‬وأودى‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬متأخرة‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬قائمة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بمؤشر‭ ‬جودة‭ ‬التعليم،‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬أماد‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬استقلالها‭. ‬

الخلاصة،‭ ‬إن‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬موقع‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تطورت‭ ‬علمياً؛‭ ‬لأن‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬التقدم،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتأتى‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وجود‭ ‬منظومات‭ ‬تعليمية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إفراز‭ ‬مخرجات‭ ‬تعليمية‭ ‬مبدعة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬صانعة‭ ‬للعلم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬العلمية‭ ‬والهندسة‭ ‬التطبيقية‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭. ‬

إن‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬ناصية‭ ‬العلم‭ ‬يتسيد‭ ‬العالم،‭ ‬وأما‭ ‬من‭ ‬يردد‭ ‬الشعارات‭ ‬والأناشيد،‭ ‬فسيكون‭ ‬مصيره‭ ‬خارج‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا