العدد : ١٧٣٥٣ - الجمعة ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٣ - الجمعة ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

دعم عالمي كبير للدولة الفلسطينية

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

بأغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬صوتت‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬ولم‭ ‬تصوت‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬سوى‭ ‬10‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬193‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وامتناع‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬ووافقت‭ ‬142‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬المهم‭ ‬والتاريخي‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬الذي‭ ‬دفعت‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للتصويت‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬وفرنسا‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لدعم‭ ‬مشروع‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬بإعادة‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬جذورها‭ ‬التاريخية‭ ‬والسياسية‭ ‬والقانونية‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والجمهورية‭ ‬الفرنسية‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬معاكس‭ ‬لما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الهمجية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬اتسع‭ ‬مداها‭ ‬وتجاوزت‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭ ‬بسبب‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬اللامحدود‭ ‬وبسبب‭  ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬مفاهيم‭ ‬وادعاءات‭ ‬وهمية‭ ‬حول‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى،‭ ‬وبسبب‭ ‬أيضا‭ ‬ضعف‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬وتراجع‭ ‬الدور‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الجوهرية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭  ‬مساندة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬الجادة‭ ‬لإعادة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬السلام‭ ‬وإلى‭ ‬منطق‭ ‬العدل‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ليست‭ ‬بجديدة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬عندما‭ ‬قدم‭ ‬العرب‭ ‬مشروع‭ ‬إعلان‭ ‬بيروت‭ ‬بالإجماع‭ ‬والذي‭ ‬شمل‭ ‬مبدأ‭ ‬الأرض‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‭ ‬كأساس‭ ‬للمبادرة‭ ‬العربية‭ ‬للسلام‭ ‬والذي‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬والقرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬العربية‭ ‬والفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬يونيو‭ - ‬حزيران‭ ‬1967‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬الجمة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الجديد‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬الدول‭ ‬تدريجيا‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والذي‭ ‬تواجهه‭ ‬إسرائيل‭ ‬بكل‭ ‬عنف‭ ‬وحملات‭ ‬معادية‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬اعتزامها‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فإن‭ ‬مشروع‭ ‬السلام‭ ‬وبناء‭ ‬الدولتين‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سوف‭ ‬يرسم‭ ‬مسارا‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ستكون‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وجميع‭ ‬شركاء‭ ‬العرب‭ ‬الإقليميين‭ ‬والدوليين‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬القوى‭ ‬المناضلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجسيد‭ ‬خطة‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬المعلن‭ ‬مؤخرا‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬الدور‭ ‬العالمي‭ ‬لدعم‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الصهيونية‭ ‬ومن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والتطرف‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬من‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والحكومة‭ ‬العنصرية‭ ‬المتطرفة‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬المجرم‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الدعم‭ ‬اللامحدود‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬استفزت‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الدول‭ ‬والقيادات‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الشعبي‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إحياء‭ ‬السلام‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬والرد‭ ‬الوحيد‭ ‬على‭ ‬الهمجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وعلى‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬الغريبة‭ ‬الداعمة‭ ‬لهذا‭ ‬الجنون‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭.‬

إن‭ ‬المطالبات‭ ‬الدولية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬بإقرار‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تنبع‭ ‬تحديدا‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬بالشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحترمها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ولا‭ ‬تهتم‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬تنظر‭ ‬إليها‭ ‬بأي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭.‬

لقد‭ ‬جاءت‭ ‬الاعترافات‭ ‬الدولية‭ ‬المتزايدة‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كتعبير‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬الدولي‭ ‬وعن‭ ‬الغضب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الواقع‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬وأصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الاعترافات‭ ‬بمثابة‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬لترسيخ‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬وضمان‭ ‬حقوقه‭ ‬ضمن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬بما‭ ‬سيعزز‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬للعقلية‭ ‬التوسعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والقبول‭ ‬بمنطق‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يتعزز‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬الماضيتين‭ ‬بسبب‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومن‭ ‬المواقف‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬وزراء‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يصرحون‭ ‬بها‭ ‬صراحة‭ ‬دون‭ ‬تردد‭ ‬مثل‭ ‬تأكيدهم‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬ومنع‭ ‬وصول‭ ‬الطعام‭ ‬والأدوية‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الغطرسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومحاولة‭ ‬إقناع‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتحرك‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الحرة‭ ‬والمستقلة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬الادعاءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬المتصاعدة‭ ‬للاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬دعم‭ ‬لحماس‭ ‬كما‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬مندوب‭ ‬إسرائيل‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بالواقع‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬لم‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬أمس‭ ‬وإنما‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬بصدور‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬والقبول‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬واضحة‭ ‬وأن‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بإقامة‭ ‬الدولتين‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬منذ‭ ‬نشأة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإلى‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا